للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سَاعَةً خَيْرٌ مِنْ إحْيَاءِ لَيْلَةٍ» وَلَهُ الْخُرُوجُ لِطَلَبِ الْعِلْمِ الشَّرْعِيِّ بِلَا إذْنِ وَالِدَيْهِ لَوْ مُلْتَحِيًا وَتَمَامُهُ فِي الدُّرَرِ (وَإِذَا كَانَ الرَّجُلُ يَصُومُ وَيُصَلِّي وَيَضُرُّ النَّاسَ بِيَدِهِ وَلِسَانِهِ فَذِكْرُهُ بِمَا فِيهِ لَيْسَ بِغِيبَةٍ حَتَّى لَوْ أَخْبَرَ السُّلْطَانَ بِذَلِكَ لِيَزْجُرَهُ لَا إثْمَ عَلَيْهِ) وَقَالُوا إنْ عَلِمَ أَنَّ أَبَاهُ يَقْدِرُ عَلَى مَنْعِهِ أَعْلَمَهُ وَلَوْ بِكِتَابَةٍ وَإِلَّا لَا كَيْ لَا تَقَعَ الْعَدَاوَةُ وَتَمَامُهُ فِي الدُّرَرِ.

(وَكَذَا) لَا إثْمَ عَلَيْهِ (لَوْ ذَكَرَ مَسَاوِئَ أَخِيهِ عَلَى وَجْهِ الِاهْتِمَامِ لَا يَكُونُ غِيبَةً إنَّمَا الْغِيبَةُ أَنْ يَذْكُرَ عَلَى وَجْهِ الْغَضَبِ يُرِيدُ السَّبَّ) وَلَوْ اغْتَابَ أَهْلَ قَرْيَةٍ فَلَيْسَ بِغِيبَةٍ لِأَنَّهُ لَا يُرِيدُ بِهِ كُلَّهُمْ بَلْ بَعْضَهُمْ وَهُوَ مَجْهُولٌ خَانِيَّةٌ فَتُبَاحُ غِيبَةُ مَجْهُولٍ

ــ

[رد المحتار]

تَعَالَى لَا طَلَبَ الْمَالِ وَالْجَاهِ وَلَوْ أَرَادَ الْخُرُوجَ مِنْ الْجَهْلِ وَمَنْفَعَةَ الْخَلْقِ وَإِحْيَاءَ الْعِلْمِ فَقِيلَ تَصِحُّ نِيَّتُهُ أَيْضًا، تَعَلَّمَ بَعْضَ الْقُرْآنِ وَوَجَدَ فَرَاغًا فَالْأَفْضَلُ الِاشْتِغَالُ بِالْفِقْهِ، لِأَنَّ حِفْظَ الْقُرْآنِ فَرْضُ كِفَايَةٍ، وَتَعَلُّمُ مَا لَا بُدَّ مِنْهُ مِنْ الْفِقْهِ فَرْضُ عَيْنٍ قَالَ فِي الْخِزَانَةِ وَجَمِيعُ الْفِقْهِ لَا بُدَّ مِنْهُ قَالَ فِي الْمَنَاقِبِ: عَمِلَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ مِائَتَيْ أَلْفِ مَسْأَلَةٍ فِي الْحَلَالِ وَالْحَرَامِ لَا بُدَّ لِلنَّاسِ مِنْ حِفْظِهَا وَانْظُرْ مَا قَدَّمْنَاهُ فِي مُقَدِّمَةِ الْكِتَابِ.

(قَوْلُهُ وَلَهُ الْخُرُوجُ إلَخْ) أَيْ إنْ لَمْ يَخَفْ عَلَى وَالِدَيْهِ الضَّيْعَةَ بِأَنْ كَانَا مُوسِرَيْنِ، وَلَمْ تَكُنْ نَفَقَتُهُمَا عَلَيْهِ. وَفِي الْخَانِيَّةِ: وَلَوْ أَرَادَ الْخُرُوجَ إلَى الْحَجِّ وَكَرِهَ ذَلِكَ قَالُوا إنْ اسْتَغْنَى الْأَبُ عَنْ خِدْمَتِهِ فَلَا بَأْسَ، وَإِلَّا فَلَا يَسَعُهُ الْخُرُوجُ، فَإِنْ احْتَاجَا إلَى النَّفَقَةِ وَلَا يَقْدِرُ أَنْ يُخَلِّفَ لَهُمَا نَفَقَةً كَامِلَةً أَوْ أَمْكَنَهُ إلَّا أَنَّ الْغَالِبَ عَلَى الطَّرِيقِ الْخَوْفُ فَلَا يَخْرُجُ، وَلَوْ الْغَالِبُ السَّلَامَةُ يَخْرُجُ. وَفِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ لَا يَخْرُجُ إلَى الْجِهَادِ إلَّا بِإِذْنِهِمَا وَلَوْ أَذِنَ أَحَدُهُمَا فَقَطْ لَا يَنْبَغِي لَهُ الْخُرُوجُ، لِأَنَّ مُرَاعَاةَ حَقِّهِمَا فَرْضُ عَيْنٍ وَالْجِهَادَ فَرْضُ كِفَايَةٍ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَبَوَانِ وَلَهُ جَدَّانِ وَجَدَّتَانِ فَأَذِنَ لَهُ أَبُو الْأَبِ وَأُمُّ الْأُمِّ دُونَ الْآخَرَيْنِ لَا بَأْسَ بِالْخُرُوجِ لِقِيَامِهِمَا مَقَامَ الْأَبَوَيْنِ، وَلَوْ أَذِنَ الْأَبَوَانِ لَا يُلْتَفَتُ إلَى غَيْرِهِمَا هَذَا فِي سَفَرِ الْجِهَادِ، فَلَوْ فِي سَفَرِ تِجَارَةٍ أَوْ حَجٍّ لَا بَأْسَ بِهِ بِلَا إذْنِ الْأَبَوَيْنِ إنْ اسْتَغْنَيَا عَنْ خِدْمَتِهِ إذْ لَيْسَ فِيهِ إبْطَالُ حَقِّهِمَا إلَّا إذَا كَانَ الطَّرِيقُ مَخُوفًا كَالْبَحْرِ فَلَا يَخْرُجُ إلَّا بِإِذْنِهِمَا وَإِنْ اسْتَغْنَيَا عَنْ خِدْمَتِهِ وَلَوْ خَرَجَ الْمُتَعَلِّمُ وَضَيَّعَ عِيَالَهُ يُرَاعَى حَقُّ الْعِيَالِ اهـ (قَوْلُهُ لَوْ مُلْتَحِيًا) أَفَادَ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْأَمْرَدِ فِي كَلَامِ الدُّرَرِ الْآتِي خِلَافُ الْمُلْتَحِي إذْ لَوْ كَانَ مَعْذُورًا يُخْشَى عَلَيْهِ الْفِتْنَةُ فَإِنَّ بَعْضَ الْفَسَقَةِ يُقَدِّمُهُ عَلَى الْأَمْرَدِ (قَوْلُهُ وَتَمَامُهُ فِي الدُّرَرِ) قَالَ فِيهَا وَإِنْ كَانَ أَمْرَدَ فَلِأَبِيهِ أَنْ يَمْنَعَهُ وَمُرَادُهُمْ بِالْعِلْمِ الْعِلْمُ الشَّرْعِيُّ، وَمَا يُنْتَفَعُ بِهِ فِيهِ دُونَ عِلْمِ الْكَلَامِ وَأَمْثَالِهِ لِمَا رُوِيَ عَنْ الْإِمَامِ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّهُ قَالَ لَأَنْ يَلْقَى اللَّهَ عَبْدٌ بِأَكْبَرِ الْكَبَائِرِ خَيْرٌ مِنْ أَنْ يَلْقَاهُ بِعِلْمِ الْكَلَامِ فَإِذَا كَانَ حَالُ الْكَلَامِ الْمُتَدَاوَلِ بَيْنَهُمْ فِي زَمَانِهِمْ هَكَذَا، فَمَا ظَنُّك بِالْكَلَامِ الْمَخْلُوطِ بِهَذَيَانِ الْفَلَاسِفَةِ الْمَغْمُورِ بَيْنَ أَبَاطِيلِهِمْ الْمُزَخْرَفَةِ اهـ (قَوْلُهُ فَذِكْرُهُ بِمَا فِيهِ لَيْسَ بِغِيبَةٍ) أَيْ لِيَحْذَرَهُ النَّاسُ وَلَا يَغْتَرُّوا بِصَوْمِهِ وَصَلَاتِهِ فَقَدْ أَخْرَجَ الطَّبَرَانِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ وَالتِّرْمِذِيُّ «أَتَوَرَّعُونَ فِي الْغِيبَةِ عَنْ ذِكْرِ الْفَاجِرِ اُذْكُرُوهُ بِمَا فِيهِ يَحْذَرْهُ النَّاسُ» " (قَوْلُهُ وَلَوْ بِكِتَابَةٍ) أَيْ إلَى الْأَبِ وَمِثْلُهُ السُّلْطَانُ، وَلَهُ أَنْ يَعْتَمِدَ عَلَيْهَا حَيْثُ كَانَ الْمُكَاتَبُ مَعْرُوفًا بِالْعَدَالَةِ كَمَا فِي كِفَايَةِ النَّهْرِ بَحْثًا.

وَفِيهِ لِلْقَاضِي تَعْزِيرُ الْمُتَّهَمِ وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ عَلَيْهِ، فَمَا يُكْتَبُ مِنْ الْمَحَاضِرِ فِي حَقِّ إنْسَانٍ يُعْمَلُ بِهِ فِي حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى اهـ وَمَرَّ فِي التَّعْزِيرِ (قَوْلُهُ وَتَمَامُهُ فِي الدُّرَرِ) أَيْ مِنْ الْخَانِيَّةِ وَنَصُّ عِبَارَةِ الْخَانِيَّةِ وَكَذَلِكَ فِيمَا بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ وَبَيْنَ السُّلْطَانِ وَالرَّعِيَّةِ وَالْحَشَمِ إنَّمَا يَجِبُ الْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ إذَا عَلِمَ أَنَّهُمْ يَمْتَنِعُونَ (قَوْلُهُ لَا إثْمَ عَلَيْهِ) الْأَوْلَى حَذْفُهُ أَوْ زِيَادَةُ وَلَوْ الْعَطْفُ قَبْلَ قَوْلِهِ: لَا يَكُونُ غِيبَةً لِيَرْتَبِطَ الْمَتْنُ مَعَ الشَّرْحِ

(قَوْلُهُ لَا يَكُونُ غِيبَةً) لِأَنَّهُ لَوْ بَلَغَهُ لَا يَكْرَهُهُ لِأَنَّهُ مُهْتَمٌّ لَهُ مُتَحَزِّنٌ وَمُتَحَسِّرٌ عَلَيْهِ، لَكِنْ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ صَادِقًا فِي اهْتِمَامِهِ وَإِلَّا كَانَ مُغْتَابًا مُنَافِقًا مُرَائِيًا مُزَكِّيًا لِنَفْسِهِ، لِأَنَّهُ شَتَمَ أَخَاهُ الْمُسْلِمَ وَأَظْهَرَ خِلَافَ مَا أَخْفَى وَأَشْعَرَ النَّاسَ أَنَّهُ يَكْرَهُ هَذَا الْأَمْرَ لِنَفْسِهِ وَغَيْرِهِ، وَأَنَّهُ مِنْ أَهْلِ الصَّلَاحِ حَيْثُ لَمْ يَأْتِ بِصَرِيحِ الْغِيبَةِ، وَإِنَّمَا أَتَى بِهَا فِي مَعْرِضِ الِاهْتِمَامِ فَقَدْ جَمَعَ أَنْوَاعًا مِنْ الْقَبَائِحِ نَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى الْعِصْمَةَ.

(قَوْلُهُ فَلَيْسَ بِغِيبَةٍ) قَالَ فِي الْمُخْتَارِ وَلَا غِيبَةَ إلَّا لِمَعْلُومِينَ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ لَا يُرِيدُ بِهِ كُلَّهُمْ) مَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَوْ أَرَادَ ذَلِكَ كَانَ غِيبَةً تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ فَتُبَاحُ غِيبَةُ مَجْهُولٍ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ الْغِيبَةَ حَرَامٌ بِنَصِّ الْكِتَابِ الْعَزِيزِ وَشَبَّهَ الْمُغْتَابَ بِآكِلِ لَحْمِ أَخِيهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>