وَتَمَامُهُ فِي الدُّرَرِ (وَلَوْ حَفَرَ الثَّانِي بِئْرًا فِي مُنْتَهَى حَرِيمِ الْبِئْرِ الْأُولَى بِإِذْنِ الْإِمَامِ فَذَهَبَ مَاءُ الْبِئْرِ الْأُولَى وَتَحَوَّلَ إلَى الثَّانِيَةِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ) لِأَنَّهُ غَيْرُ مُتَعَدٍّ وَالْمَاءُ تَحْتَ الْأَرْضِ لَا يُمْلَكُ فَلَا مُخَاصَمَةَ كَمَنْ بَنَى حَانُوتًا بِجَنْبِ حَانُوتِ غَيْرِهِ فَكَسَدَتْ الْحَانُوتُ الْأُولَى بِسَبَبِهِ فَإِنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ دُرَرٌ وَزَيْلَعِيٌّ، وَفِيهِ لَوْ هَدَمَ جِدَارَ غَيْرِهِ فَلِصَاحِبِهِ أَنْ يُؤَاخِذَ بِقِيمَتِهِ لَا بِبِنَاءِ الْجِدَارِ هُوَ الصَّحِيحُ (وَلِلْحَافِرِ الثَّانِي الْحَرِيمُ مِنْ الْجَوَانِبِ الثَّلَاثَةِ دُونَ جَانِبِ الْأُولَى) لِسَبْقِ مِلْكِ الْأَوَّلِ فِيهِ.
(وَلِلْقَنَاةِ) هِيَ مَجْرَى الْمَاءِ تَحْتَ الْأَرْضِ (حَرِيمٌ بِقَدْرِ مَا يُصْلِحُهُ) لِإِلْقَاءِ الطِّينِ وَنَحْوِهِ. وَعَنْ مُحَمَّدٍ كَالْبِئْرِ وَلَوْ ظَهَرَ الْمَاءُ فَكَالْعَيْنِ. وَفِي الِاخْتِيَارِ فَوَّضَهُ لِرَأْيِ الْإِمَامِ أَيْ لَوْ بِإِذْنِهِ، وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ لَهُ ذَكَرَهُ الْبُرْجَنْدِيُّ.
(وَحَرِيمُ شَجَرٍ يُغْرَسُ فِي الْأَرْضِ الْمَوَاتِ خَمْسَةُ أَذْرُعٍ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ) فَلَيْسَ لِغَيْرِهِ أَنْ يَغْرِسَ فِيهِ، وَيُلْحَقُ مَا امْتَنَعَ عَوْدُ دِجْلَةَ وَالْفُرَاتِ إلَيْهِ بِالْمَوَاتِ (إذَا لَمْ يَكُنْ) ذَلِكَ (حَرِيمًا) لِعَامِرٍ (فَإِنْ) كَانَ حَرِيمًا أَوْ (جَازَ عَوْدُهُ لَمْ يَجُزْ إحْيَاؤُهُ) لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَوَاتٍ.
(وَالنَّهْرُ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ لَا حَرِيمَ -
ــ
[رد المحتار]
مَا بَيْنَهُمَا أَتْقَانِيٌّ.
(قَوْلُهُ وَتَمَامُهُ فِي الدُّرَرِ) وَنَصُّهُ فَإِنْ حَفَرَ فَلِلْأَوَّلِ أَنْ يَسُدَّهُ، وَلَا يُضَمِّنُهُ النُّقْصَانَ وَأَنْ يَأْخُذَهُ بِكَبْسِ مَا احْتَفَرَهُ، لِأَنَّهُ إزَالَةُ جِنَايَةِ حَفْرِهِ بِهِ كَمَا فِي كُنَاسَةٍ يُلْقِيهَا فِي دَارِ غَيْرِهِ يُؤْخَذُ بِرَفْعِهَا، وَقِيلَ يُضَمِّنُهُ النُّقْصَانَ ثُمَّ يَكْبِسُهُ بِنَفْسِهِ كَمَا إذَا هَدَمَ جِدَارَ غَيْرِهِ وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ اهـ وَمِثْلُهُ فِي الْهِدَايَةِ، وَفِيهَا وَمَا عَطِبَ فِي الْأُولَى فَلَا ضَمَانَ فِيهِ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُتَعَدٍّ وَلَوْ بِلَا إذْنِ الْإِمَامِ، أَمَّا عِنْدَهُمَا فَظَاهِرٌ وَأَمَّا عِنْدَهُ فَلِأَنَّهُ يَجْعَلُ الْحَفْرَ تَحْجِيرًا وَهُوَ بِسَبِيلٍ مِنْهُ بِلَا إذْنٍ وَإِنْ كَانَ لَا يَمْلِكُهُ بِدُونِهِ، وَمَا عَطِبَ فِي الثَّانِيَةِ فِيهِ الضَّمَانُ لِتَعَدِّيهِ بِالْحَفْرِ فِي مِلْكِ غَيْرِهِ اهـ مُلَخَّصًا (قَوْلُهُ فِي مُنْتَهَى حَرِيمِ الْبِئْرِ الْأُولَى) أَيْ فِي قُرْبِ الْمُنْتَهِي، لِأَنَّ نِهَايَةَ الشَّيْءِ آخِرُهُ كَمَا فِي الْقَامُوسِ وَآخِرُهُ بَعْضٌ مِنْهُ أَوْ أَرَادَ بِالْمُنْتَهَى مَا قَرُبَ مِنْهُ، وَعِبَارَةُ الْهِدَايَةِ وَرَاءَ حَرِيمِ الْأُولَى، وَعِبَارَةُ الدُّرَرِ فِي غَيْرِ حَرِيمِ الْأُولَى قَرِيبَةٌ مِنْهُ اهـ (قَوْلُهُ وَفِيهِ) أَيْ فِي الزَّيْلَعِيِّ، وَذِكْرُهُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ هُنَا فِي غَيْرِ مَحَلِّهَا وَمَحَلُّهَا مَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ الدُّرَرِ (قَوْلُهُ لَا بِبِنَاءِ الْجِدَارِ) قِيلَ إلَّا إذَا كَانَ جَدِيدًا، وَاسْتَثْنَى فِي الْأَشْبَاهِ جِدَارَ الْمَسْجِدِ فَيُؤْمَرُ بِإِعَادَتِهِ مُطْلَقًا وَحَقَّقْنَا الْمَسْأَلَةَ أَوَّلَ كِتَابِ الْغَصْبِ بِمَا لَا مَزِيدَ عَلَيْهِ فَرَاجِعْهُ (قَوْلُهُ وَلِلْحَافِرِ الثَّانِي إلَخْ) قَالَ أَبُو السُّعُودِ يُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ حَفَرَ ثَالِثٌ كَانَ لَهُ الْحَرِيمُ مِنْ الْجَانِبَيْنِ حَمَوِيٌّ عَنْ الْمَقْدِسِيَّ اهـ
(قَوْلُهُ وَعَنْ مُحَمَّدٍ كَالْبِئْرِ) قَالَ الْأَتْقَانِيُّ قَالَ الْمَشَايِخُ: الَّذِي فِي الْأَصْلِ أَيْ مِنْ أَنَّ الْقَنَاةَ كَالْبِئْرِ قَوْلُهُمَا وَعِنْدَهُ لَا حَرِيمَ لَهَا لِأَنَّهَا بِمَنْزِلَةِ النَّهْرِ مَا لَمْ يَظْهَرْ مَاؤُهَا عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ وَلَا حَرِيمَ لِلنَّهْرِ عِنْدَهُ فَإِنْ ظَهَرَ كَالْعَيْنِ الْفَوَّارَةِ حَرِيمُهَا خَمْسُمِائَةِ ذِرَاعٍ (قَوْلُهُ فَوَّضَهُ لِرَأْيِ الْإِمَامِ) أَيْ فَوَّضَ تَقْدِيرَ حَرِيمِهَا لِأَنَّهُ لَا نَصَّ فِي الشَّرْعِ أَتْقَانِيٌّ عَنْ الشَّامِلِ (قَوْلُهُ أَيْ لَوْ بِإِذْنِهِ) أَيْ لَوْ كَانَ الْإِحْيَاءُ بِإِذْنِ الْإِمَامِ لِأَنَّهُ شَرْطٌ عِنْدَ الْإِمَامِ، وَإِلَّا فَلَا يَمْلِكُ مَا أَحْيَا وَلَا يَسْتَحِقُّ لَهُ حَرِيمًا
(قَوْلُهُ يُغْرَسُ) أَيْ بِإِذْنِ الْإِمَامِ اتِّفَاقًا وَبِغَيْرِ إذْنِهِ عِنْدَهُمَا أَتْقَانِيٌّ (قَوْلُهُ خَمْسَةُ أَذْرُعٍ) لِأَنَّهُ يَحْتَاجُ إلَى أَنْ يَجُذَّ ثَمَرَهُ وَيَضَعَهُ فِيهِ، وَالتَّقْدِيرُ بِالْخَمْسَةِ وَرَدَ الْحَدِيثُ بِهِ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ، وَذَكَرَ الرَّمْلِيُّ أَنَّ مُقْتَضَى مَا ذَكَرَهُ فِي الْيَنَابِيعِ فِي حَرِيمِ الْبِئْرِ أَنَّ الِاعْتِبَارَ لِلْحَاجَةِ لَا لِلتَّقْدِيرِ أَنْ يَكُونَ هُنَا كَذَلِكَ، لِأَنَّهُ يَخْتَلِفُ الْحَالُ بِكِبَرِ الشَّجَرَةِ وَصِغَرِهَا (قَوْلُهُ دِجْلَةَ وَالْفُرَاتِ) أَيْ مَثَلًا فَيَدْخُلُ فِيهِ النِّيلُ، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ أَخَذَ مِنْ أَرْضِ الْغَيْرِ فِي النَّاحِيَةِ الَّتِي جَرَى فِيهَا، فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ الْمَنْزُولِ عَنْهُ بِمِثْلِ مَا أَخَذَ أَرْضَهُ ط (قَوْلُهُ بِالْمَوَاتِ) مُتَعَلِّقٌ بِيَلْحَقُ فَيَجُوزُ إحْيَاؤُهُ، لِأَنَّهُ صَارَ كَسَائِرِ الْأَرَاضِيِ الَّتِي لَا يُنْتَفَعُ بِهَا وَلَيْسَ لَهَا مَالِكٌ مُعَيَّنٌ (قَوْلُهُ أَوْ جَازَ عَوْدُهُ إلَخْ) يَنْبَغِي حَمْلُهُ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَكُنْ لِعَوْدِهِ زَمَانٌ مَخْصُوصٌ لِمَا فِي الْخَانِيَّةِ وَادٍ عَلَى شَطِّ جَيْحُونَ يُجْمَعُ فِيهِ الْمَاءُ أَيَّامَ الرَّبِيعِ ثُمَّ يَذْهَبُ فَزَرَعَ فِيهِ قَوْمٌ فَأَدْرَكَ قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ: الزَّرْعُ لِصَاحِبِ الْبَذْرِ وَرَقَبَةُ الْوَادِي لِمَنْ عُلِمَتْ لَهُمْ، وَإِلَّا فَلِمَنْ أَحْيَاهَا اهـ فَمُفَادُهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ لِعَوْدِهِ زَمَانٌ مَخْصُوصٌ يَجُوزُ إحْيَاءُ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ تَأَمَّلْ
(قَوْلُهُ وَالنَّهْرُ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ لَا حَرِيمَ لَهُ إلَخْ) قِيلَ إنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ مَبْنِيَّةٌ عَلَى أَنَّ مَنْ أَحْيَا نَهْرًا فِي مَوَاتٍ لَا يَسْتَحِقُّ لَهُ حَرِيمًا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute