للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عَنْ أَفْعَالِهَا وَيُخِلُّ بِخُشُوعِهَا) كَائِنًا مَا كَانَ. فَهَذِهِ نَيِّفٌ وَثَلَاثُونَ وَقْتًا، وَكَذَا تُكْرَهُ فِي أَمَاكِنَ كَفَوْقِ كَعْبَةٍ وَفِي طَرِيقٍ وَمَزْبَلَةٍ وَمَجْزَرَةٍ

ــ

[رد المحتار]

لِشُمُولِهِ لِلْمُدَافَعَةِ وَحُضُورِ الطَّعَامِ، وَإِنَّمَا نُصَّ عَلَيْهِمَا لِوُقُوعِ التَّنْصِيصِ عَلَيْهِمَا بِخُصُوصِهِمَا فِي الْأَحَادِيثِ، أَفَادَهُ فِي الْحِلْيَةِ فَافْهَمْ.

(قَوْلُهُ: وَيُخِلُّ بِخُشُوعِهِمَا) عَطْفُ لَازِمٍ عَلَى مَلْزُومٍ فَافْهَمْ. قَالَ ط: وَمَحَلُّ الْخُشُوعِ الْقَلْبُ، وَهُوَ فَرْضٌ عِنْدَ أَهْلِ اللَّهِ تَعَالَى وَوَرَدَ فِي الْحَدِيثِ أَنَّ الْإِنْسَانَ لَيْسَ لَهُ مِنْ صَلَاتِهِ إلَّا بِقَدْرِ مَا اسْتَحْضَرَ فِيهَا، فَتَارَةً يَكُونُ لَهُ عُشْرُهَا أَوْ أَقَلُّ أَوْ أَكْثَرُ. مَطْلَبٌ فِي إعْرَابِ كَائِنًا مَا كَانَ.

(قَوْلُهُ: كَائِنًا مَا كَانَ) فِي هَذَا التَّرْكِيبِ أَعَارِيبُ ذَكَرْتُهَا فِي رِسَالَتِي الْمُسَمَّاةِ بِالْفَوَائِدِ الْعَجِيبَةِ فِي إعْرَابِ الْكَلِمَاتِ الْغَرِيبَةِ أَظْهَرُهَا أَنَّ كَائِنًا مَصْدَرُ النَّاقِصَةِ حَالٌ وَفِيهِ ضَمِيرٌ يَعُودُ عَلَى الشَّاغِلِ هُوَ اسْمُهَا وَمَا خَبَرُهَا وَهِيَ نَكِرَةٌ مَوْصُوفَةٌ بِكَانَ التَّامَّةِ: أَيْ حَالَ كَوْنِ الشَّاغِلِ شَيْئًا مُتَّصِفًا بِصِفَةِ الْوُجُودِ، وَالْمَعْنَى تَعْلِيقُ الْكَرَاهَةِ عَلَى أَيِّ شَاغِلٍ وُجِدَ، لَا بِقَيْدٍ زَائِدٍ عَلَى قَيْدِ الْوُجُودِ.

(قَوْلُهُ: فَهَذِهِ نَيِّفٌ وَثَلَاثُونَ وَقْتًا) النَّيِّفُ بِفَتْحِ النُّونِ وَكَسْرِ التَّحْتِيَّةِ مُشَدَّدَةً وَقَدْ تُخَفَّفُ وَفِي آخِرِهِ فَاءٌ: مَا زَادَ عَلَى الْعَقْدِ إلَى أَنْ يَبْلُغَ الْعَقْدَ الثَّانِيَ كَمَا فِي الْقَامُوسِ، وَالْمُرَادُ هُنَا ثَلَاثَةٌ وَثَلَاثُونَ عَلَى مَا يَظْهَرُ، وَهِيَ: الشُّرُوقُ، الِاسْتِوَاءُ، الْغُرُوبُ، بَعْدَ صَلَاةِ فَجْرٍ أَوْ عَصْرٍ، قَبْلَ صَلَاةِ فَجْرٍ أَوْ مَغْرِبٍ، عِنْدَ الْخُطَبِ الْعَشَرَةِ، عِنْدَ إقَامَةِ مَكْتُوبَةٍ وَضِيقِ وَقْتِهَا، قَبْلَ صَلَاةِ عِيدِ فِطْرٍ وَبَعْدَهَا فِي مَسْجِدٍ، وَقَبْلَ صَلَاةِ عِيدِ أَضْحَى، وَبَعْدَهَا فِي مَسْجِدٍ بَيْنَ صَلَاتَيْ جَمْعِ عَرَفَةَ وَبَعْدَهُمَا بَيْنَ جَمْعِ مُزْدَلِفَةَ، عِنْدَ مُدَافَعَةِ بَوْلٍ أَوْ غَائِطٍ أَوْ كُلٍّ مِنْهُمَا أَوْ رِيحٍ، عِنْدَ طَعَامٍ يَتُوقُهُ، عِنْدَ كُلِّ مَا يَشْغَلُ الْبَالَ وَمَا بَعْدَ نِصْفِ اللَّيْلِ لِأَدَاءِ الْعِشَاءِ لَا غَيْرُ، عِنْدَ اشْتِبَاكِ نُجُومٍ لِأَدَاءِ الْمَغْرِبِ فَقَطْ

وَاعْلَمْ أَنَّا قَدَّمْنَا أَنَّ النَّهْيَ فِي الثَّلَاثَةِ الْأُوَلِ لِمَعْنًى فِي الْوَقْتِ، وَلِهَذَا أَثَرٌ فِي الْفَرْضِ وَالنَّفَلِ وَفِي الْبَوَاقِي لِمَعْنًى فِي غَيْرِهِ، وَلِهَذَا أَثَرٌ فِي النَّوَافِلِ دُونَ الْفَرَائِضِ وَمَا فِي مَعْنَاهَا وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْعِنَايَةِ وَغَيْرِهَا، لَكِنَّ كَوْنَ النَّهْيِ فِي الْبَوَاقِي مُؤَثِّرًا فِي النَّوَافِلِ إنَّمَا يَظْهَرُ إذَا لَمْ يَتَعَلَّقْ بِخُصُوصِ صَلَاةِ الْوَقْتِ كَمَا فِي الْأَخِيرَيْنِ، فَإِنَّ الْمَكْرُوهَ فِيهِمَا الصَّلَاةُ الْوَقْتِيَّةُ فَقَطْ دُونَ غَيْرِهَا، فَإِنَّ فِي تَأْخِيرِ الْعِشَاءِ إلَى مَا بَعْدَ النِّصْفِ تَقْلِيلَ الْجَمَاعَةِ، وَفِي تَأْخِيرِ الْمَغْرِبِ إلَى الِاشْتِبَاكِ تَشَبُّهًا بِالْيَهُودِ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ وَذَلِكَ خَاصٌّ بِهِمَا، وَقَدَّمْنَا أَنَّ الصَّحِيحَ أَنَّهُ لَا كَرَاهَةَ فِي الْوَقْتِ نَفْسِهِ، وَأَنَّ الْأَوْجَهَ كَمَا حَقَّقَهُ فِي الْبَحْرِ تَبَعًا لِلْحِلْيَةِ كَوْنُ الْكَرَاهَةِ فِي كُلٍّ مِنْ التَّأْخِيرِ وَالْأَدَاءِ لَا فِي التَّأْخِيرِ فَقَطْ فَافْهَمْ.

(قَوْلُهُ: وَكَذَا تُكْرَهُ إلَخْ) لَمَّا ذَكَرَ الْكَرَاهَةَ فِي الزَّمَانِ اسْتَطْرَدَ ذِكْرَ الْكَرَاهَةِ فِي الْمَكَانِ، وَإِلَّا فَمَحَلُّ ذَلِكَ مَكْرُوهَاتُ الصَّلَاةِ.

(قَوْلُهُ: كَفَوْقِ كَعْبَةٍ إلَخْ) أَيْ لِمَا فِيهِ مِنْ تَرْكِ تَعْظِيمِهَا الْمَأْمُورِ بِهِ، وَقَوْلُهُ وَفِي طَرِيقٍ؛ لِأَنَّ فِيهِ مَنْعَ النَّاسِ مِنْ الْمُرُورِ وَشَغْلَهُ بِمَا لَيْسَ لَهُ؛ لِأَنَّهَا حَقُّ الْعَامَّةِ لِلْمُرُورِ، وَلِمَا رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَالتِّرْمِذِيُّ عَنْ ابْنِ عُمَرَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى أَنْ يُصَلَّى فِي سَبْعَةِ مَوَاطِنَ: وَفِي الْمَزْبَلَةِ، وَالْمَجْزَرَةِ، وَالْمَقْبَرَةِ، وَقَارِعَةِ الطَّرِيقِ، وَفِي الْحَمَّامِ،

<<  <  ج: ص:  >  >>