للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(وَشُرِطَ الْعَدَالَةُ فِي الدِّيَانَاتِ) هِيَ الَّتِي بَيْنَ الْعَبْدِ وَالرَّبِّ (كَالْخَبَرِ عَنْ نَجَاسَةِ الْمَاءِ فَيَتَيَمَّمُ) وَلَا يَتَوَضَّأُ (إنْ أَخْبَرَ بِهَا مُسْلِمٌ عَدْلٌ) مُنْزَجِرٌ عَمَّا يَعْتَقِدُ حُرْمَتَهُ (وَلَوْ عَبْدًا) أَوْ أَمَةً (وَيَتَحَرَّى فِي) خَبَرِ (الْفَاسِقِ) بِنَجَاسَةِ الْمَاءِ (وَ) خَبَرِ (الْمَسْتُورِ ثُمَّ يَعْمَلُ بِغَالِبِ ظَنِّهِ، وَلَوْ أَرَاقَ الْمَاءَ فَتَيَمَّمَ فِيمَا إذَا غَلَبَ عَلَى رَأْيِهِ صِدْقُهُ وَتَوَضَّأَ وَتَيَمَّمَ فِيمَا إذَا غَلَبَ) عَلَى رَأْيِهِ (كَذِبُهُ كَانَ أَحْوَطَ) وَفِي الْجَوْهَرَةِ: وَتَيَمُّمُهُ بَعْدَ الْوُضُوءِ أَحْوَطُ. قُلْت: وَأَمَّا الْكَافِرُ إذَا غَلَبَ صِدْقُهُ عَلَى كَذِبِهِ فَإِرَاقَتُهُ أَحَبُّ قُهُسْتَانِيٌّ وَخُلَاصَةٌ وَخَانِيَّةٌ. قُلْت: لَكِنْ لَوْ تَيَمَّمَ قَبْلَ إرَاقَتِهِ لَمْ يَجُزْ تَيَمُّمُهُ بِخِلَافِ خَبَرِ الْفَاسِقِ لِصَلَاحِيَّتِهِ مُلْزِمًا فِي الْجُمْلَةِ بِخِلَافِ الْكَافِرِ

ــ

[رد المحتار]

ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ الْمُعَامَلَاتِ عَلَى مَا فِي كُتُبِ الْأُصُولِ ثَلَاثَةُ أَنْوَاعٍ.

الْأَوَّلُ: مَا لَا إلْزَامَ فِيهِ كَالْوَكَالَاتِ وَالْمُضَارَبَاتِ وَالْإِذْنِ بِالتِّجَارَةِ، وَالثَّانِي: مَا فِيهِ إلْزَامٌ مَحْضٌ كَالْحُقُوقِ الَّتِي تَجْرِي فِيهَا الْخُصُومَاتُ.

وَالثَّالِثُ: مَا فِيهِ إلْزَامٌ مِنْ وَجْهٍ دُونَ وَجْهٍ كَعَزْلِ الْوَكِيلِ وَحَجْرِ الْمَأْذُونِ، فَإِنَّ فِيهِ إلْزَامَ الْعُهْدَةِ عَلَى الْوَكِيلِ وَفَسَادَ الْعَقْدِ بَعْدَ الْحَجْرِ وَفِيهِ عَدَمَ إلْزَامٍ، لِأَنَّ الْمُوَكِّلَ أَوْ الْمَوْلَى يَتَصَرَّفُ فِي خَالِصِ حَقِّهِ، فَصَارَ كَالْإِذْنِ. فَفِي الْأَوَّلِ يُعْتَبَرُ التَّمْيِيزُ فَقَطْ. وَفِي الثَّانِي شُرُوطُ الشَّهَادَةِ وَفِي الثَّالِثِ إمَّا الْعَدَدُ وَإِمَّا الْعَدَالَةُ عِنْدَهُ خِلَافًا لَهُمَا فَيَتَعَيَّنُ أَنْ يُرَادَ هُنَا النَّوْعُ الْأَوَّلُ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ فِي الْعَزْمِيَّةِ

(قَوْلُهُ فِي الدِّيَانَاتِ) أَيْ الْمَحْضَةِ دُرَرٌ احْتِرَازًا عَمَّا إذَا تَضَمَّنَتْ زَوَالَ مِلْكٍ كَمَا إذَا أَخْبَرَ عَدْلٌ أَنَّ الزَّوْجَيْنِ ارْتَضَعَا مِنْ امْرَأَةٍ وَاحِدَةٍ لَا تَثْبُتُ الْحُرْمَةُ، لِأَنَّهُ يَتَضَمَّنُ زَوَالَ مِلْكِ الْمُتْعَةِ فَيُشْتَرَطُ الْعَدَدُ وَالْعَدَالَةُ جَمِيعًا إتْقَانِيٌّ وَهَذَا بِخِلَافِ الْإِخْبَارِ، بِأَنَّ مَا اشْتَرَاهُ ذَبِيحَةُ مَجُوسِيٌّ، لِأَنَّ ثُبُوتَ الْحُرْمَةِ لَا يَتَضَمَّنُ زَوَالَ الْمِلْكِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ فَتَثْبُتُ لِجَوَازِ اجْتِمَاعِهَا مَعَ الْمِلْكِ (قَوْلُهُ هِيَ) أَيْ الدِّيَانَاتُ (قَوْلُهُ إنْ أَخْبَرَ بِهَا مُسْلِمٌ عَدْلٌ) لِأَنَّ الْفَاسِقَ مُتَّهَمٌ وَالْكَافِرَ لَا يَلْتَزِمُ الْحُكْمَ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُلْزِمَ الْمُسْلِمَ هِدَايَةٌ (قَوْلُهُ مُنْزَجِرٌ إلَخْ) بَيَانٌ لِلْعَدْلِ (قَوْلُهُ عَبْدًا أَوْ أَمَةً) تَعْمِيمٌ لَهُ وَفِي الْخُلَاصَةِ مَحْدُودًا فِي قَذْفٍ أَوْ لَا (قَوْلُهُ وَيَتَحَرَّى فِي خَبَرِ الْفَاسِقِ) أَمَّا مَعَ الْعَدَالَةِ فَإِنَّهُ يَسْقُطُ احْتِمَالُ الْكَذِبِ فَلَا مَعْنًى لِلِاحْتِيَاطِ بِالْإِرَاقَةِ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ (قَوْلُهُ وَخَبَرِ الْمَسْتُورِ) هَذَا ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ وَهُوَ الْأَصَحُّ وَعَنْهُ أَنَّهُ كَالْعَدْلِ نِهَايَةٌ (قَوْلُهُ ثُمَّ يَعْمَلُ بِغَالِبِ ظَنِّهِ) فَإِنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ صِدْقُهُ تَيَمَّمَ وَلَمْ يَتَوَضَّأْ بِهِ أَوْ كِذْبُهُ تَوَضَّأَ بِهِ وَلَمْ يَلْتَفِتْ إلَى قَوْلِهِ هَذَا هُوَ جَوَابُ الْحُكْمِ. أَمَّا فِي السَّعَةِ وَالِاحْتِيَاطِ، فَالْأَفْضَلُ أَنْ يَتَيَمَّمَ بَعْدَ الْوُضُوءِ تَتَارْخَانِيَّةٌ (قَوْلُهُ وَتَوَضَّأَ) عَطْفٌ عَلَى أَرَاقَ (قَوْلُهُ أَحْوَطُ) لِأَنَّ التَّحَرِّيَ مُجَرَّدُ ظَنٍّ يَحْتَمِلُ الْخَطَأَ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ (قَوْلُهُ وَفِي الْجَوْهَرَةِ إلَخْ) كَلَامُ الْجَوْهَرَةِ فِيمَا إذَا غَلَبَ عَلَى رَأْيِهِ كَذِبُهُ فَلَمْ يَزِدْ عَلَى مَا فِي الْمَتْنِ شَيْئًا فَافْهَمْ.

(قَوْلُهُ وَأَمَّا الْكَافِرُ) وَمِثْلُهُ الصَّبِيُّ وَالْمَعْتُوهُ كَمَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة (قَوْلُهُ فَإِرَاقَتُهُ أَحَبُّ) فَهُوَ كَالْفَاسِقِ وَالْمَسْتُورِ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ قَالَ فِي الْخَانِيَّةِ: وَلَوْ تَوَضَّأَ بِهِ وَصَلَّى جَازَتْ صَلَاتُهُ (قَوْلُهُ قُلْت لَكِنْ إلَخْ) هَذَا تَوْفِيقٌ مِنْهُ بَيْنَ الْعِبَارَاتِ فَإِنَّ مُقْتَضَى مَا قَدَّمَهُ عَدَمُ الْفَرْقِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْفَاسِقِ كَمَا قُلْنَا، لَكِنْ وَقَعَ فِي التَّتَارْخَانِيَّة فَإِنْ أَخْبَرَهُ ذِمِّيٌّ أَوْ صَبِيٌّ وَغَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ صِدْقُهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ التَّيَمُّمُ، بَلْ يُسْتَحَبُّ فَإِنْ تَيَمَّمَ لَا يَجْزِيهِ مَا لَمْ يُرِقْ الْمَاءَ أَوَّلًا بِخِلَافِ مَا لَوْ أَخْبَرَهُ مَسْتُورٌ فَتَيَمَّمَ قَبْلَ الْإِرَاقَةِ، فَإِنَّهُ يَجْزِيهِ وَرَأَيْت بِخَطِّ الشَّارِحِ فِي هَامِشِ التَّتَارْخَانِيَّة عِنْدَ قَوْلِهِ بَلْ يُسْتَحَبُّ الظَّاهِرُ أَنَّهُ إنَّمَا يَتَيَمَّمُ بَعْدَ الْوُضُوءِ، حَتَّى يَفْقِدَ الْمَاءَ بِدَلِيلِ مَا بَعْدَهُ فَتَأَمَّلْ وَحِينَئِذٍ، فَقَدْ سَاوَى الْفَاسِقَ مِنْ هَذِهِ الْجِهَةِ وَإِنْ خَالَفَهُ مِنْ الْجِهَةِ الَّتِي ذَكَرَهَا تَأَمَّلْ وَرَاجِعْ فَإِنَّ عِبَارَةَ الْخَانِيَّةِ وَالْخُلَاصَةِ نَدْبُ الْإِرَاقَةِ مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ إلَّا أَنْ يُحْمَلَ عَلَى هَذَا فَلْيُحَرَّرْ اهـ مَا رَأَيْته بِخَطِّهِ. وَأَنْتَ تَرَاهُ قَدْ جَزَمَ فِي شَرْحِهِ بِمَا كَانَ مُتَرَدِّدًا فِيهِ ثُمَّ رَأَيْت فِي الذَّخِيرَةِ التَّصْرِيحَ فِي الْفَرْقِ بَيْنَ الذِّمِّيِّ وَالْفَاسِقِ مِنْ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا: هَذَا وَالثَّانِي: أَنَّهُ فِي الْفَاسِقِ يَجِبُ التَّحَرِّي وَفِي الذِّمِّيِّ يُسْتَحَبُّ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ خَبَرِ الْفَاسِقِ) أَيْ إذَا غَلَبَ عَلَى رَأْيِهِ صِدْقُهُ فِي النَّجَاسَةِ فَإِنَّهُ يَتَيَمَّمُ وَلَا يَتَوَضَّأُ بِهِ (قَوْلُهُ لِصَلَاحِيَّتِهِ إلَخْ) قَالَ فِي الْخَانِيَّةِ لِأَنَّ الْفَاسِقَ مِنْ أَهْلِ الشَّهَادَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>