للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَثَمَّةَ لَعِبٌ أَوْ غِنَاءٌ قَعَدَ وَأَكَلَ) لَوْ الْمُنْكَرُ فِي الْمَنْزِلِ، فَلَوْ عَلَى الْمَائِدَةِ لَا يَنْبَغِي أَنْ يَقْعُدَ بَلْ يَخْرُجُ مُعْرِضًا لِقَوْلِهِ تَعَالَى: - {فَلا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ} [الأنعام: ٦٨]- (فَإِنْ قَدَرَ عَلَى الْمَنْعِ فَعَلَ وَإِلَّا) يَقْدِرُ (صَبَرَ إنْ لَمْ يَكُنْ مِمَّنْ يُقْتَدَى بِهِ فَإِنْ كَانَ) مُقْتَدًى (وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى الْمَنْعِ خَرَجَ وَلَمْ يَقْعُدْ) لِأَنَّ فِيهِ شَيْنَ الدِّينِ وَالْمَحْكِيُّ عَنْ الْإِمَامِ كَانَ قَبْلَ أَنْ يَصِيرَ مُقْتَدًى بِهِ (وَإِنْ عَلِمَ أَوَّلًا) بِاللَّعِبِ (لَا يَحْضُرُ أَصْلًا) سَوَاءٌ كَانَ مِمَّنْ يُقْتَدَى بِهِ أَوْ لَا لِأَنَّ حَقَّ الدَّعْوَةِ إنَّمَا يَلْزَمُهُ بَعْدَ الْحُضُورِ لَا قَبْلَهُ ابْنُ كَمَالٍ. وَفِي السِّرَاجِ وَدَلَّتْ الْمَسْأَلَةُ أَنَّ الْمَلَاهِيَ كُلَّهَا حَرَامٌ وَيُدْخَلُ عَلَيْهِمْ بِلَا إذْنِهِمْ لِإِنْكَارِ الْمُنْكَرِ قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ

ــ

[رد المحتار]

عَنْ الْيَنَابِيعِ: لَوْ دُعِيَ إلَى دَعْوَةٍ فَالْوَاجِبُ الْإِجَابَةُ إنْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ مَعْصِيَةٌ وَلَا بِدْعَةٌ وَالِامْتِنَاعُ أَسْلَمُ فِي زَمَانِنَا إلَّا إذَا عَلِمَ يَقِينًا أَنْ لَا بِدْعَةَ وَلَا مَعْصِيَةَ اهـ وَالظَّاهِرُ حَمْلُهُ عَلَى غَيْرِ الْوَلِيمَةِ لِمَا مَرَّ وَيَأْتِي تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَثَمَّةَ لَعِبٌ) بِكَسْرِ الْعَيْنِ وَسُكُونِهَا وَالْغِنَاءُ بِالْكَسْرِ مَمْدُودًا السَّمَاعُ وَمَقْصُورًا الْيَسَارُ (قَوْلُهُ لَا يَنْبَغِي أَنْ يَقْعُدَ) أَيْ يَجِبُ عَلَيْهِ قَالَ فِي الِاخْتِيَارِ لِأَنَّ اسْتِمَاعَ اللَّهْوِ حَرَامٌ وَالْإِجَابَةُ سُنَّةٌ وَالِامْتِنَاعَ عَنْ الْحَرَامِ أَوْلَى اهـ وَكَذَا إذَا كَانَ عَلَى الْمَائِدَةِ قَوْمٌ يَغْتَابُونَ لَا يَقْعُدُ فَالْغِيبَةُ أَشَدُّ مِنْ اللَّهْوِ وَاللَّعِبِ تَتَارْخَانِيَّةٌ (قَوْلُهُ وَلَوْ عَلَى الْمَائِدَةِ إلَخْ) كَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَذْكُرَهُ قُبَيْلَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ الْآتِي: وَإِنْ عَلِمَ كَمَا فَعَلَ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ، فَإِنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ فَإِنْ قَدَرَ إلَخْ فِيمَا لَوْ كَانَ الْمُنْكَرُ فِي الْمَنْزِلِ لَا عَلَى الْمَائِدَةِ فَفِي كَلَامِهِ إيهَامٌ لَا يَخْفَى (قَوْلُهُ بَعْدَ الذِّكْرَى) أَيْ تَذَكُّرِ النَّهْيِ ط.

(قَوْلُهُ فَعَلَ) أَيْ فَعَلَ الْمَنْعَ وُجُوبًا إزَالَةً لِلْمُنْكَرِ (قَوْلُهُ صَبَرَ) أَيْ مَعَ الْإِنْكَارِ بِقَلْبِهِ قَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ وَذَلِكَ أَضْعَفُ الْإِيمَانِ» اهـ أَيْ أَضْعَفُ أَحْوَالِهِ فِي ذَاتِهِ: أَيْ إنَّمَا يَكُونُ ذَلِكَ إذَا اشْتَدَّ ضَعْفُ الْإِيمَانِ، فَلَا يَجِدُ النَّاهِي أَعْوَانًا عَلَى إزَالَةِ الْمُنْكَرِ اهـ ط وَهَذَا لِأَنَّ إجَابَةَ الدَّعْوَةِ سُنَّةٌ فَلَا يَتْرُكُهَا لِمَا اُقْتُرِنَ بِهِ مِنْ الْبِدْعَةِ مِنْ غَيْرِهِ كَصَلَاةِ الْجِنَازَةِ وَاجِبَةُ الْإِقَامَةِ وَإِنْ حَضَرَتْهَا نِيَاحَةٌ هِدَايَةٌ، وَقَاسَهَا عَلَى الْوَاجِبِ لِأَنَّهَا قَرِيبَةٌ مِنْهُ لِوُرُودِ الْوَعِيدِ بِتَرْكِهَا كِفَايَةٌ (قَوْلُهُ وَالْمَحْكِيُّ عَنْ الْإِمَامِ) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ اُبْتُلِيت بِهَذَا مَرَّةً فَصَبَرْت هِدَايَةٌ.

(قَوْلُهُ وَإِنْ عَلِمَ أَوَّلًا) أَفَادَ أَنَّ مَا مَرَّ فِيمَا إذَا لَمْ يَعْلَمْ قَبْلَ حُضُورِهِ (قَوْلُهُ لَا يَحْضُرُ أَصْلًا) إلَّا إذَا عَلِمَ أَنَّهُمْ يَتْرُكُونَ ذَلِكَ احْتِرَامًا لَهُ فَعَلَيْهِ أَنْ يَذْهَبَ إتْقَانِيٌّ (قَوْلُهُ ابْنُ كَمَالٍ) لَمْ أَرَهُ فِيهِ نَعَمْ ذَكَرَهُ فِي الْهِدَايَةِ قَالَ ط وَفِيهِ نَظَرٌ وَالْأَوْضَحُ مَا فِي التَّبْيِينِ حَيْثُ قَالَ: لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ إجَابَةُ الدَّعْوَةِ إذَا كَانَ هُنَاكَ مُنْكَرٌ اهـ. قُلْت: لَكِنَّهُ لَا يُفِيدُ وَجْهُ الْفَرْقِ بَيْنَ مَا قَبْلَ الْحُضُورِ وَمَا بَعْدَهُ، وَسَاقَ بَعْدَ هَذَا فِي التَّبْيِينِ مَا رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ «أَنَّ عَلِيًّا - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: صَنَعْت طَعَامًا فَدَعَوْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَجَاءَ فَرَأَى فِي الْبَيْتِ تَصَاوِيرَ فَرَجَعَ» اهـ. قُلْت: مُفَادُ الْحَدِيثِ أَنَّهُ يَرْجِعُ وَلَوْ بَعْدَ الْحُضُورِ وَأَنَّهُ لَا تَلْزَمُ الْإِجَابَةُ مَعَ الْمُنْكَرِ أَصْلًا تَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ وَدَلَّتْ الْمَسْأَلَةُ إلَخْ) لِأَنَّ مُحَمَّدًا أَطْلَقَ اسْمَ اللَّعِبِ وَالْغِنَاءِ فَاللَّعِبُ وَهُوَ اللَّهْوُ حَرَامٌ بِالنَّصِّ قَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «لَهْوُ الْمُؤْمِنِ بَاطِلٌ إلَّا فِي ثَلَاثٍ: تَأْدِيبُهُ فَرَسَهُ» وَفِي رِوَايَةٍ «مُلَاعَبَتُهُ بِفَرَسِهِ وَرَمْيُهُ عَنْ قَوْسِهِ وَمُلَاعَبَتُهُ مَعَ أَهْلِهِ» كِفَايَةٌ وَكَذَا قَوْلُ الْإِمَامِ اُبْتُلِيت دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ حَرَامٌ إتْقَانِيٌّ، وَفِيهِ كَلَامٌ لِابْنِ الْكَمَالِ فِيهِ فَرَاجِعْهُ مُتَأَمِّلًا (قَوْلُهُ وَيَدْخُلُ عَلَيْهِمْ إلَخْ) لِأَنَّهُمْ أَسْقَطُوا حُرْمَتَهُمْ بِفِعْلِهِمْ الْمُنْكَرَ فَجَازَ هَتْكَهَا كَمَا لِلشُّهُودِ أَنْ يَنْظُرُوا إلَى عَوْرَةِ الزَّانِي حَيْثُ هَتَكَ حُرْمَةَ نَفْسِهِ وَتَمَامُهُ فِي الْمِنَحِ (قَوْلُهُ قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ إلَخْ) رَوَاهُ فِي السُّنَنِ مَرْفُوعًا إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِلَفْظِ: «إنَّ الْغِنَاءَ يُنْبِتُ النِّفَاقَ فِي الْقَلْبِ» " كَمَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ وَقِيلَ إنْ تَغَنَّى لِيَسْتَفِيدَ نَظْمَ الْقَوَافِي وَيَصِيرَ فَصِيحَ اللِّسَانِ لَا بَأْسَ بِهِ، وَقِيلَ: إنْ تَغَنَّى وَحْدَهُ لِنَفْسِهِ لِدَفْعِ الْوَحْشَةِ لَا بَأْسَ بِهِ وَبِهِ أَخَذَ السَّرَخْسِيُّ وَذَكَرَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ

<<  <  ج: ص:  >  >>