للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَاسْتُفِيدَتْ مِنْ قَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «مَنْ بَاعَ جِلْدَ أُضْحِيَّتِهِ فَلَا أُضْحِيَّةَ لَهُ» هِدَايَةٌ.

(وَكُرِهَ) (جَزُّ صُوفِهَا قَبْلَ الذَّبْحِ) لِيَنْتَفِعَ بِهِ، فَإِنْ جَزَّهُ تَصَدَّقَ بِهِ، وَلَا يَرْكَبُهَا وَلَا يَحْمِلُ عَلَيْهَا شَيْئًا وَلَا يُؤَجِّرَهَا فَإِنْ فَعَلَ تَصَدَّقَ بِالْأُجْرَةِ حَاوِيٌّ الْفَتَاوَى لِأَنَّهُ الْتَزَمَ إقَامَةَ الْقُرْبَةِ بِجَمِيعِ أَجْزَائِهَا (بِخِلَافِ مَا بَعْدَهُ) لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ مُجْتَبًى

(وَيُكْرَهُ) (الِانْتِفَاعُ بِلَبَنِهَا قَبْلَهُ) كَمَا فِي الصُّوفِ، وَمِنْهُمْ مَنْ أَجَازَهُمَا لِلْغَنِيِّ لِوُجُوبِهِمَا فِي الذِّمَّةِ فَلَا تَتَعَيَّنُ زَيْلَعِيٌّ.

(وَلَوْ) (غَلِطَ اثْنَانِ وَذَبَحَ كُلٌّ شَاةَ صَاحِبِهِ) يَعْنِي عَنْ نَفْسِهِ عَلَى مَا دَلَّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ غَلِطَ أَوْ لَمْ يَغْلَطَا فَيَكُونُ كُلُّ وَاحِدٍ وَكِيلًا عَنْ الْآخَرِ دَلَالَةً هِدَايَةٌ قَالَهُ ابْنُ الْكَمَالِ، وَظَاهِرُ كَلَامِ صَدْرِ الشَّرِيعَةِ وَغَيْرِهِ وُقُوعُهُ عَنْ صَاحِبِهِ

ــ

[رد المحتار]

لِأَنَّهُ إنَّمَا يُعْطَى الْجَزَّارُ بِمُقَابَلَةِ جَزْرِهِ وَالْبَيْعُ مَكْرُوهٌ فَكَذَا مَا فِي مَعْنَاهُ كِفَايَةٌ (قَوْلُهُ وَاسْتُفِيدَتْ إلَخْ) كَذَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ وَالضَّمِيرُ لِلْكَرَاهَةِ، لَكِنْ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ ذَكَرَ ذَلِكَ الْحَدِيثَ فِي الْبَيْعِ، ثُمَّ قَالَ بَعْدَ قَوْلِهِ وَلَا يُعْطَى أَجْرُ الْجَزَّارِ مِنْهَا «لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - لِعَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - تَصَدَّقْ بِجِلَالِهَا وَخِطَامِهَا وَلَا تُعْطِ أَجْرَ الْجَزَّازِ مِنْهَا شَيْئًا» وَالنَّهْيُ عَنْهُ نَهْيٌ عَنْ الْبَيْعِ أَيْضًا لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى الْبَيْعِ اهـ. وَلَا يَخْفَى أَنَّ فِي كُلٍّ مِنْ الْحَدِيثَيْنِ دَلَالَةٌ عَلَى الْمَطْلُوبِ مِنْ الْمَوْضِعَيْنِ

(قَوْلُهُ فَإِنْ جَزَّهُ تَصَدَّقَ بِهِ إلَى قَوْلِهِ حَاوِي الْفَتَاوَى) يُوجَدُ فِي بَعْضِ النُّسَخِ: وَقَوْلُهُ فَإِنْ فَعَلَ تَصَدَّقَ بِالْأُجْرَةِ: أَيْ فِيمَا لَوْ آجَرَهَا، وَأَمَّا إذَا رَكِبَهَا أَوْ حَمَلَ عَلَيْهَا تَصَدَّقَ بِمَا نَقَصَتْهُ كَمَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَفِي الدُّرِّ الْمُنْتَقَى عَنْ الظَّهِيرِيَّةِ: وَعَمِلَ الْجَلْدَ جِرَابًا وَأَجْرُهُ لَمْ يَجُزْ وَعَلَيْهِ التَّصَدُّقُ بِالْأُجْرَةِ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ الْتَزَمَ إقَامَةَ الْقُرْبَةِ بِجَمِيعِ أَجْزَائِهَا) فِيهِ أَنَّ الْقُرْبَةَ تَتَأَدَّى بِالْإِرَاقَةِ فَهِيَ تَقُومُ بِهَا لَا بِغَيْرِهَا فَكَيْفَ يُكْرَهُ مِنَحٌ، وَيَأْتِي دَفْعُهُ قَرِيبًا

(قَوْلُهُ وَيُكْرَهُ الِانْتِفَاعُ بِلَبَنِهَا) فَإِنْ كَانَتْ التَّضْحِيَةُ قَرِيبَةً يَنْضَحُ ضَرْعُهَا بِالْمَاءِ الْبَارِدِ وَإِلَّا حَلَبَهُ وَتَصَدَّقَ بِهِ كَمَا فِي الْكِفَايَةِ (قَوْلُهُ لِوُجُوبِهَا فِي الذِّمَّةِ فَلَا تَتَعَيَّنُ) وَالْجَوَابُ أَنَّ الْمُشْتَرَاةَ لِلْأُضْحِيَّةِ مُتَعَيِّنَةٌ لِلْقُرْبَةِ إلَى أَنْ يُقَامَ غَيْرُهَا مَقَامَهَا فَلَا يَحِلُّ لَهُ الِانْتِفَاعُ بِهَا مَا دَامَتْ مُتَعَيِّنَةً وَلِهَذَا لَا يَحِلُّ لَهُ لَحْمُهَا إذَا ذَبَحَهَا قَبْلَ وَقْتِهَا بَدَائِعُ، وَيَأْتِي قَرِيبًا أَنَّهُ يُكْرَهُ أَنْ يُبَدِّلَ بِهَا غَيْرَهَا فَيُفِيدُ التَّعَيُّنَ أَيْضًا، وَبِهِ انْدَفَعَ مَا مَرَّ عَنْ الْمِنَحِ فَتَدَبَّرْ

(قَوْلُهُ وَلَوْ غَلِطَ اثْنَانِ إلَخْ) قَالَ الْأَتْقَانِيُّ: قَوْلُهُ غَلِطَ شَرْطٌ، لِمَا فِي نَوَادِرِ ابْنِ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ: لَوْ تَعَمَّدَ فَذَبَحَ أُضْحِيَّةً رَجُلٍ عَنْ نَفْسِهِ لَمْ يَجُزْ عَنْ صَاحِبِهَا وَفِي الْغَلَطِ جَازَ عَنْ صَاحِبِهَا وَلَا يُشْبِهُ الْعَمْدَ الْغَلَطَ، وَلَوْ ضَمَّنَهُ قِيمَتَهَا فِي الْعَمْدِ جَازَتْ عَنْ الذَّابِحِ. وَفِي الْإِمْلَاءِ قَالَ مُحَمَّدٌ: لَوْ ذَبَحَهَا مُتَعَمِّدًا عَنْ صَاحِبِهِ يَوْمَ النَّحْرِ وَلَمْ يَأْمُرْهُ جَازَ أَيْضًا اسْتِحْسَانًا لِأَنَّهَا هُيِّئَتْ لِلذَّبْحِ اهـ. (قَوْلُهُ وَذَبَحَ كُلٌّ شَاةَ صَاحِبِهِ) يَعْنِي شَاةَ الْأُضْحِيَّةَ، وَكَانَ الْأَوْلَى التَّعْبِيرُ بِهِ كَمَا فِي الْكَنْزِ وَالْهِدَايَةِ لِيُفِيدَ أَنَّهَا لَوْ لَمْ تَكُنْ لِلْأُضْحِيَّةِ تَكُونُ مَضْمُونَةً عَلَيْهِ شُرُنْبُلَالِيَّةٌ (قَوْلُهُ يَعْنِي عَنْ نَفْسِهِ) صَرَّحَ بِهِ فِي الْبَدَائِعِ وَغَيْرِهَا، فَلَوْ نَوَاهَا، عَنْ صَاحِبِهِ مَعَ ظَنِّهِ أَنَّهَا أُضْحِيَّةٌ نَفْسِهِ هَلْ تَقَعُ عَنْ الْمَالِكِ أَيْضًا؟ الظَّاهِرُ نَعَمْ، وَلَمْ أَرَهُ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ عَلَى مَا دَلَّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ غَلِطَ) لِأَنَّهُ يُفِيدُ أَنَّهُ ظَنَّ كَوْنَهَا شَاتُه فَلَا يَذْبَحُهَا إلَّا عَنْ نَفْسِهِ عَادَةً

(قَوْلُهُ أَوْ لَمْ يَغْلَطَا) مِنْ هُنَا إلَى قَوْلِهِ عَنْ صَاحِبِهِ يُوجَدُ فِي بَعْضِ النُّسَخِ وَلَفْظَةُ أَوْ لَمْ يَغْلَطَا سَبْقُ قَلَمٍ إذْ لَا وُجُودَ لَهَا فِي كَلَامِ غَيْرِهِ، وَقَوْلُهُ فَيَكُونُ كُلُّ وَاحِدٍ وَكِيلًا عَنْ الْآخَرِ دَلَالَةً هِدَايَةٌ كَانَ يَنْبَغِي ذِكْرُهُ عَقِبَ قَوْلِهِ صَحَّ اسْتِحْسَانًا. وَعِبَارَةُ الْهِدَايَةِ: وَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ أَنَّهَا تَعَيَّنَتْ لِلذَّبْحِ لِتَعَيُّنِهَا لِلْأُضْحِيَّةِ، حَتَّى وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يُضَحِّيَ بِهَا فِي أَيَّامِ النَّحْرِ أَيْ لَوْ كَانَ الْمُضَحِّي فَقِيرًا نِهَايَةٌ. وَيُكْرَهُ أَنْ يُبَدِّلَ بِهَا غَيْرَهَا أَيْ إذَا كَانَ غَنِيًّا نِهَايَةٌ، فَصَارَ الْمَالِكُ مُسْتَعِينًا بِكُلِّ مَنْ يَكُونُ أَهْلًا لِلذَّبْحِ آذِنًا لَهُ دَلَالَةً اهـ، فَقَوْلُهُ هِدَايَةٌ نَقْلٌ لِحَاصِلِ الْمَعْنَى، وَقَوْلُهُ قَالَهُ ابْنُ الْكَمَالِ فِيهِ أَنَّهُ لَمْ يَنْقُلْهُ ابْنُ الْكَمَالِ عَنْ الْهِدَايَةِ، وَلَعَلَّ ضَمِيرَ قَالَهُ زَائِدٌ وَمَقُولُ الْقَوْلِ مَا بَعْدَهُ وَهُوَ قَوْلُهُ وَظَاهِرُ كَلَامِ

<<  <  ج: ص:  >  >>