للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْفَوْرِ وَيَجِبُ رَدُّ جَوَابِ كِتَابِ التَّحِيَّةِ كَرَدِّ السَّلَامِ.

وَلَوْ قَالَ لِآخَرَ: أَقْرِئْ فُلَانًا السَّلَامَ يَجِبُ عَلَيْهِ ذَلِكَ، وَيُكْرَهُ السَّلَامُ عَلَى الْفَاسِقِ لَوْ مُعْلِنًا وَإِلَّا لَا كَمَا يُكْرَهُ عَلَى عَاجِزٍ عَنْ الرَّدِّ حَقِيقَةً كَآكِلٍ أَوْ شَرْعًا كَمُصَلٍّ وَقَارِئٍ وَلَوْ سَلَّمَ لَا يَسْتَحِقُّ الْجَوَابَ اهـ وَقَدَّمْنَا فِي بَابِ مَا يُفْسِدُ الصَّلَاةَ كَرَاهَتَهُ فِي نَيِّفٍ وَعِشْرِينَ مَوْضِعًا وَأَنَّهُ لَا يَجِبُ رَدُّ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ بِجَزْمِ الْمِيمِ

ــ

[رد المحتار]

وَفِي الْمُغْرِب الشَّوْصُ: وَجَعُ الضِّرْسِ، وَاللَّوْصُ: وَجَعُ الْأُذُنِ، وَالْعِلَّوْصُ اللَّوِيُّ وَهِيَ التُّخَمَةُ اهـ. قَالَ فِي الشِّرْعَةِ: وَيُنَكِّسُ رَأْسَهُ عِنْدَ الْعُطَاسِ، وَيُخَمِّرُ وَجْهَهُ وَيَخْفِضُ مِنْ صَوْتِهِ فَإِنَّ التَّصَرُّخَ بِالْعُطَاسِ حُمْقٌ وَفِي الْحَدِيثِ «الْعَطْسَةُ عِنْدَ الْحَدِيثِ شَاهِدُ عَدْلٍ» وَلَا يَقُولُ الْعَاطِسُ أَبٌ أَوْ أَشْهَبُ فَإِنَّهُ اسْمٌ لِلشَّيْطَانِ اهـ.

(قَوْلُهُ وَيَجِبُ رَدُّ جَوَابِ كِتَابِ التَّحِيَّةِ) لِأَنَّ الْكِتَابَ مِنْ الْغَائِبِ بِمَنْزِلَةِ الْخِطَابِ مِنْ الْحَاضِرِ مُجْتَبًى وَالنَّاسُ عَنْهُ غَافِلُونَ ط. أَقُولُ: الْمُتَبَادَرُ مِنْ هَذَا أَنَّ الْمُرَادَ رَدُّ سَلَامِ الْكِتَابِ لَا رَدُّ الْكِتَابُ. لَكِنْ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ لِلسُّيُوطِيِّ رَدُّ جَوَابِ الْكِتَابِ حَقٌّ كَرَدِّ السَّلَامِ قَالَ شَارِحُهُ الْمُنَاوِيُّ: أَيْ إذَا كَتَبَ لَك رَجُلٌ بِالسَّلَامِ فِي كِتَابٍ وَوَصَلَ إلَيْك وَجَبَ عَلَيْك الرَّدُّ بِاللَّفْظِ أَوْ بِالْمُرَاسَلَةِ وَبِهِ صَرَّحَ جَمْعُ شَافِعِيَّةٍ؛ وَهُوَ مَذْهَبُ ابْنِ عَبَّاسٍ وَقَالَ النَّوَوِيُّ: وَلَوْ أَتَاهُ شَخْصٌ بِسَلَامٍ مِنْ شَخْصٍ أَيْ فِي وَرَقَةٍ وَجَبَ الرَّدُّ فَوْرًا؛ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَرُدَّ عَلَى الْمُبَلِّغِ كَمَا أَخْرَجَهُ النَّسَائِيّ، وَيَتَأَكَّدُ رَدُّ الْكِتَابِ فَإِنْ تَرَكَهُ رُبَّمَا أَوْرَثَ الضَّغَائِنَ وَلِهَذَا أَنْشَدَ:

إذَا كَتَبَ الْخَلِيلُ إلَى الْخَلِيلِ ... فَحَقٌّ وَاجِبٌ رَدُّ الْجَوَابِ

إذَا الْإِخْوَانُ فَاتَهُمْ التَّلَاقِي ... فَمَا صِلَةٌ بِأَحْسَنَ مِنْ كِتَابِ

(قَوْلُهُ يَجِبُ عَلَيْهِ ذَلِكَ) لِأَنَّهُ مِنْ إيصَالِ الْأَمَانَةِ لِمُسْتَحِقِّهَا، وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا إذَا رَضِيَ بِتَحَمُّلِهَا تَأَمَّلْ.

ثُمَّ رَأَيْت فِي شَرْحِ الْمُنَاوِيِّ عَنْ ابْنِ حَجَرٍ التَّحْقِيقُ أَنَّ الرَّسُولَ إنْ الْتَزَمَهُ أَشْبَهَ الْأَمَانَةَ وَإِلَّا فَوَدِيعَةٌ اهـ. أَيْ فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ الذَّهَابُ لِتَبْلِيغِهِ كَمَا فِي الْوَدِيعَةِ قَالَ الشُّرُنْبُلَالِيُّ: وَهَكَذَا عَلَيْهِ تَبْلِيغُ السَّلَامِ إلَى حَضْرَةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ الَّذِي أَمَرَهُ بِهِ؛ وَقَالَ أَيْضًا: وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَرُدَّ عَلَى الْمُبَلِّغِ أَيْضًا فَيَقُولَ: وَعَلَيْك وَعَلَيْهِ السَّلَامُ اهـ. وَمِثْلُهُ فِي شَرْحِ تُحْفَةِ الْأَقْرَانِ لِلْمُصَنِّفِ، وَزَادَ وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ يَجِبُ اهـ. لَكِنْ قَالَ فِي التَّتَارْخَانِيَّة ذَكَرَ مُحَمَّدٌ حَدِيثًا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مَنْ بَلَّغَ إنْسَانًا سَلَامًا عَنْ غَائِبٍ كَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَرُدَّ الْجَوَابَ عَلَى الْمُبَلِّغِ أَوَّلًا ثُمَّ عَلَى ذَلِكَ الْغَائِبِ اهـ. وَظَاهِرُهُ الْوُجُوبُ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ لَوْ مُعْلِنًا) تَخْصِيصٌ لِمَا قَدَّمَهُ عَنْ الْعَيْنِيِّ؛ وَفِي فُصُولِ الْعَلَامِيِّ: وَلَا يُسَلِّمُ عَلَى الشَّيْخِ الْمَازِحِ الْكَذَّابِ وَاللَّاغِي؛ وَلَا عَلَى مَنْ يَسُبُّ النَّاسَ أَوْ يَنْظُرُ وُجُوهَ الْأَجْنَبِيَّاتِ، وَلَا عَلَى الْفَاسِقِ الْمُعْلِنِ، وَلَا عَلَى مَنْ يُغَنِّي أَوْ يُطَيِّرُ الْحَمَامَ مَا لَمْ تُعْرَفْ تَوْبَتُهُمْ وَيُسَلِّمُ عَلَى قَوْمٍ فِي مَعْصِيَةٍ وَعَلَى مَنْ يَلْعَبُ بِالشِّطْرَنْجِ نَاوِيًا أَنْ يَشْغَلَهُمْ عَمَّا هُمْ فِيهِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَكُرِهَ عِنْدَهُمَا تَحْقِيرًا لَهُمْ (قَوْلُهُ كَآكِلٍ) ظَاهِرُهُ أَنَّ ذَلِكَ مَخْصُوصٌ بِحَالِ وَضْعِ اللُّقْمَةِ فِي الْفَمِ وَالْمَضْغِ وَأَمَّا قَبْلُ وَبَعْدُ فَلَا يُكْرَهُ لِعَدَمِ الْعَجْزِ وَبِهِ صَرَّحَ الشَّافِعِيُّ، وَفِي وَجِيزِ الْكَرْدَرِيِّ مَرَّ عَلَى قَوْمٍ يَأْكُلُونَ إنْ كَانَ مُحْتَاجًا وَعَرَفَ أَنَّهُمْ يَدْعُونَهُ سَلَّمَ وَإِلَّا فَلَا اهـ. وَهَذَا يَقْضِي بِكَرَاهَةِ السَّلَامِ عَلَى الْآكِلِ مُطْلَقًا إلَّا فِيمَا ذَكَرَهُ ط (قَوْلُهُ وَلَوْ سَلَّمَ لَا يَسْتَحِقُّ الْجَوَابَ) أَقُولُ: فِي الْبَزَّازِيَّةِ: وَإِنْ سَلَّمَ فِي حَالِ التِّلَاوَةِ فَالْمُخْتَارُ أَنَّهُ يَجِبُ الرَّدُّ بِخِلَافِ حَالِ الْخُطْبَةِ وَالْأَذَانِ وَتَكْرَارِ الْفِقْهِ اهـ. وَإِنْ سَلَّمَ فَهُوَ آثِمٌ تَتَارْخَانِيَّةٌ. وَفِيهَا وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَرُدُّ فِي هَذِهِ الْمَوَاضِعِ اهـ. فَقَدْ اخْتَلَفَ التَّصْحِيحُ فِي الْقَارِئِ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ يَرُدُّ بَعْدَ الْفَرَاغِ أَوْ عِنْدَ تَمَامِ الْآيَةِ وَفِي الِاخْتِيَارِ، وَإِذَا جَلَسَ الْقَاضِي نَاحِيَةً مِنْ الْمَسْجِدِ لِلْحُكْمِ لَا يُسَلِّمُ عَلَى الْخُصُومِ، وَلَا يُسَلَّمُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ جَلَسَ لِلْحُكْمِ وَالسَّلَامُ تَحِيَّةُ الزَّائِرِينَ. فَيَنْبَغِي أَنْ يَشْتَغِلَ بِمَا جَلَسَ لِأَجْلِهِ، وَإِنْ سَلَّمُوا لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الرَّدُّ وَعَلَى هَذَا مَنْ جَلَسَ يُفَقِّهُ تَلَامِذَتَهُ وَيُقْرِئُهُمْ الْقُرْآنَ فَدَخَلَ عَلَيْهِ دَاخِلٌ فَسَلَّمَ وَسِعَهُ أَنْ لَا يَرُدَّ لِأَنَّهُ إنَّمَا جَلَسَ لِلتَّعْلِيمِ لَا لِرَدِّ السَّلَامِ اهـ.

(قَوْلُهُ بِجَزْمِ الْمِيمِ) الْأَوْلَى بِسُكُونِ الْمِيمِ قَالَ ط: وَكَأَنَّ عَدَمَ الْوُجُوبِ لِمُخَالَفَتِهِ السُّنَّةَ الَّتِي جَاءَتْ بِالتَّرْكِيبِ الْعَرَبِيِّ وَمِثْلُهُ فِيمَا يَظْهَرُ الْجَمْعُ

<<  <  ج: ص:  >  >>