للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَلَوْ كَانَتْ الْبِئْرُ أَوْ الْحَوْضُ أَوْ النَّهْرُ فِي مِلْكِ رَجُلٍ فَلَهُ أَنْ يَمْنَعَ مُرِيدَ الشَّفَقَةِ مِنْ الدُّخُولِ فِي مِلْكِهِ إذَا كَانَ يَجِدُ مَاءً بِقُرْبِهِ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ يُقَالُ لَهُ) أَيْ لِصَاحِبِ الْبِئْرِ وَنَحْوِهِ (إمَّا أَنْ تُخْرِجَ الْمَاءَ إلَيْهِ أَوْ تَتْرُكَهُ) لِيَأْخُذَ الْمَاءَ (بِشَرْطِ أَنْ لَا يَكْسِرَ ضِفَّتَهُ) أَيْ جَانِبَ النَّهْرِ وَنَحْوَهُ (لِأَنَّ لَهُ حِينَئِذٍ حَقَّ الشَّفَةِ) لِحَدِيثِ أَحْمَدَ «الْمُسْلِمُونَ شُرَكَاءُ فِي ثَلَاثٍ فِي الْمَاءِ وَالْكَلَإِ وَالنَّارِ»

(وَحُكْمُ الْكَلَإِ كَحُكْمِ الْمَاءِ فَيُقَالُ لِلْمَالِكِ إمَّا أَنْ تَقْطَعَ وَتَدْفَعَ إلَيْهِ وَإِلَّا تَتْرُكْهُ لِيَأْخُذَ قَدْرَ مَا يُرِيدُ) زَيْلَعِيٌّ.

ــ

[رد المحتار]

وَعَدَمُ الِانْتِفَاعِ بِهِ أَصْلًا، وَيُمْكِنُ أَنْ يُعْتَبَرَ بِالنَّجَاسَةِ فَيَحِلَّ الشُّرْبُ مِنْ نَحْوِ الْبِئْرِ بِالنَّزْحِ وَمِنْ غَيْرِهَا بِالْجَرَيَانِ بِحَيْثُ لَوْ كَانَ نَجَاسَةٌ لَحُكِمَ بِطَهَارَتِهَا فَلْيُتَأَمَّلْ.

وَأَمَّا الثَّانِي فَلِأَنَّ لِلْأَبِ أَنْ يَسْتَخْدِمَ وَلَدَهُ. قَالَ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ: وَلِلْأَبِ أَنْ يُعِيرَ وَلَدَهُ الصَّغِيرَ لِيَخْدُمَ أُسْتَاذَه لِتَعْلِيمِ الْحِرْفَةِ وَلِلْأَبِ أَوْ الْجَدِّ أَوْ الْوَصِيِّ اسْتِعْمَالُهُ بِلَا عِوَضٍ بِطَرِيقِ التَّهْذِيبِ وَالرِّيَاضَةِ اهـ. إلَّا أَنْ يُقَالَ لَا يَلْزَمُ لَهُ ذَلِكَ مِنْ ذَلِكَ عَدَمُ مِلْكِهِ لِذَلِكَ الْمَاءِ الْمُبَاحِ وَإِنْ أَمَرَهُ بِهِ أَبُوهُ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ

(قَوْلُهُ إذَا كَانَ يَجِدُ مَاءً بِقُرْبِهِ) زَادَ فِي الْهِدَايَةِ فِي غَيْرِ مِلْكِ أَحَدٍ. قَالَ الْعَلَّامَةُ الْمَقْدِسِيَّ: وَلَمْ أَرَ تَقْدِيرَ الْقُرْبِ، وَيَنْبَغِي تَقْدِيرُهُ بِالْمِيلِ فِي التَّيَمُّمِ (قَوْلُهُ ضِفَّتَهُ) بِالْفَتْحِ وَالْكَسْرِ كَذَا فِي الْمُغْرِبِ وَفِي الدِّيوَانِ بِالْكَسْرِ جَانِبُ النَّهْرِ وَبِالْفَتْحِ جَمَاعَةُ النَّاسِ إتْقَانِيٌّ (قَوْلُهُ الْمُسْلِمُونَ شُرَكَاءُ فِي ثَلَاثٍ) أَيْ شَرِكَةَ إبَاحَةٍ لَا شَرِكَةَ مِلْكٍ، فَمَنْ سَبَقَ إلَى شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ فِي وِعَاءٍ أَوْ غَيْرِهِ وَأَحْرَزَهُ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ وَهُوَ مِلْكٌ لَهُ دُونَ مَنْ سِوَاهُ يَجُوزُ لَهُ تَمْلِيكُهُ بِجَمِيعِ وُجُوهِ التَّمْلِيكِ، وَهُوَ مَوْرُوثٌ عَنْهُ وَتَجُوزُ فِيهِ وَصَايَاهُ، وَإِنْ أَخَذَهُ أَحَدٌ مِنْهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ ضَمِنَهُ، وَمَا لَمْ يَسْبِقْ إلَيْهِ أَحَدٌ فَهُوَ لِجَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ مُبَاحٌ لَيْسَ لِأَحَدٍ مَنْعُ مَنْ أَرَادَ أَخْذَهُ لِلشَّفَةِ إتْقَانِيٌّ عَنْ الْكَرْخِيِّ (قَوْلُهُ وَالْكَلَأُ) هُوَ مَا يَنْبَسِطُ وَيَنْتَشِرُ وَلَا سَاقَ لَهُ كَالْإِذْخِرِ وَنَحْوِهِ وَالشَّجَرُ مَا لَهُ سَاقٌ، فَعَلَى هَذَا الشَّوْكُ مِنْ الشَّجَرِ لِأَنَّ لَهُ سَاقًا، وَبَعْضُهُمْ قَالُوا الْأَخْضَرُ، وَهُوَ الشَّوْكُ اللَّيِّنُ الَّذِي يَأْكُلُهُ الْإِبِلُ كَلَأٌ وَالْأَحْمَرُ شَجَرٌ وَكَانَ أَبُو جَعْفَرٍ يَقُولُ: الْأَخْضَرُ لَيْسَ بِكَلَإٍ، وَعَنْ مُحَمَّدٍ فِيهِ رِوَايَتَانِ، ثُمَّ الْكَلَامُ فِي الْكَلَأِ عَلَى أَوْجُهٍ أَعَمَّهَا مَا نَبَتَ فِي مَوْضِعٍ غَيْرِ مَمْلُوكٍ لِأَحَدٍ، فَالنَّاسُ شُرَكَاءُ فِي الرَّعْيِ وَالِاحْتِشَاشِ مِنْهُ كَالشَّرِكَةِ فِي مَاءِ الْبِحَارِ وَأَخَصُّ مِنْهُ، وَهُوَ مَا نَبَتَ فِي أَرْضٍ مَمْلُوكَةٍ بِلَا إنْبَاتِ صَاحِبِهَا، وَهُوَ كَذَلِكَ إلَّا أَنَّ لِرَبِّ الْأَرْضِ الْمَنْعَ مِنْ الدُّخُولِ فِي أَرْضِهِ، وَأَخَصُّ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ وَهُوَ أَنْ يَحْتَشَّ الْكَلَأَ أَوْ أَنْبَتَهُ فِي أَرْضِهِ فَهُوَ مِلْكٌ لَهُ، وَلَيْسَ لِأَحَدٍ أَخْذُهُ بِوَجْهٍ لِحُصُولِهِ بِكَسْبِهِ ذَخِيرَةٌ وَغَيْرُهَا مُلَخَّصًا.

قَالَ ط: وَالْقِيرُ وَالزِّرْنِيخُ وَالْفَيْرُوزُ كَالشَّجَرِ، وَمَنْ أَخَذَ مِنْ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ ضَمِنَ خِزَانَةُ الْمُفْتِينَ. وَالْحَطَبُ فِي مِلْكِ رَجُلٍ لَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَحْتَطِبَهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مِلْكٍ فَلَا بَأْسَ بِهِ، وَلَا يَضُرُّ نِسْبَتُهُ إلَى قَرْيَةٍ أَوْ جَمَاعَةٍ مَا لَمْ يُعْلَمْ أَنَّ ذَلِكَ مِلْكٌ لَهُمْ، وَكَذَلِكَ الزِّرْنِيخُ وَالْكِبْرِيتُ وَالثِّمَارُ فِي الْمُرُوجِ وَالْأَوْدِيَةِ مُضْمَرَاتٌ، وَيَمْلِكُ الْمُحْتَطِبُ الْحَطَبَ بِمُجَرَّدِ الِاحْتِطَابِ وَإِنْ لَمْ يَشُدَّهُ وَلَمْ يَجْمَعْهُ، وَلَوْ أَخَذَ الْمَاءَ مِنْ أَرْضٍ غَيْرِ الَّتِي جُعِلَتْ مَمْلَحَةً فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَإِنْ صَارَ الْمَاءُ مِلْحًا فَلَيْسَ لَهُ أَخْذُهُ، وَالطِّينُ الَّذِي جَاءَ بِهِ النَّهْرُ فِي مِلْكِ إنْسَانٍ لَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ أَخْذُهُ وَضَمِنَ إنْ أَخَذَهُ بِلَا إذْنٍ اهـ وَنَحْوُهُ فِي التَّتَارْخَانِيَّة (قَوْلُهُ وَالنَّارِ) يَعْنِي إذَا أَوْقَدَ نَارًا فِي مَفَازَةٍ فَإِنَّهُ تَكُونُ مُشْتَرَكَةً بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّاسِ أَجْمَعَ، فَمَنْ أَرَادَ أَنْ يَسْتَضِيءَ بِضَوْئِهَا أَوْ يَخِيطَ ثَوْبًا حَوْلَهَا، أَوْ يَصْطَلِيَ بِهَا، أَوْ يَتَّخِذَ مِنْهَا سِرَاجًا لَيْسَ لِصَاحِبِهَا مَنْعُهُ، فَأَمَّا إذَا أَوْقَدَهَا فِي مَوْضِعٍ مَمْلُوكٍ فَإِنَّ لَهُ مَنْعَهُ مِنْ الِانْتِفَاعِ بِمِلْكِهِ، فَأَمَّا إذَا أَرَادَ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ فَتِيلَةِ سِرَاجِهِ أَوْ شَيْئًا مِنْ الْجَمْرِ فَلَهُ مَنْعُهُ لِأَنَّهُ مِلْكُهُ إتْقَانِيٌّ عَنْ شَيْخِ الْإِسْلَامِ.

وَفِي الذَّخِيرَةِ: إذَا أَرَادَ الْأَخْذَ مِنْ الْجَمْرِ، شَيْئًا لَهُ قِيمَةٌ إذَا جَعَلَهُ صَاحِبُهُ فَحْمًا لَهُ أَيْ يَسْتَرِدُّهُ مِنْهُ، وَإِنْ يَسِيرًا لَا قِيمَةَ لَهُ فَلَا وَلَهُ أَخْذُهُ بِلَا إذْنِ صَاحِبِهِ

(قَوْلُهُ فَيُقَالُ لِلْمَالِكِ إلَخْ) أَيْ إنْ لَمْ يَجِدْ كَلَأً فِي أَرْضٍ مُبَاحًا قَرِيبًا مِنْ تِلْكَ

<<  <  ج: ص:  >  >>