كَمَا يَأْتِي وَيُكْرَهُ الْأَكْلُ فِي نُحَاسٍ أَوْ صُفْرٍ وَالْأَفْضَلُ الْخَزَفُ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ اتَّخَذَ أَوَانِي بَيْتِهِ خَزَفًا زَارَتْهُ الْمَلَائِكَةُ» اخْتِيَارٌ. (لَا) يُكْرَهُ مَا ذَكَرَ (مِنْ) إنَاءِ (رَصَاصٍ وَزُجَاجٍ وَبَلُّورٍ وَعَقِيقٍ) خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ
(وَحَلَّ الشُّرْبُ مِنْ إنَاءٍ مُفَضَّضٍ) أَيْ مُزَوَّقٍ بِالْفِضَّةِ (وَالرُّكُوبُ عَلَى سَرْجٍ مُفَضَّضٍ وَالْجُلُوسُ عَلَى كُرْسِيٍّ مُفَضَّضٍ) وَلَكِنْ بِشَرْطِ أَنْ (يُتَّقَى) أَيْ يُجْتَنَبَ (مَوْضِعُ الْفِضَّةِ) بِفَمٍ قِيلَ وَيَدٍ وَجُلُوسِ سَرْجٍ وَنَحْوِهِ
ــ
[رد المحتار]
تَوَسُّدُهُ وَالنَّوْمُ عَلَيْهِ.
(قَوْلُهُ كَمَا يَأْتِي) أَيْ فِي فَصْلِ اللُّبْسِ (قَوْلُهُ وَيُكْرَهُ الْأَكْلُ فِي نُحَاسٍ أَوْ صُفْرٍ) عَزَاهُ فِي الدُّرِّ الْمُنْتَقَى إلَى الْمُفِيدِ وَالشِّرْعَةِ وَالصُّفْرُ مِثْلُ قُفْلٍ وَكَسْرُ الصَّادِ لُغَةً النُّحَاسُ، وَقِيلَ أَجْوَدُهُ مِصْبَاحٌ وَفِي شَرْحِ الشِّرْعَةِ هُوَ شَيْءٌ مُرَكَّبٌ مِنْ الْمَعْدِنِيَّاتِ كَالنُّحَاسِ وَالْأَشْرُبِّ وَغَيْرِ ذَلِكَ اهـ. ثُمَّ قَيَّدَ النُّحَاسَ بِالْغَيْرِ الْمَطْلِيِّ بِالرَّصَاصِ وَهَكَذَا قَالَ بَعْضُ مَنْ كَتَبَ عَلَى هَذَا الْكِتَابِ: أَيْ قَبْلَ طَلْيِهِ بِالْقَصْدِيرِ وَالذَّهَبِ لِأَنَّهُ يُدْخِلُ الصَّدَأَ فِي الطَّعَامِ فَيُورِثُ ضَرَرًا عَظِيمًا وَأَمَّا بَعْدَهُ فَلَا اهـ. أَقُولُ: وَاَلَّذِي رَأَيْته فِي الِاخْتِيَارِ وَاِتِّخَاذُهَا مِنْ الْخَزَفِ أَفْضَلُ إذْ لَا سَرَفَ فِيهِ وَلَا مَخْيَلَةَ. وَفِي الْحَدِيثِ «مَنْ اتَّخَذَ أَوَانِيَ بَيْتِهِ خَزَفًا زَارَتْهُ الْمَلَائِكَةُ» وَيَجُوزُ اتِّخَاذُهَا مِنْ نُحَاسٍ أَوْ رَصَاصٍ اهـ وَفِي الْجَوْهَرَةِ: وَأَمَّا الْآنِيَةُ مِنْ غَيْرِ الْفِضَّةِ وَالذَّهَبِ فَلَا بَأْسَ بِالْأَكْلِ وَالشُّرْبِ فِيهَا، وَالِانْتِفَاعِ بِهَا كَالْحَدِيدِ وَالصُّفْرِ وَالنُّحَاسِ وَالرَّصَاصِ وَالْخَشَبِ وَالطِّينِ اهـ فَتَنَبَّهْ وَالْخَزَفُ بِالزَّايِ مُحَرَّكَةٌ الْجَرُّ وَكُلُّ مَا عُمِلَ مِنْ طِينٍ وَشُوِيَ بِالنَّارِ حَتَّى يَكُونَ فَخَّارًا قَامُوسٌ.
(قَوْلُهُ مَا ذُكِرَ) أَيْ مِنْ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ وَالِادِّهَانِ وَالتَّطَيُّبِ (قَوْلُهُ رَصَاصٌ) بِالْفَتْحِ كَسَحَابٍ وَلَا يُكْسَرُ وَزُجَاجٍ مُثَلَّثُ الزَّايِ وَبَلُّورٍ كَتَنُّورٍ وَسِنَّوْرٍ وَسِبَطْرٍ جَوْهَرٌ مَعْرُوفٌ وَالْعَقِيقُ كَأَمِيرٍ خَرَزٌ أَحْمَرُ قَامُوسٌ
(قَوْلُهُ مُفَضَّضٍ) وَفِي حُكْمِهِ الْمُذَهَّبُ قُهُسْتَانِيٌّ (قَوْلُهُ أَيْ مُزَوَّقٍ بِفِضَّةٍ) كَذَا فِي الْمِنَحِ وَفَسَّرَهُ الشُّمُنِّيُّ بِالْمُرَصَّعِ بِهَا ط وَيُقَالُ لِكُلِّ مُنَقَّشٍ وَمُزَيَّنٍ مُزَوَّقٌ قَامُوسٌ (قَوْلُهُ بِفَمٍ) فَيَضَعُ فَمَهُ عَلَى الْخَشَبِ وَإِنْ كَانَ يَضَعُ يَدَهُ عَلَى الْفِضَّةِ حَالَ التَّنَاوُلِ ط (قَوْلُهُ قِيلَ وَيَدٍ) كَذَا عَبَّرَ فِي الْهِدَايَةِ وَالْجَوْهَرَةِ وَالِاخْتِيَارِ وَالتَّبْيِينِ وَغَيْرِهَا فَأَفَادَ ضَعْفَ مَا فِي الدُّرَرِ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ فِي الشُّرُنْبُلَالِيَّةِ (قَوْلُهُ وَجُلُوسِ سَرْجٍ) عَطْفٌ عَلَى الْمَجْرُورِ فِي قَوْلِهِ بِفَمٍ لَا عَلَى يَدٍ كَمَا قَدْ يُتَوَهَّمُ قَالَ فِي غُرَرِ الْأَفْكَارِ: بِأَنْ يَجْتَنِبَ فِي الْمُصْحَفِ وَنَحْوِهِ مَوْضِعَ الْأَخْذِ وَفِي السَّرْجِ وَنَحْوِهِ مَوْضِعَ الْجُلُوسِ وَفِي الرِّكَابِ مَوْضِعَ الرِّجْلِ وَفِي الْإِنَاءِ مَوْضِعَ الْفَمِ وَقِيلَ وَمَوْضِعَ الْأَخْذِ أَيْضًا اهـ وَنَحْوُهُ فِي إيضَاحِ الْإِصْلَاحِ، وَيَأْتِي قَرِيبًا أَنَّهُ يَجْتَنِبُ فِي النَّصْلِ وَالْقَبْضَةِ وَاللِّجَامِ مَوْضِعَ الْيَدِ. فَالْحَاصِلُ: أَنَّ الْمُرَادَ الِاتِّقَاءُ بِالْعُضْوِ الَّذِي يُقْصَدُ الِاسْتِعْمَالُ بِهِ، فَفِي الشُّرْبِ لَمَّا كَانَ الْمَقْصُودُ الِاسْتِعْمَالَ بِالْفَمِ اُعْتُبِرَ الِاتِّقَاءُ بِهِ دُونَ الْيَدِ وَلِذَا لَوْ حَمَلَ الرِّكَابَ بِيَدِهِ مِنْ مَوْضِعِ الْفِضَّةِ لَا يَحْرُمُ، فَلَيْسَ الْمَدَارُ عَلَى الْفَمِ إذْ لَا مَعْنَى لِقَوْلِنَا مُتَّقِيًا فِي السَّرْجِ وَالْكُرْسِيِّ مَوْضِعَ الْفَمِ فَافْهَمْ. وَلَا يَخْفَى أَنَّ الْكَلَامَ فِي الْمُفَضَّضِ وَإِلَّا فَاَلَّذِي كُلُّهُ فِضَّةٌ يَحْرُمُ اسْتِعْمَالُهُ بِأَيِّ وَجْهٍ كَانَ كَمَا قَدَّمْنَاهُ وَلَوْ بِلَامِسٍ بِالْجَسَدِ، وَلِذَا حَرُمَ إيقَادُ الْعُودِ فِي مِجْمَرَةِ الْفِضَّةِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْخُلَاصَةِ، وَمِثْلُهُ بِالْأَوْلَى ظَرْفُ فِنْجَانِ الْقَهْوَةِ وَالسَّاعَةِ وَقُدْرَةُ التُّنْبَاكِ الَّتِي يُوضَعُ فِيهَا الْمَاءُ وَإِنْ كَانَ لَا يَمَسُّهَا بِيَدِهِ وَلَا بِفَمِهِ، لِأَنَّهُ اسْتِعْمَالٌ فِيمَا صُنِعَتْ لَهُ بِخِلَافِ الْقَصَبِ الَّذِي يُلَفُّ عَلَى طَرَفِ قَصَبَةِ التُّتْن فَإِنَّهُ تَزْوِيقٌ فَهُوَ مِنْ الْمُفَضَّضِ فَيُعْتَبَرُ اتِّقَاؤُهُ بِالْيَدِ وَالْفَمِ وَلَا يُشْبِهُ ذَلِكَ مَا يَكُونُ كُلُّهُ فِضَّةً كَمَا هُوَ صَرِيحُ كَلَامِهِمْ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَقَالَ ط: وَقَدْ تَجَرَّأَ جَمَاعَةٌ عَلَى الشَّرْعِ فَقَالُوا بِإِبَاحَةِ اسْتِعْمَالِ نَحْوِ الظَّرْفِ زَاعِمِينَ أَنَّهُ اتِّقَاءٌ بِفَمِهِ وَمَسُّ الْيَدِ لَا بَأْسَ بِهِ، وَهَذَا جَهْلٌ عَظِيمٌ وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ، فَإِنَّ الْخِوَانَ وَإِنَاءَ الطَّعَامِ لَا يَمَسُّهُمَا بِيَدِهِ وَقَدْ حَرُمَا وَمِنْ الْجُرْأَةِ قَوْلُ أَبِي السُّعُودِ عَنْ شَيْخِهِ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute