لَا يَجِبُ عَلَى الزَّوْجِ تَطْلِيقُ الْفَاجِرَةِ.
لَا يَجُوزُ الْوُضُوءُ مِنْ الْحِيَاضِ الْمُعَدَّةِ لِلشُّرْبِ فِي الصَّحِيحِ وَيُمْنَعُ مِنْ الْوُضُوءِ مِنْهُ وَفِيهِ وَحَمْلُهُ لِأَهْلِهِ إنْ مَأْذُونًا بِهِ جَازَ وَإِلَّا لَا.
الْكَذِبُ مُبَاحٌ لِإِحْيَاءِ حَقِّهِ وَدَفْعِ الظُّلْمِ عَنْ نَفْسِهِ وَالْمُرَادُ التَّعْرِيضُ لِأَنَّ عَيْنَ الْكَذِبِ حَرَامٌ قَالَ: وَهُوَ الْحَقُّ قَالَ تَعَالَى - {قُتِلَ الْخَرَّاصُونَ} [الذاريات: ١٠]- الْكُلُّ مِنْ الْمُجْتَبَى وَفِي الْوَهْبَانِيَّةِ قَالَ: -
ــ
[رد المحتار]
لَهُ ذَلِكَ وَعَلَيْهَا مَشَى الْمُصَنِّفُ فِي التَّعْزِيرِ تَبَعًا لِلدُّرَرِ (قَوْلُهُ لَا يَجِبُ عَلَى الزَّوْجِ تَطْلِيقُ الْفَاجِرَةِ) وَلَا عَلَيْهَا تَسْرِيحُ الْفَاجِرِ إلَّا إذَا خَافَا أَنْ لَا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا بَأْسَ أَنْ يَتَفَرَّقَا اهـ مُجْتَبًى وَالْفُجُورُ يَعُمُّ الزِّنَا وَغَيْرَهُ وَقَدْ «قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِمَنْ زَوْجَتُهُ لَا تَرُدُّ يَدَ لَامِسٍ وَقَدْ قَالَ إنِّي أُحِبُّهَا: اسْتَمْتِعْ بِهَا» اهـ ط
(قَوْلُهُ لَا يَجُوزُ الْوُضُوءُ مِنْ الْحِيَاضِ الْمُعَدَّةِ لِلشُّرْبِ) وَلَا يَمْنَعُ جَوَازَ التَّيَمُّمِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمَاءُ كَثِيرًا فَيُسْتَدَلُّ بِكَثْرَتِهِ عَلَى أَنَّهُ وُضِعَ لِلشُّرْبِ وَالْوُضُوءِ جَمِيعًا اهـ بَحْرٌ عَنْ الْمُحِيطِ وَغَيْرِهِ (قَوْلُهُ فِي الصَّحِيحِ) وَعَنْ ابْنِ الْفَضْلِ أَنَّهُ يَجُوزُ التَّوَضُّؤُ مِنْهُ وَالْمَوْضُوعُ لِلْوُضُوءِ لَا يُبَاحُ مِنْهُ الشُّرْبُ بَحْرٌ (قَوْلُهُ وَيُمْنَعُ مِنْ الْوُضُوءِ مِنْهُ وَفِيهِ) وَإِنَّمَا أَتَى بِهِ لِدَفْعِ تَوَهُّمِ أَنَّهُ لَوْ تَوَضَّأَ فِيهِ يَجُوزُ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُضَيِّعٍ وَلَكِنْ كَانَ يَكْفِيهِ أَنْ يَقُولَ وَلَوْ فِيهِ ط (قَوْلُهُ وَحَمْلُهُ) مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ الْجُمْلَةُ الشَّرْطِيَّةُ ط
(قَوْلُهُ الْكَذِبُ مُبَاحٌ لِإِحْيَاءِ حَقِّهِ) كَالشَّفِيعِ يَعْلَمُ بِالْبَيْعِ بِاللَّيْلِ، فَإِذَا أَصْبَحَ يَشْهَدُ وَيَقُولُ عَلِمْت الْآنَ، وَكَذَا الصَّغِيرَةُ تَبْلُغُ فِي اللَّيْلِ وَتَخْتَارُ نَفْسَهَا مِنْ الزَّوْجِ وَتَقُولُ: رَأَيْت الدَّمَ الْآنَ. وَاعْلَمْ أَنَّ الْكَذِبَ قَدْ يُبَاحُ وَقَدْ يَجِبُ وَالضَّابِطُ فِيهِ كَمَا فِي تَبْيِينِ الْمَحَارِمِ وَغَيْرِهِ عَنْ الْإِحْيَاءِ أَنَّ كُلَّ مَقْصُودٍ مَحْمُودٍ يُمْكِنُ التَّوَصُّلُ إلَيْهِ بِالصِّدْقِ وَالْكَذِبِ جَمِيعًا، فَالْكَذِبُ فِيهِ حَرَامٌ، وَإِنْ أَمْكَنَ التَّوَصُّلُ إلَيْهِ بِالْكَذِبِ وَحْدَهُ فَمُبَاحٌ إنْ أُبِيحَ تَحْصِيلُ ذَلِكَ الْمَقْصُودِ، وَوَاجِبٌ إنْ وَجَبَ تَحْصِيلُهُ كَمَا لَوْ رَأَى مَعْصُومًا اخْتَفَى مِنْ ظَالِمٍ يُرِيدُ قَتْلَهُ أَوْ إيذَاءَهُ فَالْكَذِبُ هُنَا وَاجِبٌ وَكَذَا لَوْ سَأَلَهُ عَنْ وَدِيعَةٍ يُرِيدُ أَخْذَهَا يَجِبُ إنْكَارُهَا، وَمَهْمَا كَانَ لَا يَتِمُّ مَقْصُودُ حَرْبٍ أَوْ إصْلَاحُ ذَاتِ الْبَيْنِ أَوْ اسْتِمَالَةُ قَلْبِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ إلَّا بِالْكَذِبِ فَيُبَاحُ، وَلَوْ سَأَلَهُ سُلْطَانٌ عَنْ فَاحِشَةٍ وَقَعَتْ مِنْهُ سِرًّا كَزِنًا أَوْ شُرْبٍ فَلَهُ أَنْ يَقُولَ مَا فَعَلْته، لِأَنَّ إظْهَارَهَا فَاحِشَةٌ أُخْرَى، وَلَهُ أَيْضًا أَنْ يُنْكِرَ سِرَّ أَخِيهِ، وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَابِلَ مَفْسَدَةَ الْكَذِبِ بِالْمَفْسَدَةِ الْمُتَرَتِّبَةِ عَلَى الصِّدْقِ، فَإِنْ كَانَتْ مَفْسَدَةُ الصِّدْقِ أَشَدَّ، فَلَهُ الْكَذِبُ، وَإِنْ الْعَكْسُ أَوْ شَكَّ حَرُمَ، وَإِنْ تَعَلَّقَ بِنَفْسِهِ اُسْتُحِبَّ أَنْ لَا يَكْذِبَ وَإِنْ تَعَلَّقَ بِغَيْرِهِ لَمْ تَجُزْ الْمُسَامَحَةُ لِحَقِّ غَيْرِهِ وَالْحَزْمُ تَرْكُهُ حَيْثُ أُبِيحَ، وَلَيْسَ مِنْ الْكَذِبِ مَا اُعْتِيدَ مِنْ الْمُبَالَغَةِ كَجِئْتُك أَلْفَ مَرَّةٍ لِأَنَّ الْمُرَادَ تَفْهِيمُ الْمُبَالَغَةِ لَا الْمَرَّاتُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ جَاءَ إلَّا مَرَّةً وَاحِدَةً فَهُوَ كَاذِبٌ اهـ مُلَخَّصًا وَيَدُلُّ لِجَوَازِ الْمُبَالَغَةِ الْحَدِيثُ الصَّحِيحُ «وَأَمَّا أَبُو جَهْمٍ فَلَا يَضَعُ عَصَاهُ عَنْ عَاتِقِهِ» .
قَالَ ابْنُ حَجَرٍ الْمَكِّيُّ: وَمِمَّا يُسْتَثْنَى أَيْضًا الْكَذِبُ فِي الشِّعْرِ إذَا لَمْ يُمْكِنْ حَمْلُهُ عَلَى الْمُبَالَغَةِ كَقَوْلِهِ: أَنَا أَدْعُوك لَيْلًا وَنَهَارًا، وَلَا أُخَلِّي مَجْلِسًا عَنْ شُكْرِك، لِأَنَّ الْكَاذِبَ يُظْهِرُ أَنَّ الْكَذِبَ صِدْقٌ وَيُرَوِّجُهُ، وَلَيْسَ غَرَضُ الشَّاعِرِ الصِّدْقَ فِي شِعْرِهِ، وَإِنَّمَا هُوَ صِنَاعَةٌ وَقَالَ الشَّيْخَانِ يَعْنِي الرَّافِعِيَّ وَالنَّوَوِيَّ بَعْدَ نَقْلِهِمَا ذَلِكَ عَنْ الْقَفَّالِ وَالصَّيْدَلَانِيِّ وَهَذَا حُسْنٌ بَالِغٌ اهـ (قَوْلُهُ قَالَ) أَيْ صَاحِبُ الْمُجْتَبَى وَعِبَارَتُهُ قَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «كُلُّ كَذِبٍ مَكْتُوبٌ لَا مَحَالَةَ إلَّا ثَلَاثَةً الرَّجُلَ مَعَ امْرَأَتِهِ أَوْ وَلَدِهِ وَالرَّجُلَ يُصْلِحُ بَيْنَ اثْنَيْنِ وَالْحَرْبَ فَإِنَّ الْحَرْبَ خُدْعَةٌ» ، قَالَ الطَّحَاوِيُّ وَغَيْرُهُ هُوَ مَحْمُولٌ عَلَى الْمَعَارِيضِ، لِأَنَّ عَيْنَ الْكَذِبِ حَرَامٌ. قُلْت: وَهُوَ الْحَقُّ قَالَ تَعَالَى - {قُتِلَ الْخَرَّاصُونَ} [الذاريات: ١٠]- وَقَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «الْكَذِبُ مَعَ الْفُجُورِ وَهُمَا فِي النَّارِ» وَلَمْ يَتَعَيَّنْ عَيْنُ الْكَذِبِ لِلنَّجَاةِ وَتَحْصِيلِ الْمَرَامِ اهـ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute