وَتَمَامُهُ فِي الدُّرَرِ.
(وَيُسَلِّمُ) الْمُسْلِمُ (عَلَى أَهْلِ الذِّمَّةِ) لَوْ لَهُ حَاجَةٌ إلَيْهِ وَإِلَّا كُرِهَ هُوَ الصَّحِيحُ كَمَا كُرِهَ لِلْمُسْلِمِ مُصَافَحَةُ الذِّمِّيِّ كَذَا فِي نُسَخِ الشَّارِحِ وَأَكْثَرِ الْمُتُونِ بِلَفْظِ وَيُسَلِّمُ فَأَوَّلْتهَا هَكَذَا وَلَكِنْ بَعْضُ نُسَخِ الْمَتْنِ. وَلَا يُسَلِّمُ وَهُوَ الْأَحْسَنُ الْأَسْلَمُ فَافْهَمْ وَفِي شَرْحِ الْبُخَارِيِّ لِلْعَيْنِيِّ فِي حَدِيثِ «أَيُّ الْإِسْلَامِ خَيْرٌ؟ قَالَ: تُطْعِمَ الطَّعَامَ وَتَقْرَأَ السَّلَامَ عَلَى مَنْ عَرَفْت وَمَنْ لَمْ تَعْرِفْ» قَالَ وَهَذَا التَّعْمِيمُ مَخْصُوصٌ بِالْمُسْلِمِينَ، فَلَا يُسَلِّمُ ابْتِدَاءً عَلَى كَافِرٍ لِحَدِيثِ «لَا تَبْدَءُوا الْيَهُودَ وَلَا النَّصَارَى بِالسَّلَامِ فَإِذَا لَقِيتُمْ أَحَدَهُمْ فِي طَرِيقٍ فَاضْطَرُّوهُ إلَى أَضْيَقِهِ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَكَذَا يَخُصُّ مِنْهُ الْفَاسِقَ بِدَلِيلٍ آخَرَ، وَأَمَّا مَنْ شَكَّ فِيهِ فَالْأَصْلُ فِيهِ الْبَقَاءُ عَلَى الْعُمُومِ حَتَّى يَثْبُتَ الْخُصُوصُ، وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ إنَّ الْحَدِيثَ الْمَذْكُورَ كَانَ فِي ابْتِدَاءِ السَّلَامِ
لِمَصْلَحَةِ
التَّأْلِيفِ ثُمَّ وَرَدَ النَّهْيُ اهـ فَلْيُحْفَظْ.
وَلَوْ سَلَّمَ يَهُودِيٌّ أَوْ نَصْرَانِيٌّ أَوْ مَجُوسِيٌّ عَلَى مُسْلِمٍ فَلَا بَأْسَ بِالرَّدِّ
ــ
[رد المحتار]
صَدَرَ الْحَدِيثُ فِي مَعْرِضِ الْحَثِّ عَلَى صِلَةِ الرَّحِمِ بِطَرِيقِ الْمُبَالَغَةِ، يَعْنِي لَوْ كَانَ شَيْءٌ يُبْسَطُ بِهِ الرِّزْقُ وَالْأَجَلُ لَكَانَ صِلَةُ الرَّحِمِ اهـ. وَالظَّاهِرُ الثَّالِثُ لِمَا فِي التَّنْبِيهِ عَنْ الضَّحَّاكِ بْنِ مُزَاحِمٍ فِي تَفْسِيرِ قَوْله تَعَالَى - {يَمْحُوا اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ} [الرعد: ٣٩]- قَالَ إنَّ الرَّجُلَ لَيَصِلُ رَحِمَهُ، وَقَدْ بَقِيَ مِنْ عُمُرِهِ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ فَيَزِيدُ اللَّهُ تَعَالَى فِي عُمُرِهِ إلَى ثَلَاثِينَ سَنَةً، وَإِنَّ الرَّجُلَ يَقْطَعُ الرَّحِمَ، وَقَدْ بَقِيَ مِنْ عُمُرِهِ ثَلَاثُونَ سَنَةً فَيَرُدُّ أَجَلَهُ إلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ (قَوْلُهُ وَتَمَامُهُ فِي الدُّرَرِ) قَالَ فِيهَا وَتَكُونُ كُلُّ قَبِيلَةٍ وَعَشِيرَةٍ يَدًا وَاحِدَةً فِي التَّنَاصُرِ وَالتَّظَاهُرِ عَلَى كُلِّ مَنْ سِوَاهُمْ فِي إظْهَارِ الْحَقِّ اهـ. وَتَمَامُهُ أَيْضًا فِي الشِّرْعَةِ وَتَبْيِينِ الْمَحَارِمِ
(قَوْلُهُ وَيُسَلِّمُ الْمُسْلِمُ عَلَى أَهْلِ الذِّمَّةِ إلَخْ) اُنْظُرْ هَلْ يَجُوزُ أَنْ يَأْتِيَ بِلَفْظِ الْجَمْعِ، لَوْ كَانَ الذِّمِّيُّ وَاحِدًا، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَأْتِي بِلَفْظِ الْمُفْرَدِ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي فِي الرَّدِّ تَأَمَّلْ.
لَكِنْ فِي الشِّرْعَةِ إذَا سَلَّمَ عَلَى أَهْلِ الذِّمَّةِ فَلْيَقُلْ: السَّلَامُ عَلَى مَنْ اتَّبَعَ الْهُدَى وَكَذَلِكَ يَكْتُبُ فِي الْكِتَابِ إلَيْهِمْ اهـ. وَفِي التَّتَارْخَانِيَّة قَالَ مُحَمَّدٌ: إذَا كَتَبْتَ إلَى يَهُودِيٍّ أَوْ نَصْرَانِيٍّ فِي حَاجَةٍ فَاكْتُبْ السَّلَامُ عَلَى مَنْ اتَّبَعَ الْهُدَى اهـ. (قَوْلُهُ لَوْ لَهُ حَاجَةٌ إلَيْهِ) أَيْ إلَى الذِّمِّيِّ الْمَفْهُومِ مِنْ الْمَقَامِ، قَالَ فِي التَّتَارْخَانِيَّة: لِأَنَّ النَّهْيَ عَنْ السَّلَامِ لِتَوْقِيرِهِ وَلَا تَوْقِيرَ إذَا كَانَ السَّلَامُ لِحَاجَةٍ (قَوْلُهُ هُوَ الصَّحِيحُ) مُقَابِلُهُ أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِهِ بِلَا تَفْصِيلٍ وَهُوَ مَا ذَكَرَهُ فِي الْخَانِيَّةِ عَنْ بَعْضِ الْمَشَايِخِ (قَوْلُهُ كَمَا كُرِهَ لِلْمُسْلِمِ مُصَافَحَةُ الذِّمِّيِّ) أَيْ بِلَا حَاجَةٍ لِمَا فِي الْقُنْيَةِ لَا بَأْسَ بِمُصَافَحَةِ الْمُسْلِمِ جَارَهُ النَّصْرَانِيَّ إذَا رَجَعَ بَعْدَ الْغِيبَةِ وَيَتَأَذَّى بِتَرْكِ الْمُصَافَحَةِ اهـ. تَأَمَّلْ وَهَلْ يُشَمِّتُهُ إذَا عَطَسَ وَحَمِدَ؟ قَالَ الْحَمَوِيُّ: الظَّاهِرُ لَا اهـ. لَكِنْ سَيَأْتِي أَنَّهُ يَقُولُ لَهُ يَهْدِيك اللَّهُ (قَوْلُهُ وَأَكْثَرِ الْمُتُونِ) بِالْجَرِّ عَطْفًا عَلَى الشَّرْحِ: أَيْ نُسَخِ أَكْثَرِ الْمُتُونِ أَيْ الْمُتُونِ الْمُجَرَّدَةِ عَنْ الشَّرْحِ وَجَمْعُهَا بِاعْتِبَارِ أَشْخَاصِهَا وَإِلَّا فَالْمُرَادُ مَتْنُ التَّنْوِيرِ لَا غَيْرُ (قَوْلُهُ بِلَفْظِ وَيُسَلِّمُ) وَهُوَ كَذَلِكَ بِخَطِّ الْمُصَنِّفِ مَتْنًا وَشَرْحًا رَمْلِيٌّ (قَوْلُهُ فَأَوَّلْتُهَا هَكَذَا) أَيْ بِالتَّقْيِيدِ بِالْحَاجَةِ لِيَكُونَ الْمَتْنُ مَاشِيًا عَلَى الصَّحِيحِ (قَوْلُهُ وَهُوَ الْأَحْسَنُ) لِأَنَّ الْحُكْمَ الْأَصْلِيَّ الْمَنْعُ وَالْجَوَازُ لِحَاجَةٍ عَارِضٌ وَقَوْلُهُ الْأَسْلَمُ لَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّهُ إذَا لَمْ يُسَلِّمْ مُطْلَقًا لَا يَقَعُ فِي مَحْذُورٍ بِخِلَافِ مَا إذَا سَلَّمَ مُطْلَقًا تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ أَيُّ الْإِسْلَامِ خَيْرٌ) أَيُّ خِصَالِ الْإِسْلَامِ ط (قَوْلُهُ تُطْعِمَ) بِتَأْوِيلِ أَنْ تُطْعِمَ وَيَأْتِي فِيهِ الْأَوْجُهُ الَّتِي ذَكَرَهَا النَّحْوِيُّونَ فِي: تَسْمَعَ بِالْمُعَيْدِيِّ خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَرَاهُ (قَوْلُهُ وَتَقْرَأَ) مِنْ الْقُرْآنِ لَا مِنْ الْإِقْرَاءِ ط (قَوْلُهُ لِحَدِيثِ لَا تَبْدَءُوا الْيَهُودَ وَلَا النَّصَّارِي بِالسَّلَامِ) يُوجَدُ فِي كَثِيرٍ مِنْ النُّسَخِ زِيَادَةُ: " «فَإِذَا لَقِيتُمْ أَحَدَهُمْ فِي طَرِيقِ فَاضْطَرُّوهُ إلَى أَضْيَقِهِ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ (قَوْلُهُ وَكَذَا يَخُصُّ مِنْهُ الْفَاسِقَ) أَيْ لَوْ مُعْلِنًا وَإِلَّا فَلَا يُكْرَهُ كَمَا سَيَذْكُرُهُ (قَوْلُهُ وَأَمَّا مَنْ شَكَّ فِيهِ) أَيْ هَلْ هُوَ مُسْلِمٌ أَوْ غَيْرُهُ وَأَمَّا الشَّكُّ بَيْنَ كَوْنِهِ فَاسِقًا أَوْ صَالِحًا فَلَا اعْتِبَارَ لَهُ بَلْ يَظُنُّ بِالْمُسْلِمِينَ خَيْرًا ط (قَوْلُهُ عَلَى الْعُمُومِ) أَيْ الْمَأْخُوذِ مِنْ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «سَلِّمْ عَلَى مَنْ عَرَفْتَ وَمَنْ لَمْ تَعْرِفْ» ط (قَوْلُهُ إنَّ الْحَدِيثَ) أَيْ الْأَوَّلَ الْمُفِيدَ عُمُومُهُ شُمُولَ الذِّمِّيِّ (قَوْلُهُ
لِمَصْلَحَةِ التَّأْلِيفِ
) أَيْ تَأْلِيفِ قُلُوبِ النَّاسِ وَاسْتِمَالَتِهِمْ بِاللِّسَانِ وَالْإِحْسَانِ إلَى الدُّخُولِ فِي الْإِسْلَامِ (قَوْلُهُ ثُمَّ وَرَدَ النَّهْيُ) أَيْ فِي الْحَدِيثِ الثَّانِي لَمَّا أَعَزّ اللَّهُ الْإِسْلَامَ (قَوْلُهُ فَلَا بَأْسَ بِالرَّدِّ) الْمُتَبَادَرُ مِنْهُ أَنَّ الْأَوْلَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute