للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَمِثْلُهُ تَلَقِّي الْجَلَبِ (وَ) يَجِبُ أَنْ (يَأْمُرَهُ الْقَاضِي بِبَيْعِ مَا فَضَلَ عَنْ قُوتِهِ وَقُوتِ أَهْلِهِ فَإِنْ لَمْ يَبِعْ) بَلْ خَالَفَ أَمْرَ الْقَاضِي (عَزَّرَهُ) بِمَا يَرَاهُ رَادِعًا لَهُ (وَبَاعَ) الْقَاضِي (عَلَيْهِ) طَعَامَهُ (وِفَاقًا) عَلَى الصَّحِيحِ وَفِي السِّرَاجِ لَوْ خَافَ الْإِمَامُ عَلَى أَهْلِ بَلَدٍ الْهَلَاكَ أَخَذَ الطَّعَامَ مِنْ الْمُحْتَكِرِينَ وَفَرَّقَ عَلَيْهِمْ فَإِذَا وَجَدُوا سَعَةً رَدُّوا مِثْلَهُ وَهَذَا لَيْسَ بِحَجْرٍ بَلْ لِلضَّرُورَةِ وَمَنْ اُضْطُرَّ لِمَالِ غَيْرِهِ وَخَافَ الْهَلَاكَ تَنَاوَلَهُ بِلَا رِضَاهُ وَنَقَلَهُ الزَّيْلَعِيُّ عَنْ الِاخْتِيَارِ وَأَقَرَّهُ (وَلَا يَكُونُ مُحْتَكِرًا بِحَبْسِ غَلَّةِ أَرْضِهِ) بِلَا خِلَافٍ (وَمَجْلُوبِهِ مِنْ بَلَدٍ آخَرَ) خِلَافًا لِلثَّانِي وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ إنْ كَانَ يُجْلَبُ مِنْهُ عَادَةً كُرِهَ وَهُوَ الْمُخْتَارُ.

(وَلَا يُسَعِّرُ حَاكِمٌ) لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «لَا تُسَعِّرُوا فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمُسَعِّرُ الْقَابِضُ الْبَاسِطُ

ــ

[رد المحتار]

الْإِبْعَادُ عَنْ رَحْمَةِ اللَّهِ تَعَالَى، لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ إلَّا فِي حَقِّ الْكُفَّارِ إذْ الْعَبْدُ لَا يَخْرُجُ عَنْ الْإِيمَانِ بِارْتِكَابِ الْكَبِيرَةِ كَمَا فِي الْكَرْمَانِيِّ، وَأَقَرَّهُ الْقُهُسْتَانِيُّ دُرٌّ مُنْتَقًى (قَوْلُهُ وَمِثْلُهُ تَلَقِّي الْجَلَبِ) أَيْ فِي التَّفْصِيلِ بَيْنَ كَوْنِهِ يَضُرُّ أَهْلَ الْبَلَدِ أَوْ لَا يَضُرُّ: وَصُورَتُهُ كَمَا مِنْ مُنْلَا مِسْكِينٍ: أَنْ يَخْرُجَ مِنْ الْبَلَدِ إلَى الْقَافِلَةِ الَّتِي جَاءَتْ بِالطَّعَامِ، وَيَشْتَرِيَ مِنْهَا خَارِجَ الْبَلَدِ وَهُوَ يُرِيدُ حَبْسَهُ وَيَمْتَنِعَ عَنْ بَيْعِهِ وَلَمْ يَتْرُكْ حَتَّى تَدْخُلَ الْقَافِلَةُ الْبَلَدَ قَالُوا هَذَا إذَا لَمْ يُلَبِّسْ الْمُلْتَقِي سِعْرَ الْبَلَدِ عَلَى التُّجَّارِ، فَإِنْ لَبَّسَ فَهُوَ مَكْرُوهٌ فِي الْوَجْهَيْنِ هِدَايَةٌ (قَوْلُهُ يَأْمُرُ الْقَاضِي بِبَيْعِ مَا فَضَلَ إلَخْ) أَيْ إلَى زَمَنٍ يُعْتَبَرُ فِيهِ السَّعَةُ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ وَالتَّبْيِينِ شُرُنْبُلَالِيَّةٌ وَيَنْهَاهُ عَنْ الِاحْتِكَارِ وَيَعِظُهُ وَيَزْجُرُهُ عَنْهُ زَيْلَعِيٌّ (قَوْلُهُ فَإِنْ لَمْ يَبِعْ إلَخْ) قَالَ الزَّيْلَعِيُّ فَإِنْ رَفَعَ إلَيْهِ ثَانِيًا فَعَلَ بِهِ كَذَلِكَ وَهَدَّدَهُ فَإِنْ رَفَعَ إلَيْهِ ثَالِثًا حَبَسَهُ وَعَزَّرَهُ، وَمِثْلُهُ فِي الْقُهُسْتَانِيِّ وَكَذَا فِي الْكِفَايَةِ عَنْ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ فَتَنَبَّهْ.

(قَوْلُهُ وَبَاعَ الْقَاضِي عَلَيْهِ طَعَامَهُ) أَيْ إذَا امْتَنَعَ بَاعَهُ جَبْرًا عَلَيْهِ قَالَ فِي الْهِدَايَةِ: وَهَلْ يَبِيعُ الْقَاضِي عَلَى الْمُحْتَكِرِ طَعَامَهُ مِنْ غَيْرِ رِضَاهُ قِيلَ: هُوَ عَلَى اخْتِلَافٍ عُرِفَ فِي بَيْعِ مَالِ الْمَدْيُونِ، وَقِيلَ: يَبِيعُ بِالِاتِّفَاقِ لِأَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ يَرَى الْحَجْرَ لِدَفْعِ ضَرَرٍ عَامٍّ وَهَذَا كَذَلِكَ اهـ (قَوْلُهُ عَلَى الصَّحِيحِ) كَذَا نَقَلَهُ الْقُهُسْتَانِيُّ وَمِثْلُهُ فِي الْمِنَحِ (قَوْلُهُ وَفِي السِّرَاجِ إلَخْ) مِثْلُهُ فِي غَايَةِ الْبَيَانِ وَغَيْرِهَا، وَهَذَا بَيَانٌ لِلْعِلَّةِ الْأُخْرَى لِلْقَوْلِ الصَّحِيحِ غَيْرِ الَّتِي قَدَّمْنَاهَا عَنْ الْهِدَايَةِ بِنَاءً عَلَى قَوْلِ الْإِمَامِ بِعَدَمِ الْحَجْرِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ أَخَذَ الطَّعَامَ مِنْ الْمُحْتَكِرِينَ) أَيْ وَيُبْقِي لَهُمْ قُوتَهُمْ وَقُوتَ عِيَالِهِمْ كَمَا لَا يَخْفَى ط أَيْ كَمَا مَرَّ فِي أَمْرِهِ بِالْبَيْعِ (قَوْلُهُ وَلَا يَكُونُ مُحْتَكِرًا إلَخْ) لِأَنَّهُ خَالِصُ حَقِّهِ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ حَقُّ الْعَامَّةِ، أَلَا تَرَى أَنَّ لَهُ أَنْ لَا يَزْرَعَ فَكَذَا لَهُ أَنْ لَا يَبِيعَ هِدَايَةٌ قَالَ ط وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ لَا يَأْثَمُ إثْمَ الْمُحْتَكِرِ وَإِنْ أَثِمَ بِانْتِظَارِ الْغَلَاءِ أَوْ الْقَحْطِ لِنِيَّةِ السُّوءِ لِلْمُسْلِمِينَ اهـ وَهَلْ يُجْبَرُ عَلَى بَيْعِهِ الظَّاهِرُ نَعَمْ إنَّ اضْطَرَّ النَّاسُ إلَيْهِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَمَجْلُوبُهُ مِنْ بَلَدٍ آخَرَ) لِأَنَّ حَقَّ الْعَامَّةِ إنَّمَا يَتَعَلَّقُ بِمَا جُمِعَ فِي الْمِصْرِ وَجُلِبَ إلَى فِنَائِهَا هِدَايَةٌ قَالَ الْقُهُسْتَانِيُّ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَبِيعَهُ، فَإِنَّهُ لَا يَخْلُو عَنْ كَرَاهَةٍ كَمَا فِي التُّمُرْتَاشِيِّ.

(قَوْلُهُ خِلَافًا لِلثَّانِي) فَعِنْدَهُ يُكْرَهُ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ وَاعْتَرَضَهُ الْأَتْقَانِيُّ، بِأَنَّ الْفَقِيهَ جَعَلَهُ مُتَّفَقًا عَلَيْهِ، وَبِأَنَّ الْقُدُورِيَّ قَالَ فِي التَّقْرِيبِ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: إنْ جَلَبَهُ مِنْ نِصْفِ مِيلٍ، فَإِنَّهُ لَيْسَ بِحُكْرَةٍ، وَإِنْ اشْتَرَاهُ مِنْ رُسْتَاقٍ، وَاحْتَكَرَهُ حَيْثُ اشْتَرَاهُ فَهُوَ حُكْرَةٌ قَالَ فَعُلِمَ أَنَّ مَا جَلَبَهُ مِنْ مِصْرٍ آخَرَ لَيْسَ بِحُكْرَةٍ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ لَا يُثْبِتُ الْحُكْرَةَ فِيمَا جَلَبَهُ مِنْ نِصْفِ مِيلٍ فَكَيْفَ فِيمَا جَلَبَهُ مِنْ مِصْرٍ آخَرَ نَصَّ عَلَى هَذَا الْكَرْخِيُّ فِي مُخْتَصَرِهِ اهـ (قَوْلُهُ إنْ كَانَ يُجْلَبُ مِنْهُ عَادَةً) احْتِرَازًا عَمَّا إذَا كَانَ الْبَلَدُ بَعِيدًا لَمْ تَجْرِ الْعَادَةُ بِالْحَمْلِ مِنْهُ إلَى الْمِصْرِ، لِأَنَّهُ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ حَقُّ الْعَامَّةِ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ (قَوْلُهُ مُلْتَقًى) قَالَ فِي شَرْحِهِ تَبَعًا للشُّرُنبُلاليَّة: وَقَدْ أَخَّرَ فِي الْهِدَايَةِ قَوْلَ مُحَمَّدٍ بِدَلِيلِهِ اهـ أَيْ فَإِنَّ عَادَتَهُ تَأْخِيرُ دَلِيلَ مَا يَخْتَارُهُ.

(قَوْلُهُ وَلَا يُسَعِّرُ حَاكِمٌ) أَيْ يُكْرَهُ ذَلِكَ كَمَا فِي الْمُلْتَقَى وَغَيْرِهِ (قَوْلُهُ «لَا تُسَعِّرُوا» ) قَالَ شَيْخُ مَشَايِخِنَا الْعَلَّامَةُ إسْمَاعِيلُ الْجِرَاحِيُّ فِي الْأَحَادِيثِ

<<  <  ج: ص:  >  >>