للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَهَوَاءٍ (لَا سَقْيُ دَوَابِّهِ إنْ خِيفَ تَخْرِيبُ النَّهْرِ لِكَثْرَتِهَا)

(وَلَا) سَقْيُ (أَرْضَهُ وَشَجَرِهِ وَزَرْعِهِ وَنَصْبُ دُولَابٍ) وَنَحْوِهَا (مِنْ نَهْرِ غَيْرِهِ وَقَنَاتِهِ وَبِئْرِهِ إلَّا بِإِذْنِهِ) لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُ فَيَتَوَقَّفُ عَلَى إذْنِهِ.

(وَلَهُ سَقْيُ شَجَرٍ أَوْ خُضْرٍ زُرِعَ فِي دَارِهِ حَمْلًا إلَيْهِ بِجِرَارِهِ) وَأَوَانِيهِ (فِي الْأَصَحِّ) وَقِيلَ لَا إلَّا بِإِذْنِهِ

(وَالْمُحْرَزُ فِي كُوزٍ وَحُبٍّ) بِمُهْمَلَةٍ مَضْمُومَةٍ الْخَانِيَّةُ (لَا يُنْتَفَعُ بِهِ إلَّا بِإِذْنِ صَاحِبِهِ) لِمِلْكِهِ بِإِحْرَازِهِ.

ــ

[رد المحتار]

تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ لَا سَقْيُ دَوَابِّهِ إلَخْ) هَذَا الْمَصْدَرُ يَتَعَلَّقُ بِهِ قَوْلُهُ الْآتِي مِنْ نَهْرِ غَيْرِهِ وَهَذَا شُرُوعٌ فِي النَّوْعِ الثَّالِثِ مِنْ الْأَرْبَعَةِ الَّتِي قَدَّمْنَاهَا.

وَحَاصِلُهُ: أَنَّ لَهُ حَقَّ الشُّفْعَةِ لِنَفْسِهِ فِيمَا دَخَلَ فِي الْمَقَاسِمِ الْمَمْلُوكَةِ وَكَذَا لِدَوَابِّهِ إلَّا إذَا خِيفَ تَخْرِيبُ النَّهْرِ بِكَثْرَتِهَا لَا سَقْيُ أَرْضِهِ وَنَحْوِهِ. قَالَ الزَّيْلَعِيُّ: وَالشَّفَةُ إذَا كَانَتْ تَأْتِي عَلَى الْمَاءِ كُلِّهِ بِأَنْ كَانَ جَدْوَلًا صَغِيرًا وَفِيمَا يَرِدُ عَلَيْهِ مِنْ الْمَوَاشِي كَثْرَةٌ تَقْطَعُ الْمَاءَ قَالَ بَعْضُهُمْ لَا يُمْنَعُ وَقَالَ أَكْثَرُهُمْ يُمْنَعُ لِلضَّرَرِ اهـ وَجَزَمَ بِالثَّانِي فِي الْمُلْتَقَى

(قَوْلُهُ وَلَا سَقْيُ أَرْضِهِ إلَخْ) اُضْطُرَّ إلَى ذَلِكَ أَوْ لَا وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ إنْ سَقَى أَرْضَهُ أَوْ زَرْعَهُ مِنْ غَيْرِ إذْنٍ، وَإِنْ أَخَذَ مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ يُؤَدِّبُهُ السُّلْطَانُ بِالضَّرْبِ وَالْحَبْسِ إنْ رَأَى ذَلِكَ خَانِيَّةٌ ط (قَوْلُهُ إلَّا بِإِذْنِهِ) لِأَنَّ الْمَاءَ مَتَى دَخَلَ فِي الْمَقَاسِمِ انْقَطَعَ شَرِكَةُ الشُّرْبِ عَنْهُ بِالْكُلِّيَّةِ هِدَايَةٌ، وَفِي الْخَانِيَّةِ: نَهْرٌ خَاصٌّ بِقَوْمٍ لَيْسَ لِغَيْرِهِمْ أَنْ يَسْقِيَ بُسْتَانَه أَوْ أَرْضَهُ إلَّا بِإِذْنِهِمْ، فَإِنْ أَذِنُوا إلَّا وَاحِدًا أَوْ كَانَ فِيهِمْ صَبِيٌّ أَوْ غَائِبٌ لَا يَسَعُ الرَّجُلَ أَنْ يَسْقِيَ مِنْهُ زَرْعَهُ أَوْ أَرْضَهُ اهـ

(قَوْلُهُ أَوْ خُضْرٍ) جَمْعُ خُضْرَةٍ وَهِيَ فِي الْأَصْلِ لَوْنُ الْأَخْضَرِ فَسُمِّيَ بِهِ وَلِذَا جُمِعَ مُغْرِبٌ (قَوْلُهُ زُرِعَ) الظَّاهِرُ أَنَّهُ فِعْلٌ مَاضٍ مَبْنِيٌّ لِلْمَجْهُولِ صِفَةٌ لِمَا قَبْلَهُ، وَذَكَرَ الضَّمِيرَ لِلْعَطْفِ بِأَوْ، وَلِأَنَّ مَا قَبْلَهُ مِنْ اسْمِ الْجِنْسِ الْجَمْعِيِّ الَّذِي يُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ وَاحِدِهِ بِالتَّاءِ غَالِبًا، وَالْأَكْثَرُ فِيهِ التَّذْكِيرُ نَحْوُ - {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ} [فاطر: ١٠]- {يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ} [النساء: ٤٦]- (قَوْلُهُ بِجِرَارِهِ) بِكَسْرِ الْجِيمِ جَمْعِ جَرَّةٍ: وَهُوَ مَا يُعْمَلُ مِنْ الْخَزَفِ وَيُجْمَعُ أَيْضًا عَلَى جُرَرٍ قَامُوسٌ ط (قَوْلُهُ فِي الْأَصَحِّ) كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَالتَّبْيِينِ وَالْمُلْتَقَى وَغَيْرِهَا (قَوْلُهُ وَقِيلَ لَا إلَّا بِإِذْنِهِ) قَالَ فِي الْخَانِيَّةِ وَالْوَجِيزِ وَهُوَ الْأَصَحُّ فَهُمَا قَوْلَانِ مُصَحَّحَانِ [فَرْعٌ]

الْعَيْنُ أَوْ الْحَوْضُ الَّذِي دَخَلَ فِيهِ الْمَاءُ بِغَيْرِ إحْرَازٍ وَاحْتِيَالٍ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ النَّهْرِ الْخَاصِّ ط

(قَوْلُهُ وَالْمُحْرَزُ فِي كُوزٍ أَوْ حُبٍّ) مِثْلُهُ الْمُحْرَزُ فِي الصَّهَارِيجِ الَّتِي تُوضَعُ لِإِحْرَازِ الْمَاءِ فِي الدُّورِ كَمَا حَرَّرَهُ الرَّمْلِيُّ فِي فَتَاوَاهُ وَحَاشِيَتِهِ عَلَى الْبَحْرِ، وَأَفْتَى بِهِ مِرَارًا وَقَالَ: إنَّ الْأَصْلَ قَصْدُ الْإِحْرَازِ وَعَدَمُهُ، وَمِمَّا صَرَّحُوا بِهِ لَوْ وَضَعَ رَجُلٌ طَسْتًا عَلَى سَطْحٍ، فَاجْتَمَعَ فِيهِ مَاءُ الْمَطَرِ فَرَفَعَهُ آخَرُ، إنْ وَضَعَهُ الْأَوَّلُ لِذَلِكَ فَهُوَ لَهُ وَإِلَّا فَلِلرَّافِعِ اهـ وَيَشْهَدُ لَهُ مَا قَدَّمْنَاهُ عَلَى الْقُهُسْتَانِيِّ (قَوْلُهُ لَا يُنْتَفَعُ بِهِ إلَخْ) إذْ لَا حَقَّ فِيهِ لِأَحَدٍ كَمَا قَدَّمْنَاهُ (قَوْلُهُ لِمِلْكِهِ بِإِحْرَازِهِ) فَلَهُ بَيْعُهُ مُلْتَقًى.

١ -

[تَنْبِيهٌ]

فِي الذَّخِيرَةِ وَالْهِنْدِيَّةِ: عَبْدٌ أَوْ صَبِيٌّ أَوْ أَمَةٌ مَلَأَ الْكُوزَ مِنْ الْحَوْضِ، وَأَرَاقَ بَعْضَهُ فِيهِ لَا يَحِلُّ لِأَحَدٍ أَنْ يَشْرَبَ مِنْ ذَلِكَ الْحَوْضِ، لِأَنَّ الْمَاءَ الَّذِي فِي الْكُوزِ يَصِيرُ مِلْكًا لِلْآخِذِ، فَإِذَا اخْتَلَطَ بِالْمَاءِ الْمُبَاحِ وَلَا يُمْكِنُ التَّمْيِيزُ لَا يَحِلُّ شُرْبُهُ، وَلَوْ أَمَرَ صَبِيًّا أَبُوهُ أَوْ أُمُّهُ بِإِتْيَانِ الْمَاءِ مِنْ الْوَادِي أَوْ الْحَوْضِ فِي كُوزٍ، فَجَاءَ بِهِ لَا يَحِلُّ لِأَبَوَيْهِ أَنْ يَشْرَبَا مِنْ ذَلِكَ الْمَاءِ إذَا لَمْ يَكُونَا فَقِيرَيْنِ، لِأَنَّ الْمَاءَ صَارَ مِلْكَهُ وَلَا يَحِلُّ لَهُمَا الْأَكْلُ مِنْ مَالِهِ بِغَيْرِ حَاجَةٍ. وَعَنْ مُحَمَّدٍ: يَحِلُّ لَهُمَا وَلَوْ غَنِيَّيْنِ لِلْعُرْفِ وَالْعَادَةِ حَمَوِيٌّ عَنْ الدِّرَايَةِ، وَفِي هَذَيْنِ الْفَرْعَيْنِ حَرَجٌ عَظِيمٌ ط. أَقُولُ: وَفِي كُلٍّ مِنْهُمَا إشْكَالٌ أَيْضًا، أَمَّا الْأَوَّلُ فَلِأَنَّ الْعَبْدَ لَا يَمْلِكُ، وَإِنْ مَلَكَ فَيَكُونُ لِمَالِكِهِ، لِأَنَّهُ مَالِكُ أَكْسَابِهِ، وَلِأَنَّهُ يُبَيِّنُ مَتَى يَحِلُّ الشُّرْبُ مِنْهُ وَهَلْ ثَمَّ فَرْقٌ بَيْنَ الْحَوْضِ الْجَارِي، أَوْ مَا فِي حُكْمِهِ وَبَيْنَ غَيْرِهِ؟ وَيَنْبَغِي أَنْ يُعْتَبَرَ غَلَبَةُ الظَّنِّ بِأَنَّهُ لَمْ يَبْقَ مِمَّا أُرِيقَ فِيهِ شَيْءٌ مِنْهُ بِسَبَبِ الْجَرَيَانِ أَوْ النَّضْحِ، وَإِلَّا يَلْزَمُ هَجْرُ الْحَوْضِ،

<<  <  ج: ص:  >  >>