للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

تُكْرَهُ اهـ أَوْ لِتَغْلِيظِ الذَّنْبِ كَمَا فِي الِاخْتِيَارِ أَوْ لِلِاسْتِحْلَالِ كَمَا فِي النِّهَايَةِ. [فَائِدَةٌ]

وَمِنْ ذَلِكَ ضَرْبُ النَّوْبَةِ لِلتَّفَاخُرِ، فَلَوْ لِلتَّنْبِيهِ فَلَا بَأْسَ بِهِ كَمَا إذَا ضَرَبَ فِي ثَلَاثَةِ أَوْقَاتٍ لِتَذْكِيرِ ثَلَاثِ نَفَخَاتِ الصُّوَرِ لِمُنَاسِبَةٍ بَيْنَهُمَا فَبَعْدَ الْعَصْرِ لِلْإِشَارَةِ إلَى نَفْخَةِ الْفَزَعِ، وَبَعْدَ الْعِشَاءِ إلَى نَفْخَةِ الْمَوْتِ وَبَعْدَ نِصْفِ اللَّيْلِ إلَى نَفْخَةِ الْبَعْثِ وَتَمَامُهُ فِيمَا عَلَّقْته عَلَى الْمُلْتَقَى وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

ــ

[رد المحتار]

وَالْمِنَحِ بِالتَّثْنِيَةِ (قَوْلُهُ تُكْرَهُ) أَيْ تُكْرَهُ قِرَاءَتُهَا فَكَيْفَ التَّغَنِّي بِهَا. قَالَ فِي التَّتَارْخَانِيَّة: قِرَاءَةُ الْأَشْعَارِ إنْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا ذِكْرُ الْفِسْقِ وَالْغُلَامِ وَنَحْوِهِ لَا تُكْرَهُ.

وَفِي الظَّهِيرِيَّةِ: قِيلَ مَعْنَى الْكَرَاهَةِ فِي الشِّعْرِ أَنْ يَشْغَلَ الْإِنْسَانَ عَنْ الذِّكْرِ وَالْقِرَاءَةِ وَإِلَّا فَلَا بَأْسَ بِهِ اهـ.

وَقَالَ فِي تَبْيِينِ الْمَحَارِمِ: وَاعْلَمْ أَنَّ مَا كَانَ حَرَامًا مِنْ الشِّعْرِ مَا فِيهِ فُحْشٌ أَوْ هَجْوُ مُسْلِمٍ أَوْ كَذِبٌ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى أَوْ رَسُولِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوْ عَلَى الصَّحَابَةِ أَوْ تَزْكِيَةُ النَّفْسِ أَوْ الْكَذِبُ أَوْ التَّفَاخُرُ الْمَذْمُومُ، أَوْ الْقَدْحُ فِي الْأَنْسَابِ، وَكَذَا مَا فِيهِ وَصْفُ أَمْرَدَ أَوْ امْرَأَةٍ بِعَيْنِهَا إذَا كَانَا حَيَّيْنِ، فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ وَصْفُ امْرَأَةٍ مُعَيَّنَةٍ حَيَّةٍ وَلَا وَصْفُ أَمْرَدَ مُعَيَّنٍ حَيٍّ حَسَنِ الْوَجْهِ بَيْنَ يَدَيْ الرِّجَالِ وَلَا فِي نَفْسِهِ، وَأَمَّا وَصْفُ الْمَيِّتَةِ أَوْ غَيْرِ الْمُعَيَّنَةِ فَلَا بَأْسَ وَكَذَا الْحُكْمُ فِي الْأَمْرَدِ وَلَا وَصْفُ الْخَمْرِ الْمُهَيِّجِ إلَيْهَا وَالدِّيرِيَّاتِ وَالْحَانَاتِ وَالْهِجَاءِ وَلَوْ لِذِمِّيٍّ كَذَا فِي ابْنِ الْهُمَامِ وَالزَّيْلَعِيِّ. وَأَمَّا وَصْفُ الْخُدُودِ وَالْأَصْدَاغِ وَحُسْنِ الْقَدِّ وَالْقَامَةِ وَسَائِرِ أَوْصَافِ النِّسَاءِ وَالْمُرْدِ قَالَ بَعْضُهُمْ: فِيهِ نَظَرٌ، وَقَالَ فِي الْمَعَارِفِ: لَا يَلِيقُ بِأَهْلِ الدِّيَانَاتِ، وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَجُوزَ إنْشَادُهُ عِنْدَ مَنْ غَلَبَ عَلَيْهِ الْهَوَى وَالشَّهْوَةُ لِأَنَّهُ يُهَيِّجُهُ عَلَى إجَالَةِ فِكْرِهِ فِيمَنْ لَا يَحِلُّ، وَمَا كَانَ سَبَبًا لِمَحْظُورٍ فَهُوَ مَحْظُورٌ اهـ.

أَقُولُ: وَقَدَّمْنَا أَنَّ إنْشَادَهُ لِلِاسْتِشْهَادِ لَا يَضُرُّ وَمِثْلُهُ فِيمَا يَظْهَرُ إنْشَادُهُ أَوْ عَمَلُهُ لِتَشْبِيهَاتٍ بَلِيغَةٍ وَاسْتِعَارَاتٍ بَدِيعَةٍ (قَوْلُهُ أَوْ لِتَغْلِيظِ الذَّنْبِ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ أَيْ بِالنِّعْمَةِ يَعْنِي إنَّمَا أَطْلَقَ عَلَيْهِ لَفْظَ الْكُفْرِ تَغْلِيظًا اهـ ح (قَوْلُهُ وَمِنْ ذَلِكَ) أَيْ مِنْ الْمَلَاهِي ط (قَوْلُهُ ثَلَاثِ نَفَخَاتِ الصُّورِ) هِيَ طَرِيقَةٌ لِبَعْضِهِمْ، وَالْمَشْهُورُ أَنَّهُمَا نَفْخَتَانِ نَفْخَةُ الصَّعْقِ وَنَفْخَةُ الْبَعْثِ ط (قَوْلُهُ لِمُنَاسَبَةٍ بَيْنَهُمَا) أَيْ بَيْنَ النَّفَخَاتِ وَالضَّرْبِ فِي الثَّلَاثَةِ الْأَوْقَاتِ (قَوْلُهُ فَبَعْدَ الْعَصْرِ إلَخْ) بَيَانٌ لِلْمُنَاسَبَةِ فَإِنَّ النَّاسَ بَعْدَ الْعَصْرِ يَفْزَعُونَ مِنْ أَسْوَاقِهِمْ إلَى مَنَازِلِهِمْ، وَبَعْدَ الْعِشَاءِ وَقْتُ نَوْمِهِمْ وَهُوَ الْمَوْتُ الْأَصْغَرُ، وَبَعْدَ نِصْفِ اللَّيْلِ يَخْرُجُونَ مِنْ بُيُوتِهِمْ الَّتِي هِيَ كَقُبُورِهِمْ إلَى أَعْمَالِهِمْ. أَقُولُ: وَهَذَا يُفِيدُ أَنَّ آلَةَ اللَّهْوِ لَيْسَتْ مُحَرَّمَةً لِعَيْنِهَا، بَلْ لِقَصْدِ اللَّهْوِ مِنْهَا إمَّا مِنْ سَامِعِهَا أَوْ مِنْ الْمُشْتَغِلِ بِهَا وَبِهِ تُشْعِرُ الْإِضَافَةُ أَلَا تَرَى أَنَّ ضَرْبَ تِلْكَ الْآلَةِ بِعَيْنِهَا حَلَّ تَارَةً وَحَرُمَ أُخْرَى بِاخْتِلَافِ النِّيَّةِ بِسَمَاعِهَا وَالْأُمُورُ بِمَقَاصِدِهَا وَفِيهِ دَلِيلٌ لِسَادَاتِنَا الصُّوفِيَّةِ الَّذِينَ يَقْصِدُونَ أُمُورًا هُمْ أَعْلَمُ بِهَا، فَلَا يُبَادِرُ الْمُعْتَرِضُ بِالْإِنْكَارِ كَيْ لَا يُحَرِّمَ بَرَكَتَهُمْ، فَإِنَّهُمْ السَّادَةُ الْأَخْيَارُ أَمَدَّنَا اللَّهُ تَعَالَى بِإِمْدَادَاتِهِمْ، وَأَعَادَ عَلَيْنَا مِنْ صَالِحِ دَعَوَاتِهِمْ وَبَرَكَاتِهِمْ (قَوْلُهُ وَتَمَامُهُ فِيمَا عَلَّقْته عَلَى الْمُلْتَقَى) حَيْثُ قَالَ بَعْدَ عَزْوِهِ مَا مَرَّ إلَى الْمَلَاعِبِ لِلْإِمَامِ الْبَزْدَوِيِّ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ بُوقُ الْحَمَامِ يَجُوزُ كَضَرْبِ النَّوْبَةِ. وَعَنْ الْحَسَنِ لَا بَأْسَ بِالدُّفِّ فِي الْعُرْسِ لِيَشْتَهِرَ. وَفِي السِّرَاجِيَّةِ هَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ جَلَاجِلُ وَلَمْ يُضْرَبْ عَلَى هَيْئَةِ التَّطَرُّبِ اهـ.

أَقُولُ: وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ طَبْلُ الْمُسَحِّرِ فِي رَمَضَانَ لِإِيقَاظِ النَّائِمِينَ لِلسُّحُورِ كَبُوقِ الْحَمَامِ تَأَمَّلْ.

<<  <  ج: ص:  >  >>