للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قُلْت: وَبِهَذَا ثَبَتَ كَرَاهَةُ مَا اعْتَادَهُ أَهْلُ زَمَانِنَا مِنْ الْقُمُصِ الْبَصْرِيَّةِ وَفِيهِ الْمُرَخَّصُ الْعَلَمُ فِي عَرْضِ الثَّوْبِ. قُلْت: وَمُفَادُهُ أَنَّ الْقَلِيلَ فِي طُولِهِ يُكْرَهُ اهـ قَالَ الْمُصَنِّفُ: وَبِهِ جَزَمَ مُنْلَا خُسْرو وَصَدْرُ الشَّرِيعَةِ لَكِنَّ إطْلَاقَ الْهِدَايَةِ وَغَيْرِهَا يُخَالِفُهُ. وَفِي السِّرَاجِ عَنْ السَّيْرِ الْكَبِيرِ: الْعَلَمُ حَلَالٌ مُطْلَقًا صَغِيرًا كَانَ أَوْ كَبِيرًا قَالَ الْمُصَنِّفُ: وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا مَرَّ مِنْ التَّقْيِيدِ بِأَرْبَعِ أَصَابِعَ وَفِيهِ رُخْصَةٌ عَظِيمَةٌ لِمَنْ اُبْتُلِيَ بِهِ فِي زَمَانِنَا اهـ. قُلْت: قَالَ شَيْخُنَا وَأَظُنُّ أَنَّهُ الرَّايَةُ وَمَا يُعْقَدُ عَلَى الرُّمْحِ فَإِنَّهُ حَلَالٌ وَلَوْ كَبِيرًا لِأَنَّهُ لَيْسَ بِلُبْسٍ وَبِهِ يَحْصُلُ التَّوْفِيقُ

(وَلَا بَأْسَ بِكِلَّةِ الدِّيبَاجِ) هُوَ مَا سَدَاه وَلُحْمَتُهُ إبْرَيْسَمَ شَرْحُ وَهْبَانِيَّةٍ (لِلرِّجَالِ) الْكِلَّةُ بِالْكَسْرِ الْبُشْخَانَةُ وَالنَّامُوسِيَّةُ لِأَنَّهُ لَيْسَ يُلْبَسُ وَنَظَمَهُ شَارِحُ الْوَهْبَانِيَّةِ فَقَالَ:

وَفِي كِلَّةِ الدِّيبَاجِ فَالنَّوْمُ جَائِزٌ ... وَفِي قُنْيَةٌ وَالْمُنْتَقَى ذَا مُسَطَّرُ

(وَتُكْرَهُ التِّكَّةُ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الدِّيبَاجِ هُوَ الصَّحِيحُ وَقِيلَ لَا بَأْسَ بِهَا

ــ

[رد المحتار]

أَخْرَجَتْ جُبَّةَ طَيَالِسَةٍ عَلَيْهَا لَبِنَةُ شِبْرٍ مِنْ دِيبَاجٍ كِسْرَوَانِيٍّ وَفَرْجَاهَا مَكْفُوفَانِ بِهِ فَقَالَتْ هَذِهِ جُبَّةُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَلْبَسُهَا وَكَانَتْ عِنْدَ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا - فَلَمَّا قُبِضَتْ عَائِشَةُ قَبَضْتُهَا إلَيَّ فَنَحْنُ نَغْسِلُهَا لِلْمَرِيضِ فَيَشْتَفِي بِهَا» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ وَلَمْ يَذْكُرْ لَفْظَةَ الشَّبْرِ اهـ ط.

وَفِي الْهِدَايَةِ وَعَنْهُ «- عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - أَنَّهُ كَانَ يَلْبَسُ جُبَّةً مَكْفُوفَةً بِالْحَرِيرِ» اهـ وَفِي الْقَامُوسِ: كَفَّ الثَّوْبَ كَفًّا خَاطَ حَاشِيَتَهُ وَهُوَ الْخِيَاطَةُ الثَّانِيَةُ بَعْدَ الشَّلِّ وَفِيهِ لَبِنَةُ الْقَمِيصِ نَبِيقَتُهُ (قَوْلُهُ قُلْت) الْقَائِلُ صَاحِبُ الْمُجْتَبَى، وَقَدْ عَلِمْت حُكْمَ الْمَبْنِيِّ عَلَيْهِ هَذَا الْقَوْلُ (قَوْلُهُ الْبَصْرِيَّةِ) الَّذِي رَأَيْته فِي الْمُجْتَبَى الْمَضْرَبَةِ مِنْ التَّضْرِيبِ (قَوْلُهُ قُلْت وَمُفَادُهُ) قَائِلُهُ صَاحِبُ الْمُجْتَبَى أَيْضًا (قَوْلُهُ وَبِهِ جَزَمَ) أَيْ بِالتَّقْيِيدِ بِالْعَرْضِ، وَكَذَا جَزَمَ بِهِ ابْنُ الْكَمَالِ وَالْقُهُسْتَانِيُّ وَنَقَلَهُ فِي التَّتَارْخَانِيَّة عَنْ جَامِعِ الْجَوَامِعِ (قَوْلُهُ لَكِنْ إطْلَاقُ الْهِدَايَةِ وَغَيْرِهَا يُخَالِفُهُ) أَيْ يُخَالِفُ التَّقْيِيدَ بِالْعَرْضِ، وَقَدْ يُقَالُ يُحْمَلُ الْمُطْلَقُ عَلَى الْمُقَيَّدِ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ فِي كُتُبِ الْأُصُولِ مِنْ أَنَّهُ يُحْمَلُ عَلَيْهِ عِنْدَ اتِّحَادِ الْحُكْمِ وَالْحَادِثَةِ عَلَى أَنَّ الْمُتُونَ كَثِيرًا مَا تُطْلِقُ الْمَسَائِلَ عَنْ بَعْضِ قُيُودِهَا تَأَمَّلْ وَلَكِنَّ إطْلَاقَ الْمُتُونِ مُوَافِقٌ لِإِطْلَاقِ الْأَدِلَّةِ، وَهُوَ أَرْفَقُ بِأَهْلِ هَذَا الزَّمَانِ لِئَلَّا يَقَعُوا فِي الْفِسْقِ وَالْعِصْيَانِ (قَوْلُهُ وَهُوَ مُخَالِفٌ إلَخْ) نَعَمْ هَذَا مُخَالِفٌ لِلْمُتُونِ صَرِيحًا فَتُقَدَّمُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ قُلْت إلَخْ) هَذَا بَعِيدٌ جِدًّا فَفِي التَّتَارْخَانِيَّة، وَأَمَّا لُبْسُ مَا عَلَمُهُ حَرِيرٌ أَوْ مَكْفُوفٌ فَمُطْلَقٌ عِنْدَ عَامَّةِ الْفُقَهَاءِ خِلَافًا لِبَعْضِ النَّاسِ وَعَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ لَا يَرَى بَأْسًا بِالْعَلَمِ فِي الثَّوْبِ قَدْرَ أَرْبَعِ أَصَابِعَ، وَذَكَرَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِالْعَلَمِ فِي الثَّوْبِ لِأَنَّهُ تَبَعٌ وَلَمْ يُقَدِّرْ اهـ.

فَكَلَامُهُمْ فِي الْعَلَمِ فِي الثَّوْبِ الْمَلْبُوسِ لَا الْعَلَمُ الَّذِي هُوَ الرَّايَةُ؛ وَإِلَّا لَمْ يَبْقَ مَعْنًى لِقَوْلِهِمْ فِي الثَّوْبِ، وَلَا لِلتَّعْلِيلِ بِالتَّبَعِيَّةِ. هَذَا: وَفِي التَّتَارْخَانِيَّة مَا نَصُّهُ: بَقِيَ الْكَلَامُ فِي النِّسَاءِ قَالَ عَامَّةُ الْعُلَمَاءِ: يَحِلُّ لَهُنَّ لُبْسُ الْحَرِيرِ الْخَالِصِ وَبَعْضُهُمْ قَالُوا: لَا يَحِلُّ، وَأَمَّا لُبْسُ مَا عَلَمُهُ حَرِيرٌ إلَى آخِرِ مَا قَدَّمْنَاهُ وَالْمُتَبَادِرُ مِنْ هَذِهِ الْعِبَارَةِ أَنَّ مَا ذُكِرَ مِنْ إطْلَاقِ الْعَلَمِ إنَّمَا هُوَ فِي حَقِّ النِّسَاءِ فَإِنْ ثَبَتَ هَذَا فَلَا إشْكَالَ وَالتَّوْفِيقُ بِهِ أَحْسَنُ وَإِلَّا فَهُمَا رِوَايَتَانِ

(قَوْلُهُ هُوَ مَا سَدَاه إلَخْ) السَّدَى بِالْفَتْحِ مَا مُدَّ مِنْ الثَّوْبِ وَاللُّحْمَةُ بِالضَّمِّ مَا تُدْخَلُ بَيْنَ السَّدَى وَالْإِبْرَيْسَمِ بِفَتْحِ السِّينِ وَضَمِّهَا الْحَرِيرُ (قَوْلُهُ الْكِلَّةُ بِالْكَسْرِ الْبُشْخَانَةُ وَالنَّامُوسِيَّةُ) كَذَا قَالَهُ ابْنُ الشِّحْنَةِ وَفِي الْقَامُوسِ: الْكِلَّةُ بِالْكَسْرِ السِّتْرُ الرَّقِيقُ وَغِشَاءٌ رَقِيقٌ يُتَوَقَّى بِهِ مِنْ الْبَعُوضِ

(قَوْلُهُ وَتُكْرَهُ التِّكَّةُ) بِالْكَسْرِ رِبَاطُ السَّرَاوِيلِ جَمْعُهَا تِكَكٌ قَامُوسٌ (قَوْلُهُ هُوَ الصَّحِيحُ) ذَكَرَهُ فِي الْقُنْيَةِ عَنْ شَرْحِ الْإِرْشَادِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>