للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَأَصْلُهُ أَنَّ خَبَرَ الْكَافِرِ مَقْبُولٌ بِالْإِجْمَاعِ فِي الْمُعَامَلَاتِ لَا فِي الدِّيَانَاتِ وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ قَوْلُ الْكَنْزِ وَيُقْبَلُ قَوْلُ الْكَافِرِ فِي الْحِلِّ وَالْحُرْمَةِ يَعْنِي الْحَاصِلَيْنِ فِي ضِمْنِ الْمُعَامَلَاتِ لَا مُطْلَقِ الْحِلِّ وَالْحُرْمَةِ كَمَا تَوَهَّمَهُ الزَّيْلَعِيُّ (وَ) يُقْبَلُ قَوْلُ (الْمَمْلُوكِ) وَلَوْ أُنْثَى (وَالصَّبِيِّ فِي الْهَدِيَّةِ) سَوَاءٌ أَخْبَرَ بِإِهْدَاءِ الْمَوْلَى غَيْرَهُ أَوْ نَفْسَهُ (وَالْإِذْنِ) سَوَاءٌ كَانَ بِالتِّجَارَةِ أَوْ بِدُخُولِ الدَّارِ مَثَلًا وَقَيَّدَهُ فِي السِّرَاجِ بِمَا إذَا غَلَبَ عَلَى رَأْيِهِ صِدْقُهُمْ فَلَوْ شَرَى صَغِيرٌ نَحْوَ صَابُونٍ وَأُشْنَانٍ لَا بَأْسَ بِبَيْعِهِ وَلَوْ نَحْوَ زَبِيبٍ وَحَلْوَى لَا يَنْبَغِي بَيْعُهُ لِأَنَّ الظَّاهِرَ كَذِبُهُ وَتَمَامُهُ فِيهِ (وَ) يُقْبَلُ قَوْلُ الْفَاسِقِ وَالْكَافِرِ وَالْعَبْدِ فِي (الْمُعَامَلَاتِ) لِكَثْرَةِ وُقُوعِهَا (كَمَا إذَا أَخْبَرَ أَنَّهُ وَكِيلُ فُلَانٍ فِي بَيْعِ كَذَا فَيَجُوزُ الشِّرَاءُ مِنْهُ) إنْ غَلَبَ عَلَى الرَّأْيِ صِدْقُهُ كَمَا مَرَّ وَسَيَجِيءُ آخِرَ الْحَظْرِ.

ــ

[رد المحتار]

بُطْلَانُ الْمِلْكِ فَتَثْبُتُ مَعَ بَقَائِهِ وَحِينَئِذٍ لَا يُمْكِنُهُ الرَّدُّ عَلَى بَائِعِهِ، وَلَا أَنْ يَحْبِسَ الثَّمَنَ عَنْهُ إذْ لَمْ يَبْطُلْ الْبَيْعُ اهـ مُلَخَّصًا (قَوْلُهُ وَأَصْلُهُ إلَخْ) أَيْ أَصْلُ مَا ذَكَرَ مِنْ ثُبُوتِ الْحِلِّ وَالْحُرْمَةِ، وَهُوَ يُشِيرُ بِهِ إلَى سُؤَالٍ، وَجَوَابِهِ مَذْكُورَيْنِ فِي النِّهَايَةِ وَغَيْرِهَا.

حَاصِلُ السُّؤَالِ: أَنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ مُنَاقِضَةٌ لِقَوْلِهِ الْآتِي: وَشُرِطَ الْعَدَالَةُ فِي الدِّيَانَاتِ، فَإِنَّ مِنْ الدِّيَانَاتِ الْحِلَّ وَالْحُرْمَةَ كَمَا إذَا أَخْبَرَ بِأَنَّ هَذَا حَلَالٌ أَوْ حَرَامٌ، وَقَدْ شُرِطَ فِيهَا الْعَدْلُ وَالْمُرَادُ بِهِ الْمُسْلِمُ الْمَرْضِيُّ، وَهُنَا قَوْلُهُ شَرَيْته مِنْ كِتَابِيٍّ إلَخْ مَعْنَاهُ أَنَّهُ حَلَالٌ أَوْ حَرَامٌ، وَقَدْ قُبِلَ فِيهِ خَبَرُ الْكَافِرِ، وَلَوْ مَجُوسِيًّا، وَالْجَوَابُ أَنَّ قَوْلَهُ شَرَيْته مِنْ الْمُعَامَلَاتِ، وَثُبُوتُ الْحِلِّ وَالْحُرْمَةِ فِيهِ ضِمْنِيٌّ فَلَمَّا قُبِلَ قَوْلُهُ فِي الشِّرَاءِ ثَبَتَ مَا فِي ضِمْنِهِ، بِخِلَافِ مَا يَأْتِي وَكَمْ مِنْ شَيْءٍ يَثْبُتُ ضِمْنًا لَا قَصْدًا كَوَقْفِ الْمَنْقُولِ وَبَيْعِ الشِّرْبِ وَبِهِ يَتَّضِحُ الْجَوَابُ عَنْ الْكَنْزِ (قَوْلُهُ وَعَلَيْهِ) أَيْ عَلَى هَذَا الْأَصْلِ وَقَدْ سَبَقَهُ إلَى هَذَا الْجَوَابِ الْعَيْنِيُّ، وَصَاحِبُ الدُّرَرِ وَتَبِعَهُمَا الْمُصَنِّفُ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ تَقْرِيرُ صَاحِبِ الْكَنْزِ فِي كِتَابِهِ الْكَافِي (قَوْلُهُ لَا مُطْلَق الْحِلِّ وَالْحُرْمَةِ) أَيْ الشَّامِلِ لِلْقَصْدِيِّ كَهَذَا حَلَالٌ أَوْ حَرَامٌ (قَوْلُهُ سَوَاءٌ أَخْبَرَ بِإِهْدَاءِ الْمَوْلَى غَيْرَهُ أَوْ نَفْسَهُ) الْأَوْلَى التَّعْبِيرُ بِالْوَلِيِّ مُشَدَّدًا بِدُونِ مِيمٍ الضَّمِيرُ فِي غَيْرِهِ أَوْ نَفْسَهُ لِلْمُخْبِرِ الْمَفْهُومِ مِنْ أَخْبَرَ قَالَ فِي الْمِنَحِ بِأَنْ قَالَ عَبْدٌ أَوْ جَارِيَةٌ أَوْ صَبِيٌّ هَذِهِ هَدِيَّةٌ أَهْدَاهَا إلَيْك سَيِّدِي أَوْ أَبِي وَفِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ إذَا قَالَتْ جَارِيَةٌ لِرَجُلٍ بَعَثَنِي مَوْلَايَ إلَيْك هَدِيَّةً وَسِعَهُ أَنْ يَأْخُذَهَا إذْ لَا فَرْقَ بَيْنَ مَا إذَا أَخْبَرَتْ بِإِهْدَاءِ الْمَوْلَى غَيْرَهَا أَوْ نَفْسَهَا، وَإِنَّمَا يُقْبَلُ قَوْلُ هَؤُلَاءِ فِيهَا لِأَنَّ الْهَدِيَّةَ تُبْعَثُ عَادَةً عَلَى أَيْدِي هَؤُلَاءِ اهـ (قَوْلُهُ أَوْ بِدُخُولِ الدَّارِ مَثَلًا) قَالَ فِي الْمِنَحِ: وَأَمَّا الْإِذْنُ بِدُخُولِ الدَّارِ إذَا أَذِنَ ذَلِكَ لِعَبْدِهِ أَوْ ابْنِهِ الصَّغِيرِ، فَالْقِيَاسُ كَذَلِكَ إلَّا أَنَّهُ جَرَتْ الْعَادَةُ بَيْنَ النَّاسِ أَنَّهُمْ لَا يُمْنَعُونَ عَنْ ذَلِكَ فَجُوِّزَ لِأَجْلِ ذَلِكَ اهـ فَتَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ وَقَيَّدَهُ فِي السِّرَاجِ إلَخْ) ثُمَّ قَالَ كَمَا فِي الْمِنَحِ: وَإِنْ لَمْ يَغْلِبْ عَلَى رَأْيِهِ ذَلِكَ لَمْ يَسَعْهُ قَبُولُهُ مِنْهُمْ، لِأَنَّ الْأَمْرَ مُشْتَبِهٌ عَلَيْهِ اهـ قَالَ الأتقاني: لِأَنَّ الْأَصْلَ أَنَّهُ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ وَالْإِذْنُ طَارِئٌ، فَلَا يَجُوزُ إثْبَاتُهُ بِالشَّكِّ وَإِنَّمَا قَبِلْنَا قَوْلَ الْعَبْدِ إذَا كَانَ ثِقَةً لِأَنَّهُ مِنْ أَخْبَارِ الْمُعَامَلَاتِ، وَهُوَ أَضْعَفُ مِنْ أَخْبَارِ الدِّيَانَاتِ فَإِذَا قُبِلَ فِي أَخْبَارِ الدِّينِ فَفِي الْمُعَامَلَاتِ أَوْلَى اهـ (قَوْلُهُ وَلَوْ نَحْوَ زَبِيبٍ وَحَلْوَى) أَيْ مِمَّا يَأْكُلُهُ الصِّبْيَانُ عَادَةً خَانِيَّةٌ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ كَذِبُهُ) وَقَدْ عَثَرَ عَلَى فُلُوسِ أُمِّهِ فَأَخَذَهَا لِيَشْتَرِيَ بِهَا حَاجَةَ نَفْسِهِ مِنَحٌ عَنْ الْمَبْسُوطِ، وَهَذَا لَا يَظْهَرُ فِي كُلِّ الصِّبْيَانِ لِجَرَيَانِ عَادَةِ أَغْنِيَاءِ النَّاسِ بِالتَّوْسِعَةِ عَلَى صِبْيَانِهِمْ، وَإِعْطَائِهِمْ مَا يَشْتَرُونَ بِهِ شَهْوَةَ أَنْفُسِهِمْ وَكَذَلِكَ غَالِبُ الْفُقَرَاءِ اهـ ط. أَقُولُ: قَدْ عَلِمْت أَنَّ الْمَدَارَ عَلَى غَلَبَةِ الظَّنِّ فَلْيَنْظُرْ الْمُبْتَلَى فِي الْقَرَائِنِ (قَوْلُهُ لِكَثْرَةِ وُقُوعِهَا) فَاشْتِرَاطُ الْعَدَالَةِ فِيهَا يُؤَدِّي إلَى الْحَرَجِ وَقَلَّمَا يَجِدُ الْإِنْسَانُ الْمُسْتَجْمِعَ لِشَرَائِطِ الْعَدَالَةِ لِيُعَامِلَهُ أَوْ يَسْتَخْدِمَهُ أَوْ يَبْعَثَهُ إلَى وُكَلَائِهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>