للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْمُصَارَعَةُ لَيْسَتْ بِبِدْعَةٍ إلَّا لِلتَّلَهِّي فَتُكْرَهُ بُرْجُنْدِيٌّ، وَأَمَّا السِّبَاقُ بِلَا جُعْلٍ فَيَجُوزُ فِي كُلِّ شَيْءٍ كَمَا يَأْتِي وَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ: الْمُسَابَقَةُ بِالْأَقْدَامِ وَالطَّيْرِ وَالْبَقَرِ وَالسُّفُنِ وَالسِّبَاحَةِ وَالصَّوْلَجَانِ وَالْبُنْدُقِ وَرَمْيِ الْحَجَرِ وَإِشَالَتِهِ بِالْيَدِ وَالشِّبَاكِ وَالْوُقُوفِ عَلَى رَجُلٍ وَمَعْرِفَةِ مَا بِيَدِهِ مِنْ زَوْجٍ أَوْ فَرْدٍ وَاللَّعِبِ بِالْخَاتَمِ وَكَذَا يَحِلُّ كُلُّ لَعِبٍ خَطَرٍ لِحَاذِقٍ تَغْلِبُ سَلَامَتُهُ كَرَمْيٍ لِرَامٍ وَصَيْدٍ لِحَيَّةٍ وَيَحِلُّ التَّفَرُّجُ عَلَيْهِمْ حِينَئِذٍ وَحَدِيثُ «حَدِّثُوا عَنْ بَنِي إسْرَائِيلَ» يُفِيدُ حِلَّ

ــ

[رد المحتار]

لِوَاحِدٍ مُعَيَّنٍ مَعَهُ الصَّوَابُ لَا مَا يُفِيدُهُ عُمُومُ مِنْ وَإِلَّا كَانَ عَيَّنَ مَا بَعْدَهُ اهـ ح أَيْ بِأَنْ يَقُولَ: إنْ ظَهَرَ الصَّوَابُ مَعَك فَلَكَ كَذَا، أَوْ ظَهَرَ مَعِي فَلَا شَيْءَ لِي أَوْ بِالْعَكْسِ. أَمَّا لَوْ قَالَا: مَنْ ظَهَرَ مَعَهُ الصَّوَابُ مِنَّا فَلَهُ عَلَى صَاحِبِهِ كَذَا فَلَا يَصِحُّ، لِأَنَّهُ شَرْطٌ مِنْ الْجَانِبَيْنِ وَهُوَ قِمَارٌ إلَّا إذَا أَدْخَلَا مُحَلِّلًا بَيْنَهُمَا كَمَا يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِهِمْ، وَصَوَّرَهُ ط بِأَنْ تَكُونَ الْمَسْأَلَةُ ذَاتَ أَوْجُهٍ ثَلَاثَةٍ، وَجَعَلَا لِلثَّالِثِ جُعْلًا إنْ ظَهَرَ مَعَهُ الصَّوَابُ وَإِنْ كَانَ مَعَ أَحَدِهِمَا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ اهـ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَالْمُصَارَعَةُ لَيْسَتْ بِبِدْعَةٍ) فَقَدْ «صَرَعَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - جَمْعًا مِنْهُمْ ابْنَ الْأَسْوَدِ الْجُمَحِيَّ، وَمِنْهُمْ رُكَانَةَ فَإِنَّهُ صَرَعَهُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ مُتَوَالِيَاتٍ لِشَرْطِهِ أَنَّهُ إنْ صُرِعَ أَسْلَمَ» كَمَا فِي شَرْحِ الشَّمَائِلِ لِلْقَارِي، قَالَ الْجِرَاحِيُّ وَمُصَارَعَتُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - لِأَبِي جَهْلٍ لَا أَصْلَ لَهَا (قَوْلُهُ فَيَجُوزُ فِي كُلِّ شَيْءٍ) أَيْ مِمَّا يُعَلِّمُ الْفُرُوسِيَّةَ وَيُعِينُ عَلَى الْجِهَادِ بِلَا قَصْدِ التَّلَهِّي كَمَا يَظْهَرُ مِنْ كَلَامِ فُقَهَائِنَا مُسْتَدِلِّينَ بِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «لَا تَحْضُرُ الْمَلَائِكَةُ شَيْئًا مِنْ الْمَلَاهِي سِوَى النِّضَالِ» أَيْ الرَّمْيِ وَالْمُسَابَقَةِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ تَسْمِيَتَهُ لَهْوًا لِلْمُشَابَهَةِ الصُّورِيَّةِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ كَمَا يَأْتِي) أَيْ فِي مَسَائِلَ شَتَّى وَقَدَّمْنَا عِبَارَتَهُ (قَوْلُهُ بِالْأَقْدَامِ) مُتَعَلِّقٌ بِعَدَّ أَيْ جَعَلُوهَا بِالْأَقْدَامِ وَمَا عُطِفَ عَلَيْهِ قَالَ ط: وَلَا أَدْرِي وَجْهَ ذِكْرِ هَذِهِ الْعِبَارَةِ غَيْرَ أَنَّهَا أَوْهَمَتْ أَنَّ الْقَوَاعِدَ تَقْتَضِيهَا، وَلَيْسَ كَذَلِكَ، بَلْ قَوَاعِدُ الْمَذْهَبِ تَقْتَضِي أَنَّ غَالِبَ هَذِهِ مِنْ اللَّهْوِ الْمُحَرَّمِ كَالصَّوْلَجَانِ وَمَا بَعْدَهُ اهـ مُلَخَّصًا.

أَقُولُ: قَدَّمْنَا عَنْ الْقُهُسْتَانِيِّ جَوَازَ اللَّعِبِ بِالصَّوْلَجَانِ وَهُوَ الْكُرَةُ لِلْفُرُوسِيَّةِ وَفِي جَوَازِ الْمُسَابَقَةِ بِالطَّيْرِ عِنْدَنَا نَظَرٌ وَكَذَا فِي جَوَازِ مَعْرِفَةِ مَا فِي الْيَدِ وَاللَّعِبِ بِالْخَاتَمِ فَإِنَّهُ لَهْوٌ مُجَرَّدٌ وَأَمَّا الْمُسَابَقَةُ بِالْبَقَرِ وَالسُّفُنِ وَالسِّبَاحَةِ فَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ الْجَوَازُ وَرَمْيُ الْبُنْدُقِ وَالْحَجَرِ كَالرَّمْيِ بِالسَّهْمِ، وَأَمَّا إشَالَةُ الْحَجَرِ بِالْيَدِ وَمَا بَعْدَهُ، فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ إنْ قَصَدَ بِهِ التَّمَرُّنَ وَالتَّقَوِّي عَلَى الشَّجَاعَةِ لَا بَأْسَ بِهِ (قَوْلُهُ وَالْبُنْدُقُ) أَيْ الْمُتَّخَذُ مِنْ الطِّينِ ط وَمِثْلُهُ الْمُتَّخَذُ مِنْ الرَّصَاصِ (قَوْلُهُ وَإِشَالَتُهُ بِالْيَدِ) لِيُعْلَمَ الْأَقْوَى مِنْهُمَا ط (قَوْلُهُ وَالشِّبَاكُ) أَيْ الْمُشَابَكَةُ بِالْأَصَابِعِ مَعَ فَتْلِ كُلٍّ يَدَ صَاحِبِهِ لِيُعْلَمَ الْأَقْوَى كَذَا ظَهَرَ لِي (قَوْلُهُ وَمَعْرِفَةُ مَا بِيَدِهِ مِنْ زَوْجٍ أَوْ فَرْدٍ وَاللَّعِبُ بِالْخَاتَمِ) سَمِعْت مِنْ بَعْضِ فُقَهَاءِ الشَّافِعِيَّةِ أَنَّ جَوَازَ ذَلِكَ عِنْدَهُمْ إذَا كَانَ مَبْنِيًّا عَلَى قَوَاعِدَ حِسَابِيَّةٍ مِمَّا ذَكَرَهُ عُلَمَاءُ الْحِسَابِ فِي طَرِيقِ اسْتِخْرَاجِ ذَلِكَ بِخُصُوصِهِ لَا بِمُجَرَّدِ الْحَزْرِ وَالتَّخْمِينِ.

أَقُولُ: وَالظَّاهِرُ جَوَازُ ذَلِكَ حِينَئِذٍ عِنْدَنَا أَيْضًا إنْ قَصَدَ بِهِ التَّمَرُّنَ عَلَى مَعْرِفَةِ الْحِسَابِ، وَأَمَّا الشِّطْرَنْجُ فَإِنَّهُ وَإِنْ أَفَادَ عِلْمَ الْفُرُوسِيَّةِ لَكِنَّ حُرْمَتَهُ عِنْدَنَا بِالْحَدِيثِ، لِكَثْرَةِ غَوَائِلِهِ بِإِكْبَابِ صَاحِبِهِ عَلَيْهِ، فَلَا بَقِيَ نَفْعُهُ بِضَرَرِهِ كَمَا نَصُّوا عَلَيْهِ بِخِلَافِ مَا ذَكَرْنَا تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَحَدِيثُ «حَدِّثُوا عَنْ بَنِي إسْرَائِيلَ» ) تَمَامُهُ " وَلَا حَرَجَ " أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد وَفِي لَفْظٍ لِأَحْمَدَ بْنِ مَنِيعٍ عَنْ جَابِرٍ «حَدِّثُوا عَنْ بَنِي إسْرَائِيلَ فَإِنَّهُ كَانَ فِيهِمْ أَعَاجِيبُ» وَأَخْرَجَ النَّسَائِيّ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ «حَدِّثُوا عَنْ بَنِي إسْرَائِيلَ وَلَا حَرَجَ وَحَدِّثُوا عَنِّي وَلَا تَكْذِبُوا عَلَيَّ» " فَقَدْ فَرَّقَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - بَيْنَ الْحَدِيثِ عَنْهُ وَالْحَدِيثِ عَنْهُمْ، كَمَا نَقَلَهُ الْبَيْهَقِيُّ عَنْ الشَّافِعِيِّ

<<  <  ج: ص:  >  >>