للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قُلْت: وَفِي الْمُبْتَغَى وَيَسْقُطُ عَنْ الْبَاقِينَ بِرَدِّ صَبِيٍّ يَعْقِلُ لِأَنَّهُ مِنْ أَهْلِ إقَامَةِ الْفَرْضِ فِي الْجُمْلَةِ بِدَلِيلِ حِلِّ ذَبِيحَتِهِ وَقِيلَ لَا.

وَفِي الْمُجْتَبَى: وَيَسْقُطُ بِرَدِّ الْعَجُوزِ وَفِي رَدِّ الشَّابَّةِ وَالصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ قَوْلَانِ وَظَاهِرُ التَّاجِيَّةِ تَرْجِيحُ عَدَمِ السُّقُوطِ وَيُسَلِّمُ عَلَى الْوَاحِدِ بِلَفْظِ الْجَمَاعَةِ وَكَذَا الرَّدُّ وَلَا يَزِيدُ الرَّادُّ عَلَى وَبَرَكَاتُهُ.

وَرَدُّ السَّلَامِ وَتَشْمِيتُ الْعَاطِسِ عَلَى

ــ

[رد المحتار]

أَصَمَّ لَسَمِعَهُ اهـ. (قَوْلُهُ بِدَلِيلِ حِلِّ ذَبِيحَتِهِ) أَيْ مَعَ أَنَّ التَّسْمِيَةَ فِيهَا فَرْضٌ، وَقَدْ أَجْزَأَتْ مِنْهُ وَاخْتُلِفَ فِي التَّسْلِيمِ عَلَى الصِّبْيَانِ فَقِيلَ لَا يُسَلِّمُ وَقِيلَ: التَّسْلِيمُ أَفْضَلُ قَالَ الْفَقِيهُ وَبِهِ نَأْخُذُ تَتَارْخَانِيَّةٌ.

وَأَمَّا السَّلَامُ عَلَى الْمَرْأَةِ وَتَشْمِيتُهَا فَقَدْ مَرَّ الْكَلَامُ عَلَيْهِ فِي فَصْلِ النَّظَرِ وَالْمَسِّ (قَوْلُهُ بِلَفْظِ الْجَمَاعَةِ) لِأَنَّ مَعَ كُلِّ وَاحِدٍ حَافِظِينَ كِرَامًا كَاتِبِينَ فَكُلُّ وَاحِدٍ كَأَنَّهُ ثَلَاثَةٌ تَتَارْخَانِيَّةٌ (قَوْلُهُ وَلَا يَزِيدُ الرَّادُّ عَلَى وَبَرَكَاتُهُ) قَالَ فِي التَّتَارْخَانِيَّة: وَالْأَفْضَلُ لِلْمُسَلِّمِ أَنْ يَقُولَ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ وَالْمُجِيبُ كَذَلِكَ يَرُدُّ، وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُزَادَ عَلَى الْبَرَكَاتِ شَيْءٌ اهـ. وَيَأْتِي بِوَاوِ الْعَطْفِ فِي وَعَلَيْكُمْ، وَإِنْ حَذَفَهَا أَجْزَأَهُ وَإِنْ قَالَ الْمُبْتَدِئُ: سَلَامٌ عَلَيْكُمْ أَوْ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ، فَلِلْمُجِيبِ أَنْ يَقُولَ فِي الصُّورَتَيْنِ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ أَوْ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَلَكِنَّ الْأَلْفَ وَاللَّامَ أَوْلَى اهـ.

(قَوْلُهُ وَرَدُّ السَّلَامِ وَتَشْمِيتُ الْعَاطِسِ عَلَى الْفَوْرِ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ إذَا أَخَّرَهُ لِغَيْرِ عُذْرٍ كُرِهَ تَحْرِيمًا وَلَا يَرْتَفِعُ الْإِثْمُ بِالرَّدِّ بَلْ بِالتَّوْبَةِ ط وَفِي تَبْيِينِ الْمَحَارِمِ تَشْمِيتُ الْعَاطِسِ فَرْضٌ عَلَى الْكِفَايَةِ عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ سُنَّةٌ وَعِنْدَ بَعْضِ الظَّاهِرِيَّةِ فَرْضُ عَيْنٍ قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْعَاطِسَ وَيَكْرَهُ التَّثَاؤُبَ فَإِذَا عَطَسَ فَحَمِدَ اللَّهَ فَحَقٌّ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ سَمِعَهُ أَنْ يُشَمِّتَهُ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ التَّشْمِيتُ بِالشِّينِ الْمُعْجَمَةِ أَوْ بِالسِّينِ الْمُهْمَلَةِ هُوَ الدُّعَاءُ بِالْخَيْرِ وَالْبَرَكَةِ، وَإِنَّمَا يَسْتَحِقُّ الْعَاطِسُ التَّشْمِيتَ إذَا حَمِدَ اللَّهَ تَعَالَى، وَأَمَّا إذَا لَمْ يَحْمَدْ لَا يَسْتَحِقُّ الدُّعَاءَ، لِأَنَّ الْعُطَاسَ نِعْمَةٌ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى، فَمَنْ لَمْ يَحْمَدْ بَعْدَ عُطَاسِهِ لَمْ يَشْكُرْ نِعْمَةَ اللَّهِ تَعَالَى وَكُفْرَانُ النِّعْمَةِ لَا يَسْتَحِقُّ الدُّعَاءَ وَالْمَأْمُورُ بِهِ بَعْدَ الْعُطَاسِ أَنْ يَقُولَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ أَوْ يَقُولَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَقِيلَ الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى كُلِّ حَالٍ.

وَاخْتَلَفُوا فِي مَاذَا يَقُولُ الْمُشَمِّتُ فَقِيلَ يَقُولُ يَرْحَمُك اللَّهُ وَقِيلَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ تَعَالَى وَيَقُولُ لِلْمُشَمِّتِ: يَهْدِيك اللَّهُ، وَإِنْ كَانَ الْعَاطِسُ كَافِرًا فَحَمِدَ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ الْمُشَمِّتُ يَهْدِيك اللَّهُ، وَإِذَا تَكَرَّرَ الْعُطَاسُ قَالُوا يُشَمِّتُهُ ثَلَاثًا ثُمَّ يَسْكُتُ قَالَ قَاضِي خَانْ: فَإِنْ عَطَسَ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثٍ يَحْمَدُ اللَّهَ تَعَالَى فِي كُلِّ مَرَّةٍ، وَمَنْ كَانَ بِحَضْرَتِهِ يُشَمِّتُهُ فِي كُلِّ مَرَّةٍ فَحَسَنٌ أَيْضًا اهـ. وَيَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ الْعَاطِسُ لِلْمُشَمِّتِ: غَفَرَ اللَّهُ لِي وَلَكُمْ أَوْ يَقُولُ: يَهْدِيكُمْ اللَّهُ وَيُصْلِحُ بَالَكُمْ وَلَا يَقُولُ غَيْرَ ذَلِكَ.

وَيَنْبَغِي لِلْعَاطِسِ أَنْ يَرْفَعَ صَوْتَهُ بِالتَّحْمِيدِ، حَتَّى يُسْمِعَ مَنْ عِنْدَهُ فَيُشَمِّتَهُ، وَلَوْ شَمَّتَهُ بَعْضُ الْحَاضِرِينَ أَجْزَأَ عَنْهُمْ، وَالْأَفْضَلُ أَنْ يَقُولَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ لِظَاهِرِ الْحَدِيثِ، وَقِيلَ: إذَا عَطَسَ رَجُلٌ وَلَمْ يُسْمَعْ مِنْهُ تَحْمِيدٌ يَقُولُ مَنْ حَضَرَهُ يَرْحَمُك اللَّهِ إنْ كُنْتَ حَمِدْتَ اللَّهَ، وَإِذَا عَطَسَ مِنْ وَرَاءِ الْجِدَارِ، فَحَمِدَ اللَّهَ تَعَالَى يَجِبُ عَلَى كُلِّ مَنْ سَمِعَهُ التَّشْمِيتُ اهـ.

وَفِي فُصُولِ الْعَلَامِيِّ وَنُدِبَ لِلسَّامِعِ أَنْ يَسْبِقَ الْعَاطِسَ بِالْحَمْدُ لِلَّهِ لِحَدِيثِ «مَنْ سَبَقَ الْعَاطِسَ بِالْحَمْدُ لِلَّهِ أَمِنَ مِنْ الشَّوْصِ وَاللَّوْصِ وَالْعِلَّوْصِ» اهـ. وَهُوَ بِفَتْحِ أَوَّلِ الْأَوَّلَيْنِ وَكَسْرِ أَوَّلِ الثَّالِثِ الْمُهْمَلَةِ وَفَتْحِ لَامِهِ الْمُشَدَّدَةِ، وَسُكُونِ الْوَاوِ وَآخِرُ الْجَمِيعِ صَادٌ مُهْمَلَةٌ.

وَفِي الْأَوْسَطِ لِلطَّبَرَانِيِّ عَنْ عَلِيٍّ رَفَعَهُ «مَنْ عُطِسَ عِنْدَهُ فَسَبَقَ بِالْحَمْدُ لَمْ يَشْتَكِ خَاصِرَتَهُ» وَأَخْرَجَ ابْنُ عَسَاكِرَ «مَنْ سَبَقَ الْعَاطِسَ بِالْحَمْدُ وَقَاهُ اللَّهُ وَجَعَ الْخَاصِرَةِ وَلَمْ يَرَ فِي فِيهِ مَكْرُوهًا حَتَّى يَخْرُجَ مِنْ الدُّنْيَا» " وَنَظَمَ بَعْضُهُمْ الْحَدِيثَ الْأَوَّلَ فَقَالَ:

مَنْ يَبْتَدِي عَاطِسًا بِالْحَمْدُ يَأْمَنُ مِنْ ... شَوْصٍ وَلَوْصٍ وَعِلَّوْصٍ كَذَا وَرَدَا

عَنَيْت بِالشَّوْصِ دَاءَ الرَّأْسِ ثُمَّ بِمَا ... يَلِيهِ ذَا الْبَطْنِ وَالضِّرْسِ اتَّبِعْ رَشَدًا

<<  <  ج: ص:  >  >>