بَيْنَ بَيْنَ وَظَاهِرُ الْمَذْهَبِ عَدَمُ جَمْعِ الْمُتَفَرِّقِ وَلَوْ فِي عِمَامَةٍ كَمَا بَسَطَ فِي الْقُنْيَةِ وَفِيهَا عِمَامَةٌ طَرَّزَهَا قَدْرَ أَرْبَعِ أَصَابِعَ مِنْ إبْرَيْسَمٍ مِنْ أَصَابِعِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَذَلِكَ قَيْسُ شِبْرِنَا يُرَخَّصُ فِيهِ (وَكَذَا الْمَنْسُوجُ بِذَهَبٍ إذَا كَانَ هَذَا الْمِقْدَارُ) أَرْبَعَ أَصَابِعَ (وَإِلَّا لَا) يَحِلُّ لِلرَّجُلِ زَيْلَعِيٌّ.
وَفِي الْمُجْتَبَى: الْعَلَمُ فِي الْعِمَامَةِ فِي مَوْضِعَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ يُجْمَعُ، وَقِيلَ لَا وَفِيهِ وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عِمَامَةٌ عَلَيْهَا عَلَمٌ مِنْ قَصَبِ فِضَّةٍ قَدْرَ ثَلَاثِ أَصَابِعَ لَا بَأْسَ وَمِنْ ذَهَبٍ يُكْرَهُ وَقِيلَ لَا يُكْرَهُ وَفِيهِ تُكْرَهُ الْجُبَّةُ الْمَكْفُوفَةُ بِالْحَرِيرِ.
ــ
[رد المحتار]
عَلَى الْعَادَةِ الْغَالِبَةِ فِي كُلِّ نَاحِيَةٍ، وَإِنْ جَاوَزَ أَرْبَعَ أَصَابِعَ فَالْمُرَادُ بِالْعَلَمِ عِنْدَنَا مَا يَشْمَلُهُمَا، فَيَدْخُلُ فِيهِ السِّجَافُ وَمَا يُحِيطُ عَلَى أَطْرَافِ الْأَكْمَامِ وَمَا يُجْعَلُ فِي طَوْقِ الْجُبَّةِ وَهُوَ الْمُسَمَّى قُبَّةً وَكَذَا الْعُرْوَةُ وَالزِّرُّ كَمَا سَيَأْتِي،. وَمِثْلُهُ فِيمَا يَظْهَرُ طُرَّةُ الطَّرْبُوشِ: أَيْ الْقَلَنْسُوَةُ مَا لَمْ تَزِدْ عَلَى عَرْضِ أَرْبَعِ أَصَابِعَ وَكَذَا بَيْتُ تِكَّةِ السَّرَاوِيلِ، وَمَا عَلَى أَكْتَافِ الْعَبَاءَةِ وَعَلَى ظَهْرِهَا وَإِزَارُ الْحَمَّامِ الْمُسَمَّى بِالشِّطْرَنْجِيِّ، وَمَا فِي أَطْرَافِ الشَّاشِ سَوَاءٌ كَانَ تَطْرِيزًا بِالْإِبْرَةِ أَوْ نَسْجًا وَمَا يُرَكَّبُ فِي أَطْرَافِ الْعِمَامَةِ الْمُسَمَّى صجقا فَجَمِيعُ ذَلِكَ لَا بَأْسَ بِهِ إذَا كَانَ عَرْضَ أَرْبَعِ أَصَابِعَ، وَإِنْ زَادَ عَلَى طُولِهَا بِنَاءً عَلَى مَا مَرَّ، وَمِثْلُهُ لَوْ رَقَعَ الثَّوْبَ بِقِطْعَةِ دِيبَاجٍ، بِخِلَافِ مَا لَوْ جَعَلَهَا حَشْوًا.
قَالَ فِي الْهِنْدِيَّةِ: وَلَوْ جَعَلَ الْقَزَّ حَشْوًا لِلْقَبَاءِ فَلَا بَأْسَ بِهِ لِأَنَّهُ تَبَعٌ، وَلَوْ جُعِلَتْ ظِهَارَتُهُ أَوْ بِطَانَتُهُ فَهُوَ مَكْرُوهٌ لِأَنَّ كِلَيْهِمَا مَقْصُودٌ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ، وَفِي شَرْحِ الْقُدُورِيِّ عَنْ أَبِي يُوسُفَ: أَكْرَهُ بَطَائِنَ الْقَلَانِسِ مِنْ إبْرَيْسَمَ اهـ وَعَلَيْهِ فَلَوْ كَانَتْ قُبَّةُ الْجُبَّةِ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِ أَصَابِعَ كَمَا هُوَ الْعَادَةُ فِي زَمَانِنَا فَخَيَّطَ فَوْقَهَا قِطْعَةَ كِرْبَاسٍ يَجُوزُ لُبْسُهَا لِأَنَّ الْحَرِيرَ صَارَ حَشْوًا تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَظَاهِرُ الْمَذْهَبِ عَدَمُ جَمْعِ الْمُتَفَرِّقِ) أَيْ إلَّا إذَا كَانَ خَطَّ مِنْهُ قَزًّا وَخَطَّ مِنْهُ غَيْرَهُ بِحَيْثُ يُرَى كُلُّهُ قَزًّا فَلَا يَجُوزُ كَمَا سَيَذْكُرُهُ عَنْ الْحَاوِي، وَمُقْتَضَاهُ حِلُّ الثَّوْبِ الْمَنْقُوشِ بِالْحَرِيرِ تَطْرِيزًا وَنَسْجًا إذَا لَمْ تَبْلُغْ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْ نُقُوشِهِ أَرْبَعَ أَصَابِعَ، وَإِنْ زَادَتْ بِالْجَمْعِ مَا لَمْ يُرَ كُلُّهُ حَرِيرًا تَأَمَّلْ. قَالَ ط: وَهَلْ حُكْمُ الْمُتَفَرِّقِ مِنْ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةُ كَذَلِكَ يُحَرَّرُ (قَوْلُهُ وَفِيهَا) أَيْ الْقُنْيَةِ وَقَدْ رَمَزَ فِيهَا بَعْدَ هَذَا النَّجْمِ الْأَئِمَّةُ الْمُعْتَبَرُ أَرْبَعُ أَصَابِعَ كَمَا هِيَ عَلَى هَيْئَتِهَا لَا أَصَابِعِ السَّلَفِ ثُمَّ رَمَزَ لِلْكَرْمَانِيِّ مَنْشُورَةً ثُمَّ رَمَزَ لِلْكَرَابِيسِيِّ التَّحَرُّزُ عَنْ مِقْدَارِ الْمَنْشُورَةِ أَوْلَى (قَوْلُهُ وَإِلَّا لَا يَحِلُّ لِلرَّجُلِ زَيْلَعِيٌّ) عِبَارَةُ الزَّيْلَعِيِّ مُطْلَقَةٌ عَنْ التَّقْيِيدِ بِالرَّجُلِ، وَاعْتُرِضَ بِأَنَّ هَذَا لَيْسَ مِنْ الْحُلِيِّ، فَالظَّاهِرُ أَنَّ حُكْمَ النِّسَاءِ فِيهِ كَالرِّجَالِ. أَقُولُ: فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الْحُلِيَّ كَمَا فِي الْقَامُوسِ مَا يُتَزَيَّنُ بِهِ، وَلَا شَكَّ أَنَّ الثَّوْبَ الْمَنْسُوجَ بِالذَّهَبِ حُلِيٌّ. وَقَدَّمْنَاهُ عَنْ الْخَانِيَّةِ أَنَّ النِّسَاءَ فِيمَا سِوَى الْحُلِيِّ مِنْ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ وَالِادِّهَانِ مِنْ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْعُقُودِ بِمَنْزِلَةِ الرِّجَالِ؛ وَلَا بَأْسَ لَهُنَّ بِلُبْسِ الدِّيبَاجِ وَالْحَرِيرِ وَالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَاللُّؤْلُؤِ اهـ.
وَفِي الْهِدَايَةِ: وَيُكْرَهُ أَنْ يُلْبِسَ الذُّكُورُ مِنْ الصِّبْيَانِ الذَّهَبَ وَالْحَرِيرَ اهـ وَسَيَأْتِي وَفِي الْقُنْيَةِ لَا بَأْسَ بِالْعَلَمِ الْمَنْسُوجِ بِالذَّهَبِ لِلنِّسَاءِ فَأَمَّا لِلرِّجَالِ فَقَدْرُ أَرْبَعِ أَصَابِعَ وَمَا فَوْقَهُ يُكْرَهُ (قَوْلُهُ وَفِي الْمُجْتَبَى إلَخْ) قَدْ عَلِمْت أَنَّ الْقَوْلَ الثَّانِيَ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ وَهَذَا مُكَرَّرٌ مَعَ مَا مَرَّ مِنْ قَوْلِهِ وَلَوْ فِي عِمَامَةٍ (قَوْلُهُ وَفِيهِ) أَيْ فِي الْمُجْتَبَى وَكَذَا الضَّمَائِرُ بَعْدَهُ (قَوْلُهُ وَمِنْ ذَهَبٍ يُكْرَهُ) قَالَ فِي الْقُنْيَةِ كَأَنَّهُ اعْتَبَرَهُ بِالْخَاتَمِ اهـ وَفِيهَا وَكَذَا فِي الْقَلَنْسُوَةِ فِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ يَجُوزُ قَدْرُ أَرْبَعِ أَصَابِعَ وَفِي رِوَايَةٍ عَنْ مُحَمَّدٍ لَا يَجُوزُ كَمَا لَوْ كَانَتْ مِنْ حَرِيرٍ اهـ. قُلْت: وَيَأْتِي الْكَلَامُ فِي عَلَمِ الثَّوْبِ مِنْ الذَّهَبِ (قَوْلُهُ تُكْرَهُ الْجُبَّةُ الْمَكْفُوفَةُ بِالْحَرِيرِ) هَذَا غَيْرُ مَا عَلَيْهِ الْعَامَّةُ فَإِنَّهُ نَقَلَ فِي الْهِنْدِيَّةِ عَنْ الذَّخِيرَةِ: أَنَّ لُبْسَ الْمَكْفُوفِ بِالْحَرِيرِ مُطْلَقٌ عِنْدَ عَامَّةِ الْفُقَهَاءِ. وَفِي التَّبْيِينِ «عَنْ أَسْمَاءَ أَنَّهَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute