(وَ) كُرِهَ (كُلُّ لَهْوٍ) لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «كُلُّ لَهْوِ الْمُسْلِمِ حَرَامٌ إلَّا ثَلَاثَةً مُلَاعَبَتَهُ أَهْلَهُ وَتَأْدِيبَهُ لِفَرَسِهِ وَمُنَاضَلَتَهُ بِقَوْسِهِ» .
(وَ) كُرِهَ (جَعْلُ الْغُلِّ) طَوْقٌ لَهُ رَايَةٌ (فِي عُنُقِ الْعَبْدِ) يُعْلَمُ بِإِبَاقِهِ وَفِي زَمَانِنَا لَا بَأْسَ بِهِ لِغَلَبَةِ الْإِبَاقِ خُصُوصًا فِي السُّودَانِ وَهُوَ الْمُخْتَارُ كَمَا فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ لِلْعَيْنِيِّ (بِخِلَافِ الْقَيْدِ) فَإِنَّهُ حَلَالٌ كَمَا مَرَّ.
(وَ) كُرِهَ (قَوْلُهُ فِي دُعَائِهِ بِمَقْعَدِ الْعِزِّ مِنْ عَرْشِك)
ــ
[رد المحتار]
عَلَيْهِ وَبِدُونِ هَذِهِ الْمَعَانِي لَا تَسْقُطُ عَدَالَتُهُ لِلِاخْتِلَافِ فِي حُرْمَتِهِ عَبْدُ الْبَرِّ عَنْ أَدَبِ الْقَاضِي.
[فَرْعٌ]
اللَّعِبُ بِالْأَرْبَعَةِ عَشَرَ حَرَامٌ وَهُوَ قِطْعَةٌ مِنْ خَشَبٍ يُحْفَرُ فِيهَا ثَلَاثَةُ أَسْطُرٍ وَيُجْعَلُ فِي تِلْكَ الْحُفَرِ حَصًى صِغَارٌ يُلْعَبُ بِهَا اهـ مِنَحٌ:
قُلْت: الظَّاهِرُ أَنَّهَا الْمُسَمَّاةُ الْآنَ بِالْمِنْقَلَةِ لَكِنَّهَا تُحْفَرُ سَطْرَيْنِ، كُلُّ سَطْرٍ سَبْعُ حُفَرٍ
(قَوْلُهُ وَكُرِهَ كُلُّ لَهْوٍ) أَيْ كُلُّ لَعِبٍ وَعَبَثٍ فَالثَّلَاثَةُ بِمَعْنًى وَاحِدٍ كَمَا فِي شَرْحِ التَّأْوِيلَاتِ وَالْإِطْلَاقُ شَامِلٌ لِنَفْسِ الْفِعْلِ، وَاسْتِمَاعُهُ كَالرَّقْصِ وَالسُّخْرِيَةِ وَالتَّصْفِيقِ وَضَرْبِ الْأَوْتَارِ مِنْ الطُّنْبُورِ وَالْبَرْبَطِ وَالرَّبَابِ وَالْقَانُونِ وَالْمِزْمَارِ وَالصَّنْجِ وَالْبُوقِ، فَإِنَّهَا كُلَّهَا مَكْرُوهَةٌ لِأَنَّهَا زِيُّ الْكُفَّارِ، وَاسْتِمَاعُ ضَرْبِ الدُّفِّ وَالْمِزْمَارِ وَغَيْرِ ذَلِكَ حَرَامٌ وَإِنْ سَمِعَ بَغْتَةً يَكُونُ مَعْذُورًا وَيَجِبُ أَنْ يَجْتَهِدَ أَنْ لَا يَسْمَعَ قُهُسْتَانِيٌّ (قَوْلُهُ وَمُنَاضَلَتَهُ بِقَوْسِهِ) قَالَ فِي مُخْتَصَرِ النُّقَايَةِ يُقَالُ: انْتَضَلَ الْقَوْمُ وَتَنَاضَلُوا أَيْ رَمَوْا لِلسَّبْقِ وَنَاضَلَهُ إذَا رَمَاهُ اهـ وَفِي الْجَوَاهِرِ قَدْ جَاءَ الْأَثَرُ فِي رُخْصَةِ الْمُسَارَعَةِ، لِتَحْصِيلِ الْقُدْرَةِ عَلَى الْمُقَاتَلَةِ دُونَ التَّلَهِّي فَإِنَّهُ مَكْرُوهٌ اهـ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُقَالُ مِثْلُ ذَلِكَ فِي تَأْدِيبِ الْفَرَسِ وَالْمُنَاضَلَةِ بِالْقَوْسِ ط.
(قَوْلُهُ وَكُرِهَ جَعْلُ الْغُلِّ) بِضَمِّ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ (قَوْلُهُ طَوْقٌ لَهُ رَايَةٌ) الرَّايَةُ بِالرَّاءِ الْمُهْمَلَةِ، وَالدَّالُ غَلَطٌ مِنْ الْكَاتِبِ غُلٌّ يُجْعَلُ فِي عُنُقِ الْعَبْدِ مِنْ الْحَدِيدِ عَلَامَةً عَلَى أَنَّهُ آبِقٌ إتْقَانِيٌّ وَفِي الْقُهُسْتَانِيِّ هُوَ طَوْقٌ مُسَمَّرٌ بِمِسْمَارٍ عَظِيمٍ يَمْنَعُهُ مِنْ تَحْرِيكِ رَأْسِهِ اهـ فَتَنَبَّهْ لَهُ (قَوْلُهُ يُعْلَمُ) بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَكَسْرِ ثَالِثِهِ مِنْ الْإِعْلَامِ وَضَمِيرُهُ لِلْغُلِّ وَهُوَ وَجْهُ تَسْمِيَتِهِ بِالرَّايَةِ
(قَوْلُهُ بِمَعْقِدِ الْعِزِّ) بِكَسْرِ الْقَافِ شَلَبِيٌّ قَالَ فِي الْمُغْرِبِ: مَعْقِدُ الْعِزِّ مَوْضِعُ عَقْدِهِ اهـ وَإِنَّمَا كُرِهَ لِأَنَّهُ يُوهِمُ تَعَلُّقَ عِزِّهِ بِالْعَرْشِ وَالْعَرْشُ حَادِثٌ، وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ يَكُونُ حَادِثًا ضَرُورَةً وَاَللَّهُ تَعَالَى مُتَعَالٍ عَنْ تَعَلُّقِ عِزِّهِ بِالْحَادِثِ سُبْحَانَهُ، بَلْ عِزُّهُ قَدِيمٌ لِأَنَّهُ صِفَتُهُ، وَجَمِيعُ صِفَاتِهِ قَدِيمَةٌ قَائِمَةٌ بِذَاتِهِ لَمْ يَزَلْ مَوْصُوفًا بِهَا فِي الْأَزَلِ، وَلَا يَزَالُ فِي الْأَبَدِ وَلَمْ يَزِدْ شَيْئًا مِنْ الْكَمَالِ لَمْ يَكُنْ فِي الْأَزَلِ بِحُدُوثِ الْعَرْشِ وَغَيْرِهِ زَيْلَعِيٌّ.
وَحَاصِلُهُ: أَنَّهُ يُوهِمُ تَعَلُّقَ عِزِّهِ تَعَالَى بِالْعَرْشِ تَعَلُّقًا خَاصًّا، وَهُوَ أَنْ يَكُونَ الْعَرْشُ مَبْدَأً وَمَنْشَأً لِعِزِّهِ تَعَالَى كَمَا تُوهِمُهُ كَلِمَةُ مِنْ فَإِنَّ جَمِيعَ مَعَانِيهَا تَرْجِعُ إلَى مَعْنَى ابْتِدَاءِ الْغَايَةِ، وَذَلِكَ الْمَعْنَى غَيْرُ مُتَصَوَّرٍ فِي صِفَةٍ مِنْ صِفَاتِهِ تَعَالَى فَإِنَّ مُؤَدَّاهُ أَنَّ صِفَةَ الْعِزِّ نَاشِئَةٌ مِنْ الْعَرْشِ الْحَادِثِ، فَتَكُونُ حَادِثَةً فَافْهَمْ وَبِهِ انْدَفَعَ مَا أُورِدَ أَنَّ حُدُوثَ تَعَلُّقِ الصِّفَةِ بِالْحَادِثِ لَا يُوجِبُ حُدُوثَهَا، لِعَدَمِ تَوَقُّفِهَا عَلَيْهِ كَتَعَلُّقِ الْقُدْرَةِ وَنَحْوِهَا بِالْمُحْدَثَاتِ كَمَا بَسَطَهُ الطُّورِيُّ وَوَجْهُ الِانْدِفَاعِ أَنَّ مُجَرَّدَ إيهَامِ الْمَعْنَى الْمُحَالِ كَافٍ فِي الْمَنْعِ عَنْ التَّلَفُّظِ بِهَذَا الْكَلَامِ، وَإِنْ احْتَمَلَ مَعْنًى صَحِيحًا وَلِذَا عَلَّلَ الْمَشَايِخُ بِقَوْلِهِمْ لِأَنَّهُ يُوهِمُ إلَخْ وَنَظِيرُهُ مَا قَالُوا فِي أَنَا مُؤْمِنٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ، فَإِنَّهُمْ كَرِهُوا ذَلِكَ، وَإِنْ قَصَدَ التَّبَرُّكَ دُونَ التَّعْلِيقِ لِمَا فِيهِ مِنْ الْإِيهَامِ كَمَا قَرَّرَهُ الْعَلَّامَةُ التَّفْتَازَانِيُّ فِي شَرْحِ الْعَقَائِدِ وَابْنُ الْهُمَامِ فِي الْمُسَايَرَةِ، وَعَلَى هَذَا يُمْنَعُ عَنْ هَذَا اللَّفْظِ، وَإِنْ أُرِيدَ بِالْعِزِّ عِزُّ الْعَرْشِ الَّذِي هُوَ صِفَةٌ لَهُ، لِأَنَّ الْمُتَبَادِرَ أَنَّ الْمُرَادَ عِزُّ اللَّهِ تَعَالَى فَيُشْكِلُ قَوْلُ الزَّيْلَعِيِّ، وَلَوْ جُعِلَ الْعِزُّ صِفَةً لِلْعَرْشِ كَانَ جَائِزًا لِأَنَّ الْعَرْشَ مَوْصُوفٌ فِي الْقُرْآنِ بِالْمَجْدِ وَالْكَرَمِ، فَكَذَا بِالْعِزِّ وَلَا يَشُكُّ أَحَدٌ أَنَّهُ مَوْضِعُ الْهَيْبَةِ وَإِظْهَارُ كَمَالِ الْقُدْرَةِ وَإِنْ كَانَ اللَّهُ تَعَالَى مُسْتَغْنِيًا عَنْهُ اهـ لَكِنْ أَقَرَّهُ فِي الدُّرَرِ وَالْمِنَحِ وَكَذَا الْمَقْدِسِيَّ وَقَالَ: وَعَلَيْهِ تَكُونُ مِنْ بَيَانِيَّةً أَيْ بِمَعْقِدِ الْعِزِّ الَّذِي هُوَ عَرْشُك، وَهَذَا وَجْهٌ وَجِيهٌ لِمَا اخْتَارَهُ