للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَمَقْبَرَةٍ وَمُغْتَسَلٍ وَحَمَّامٍ وَبَطْنِ وَادٍ وَمَعَاطِنِ إبِلٍ وَغَنَمٍ

ــ

[رد المحتار]

وَمَعَاطِنِ الْإِبِلِ، وَفَوْقَ ظَهْرِ بَيْتِ اللَّهِ» " اهـ. وَمَعَاطِنُ الْإِبِلِ: مَبَارِكُهَا جَمْعُ مَعْطِنٍ: اسْمُ مَكَان وَالْمَزْبَلَةُ بِفَتْحِ الْمِيمِ مَعَ فَتْحِ الْبَاءِ وَضَمِّهَا: مَلْقَى الزِّبْلِ وَالْمَجْزَرَةُ بِفَتْحِ الْمِيمِ مَعَ فَتْحِ الزَّايِ وَضَمِّهَا أَيْضًا: مَوْضِعُ الْجِزَارَةِ أَيْ فِعْلِ الْجَزَّارِ أَيْ الْقَصَّابِ إمْدَادٌ.

(قَوْلُهُ: وَمَقْبَرَةٍ) مُثَلَّثُ الْبَاءِ ح. وَاخْتُلِفَ فِي عِلَّتِهِ، فَقِيلَ لِأَنَّ فِيهَا عِظَامَ الْمَوْتَى وَصَدِيدَهُمْ وَهُوَ نَجِسٌ وَفِيهِ نَظَرٌ وَقِيلَ لِأَنَّ أَصْلَ عِبَادَةِ الْأَصْنَامِ اتِّخَاذُ قُبُورِ الصَّالِحِينَ مَسَاجِدَ، وَقِيلَ لِأَنَّهُ تَشَبُّهٌ بِالْيَهُودِ، وَعَلَيْهِ مَشَى فِي الْخَانِيَّةِ، وَلَا بَأْسَ بِالصَّلَاةِ فِيهَا إذَا كَانَ فِيهَا مَوْضِعٌ أُعِدَّ لِلصَّلَاةِ وَلَيْسَ فِيهِ قَبْرٌ وَلَا نَجَاسَةٌ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ وَلَا قِبْلَتُهُ إلَى قَبْرٍ حِلْيَةٌ.

(قَوْلُهُ: وَمُغْتَسَلٍ) أَيْ مَوْضِعِ الِاغْتِسَالِ فِي بَيْتِهِ تَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: وَحَمَّامٍ) لِمَعْنَيَيْنِ:

أَحَدُهُمَا أَنَّهُ مَصَبُّ الْغُسَالَاتِ.

وَالثَّانِي أَنَّهُ بَيْتُ الشَّيَاطِينِ، فَعَلَى الْأَوَّلِ إذَا غَسَلَ مِنْهُ مَوْضِعًا لَا تُكْرَهُ، وَعَلَى الثَّانِي تُكْرَهُ، وَهُوَ الْأَوْلَى لِإِطْلَاقِ الْحَدِيثِ إلَّا لِخَوْفِ فَوْتِ الْوَقْتِ وَنَحْوِهِ إمْدَادٌ، لَكِنْ فِي الْفَيْضِ أَنَّ الْمُفْتَى بِهِ عَدَمُ الْكَرَاهَةِ. وَأَمَّا الصَّلَاةُ خَارِجَهُ أَيْ مَوْضِعِ جُلُوسِ الْحَمَّامِيِّ، فَفِي الْخَانِيَّةِ لَا بَأْسَ بِهَا. وَفِي الْحِلْيَةِ أَنَّهُ يَتَفَرَّعُ عَلَى الْمَعْنَى الثَّانِي الْكَرَاهَةُ خَارِجَهُ أَيْضًا، وَفِيهَا أَيْضًا: لَوْ هُجِرَ الْحَمَّامُ، قِيلَ يَحْتَمِلُ بَقَاءَ الْكَرَاهَةِ اسْتِصْحَابًا لِمَا كَانَ، وَيَحْتَمِلُ زَوَالَهَا؛ لِأَنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ يَأْلَفُهُ لِمَا فِيهِ مِنْ كَشْفِ الْعَوْرَاتِ وَنَحْوِ ذَلِكَ وَالْأَوَّلُ أَشْبَهُ، وَلَوْ لَمْ يُسَقْ إلَيْهِ الْمَاءُ وَلَمْ يُسْتَعْمَلْ فَالْأَشْبَهُ عَدَمُهَا؛ لِأَنَّهُ مُشْتَقٌّ مِنْ الْحَمِيمِ: وَهُوَ الْمَاءُ الْحَارُّ وَلَمْ يُوجَدْ فِيهِ. وَعَلَيْهِ لَوْ اتَّخَذَ دَارًا لِلسَّكَنِ كَهَيْئَةِ الْحَمَّامِ لَمْ تُكْرَهْ الصَّلَاةُ أَيْضًا. اهـ. مَطْلَبُ تُكْرَهُ الصَّلَاةُ فِي الْكَنِيسَةِ

[تَنْبِيهٌ] يُؤْخَذُ مِنْ التَّعْلِيلِ بِأَنَّهُ مَحَلُّ الشَّيَاطِينِ كَرَاهَةُ الصَّلَاةِ فِي مَعَابِدِ الْكُفَّارِ؛ لِأَنَّهَا مَأْوَى الشَّيَاطِينِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الشَّافِعِيَّةُ. وَيُؤْخَذُ مِمَّا ذَكَرُوهُ عِنْدَنَا، فَفِي الْبَحْرِ مِنْ كِتَابِ الدَّعْوَى عِنْدَ قَوْلِ الْكَنْزِ: وَلَا يَحْلِفُونَ فِي بَيْتِ عِبَادَاتِهِمْ. وَفِي التَّتَارْخَانِيَّة يُكْرَهُ لِلْمُسْلِمِ الدُّخُولُ فِي الْبِيعَةِ وَالْكَنِيسَةِ، وَإِنَّمَا يُكْرَهُ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ مَجْمَعُ الشَّيَاطِينِ لَا مِنْ حَيْثُ إنَّهُ لَيْسَ لَهُ حَقُّ الدُّخُولِ اهـ قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَالظَّاهِرُ أَنَّهَا تَحْرِيمِيَّةٌ؛ لِأَنَّهَا الْمُرَادَةُ عِنْدَ إطْلَاقِهِمْ، وَقَدْ أَفْتَيْت بِتَعْزِيرِ مُسْلِمٍ لَازَمَ الْكَنِيسَةَ مَعَ الْيَهُودِ اهـ فَإِذَا حَرُمَ الدُّخُولُ فَالصَّلَاةُ أَوْلَى، وَبِهِ ظَهَرَ جَهْلُ مَنْ يَدْخُلُهَا لِأَجْلِ الصَّلَاةِ فِيهَا.

(قَوْلُهُ: وَبَطْنِ وَادٍ) أَيْ مَا انْخَفَضَ مِنْ الْأَرْضِ، فَإِنَّ الْغَالِبَ احْتِوَاؤُهُ عَلَى نَجَاسَةٍ يَحْمِلُهَا إلَيْهِ السَّيْلُ أَوْ تُلْقَى فِيهِ ط.

(قَوْلُهُ: وَمَعَاطِنِ إبِلٍ وَغَنَمٍ) كَذَا فِي الْأَحْكَامِ لِلشَّيْخِ إسْمَاعِيلَ عَنْ الْخِزَانَةِ السَّمَرْقَنْدِيَّة، ثُمَّ نُقِلَ عَنْ الْمُلْتَقَطِ أَنَّهَا لَا تُكْرَهُ فِي مَرَابِضِ الْغَنَمِ إذَا كَانَ بَعِيدًا عَنْ النَّجَاسَةِ. وَفِي الْحِلْيَةِ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «صَلُّوا فِي مَرَابِضِ الْغَنَمِ وَلَا تُصَلُّوا فِي أَعْطَانِ الْإِبِلِ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ حَسَنٌ صَحِيحٌ. وَأَخْرَجَ أَبُو دَاوُد «سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ الصَّلَاةِ فِي مَبَارِكِ الْإِبِلِ؟ فَقَالَ: لَا تُصَلُّوا فِي مَبَارِكِ الْإِبِلِ فَإِنَّهَا مِنْ الشَّيَاطِينِ وَسُئِلَ عَنْ الصَّلَاةِ فِي مَرَابِضِ الْغَنَمِ فَقَالَ: صَلُّوا فِيهَا فَإِنَّهَا خُلِقَتْ مِنْ بَرَكَةٍ» وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مُخْتَصَرًا. وَمَعَاطِنُ الْإِبِلِ: وَطَنُهَا ثُمَّ غَلَبَ عَلَى مَبْرَكِهَا حَوْلَ الْمَاءِ. وَالْأَوْلَى الْإِطْلَاقُ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْحَدِيثِ. وَمَرَابِضُ الْغَنَمِ: مَوَاضِعُ مَبِيتِهَا. اهـ. وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَعْنَى كَوْنِ الْإِبِلِ مِنْ الشَّيَاطِينِ أَنَّهَا خُلِقَتْ عَلَى صِفَةٍ تُشْبِهُهُمْ مِنْ النُّفُورِ وَالْإِيذَاءِ، فَلَا يَأْمَنُ الْمُصَلِّي مِنْ أَنْ تَنْفِرَ وَتَقْطَعَ عَلَيْهِ صَلَاتَهُ كَمَا قَالَهُ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ أَيْ فَيَبْقَى بَالُهُ مَشْغُولًا خُصُوصًا حَالَ سُجُودِهِ، وَبِهَذَا فَارَقَتْ الْغَنَمُ. وَيَظْهَرُ مِنْ التَّعْلِيلِ أَنَّهُ لَا كَرَاهَةَ فِي مَعَاطِنِ الْإِبِلِ الطَّاهِرَةِ حَالَ غَيْبَتِهَا.

<<  <  ج: ص:  >  >>