للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَلَوْ أَخْبَرَ عَدْلٌ بِطَهَارَتِهِ وَعَدْلٌ بِنَجَاسَتِهِ حُكِمَ بِطَهَارَتِهِ بِخِلَافِ الذَّبِيحَةِ وَتُعْتَبَرُ الْغَلَبَةُ فِي أَوَانٍ طَاهِرَةٍ وَنَجِسَةٍ وَذَكِيَّةٍ وَمَيْتَةٍ، فَإِنْ الْأَغْلَبُ طَاهِرًا تَحَرَّى وَبِالْعَكْسِ وَالسَّوَاءُ لَا إلَّا لِعَطَشٍ وَفِي الثِّيَابِ يَتَحَرَّى مُطْلَقًا

(دُعِيَ إلَى وَلِيمَةٍ

ــ

[رد المحتار]

عَلَى الْمُسْلِمِ وَأَمَّا الْكَافِرُ فَلَا اهـ أَيْ فَإِنَّ الْفَاسِقَ إذَا قَبِلَ الْقَاضِي شَهَادَتَهُ عَلَى الْمُسْلِمِ نَفَذَ قَضَاؤُهُ وَإِنْ أَثِمَ.

(قَوْلُهُ وَلَوْ أَخْبَرَ عَدْلٌ بِطَهَارَتِهِ إلَخْ) أَقُولُ: ذَكَرَ شُرَّاحُ الْهِدَايَةِ عَنْ كِفَايَةِ الْمُنْتَهَى لِصَاحِبِ الْهِدَايَةِ: رَجُلٌ دَخَلَ عَلَى قَوْمٍ يَأْكُلُونَ وَيَشْرَبُونَ فَدَعَوْهُ إلَيْهِمْ فَقَالَ لَهُ مُسْلِمٌ عَدْلٌ: اللَّحْمُ ذَبِيحَةُ مَجُوسِيٍّ وَالشَّرَابُ خَالَطَهُ خَمْرٌ فَقَالُوا لَا بَلْ هُوَ حَلَالٌ، يَنْظُرُ فِي حَالِهِمْ فَإِنْ عُدُولًا أَخَذَ بِقَوْلِهِمْ وَإِنْ مُتَّهَمِينَ لَا يَتَنَاوَلُ شَيْئًا، وَلَوْ فِيهِمْ ثِقَتَانِ أَخَذَ بِقَوْلِهِمَا أَوْ وَاحِدٌ عَمِلَ بِأَكْبَرَ رَأْيِهِ فَإِنْ لَا رَأْيٌ وَاسْتَوَى الْحَالَانِ عِنْدَهُ فَلَا بَأْسَ أَنْ يَأْكُلَ وَيَشْرَبَ وَيَتَوَضَّأَ، فَإِنْ أَخْبَرَهُ بِأَحَدِ الْأَمْرَيْنِ مَمْلُوكَانِ ثِقَتَانِ أَخَذَ بِقَوْلِهِمَا لِاسْتِوَاءِ الْحُرِّ وَالْعَبْدِ فِي الْخَبَرِ الدِّينِيِّ، وَتَرَجَّحَ الْمُثَنَّى وَلَوْ أَخْبَرَهُ بِأَحَدِهِمَا عَبْدٌ ثِقَةٌ وَبِالْآخَرِ حُرٌّ تَحَرَّى لِلْمُعَارِضَةِ، وَإِنْ أَخْبَرَهُ بِأَحَدِهِمَا حُرَّانِ ثِقَتَانِ وَبِالْآخَرِ مَمْلُوكَانِ ثِقَتَانِ أَخَذَ بِقَوْلِ الْحُرَّيْنِ، لِأَنَّ قَوْلَهُمَا حُجَّةٌ فِي الدِّيَانَةِ وَالْحُكْمِ جَمِيعًا فَتَرَجَّحَا وَإِنْ أَخْبَرَهُ بِأَحَدِهِمَا ثَلَاثَةُ عَبِيدٍ ثِقَاتٌ وَبِالْآخَرِ مَمْلُوكَانِ ثِقَتَانِ أَخَذَ بِقَوْلِ الْعَبِيدِ، وَكَذَا إذَا أَخْبَرَ بِأَحَدِهِمَا رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ وَبِالْآخَرِ رَجُلَانِ أَخَذَ بِالْأَوَّلِ.

فَالْحَاصِلُ فِي جِنْسِ هَذِهِ الْمَسَائِلِ: أَنَّ خَبَرَ الْعَبْدِ وَالْحَرِّ فِي الْأَمْرِ الدِّينِيِّ عَلَى السَّوَاءِ بَعْدَ الِاسْتِوَاءِ فِي الْعَدَالَةِ فَيُرَجَّحُ أَوَّلًا بِالْعَدَدِ ثُمَّ بِكَوْنِهِ حُجَّةً فِي الْأَحْكَامِ بِالْجُمْلَةِ ثُمَّ بِالتَّحَرِّي اهـ وَمِثْلُهُ فِي الذَّخِيرَةِ وَغَيْرِهَا فَقَدْ اعْتَبَرُوا التَّحَرِّيَ بَعْدَ تَحَقُّقِ الْمُعَارَضَةِ بِالتَّسَاوِي بَيْنَ الْخَبَرَيْنِ بِلَا فَرْقٍ بَيْنَ الذَّبِيحَةِ وَالْمَاءِ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَتُعْتَبَرُ الْغَلَبَةُ إلَخْ)

أَقُولُ: حَاصِلُ مَا ذَكَرَهُ فِي الذَّخِيرَةِ الْبُرْهَانِيَّةِ أَنَّهُ فِي الْأَوَانِي إنْ غَلَبَ الطَّاهِرُ تَحَرَّى فِي حَالَتَيْ الِاضْطِرَارِ وَالِاخْتِيَارِ لِلشُّرْبِ وَالْوُضُوءِ، وَإِلَّا بِأَنْ غَلَبَ النَّجَسُ أَوْ تَسَاوَيَا فَفِي الِاخْتِيَارِ: لَا يَتَحَرَّى أَصْلًا وَفِي الِاضْطِرَارِ: يَتَحَرَّى لِلشُّرْبِ لَا الْوُضُوءِ وَفِي الذَّكِيَّةِ وَالْمَيْتَةِ يَتَحَرَّى فِي الِاضْطِرَارِ مُطْلَقًا، وَفِي الِاخْتِيَارِ وَإِنْ غَلَبَتْ الْمَيْتَةُ أَوْ تَسَاوَيَا لَا يَتَحَرَّى، وَكَذَا فِي الثِّيَابِ يَتَحَرَّى فِي الِاضْطِرَارِ مُطْلَقًا وَفِي الِاخْتِيَارِ إنْ غَلَبَ الطَّاهِرُ وَإِلَّا لَا اهـ. وَحَاصِلُهُ: أَنَّهُ إنْ غَلَبَ الطَّاهِرُ تَحَرَّى فِي الْحَالَتَيْنِ فِي الْكُلِّ اعْتِبَارًا لِلْغَالِبِ، وَإِلَّا فَفِي حَالَةِ الِاخْتِيَارِ لَا يَتَحَرَّى فِي الْكُلِّ وَفِي الِاضْطِرَارِ يَتَحَرَّى فِي الْكُلِّ إلَّا فِي الْأَوَانِي لِلْوُضُوءِ إذْ لَهُ خَلَفٌ وَهُوَ التَّيَمُّمُ، بِخِلَافِ سَتْرِ الْعَوْرَةِ وَالْأَكْلِ وَالشُّرْبِ إذْ لَا خَلَفَ لَهُ. وَسَيَأْتِي مِثْلُهُ فِي مَسَائِلَ شَتَّى آخِرَ الْكِتَابِ، وَبِهِ يَظْهَرُ مَا فِي كَلَامِهِ مِنْ الْإِيجَازِ الْبَالِغِ حَدَّ الْإِلْغَازِ، فَلَوْ قَالَ فَإِنْ الْأَغْلَبُ طَاهِرًا تَحَرَّى مُطْلَقًا وَإِلَّا فَلَا إلَّا حَالَةَ الضَّرُورَةِ لِغَيْرِ وُضُوءٍ لَكَانَ أَخْصَرَ وَأَظْهَرَ فَتَدَبَّرْ نَعَمْ كَلَامُهُ هُنَا مُوَافِقٌ لِمَا قَدَّمَهُ قُبَيْلَ كِتَابِ الصَّلَاةِ تَبَعًا لِنُورِ الْإِيضَاحِ

(قَوْلُهُ دُعِيَ إلَى وَلِيمَةٍ) وَهِيَ طَعَامُ الْعُرْسِ وَقِيلَ الْوَلِيمَةُ اسْمٌ لِكُلِّ طَعَامٍ. وَفِي الْهِنْدِيَّةِ عَنْ التُّمُرْتَاشِيِّ: اُخْتُلِفَ فِي إجَابَةِ الدَّعْوَى قَالَ بَعْضُهُمْ: وَاجِبَةٌ لَا يَسَعُ تَرْكُهَا وَقَالَ الْعَامَّةُ: هِيَ سُنَّةٌ، وَالْأَفْضَلُ أَنْ يُجِيبَ إذَا كَانَتْ وَلِيمَةً وَإِلَّا فَهُوَ مُخَيَّرٌ وَالْإِجَابَةُ أَفْضَلُ، لِأَنَّ فِيهَا إدْخَالَ السُّرُورِ فِي قَلْبِ الْمُؤْمِنِ وَإِذَا أَجَابَ فَعَلَ مَا عَلَيْهِ أَكَلَ أَوْ لَا، وَالْأَفْضَلُ أَنْ يَأْكُلَ لَوْ غَيْرَ صَائِمٍ وَفِي الْبِنَايَةِ إجَابَةُ الدَّعْوَةِ سُنَّةٌ وَلِيمَةً أَوْ غَيْرَهَا، وَأَمَّا دَعْوَةٌ يَقْصِدُ بِهَا التَّطَاوُلَ أَوْ إنْشَاءَ الْحَمْدِ أَوْ مَا أَشْبَهَهُ فَلَا يَنْبَغِي إجَابَتُهَا لَا سِيَّمَا أَهْلُ الْعِلْمِ فَقَدْ قِيلَ مَا وَضَعَ أَحَدٌ يَدَهُ فِي قَصْعَةِ غَيْرِهِ إلَّا ذَلَّ لَهُ اهـ ط مُلَخَّصًا. وَفِي الِاخْتِيَارِ: وَلِيمَةُ الْعُرْسِ سُنَّةٌ قَدِيمَةٌ إنْ لَمْ يُجِبْهَا أَثِمَ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ لَمْ يُجِبْ الدَّعْوَةَ فَقَدْ عَصَى اللَّهَ وَرَسُولَهُ، فَإِنْ كَانَ صَائِمًا أَجَابَ وَدَعَا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ صَائِمًا أَكَلَ وَدَعَا، وَإِنْ لَمْ يَأْكُلْ وَلَمْ يُجِبْ أَثِمَ وَجَفَا» لِأَنَّهُ اسْتِهْزَاءٌ بِالْمُضِيفِ وَقَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «لَوْ دُعِيت إلَى كُرَاعٍ لَأَجَبْت» اهـ. وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهَا سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ، بِخِلَافِ غَيْرِهَا وَصَرَّحَ شُرَّاحُ الْهِدَايَةِ بِأَنَّهَا قَرِيبَةٌ مِنْ الْوَاجِبِ.

وَفِي التَّتَارْخَانِيَّة

<<  <  ج: ص:  >  >>