قُلْت: وَحَمَلَ الْمُصَنِّفُ مَا فِي الْمُنْيَةِ عَلَى قَوْلِهِ: وَمَا فِي الْجَوْهَرَةِ عَلَى قَوْلِهِمَا قَالَ، وَقَدْ رَجَّحُوا قَوْلَهُمَا. فَفِي الْكَافِي قَوْلُهُمَا أَقْرَبُ إلَى عُرْفِ دِيَارِنَا فَيُفْتَى بِهِ، ثُمَّ قَالَ الْمُصَنِّفُ، وَعَلَيْهِ فَالْمُعْتَمَدُ فِي الْمَذْهَبِ حُرْمَةُ لُبْسِ اللُّؤْلُؤِ وَنَحْوِهِ عَلَى الرِّجَالِ لِأَنَّهُ مِنْ حُلِيِّ النِّسَاءِ.
(وَيُكْرَهُ) لِلْوَلِيِّ إلْبَاسُ (الْخَلْخَالِ أَوْ السِّوَارِ لِصَبِيٍّ) وَلَا بَأْسَ بِثَقْبِ أُذُنِ الْبِنْتِ وَالطِّفْلِ اسْتِحْسَانًا مُلْتَقَطٌ. قُلْت: وَهَلْ يَجُوزُ الْخِزَامُ فِي الْأَنْفِ، لَمْ أَرَهُ، وَيُكْرَهُ لِلذَّكَرِ وَالْأُنْثَى الْكِتَابَةُ بِالْقَلَمِ الْمُتَّخَذِ مِنْ الذَّهَبِ أَوْ الْفِضَّةِ أَوْ مِنْ دَوَاةٍ كَذَلِكَ سِرَاجِيَّةٌ.
ثُمَّ قَالَ: لَا بَأْسَ بِتَمْوِيهِ السِّلَاحِ بِذَهَبٍ وَفِضَّةٍ وَلَا بَأْسَ بِسَرْجٍ وَلِجَامٍ وَثَفَرٍ مِنْ الذَّهَبِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ.
(وَجَارِيَةٌ لِزَيْدٍ قَالَ بَكْرٌ وَكَّلَنِي زَيْدٌ بِبَيْعِهَا حَلَّ لِعَمْرٍو شِرَاؤُهَا وَوَطْؤُهَا) لِقَبُولِ قَوْلِ بَكْرٍ إنَّ أَكْبَرَ رَأْيِهِ صِدْقُهُ كَمَا مَرَّ وَإِنَّ أَكْبَرَ رَأْيِهِ كَذِبُهُ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ وَلَا يَشْتَرِي مِنْهُ وَلَوْ لَمْ يُخْبِرْهُ إنَّ ذَلِكَ الشَّيْءَ لِغَيْرِهِ فَلَا بَأْسَ بِشِرَائِهِ مِنْهُ.
(كَمَا حَلَّ وَطْءُ مَنْ زُفَّتْ إلَيْهِ وَقَالَ النِّسَاءُ هِيَ امْرَأَتُك وَ) حَلَّ (نِكَاحُ مَنْ قَالَتْ طَلَّقَنِي زَوْجِي وَانْقَضَتْ عِدَّتِي أَوْ كُنْت أَمَةً لِفُلَانٍ وَأَعْتَقَنِي) إنْ وَقَعَ فِي قَلْبِهِ صِدْقُهَا وَتَمَامُهُ فِي الْخَانِيَّةِ.
ــ
[رد المحتار]
وَعَلَّلَهُ بِأَنَّهُ مِنْ حُلِيِّ النِّسَاءِ (قَوْلُهُ وَحَمَلَ الْمُصَنِّفُ إلَخْ) ذَكَرَهُ فِي فَصْلِ اللُّبْسِ أَخْذًا مِنْ قَوْلِ الزَّيْلَعِيِّ، ثُمَّ قِيلَ عَلَى قِيَاسِ قَوْلِهِ لَا بَأْسَ لِلرِّجَالِ بِلُبْسِ اللُّؤْلُؤِ الْخَالِصِ (قَوْلُهُ عَلَى قَوْلِهِمَا) أَيْ مِنْ أَنَّ لُبْسَ عِقْدِ اللُّؤْلُؤِ لُبْسُ حُلِيٍّ، وَهُوَ مَا مَشَى عَلَيْهِ أَصْحَابُ الْمُتُونِ فِي كِتَابِ الْأَيْمَانِ، فَلَوْ حَلَفَ لَا يَلْبَسُ حُلِيًّا فَلَبِسَ ذَلِكَ يَحْنَثُ لِلْعُرْفِ (قَوْلُهُ وَعَلَيْهِ) أَيْ كَوْنُ الْمُرَجَّحِ قَوْلَهُمَا وَأَقُولُ فِي اعْتِمَادِ الْحُرْمَةِ بِنَاءً عَلَى ذَلِكَ نَظَرٌ، لِأَنَّ تَرْجِيحَ قَوْلِهِمَا بِكَوْنِهِ حُلِيًّا، لِأَنَّ الْأَيْمَانَ مَبْنِيَّةٌ عَلَى الْعُرْفِ، وَكَوْنُ الْعُرْفِ يَعُدُّهُ حُلِيًّا يُفِيدُ الْحِنْثَ فِي حَلِفِهِ لَا يُلْبَسُ حُلِيًّا، وَلَا يُفِيدُ أَنَّهُ يَحْرُمُ لُبْسُهُ عَلَى الرِّجَالِ إذْ لَيْسَ كُلُّ حُلِيٍّ حَرَامًا عَلَى الرِّجَالِ بِدَلِيلِ حِلِّ الْخَاتَمِ وَالْعَلَمِ وَالثَّوْبِ الْمَنْسُوجِ بِالذَّهَبِ أَرْبَعَةَ أَصَابِعَ وَحِلْيَةِ السَّيْفِ وَالْمِنْطَقَةِ.
نَعَمْ التَّعْلِيلُ الْآتِي بِأَنَّهُ مِنْ حُلِيِّ النِّسَاءِ ظَاهِرٌ فِي إفَادَةِ الْحُرْمَةِ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّشَبُّهِ بِهِنَّ كَمَا قَدَّمْنَاهُ فَتَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ الْخَلْخَالُ) كَبِلْبَالٍ وَيُسَمَّى خَلْخَلًا وَيُضَمُّ قَامُوسٌ (قَوْلُهُ لِلصَّبِيِّ) أَيْ الذَّكَرِ لِأَنَّهُ مِنْ زِينَةِ النِّسَاءِ ط (قَوْلُهُ وَالطِّفْلِ) ظَاهِرُهُ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ الذَّكَرُ مَعَ أَنَّ ثَقْبَ الْأُذُنِ لِتَعْلِيقِ الْقُرْطِ، وَهُوَ مِنْ زِينَةِ النِّسَاءِ، فَلَا يَحِلُّ لِلذُّكُورِ، وَاَلَّذِي فِي عَامَّةِ الْكُتُبِ، وَقَدَّمْنَاهُ عَنْ التَّتَارْخَانِيَّة: لَا بَأْسَ بِثَقْبِ أُذُنِ الطِّفْلِ مِنْ الْبَنَاتِ وَزَادَ فِي الْحَاوِي الْقُدْسِيِّ: وَلَا يَجُوزُ ثَقْبُ آذَانِ الْبَنِينَ فَالصَّوَابُ إسْقَاطُ الْوَاوِ (قَوْلُهُ لَمْ أَرَهُ) قُلْت: إنْ كَانَ مِمَّا يَتَزَيَّنُ النِّسَاءُ بِهِ كَمَا هُوَ فِي بَعْضِ الْبِلَادِ فَهُوَ فِيهَا كَثَقْبِ الْقُرْطِ اهـ ط وَقَدْ نَصَّ الشَّافِعِيَّةُ عَلَى جَوَازِهِ مَدَنِيٌّ (قَوْلُهُ وَيُكْرَهُ لِلذَّكَرِ وَالْأُنْثَى إلَخْ) قَدَّمْنَا عَنْ الْخَانِيَّةِ مَا هُوَ أَعَمُّ مِنْ ذَلِكَ، وَهُوَ أَنَّ النِّسَاءَ فِيمَا سِوَى الْحُلِيِّ مِنْ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ وَالْأَدْهَانِ مِنْ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْعُقُودِ بِمَنْزِلَةِ الرِّجَالِ (قَوْلُهُ ثُمَّ قَالَ إلَخْ) تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهِ مُسْتَوْفًى قَبْلَ فَصْلِ اللُّبْسِ (قَوْلُهُ وَثَفَرٍ) بِالثَّاءِ الْمُثَلَّثَةِ وَالْفَاءِ مُحَرَّكًا وَهُوَ مِنْ السَّرْجِ مَا يُجْعَلُ تَحْتَ ذَنَبِ الدَّابَّةِ اهـ مُغْرِبٌ وَقَدْ يُسَكَّنُ قَامُوسٌ.
(قَوْلُهُ جَارِيَةٌ لِزَيْدٍ) أَيْ يَعْلَمُ عَمْرٌو أَنَّهَا لِزَيْدٍ أَوْ أَخْبَرَهُ بَكْرٌ بِذَلِكَ (قَوْلُهُ إنْ أَكْبَرُ رَأْيِهِ صِدْقَهُ إلَخْ) أَكْبَرُ اسْمُ كَانَ الْمَحْذُوفَةِ وَصِدْقَهُ بِالنَّصْبِ خَبَرُهَا، وَهَذَا التَّفْصِيلُ إذَا كَانَ الْمُخْبِرُ غَيْرَ ثِقَةٍ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ الْهِدَايَةِ وَغَيْرِهَا، وَإِنَّمَا قُبِلَ لِأَنَّ عَدَالَةَ الْمُخْبِرِ فِي الْمُعَامَلَاتِ غَيْرُ لَازِمَةٍ لِلْحَاجَةِ كَمَا مَرَّ، وَأَكْبَرُ الرَّأْيِ يُقَامُ مَقَامَ الْيَقِينِ (قَوْلُهُ وَلَوْ لَمْ يُخْبِرْهُ إلَخْ) أَيْ وَلَمْ يَعْرِفْ الشَّارِي ذَلِكَ قَالَ فِي الْهِدَايَةِ: فَإِنْ كَانَ عَرَّفَهَا لِلْأَوَّلِ لَمْ يَشْتَرِهَا حَتَّى يَعْلَمَ انْتِقَالَهَا إلَى مِلْكِ الثَّانِي اهـ زَادَ الزَّيْلَعِيُّ أَوْ أَنَّهُ وَكَّلَهُ (قَوْلُهُ فَلَا بَأْسَ بِشِرَائِهِ مِنْهُ) وَإِنْ كَانَ فَاسِقًا، لِأَنَّ الْيَدَ دَلِيلُ الْمِلْكِ، وَلَا مُعْتَبَرَ بِأَكْبَرِ الرَّأْيِ عِنْدَ وُجُودِ الدَّلِيلِ الظَّاهِرِ، إلَّا أَنْ يَكُونَ مِثْلُهُ لَا يَمْلِكُ مِثْلَ ذَلِكَ، فَحِينَئِذٍ يُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يَتَنَزَّهَ، وَمَعَ ذَلِكَ لَوْ اشْتَرَاهَا صَحَّ لِاعْتِمَادِهِ الدَّلِيلَ الشَّرْعِيَّ، وَلَوْ الْبَائِعُ عَبْدًا لَمْ يَشْتَرِهَا حَتَّى يَسْأَلَ، لِأَنَّ الْمَمْلُوكَ لَا مِلْكَ لَهُ فَإِنْ أَخْبَرَهُ بِالْإِذْنِ فَإِنْ كَانَ ثِقَةً قُبِلَ وَإِلَّا يُعْتَبَرُ أَكْبَرُ الرَّأْيِ، وَإِنْ كَانَ لَا رَأْيَ لَهُ لَا يَشْتَرِهَا لِقِيَامِ الْمَانِعِ فَلَا بُدَّ مِنْ دَلِيلٍ هِدَايَةٌ أَوْ غَيْرُهَا
(قَوْلُهُ وَتَمَامُهُ فِي الْخَانِيَّةِ)