قُلْت: وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ مَتَى أَخْبَرَتْ بِأَمْرٍ مُحْتَمَلٍ، فَإِنْ ثِقَةً أَوْ وَقَعَ فِي قَلْبِهِ صِدْقُهَا لَا بَأْسَ بِتَزَوُّجِهَا، وَإِنْ بِأَمْرٍ مُسْتَنْكَرٍ لَا مَا لَمْ يَسْتَفْسِرْهَا.
[فُرُوعٌ]
كَتَبَ أَمَّا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ يَكْتُبُ جَوَابُ أَبِي حَنِيفَةَ. وَإِذَا كَتَبَ الْمُفْتِي يَدِينُ يَكْتُبُ وَلَا يُصَدَّقُ قَضَاءً لِيَقْضِيَ الْقَاضِي بِحِنْثِهِ.
التَّرْجِيعُ بِالْقُرْآنِ وَالْأَذَانِ بِالصَّوْتِ الطَّيِّبِ طَيِّبٌ إنْ لَمْ يَزِدْ فِيهِ الْحُرُوفَ وَإِنْ زَادَ كُرِهَ لَهُ وَلِمُسْتَمِعِهِ، وَقَوْلُهُ أَحْسَنْت إنْ لِسُكُوتِهِ فَحَسَنٌ وَإِنْ لِتِلْكَ الْقِرَاءَةِ يُخْشَى عَلَيْهِ الْكُفْرُ.
الْمُنَاظَرَةُ فِي الْعِلْمِ لِنُصْرَةِ الْحَقِّ عِبَادَةٌ وَلِأَحَدِ ثَلَاثَةٍ حَرَامٌ لِقَهْرِ مُسْلِمٍ وَإِظْهَارِ عِلْمٍ وَنَيْلِ دُنْيَا أَوْ مَالٍ أَوْ قَبُولٍ.
التَّذْكِيرُ عَلَى الْمَنَابِرِ لِلْوَعْظِ وَالِاتِّعَاظِ سُنَّةُ الْأَنْبِيَاءِ وَالْمُرْسَلِينَ وَلِرِيَاسَةٍ وَمَالٍ وَقَبُولِ عَامَّةٍ مِنْ ضَلَالَةِ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى.
ــ
[رد المحتار]
وَكَذَا فِي الْهِدَايَةِ فِي فَصْلِ الْبَيْعِ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ (قَوْلُهُ وَإِنْ بِأَمْرٍ مُسْتَنْكَرٍ) كَمَا إذَا تَزَوَّجَتْ رَجُلًا ثُمَّ قَالَتْ لِرَجُلٍ آخَرَ: كَانَ نِكَاحِي فَاسِدًا أَوْ كَانَ الزَّوْجُ عَلَى غَيْرِ الْإِسْلَامِ لَا يَسَعُ الثَّانِي أَنْ يَقْبَلَ قَوْلَهَا وَلَا أَنْ يَتَزَوَّجَهَا لِأَنَّهَا أَخْبَرَتْ بِأَمْرٍ مُسْتَنْكَرٍ، وَكَمَا إذَا قَالَتْ الْمُطَلَّقَةُ ثَلَاثًا لِزَوْجِهَا الْأَوَّلِ حَلَلْت لَك، فَإِنَّهُ لَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا مَا لَمْ يَسْتَفْسِرْهَا، فَإِنَّ الْعُلَمَاءَ اخْتَلَفُوا فِي حِلِّهَا لَهُ بِمُجَرَّدِ نِكَاحِ الثَّانِي، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: تَحِلُّ لَهُ فَلَعَلَّهَا اعْتَمَدَتْ هَذَا الْقَوْلَ فَلَا بُدَّ مِنْ الِاسْتِفْسَارِ وَتَمَامُهُ فِي الْفَتْحِ
(قَوْلُهُ كَتَبَ إلَخْ) مِثْلُ الْكِتَابَةِ السُّؤَالُ بِالْقَوْلِ، وَمِثْلُ الشَّافِعِيِّ غَيْرُهُ مِنْ أَصْحَابِ الْمَذَاهِبِ ط (قَوْلُهُ يَكْتُبُ جَوَابَ أَبِي حَنِيفَةَ) هَذَا بِنَاءً عَلَى مَا قَالُوا إنَّهُ يَجِبُ اعْتِقَادُ أَنَّ مَذْهَبَهُ صَوَابٌ يَحْتَمِلُ الْخَطَأَ وَمَذْهَبُ غَيْرِهِ بِخِلَافِ ذَلِكَ، وَهَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ تَقْلِيدُ الْمَفْضُولِ مَعَ وُجُودِ الْأَفْضَلِ، وَالْحَقُّ جَوَازُهُ، وَهَذَا الِاعْتِقَادُ إنَّمَا هُوَ فِي حَقِّ الْمُجْتَهِدِ لَا فِي حَقِّ التَّابِعِ الْمُقَلِّدِ، فَإِنَّ الْمُقَلِّدَ يَنْجُو بِتَقْلِيدِ وَاحِدٍ مِنْهُمْ فِي الْفُرُوعِ وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ التَّرْجِيحُ اهـ. ط وَمِثْلُهُ فِي خُلَاصَةُ التَّحْقِيقِ فِي بَيَانِ حُكْمِ التَّقْلِيدِ، وَالتَّلْفِيقِ لِلْأُسْتَاذِ عَبْدِ الْغَنِيِّ النَّابْلُسِيِّ قَدَّسَ اللَّهُ سِرَّهُ (قَوْلُهُ وَإِذَا كَتَبَ الْمُفْتِي يَدِينُ) أَيْ كَتَبَ هَذَا اللَّفْظَ بِأَنْ سُئِلَ مَثَلًا عَمَّنْ حَلَفَ وَاسْتَثْنَى وَلَمْ يَسْمَعْ أَحَدًا يُجِيبُ بِأَنَّهُ يَدِينُ أَيْ لَا يَحْنَثُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَبِّهِ، وَلَكِنْ يَكْتُبُ بَعْدَهُ وَلَا يُصَدَّقُ قَضَاءً لِأَنَّ الْقَضَاءَ تَابِعٌ لِلْفَتْوَى فِي زَمَانِنَا لِجَهْلِ الْقُضَاةِ فَرُبَّمَا ظَنَّ الْقَاضِي أَنَّهُ يُصَدَّقُ قَضَاءً أَيْضًا (قَوْلُهُ التَّرْجِيعُ بِالْقُرْآنِ وَالْأَذَانِ إلَخْ) الْأَوْلَى التَّلْحِينُ أَيْ التَّغَنِّي، لِأَنَّ التَّرْجِيعَ فِي اللُّغَةِ التَّرْدِيدُ قَالَ فِي الْمُغْرِبِ: وَمِنْهُ التَّرْجِيعُ فِي الْأَذَانِ لِأَنَّهُ يَأْتِي بِالشَّهَادَتَيْنِ خَافِضًا بِهِمَا صَوْتَهُ، ثُمَّ يُرَجِّعُهُمَا رَافِعًا بِهِمَا صَوْتَهُ اهـ.
وَفِي الذَّخِيرَةِ: وَإِنْ كَانَتْ الْأَلْحَانُ لَا تُغَيِّرُ الْكَلِمَةَ عَنْ وَضْعِهَا، وَلَا تُؤَدِّي إلَى تَطْوِيلِ الْحُرُوفِ الَّتِي حَصَلَ التَّغَنِّي بِهَا، حَتَّى يَصِيرَ الْحَرْفُ حَرْفَيْنِ، بَلْ لِتَحْسِينِ الصَّوْتِ، وَتَزَيُّنِ الْقِرَاءَةِ لَا يُوجِبُ فَسَادَ الصَّلَاةِ، وَذَلِكَ مُسْتَحَبٌّ عِنْدَنَا فِي الصَّلَاةِ وَخَارِجِهَا، وَإِنْ كَانَ يُغَيِّرُ الْكَلِمَةَ مِنْ مَوْضِعِهَا يُفْسِدُ الصَّلَاةَ لِأَنَّهُ مَنْهِيٌّ، وَإِنَّمَا يَجُوزُ إدْخَالُ الْمَدِّ فِي حُرُوفِ الْمَدِّ وَاللِّينِ وَالْهَوَائِيَّةِ وَالْمُعْتَلِّ اهـ. وَوَرَدَ فِي تَحْسِينِ الْقِرَاءَةِ بِالصَّوْتِ أَحَادِيثُ، مِنْهَا مَا رَوَاهُ الْحَاكِمُ وَغَيْرُهُ عَنْ جَابِرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بِلَفْظِ «حَسِّنُوا الْقُرْآنَ بِأَصْوَاتِكُمْ فَإِنَّ الصَّوْتَ الْحَسَنَ يَزِيدُ الْقُرْآنَ حُسْنًا» " (قَوْلُهُ وَإِنْ زَادَ) بِأَنْ أَخْرَجَ الْكَلِمَةَ عَنْ مَعْنَاهَا كُرِهَ أَيْ حَرُمَ (قَوْلُهُ يَخْشَى عَلَيْهِ الْكُفْرَ) لِأَنَّهُ جَعَلَ الْحَرَامَ الْمُجْمَعَ عَلَيْهِ حَسَنًا ط وَلَعَلَّهُ لَمْ يَكْفُرْ جَزْمًا لِأَنَّ تَحْسِينَهُ ذَلِكَ لَيْسَ مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ أَخْرَجَ الْقُرْآنَ عَنْ وَضْعِهِ، بَلْ مِنْ حَيْثُ تَنْعِيمُهُ وَتَطَيُّبُهُ تَأَمَّلْ. وَيَقْرُبُ مِنْ هَذَا مَا يُقَالُ فِي زَمَانِنَا لِمَنْ يُغْنِي لِلنَّاسِ الْغِنَاءَ الْمُحَرَّمَ: بَارَكَ اللَّهُ طَيَّبَ اللَّهُ الْأَنْفَاسَ، فَإِنْ قَصَدَ الثَّنَاءَ عَلَيْهِ وَالدُّعَاءَ لَهُ لِسُكُوتِهِ فَحَسَنٌ وَإِنْ لِغِنَائِهِ فَهُوَ مَعْصِيَةٌ أُخْرَى مَعَ السَّمَاعِ يُخْشَى مِنْهَا ذَلِكَ فَلْيُتَنَبَّهْ لِذَلِكَ.
(قَوْلُهُ وَنَيْلِ دُنْيَا أَوْ مَالٌ أَوْ قَبُولٍ) عِبَارَةُ الْحَاوِي الْقُدْسِيِّ نَحْوُ الْمَالِ أَوْ الْقَبُولِ، وَهِيَ كَذَلِكَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute