للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَلَوْ مَنَعَهُ الْمَاءَ وَهُوَ يَخَافُ عَلَى نَفْسِهِ وَدَابَّتِهِ الْعَطَشَ كَانَ لَهُ أَنْ يُقَاتِلَهُ بِالسِّلَاحِ) لِأَثَرِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - (وَإِنْ كَانَ مُحْرَزًا فِي الْأَوَانِي قَاتَلَهُ بِغَيْرِ السِّلَاحِ) كَالطَّعَامِ عِنْدَ الْمَخْمَصَةِ دُرَرٌ (إذَا كَانَ فِيهِ فَضْلٌ عَنْ حَاجَتِهِ) لِمِلْكِهِ بِالْإِحْرَازِ فَصَارَ نَظِيرَ الطَّعَامِ، وَقِيلَ فِي الْبِئْرِ وَنَحْوِهَا فَالْأَوْلَى أَنْ يُقَاتِلَهُ بِغَيْرِ سِلَاحٍ، لِأَنَّهُ ارْتَكَبَ مَعْصِيَةً فَكَانَ كَالتَّعْزِيرِ كَافٍ.

(وَكَرْيُ نَهْرٍ) أَيْ حَفْرُهُ (غَيْرِ مَمْلُوكٍ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ ثَمَّةَ) أَيْ فِي بَيْتِ الْمَالِ (شَيْءٌ يُجْبَرُ النَّاسُ عَلَى كَرْيِهِ إنْ امْتَنَعُوا عَنْهُ) دَفْعًا لِلضَّرَرِ (وَكَرْيُ) النَّهْرِ (الْمَمْلُوكِ عَلَى أَهْلِهِ وَيُجْبَرُ مَنْ أَبَى مِنْهُمْ) عَلَى ذَلِكَ -

ــ

[رد المحتار]

الْأَرْضِ ط عَنْ الْهِنْدِيَّةِ. وَهَذَا إذَا كَانَ الْكَلَأُ نَابِتًا فِي مِلْكِهِ بِلَا إنْبَاتَةِ، وَلَمْ يَحْتَشَّهُ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّ النَّارَ الْمُوقَدَةَ فِي مِلْكِهِ لَيْسَتْ كَذَلِكَ، فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ إخْرَاجُهَا لِلطَّالِبِ، وَوَجْهُ الْفَرْقِ فِيمَا يَظْهَرُ لِي أَنَّ الشَّرِكَةَ ثَابِتَةٌ فِي عَيْنِ الْمَاءِ وَالْكَلَإِ لَا فِي عَيْنِ الْجَمْرِ، فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُخْرِجَ لَهُ الْجَمْرَ لِيَصْطَلِيَ بِهِ، لِأَنَّهُ لَا شَرِكَةَ لِغَيْرِهِ فِيهِ وَلِذَا لَهُ اسْتِرْدَادُ جَمْرٍ لَهُ قِيمَةٌ مِمَّنْ أَخَذَهُ بِخِلَافِ الْكَلَأِ وَالْمَاءِ الْغَيْرِ الْمُحْرَزَيْنِ، فَلَوْ أَخَذَهُمَا أَحَدٌ مِنْ أَرْضِهِ لَا يَسْتَرِدُّهُمَا مِنْهُ، لِأَنَّ الشَّرِكَةَ فِي عَيْنِهِمَا تَأَمَّلْ. ثُمَّ رَأَيْت فِي النِّهَايَةِ: أَنَّ الشَّرِكَةَ الَّتِي أَثْبَتَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي النَّارِ وَالنَّارُ جَوْهَرُ الْحَرِّ دُونَ الْحَطَبِ وَالْفَحْمِ، إلَّا إنْ كَانَ لَا قِيمَةَ لَهُ لِأَنَّهُ لَا يُمْنَعُ عَادَةً وَالْمَانِعُ مُتَعَنِّتٌ

(قَوْلُهُ وَلَوْ مَنَعَهُ الْمَاءَ) أَيْ مَنَعَهُ صَاحِبُ الْبِئْرِ أَوْ الْحَوْضِ أَوْ النَّهْرِ الَّذِي فِي مِلْكِهِ بِأَنْ لَمْ يُمَكِّنْهُ مِنْ الدُّخُولِ، وَلَمْ يُخْرِجْهُ إلَيْهِ وَلَمْ يَجِدْ مَاءً بِقُرْبِهِ (قَوْلُهُ وَهُوَ) أَيْ الشَّخْصُ الْمَمْنُوعُ (قَوْلُهُ وَدَابَّتُهُ) عَبَّرَ الْقُهُسْتَانِيُّ بِأَوْ وَكَذَا فِي كِتَابِ الْخَرَاجِ لِأَبِي يُوسُفَ وَشَرْحِ الطَّحَاوِيِّ كَمَا نَقَلَهُ الأتقاني (قَوْلُهُ كَانَ لَهُ أَنْ يُقَاتِلَهُ بِالسِّلَاحِ) لِأَنَّهُ قَصَدَ إتْلَافَهُ بِمَنْعِ حَقِّهِ وَهُوَ الشَّفَةُ وَالْمَاءُ فِي الْبِئْرِ مُبَاحٌ غَيْرُ مَمْلُوكٍ، بِخِلَافِ الْمُحْرَزِ فِي الْإِنَاءِ هِدَايَةٌ (قَوْلُهُ لِأَثَرِ عُمَرَ) وَهُوَ مَا ذَكَرَهُ الأتقاني عَنْ كِتَابِ الْخَرَاجِ لِأَبِي يُوسُفَ إنَّ قَوْمًا وَرَدُوا مَاءً فَسَأَلُوا أَهْلَهُ أَنْ يَدُلُّوهُمْ عَلَى الْبِئْرِ فَلَمْ يَدُلُّوهُمْ عَلَيْهَا فَقَالُوا: إنَّ أَعْنَاقَنَا وَأَعْنَاقَ مَطَايَانَا قَدْ كَادَتْ تَنْقَطِعُ مِنْ الْعَطَشِ، فَدُلُّوا عَلَى الْبِئْرِ، وَأَعْطَوْا دَلْوًا نَسْتَقِي، فَلَمْ يَفْعَلُوا فَذَكَرُوا ذَلِكَ لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فَقَالَ: فَهَلَّا وَضَعْتُمْ فِيهِمْ السِّلَاحَ (قَوْلُهُ قَاتَلَهُ بِغَيْرِ سِلَاحٍ) أَيْ وَيَضْمَنُ لَهُ مَا أَخَذَ لِأَنَّ حِلَّ الْأَخْذِ لِلِاضْطِرَارِ لَا يُنَافِي الضَّمَانَ كَمَا قَدَّمْنَاهُ أَوَّلَ الْحَظْرِ وَالْإِبَاحَةِ، وَذَكَرَ الأتقاني أَنَّهُ لَوْ مَنَعَهُ الدَّلْوَ فَإِنْ كَانَ لِصَاحِبِ الْبِئْرِ قَاتَلَهُ بِغَيْرِ سِلَاحٍ وَإِنْ لِلْعَامَّةِ قَاتَلَهُ بِالسِّلَاحِ (قَوْلُهُ إنْ كَانَ فِيهِ فَضْلٌ عَنْ حَاجَتِهِ) بِأَنْ كَانَ يَكْفِي لِرَدِّ رَمَقِهِمَا، فَيَأْخُذُ مِنْهُ الْبَعْضَ وَيَتْرُكُ الْبَعْضَ وَإِلَّا تَرَكَهُ لِمَالِكِهِ نِهَايَةٌ (قَوْلُهُ الْأَوْلَى إلَخْ) يُشِيرُ إلَى أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يُقَاتِلَهُ بِالسِّلَاحِ حَيْثُ جَعَلَ الْأَوْلَى أَنْ لَا يُقَاتِلَهُ بِهِ، فَيَكُونُ مُوَافِقًا لِمَا ذَكَرْنَا زَيْلَعِيٌّ يَعْنِي أَنَّهُ لَا يُخَالِفُ مَا مَرَّ مِنْ أَنَّ لَهُ أَنْ يُقَاتِلَهُ لِاتِّفَاقِ الْعِبَارَتَيْنِ عَلَى الْجَوَازِ

(قَوْلُهُ وَكَرْيُ نَهْرٍ) وَكَذَا إصْلَاحُ مُسِنَّاتِهِ إنْ خِيفَ مِنْهَا تَتَارْخَانِيَّةٌ (قَوْلُهُ أَيْ حَفْرُهُ) قَالَ الْقُهُسْتَانِيُّ: كَرْيُ النَّهْرِ إخْرَاجُ الطِّينِ وَنَحْوِهِ مِنْهُ فَالْكَرْيُ مُخْتَصٌّ بِالنَّهْرِ، بِخِلَافِ الْحَفْرِ عَلَى مَا قَالَهُ الْبَيْهَقِيُّ إلَّا أَنَّ كَلَامَ الْمُطَرِّزِيُّ يَدُلُّ عَلَى التَّرَادُفِ اهـ وَعَلَيْهِ مَشَى الشَّارِحُ (قَوْلُهُ غَيْرَ مَمْلُوكٍ) أَيْ لَمْ يَدْخُلْ مَاؤُهُ فِي الْمَقَاسِمِ كَالنِّيلِ وَالْفُرَاتِ قُهُسْتَانِيٌّ (قَوْلُهُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ) خَبَرُ الْمُبْتَدَأِ أَيْ مَالِ الْخَرَاجِ وَالْجِزْيَةِ دُونَ الْعُشْرِ وَالصَّدَقَاتِ، لِأَنَّ الثَّانِيَ لِلْفُقَرَاءِ وَالْأَوَّلَ لِلنَّوَائِبِ هِدَايَةٌ (قَوْلُهُ يُجْبَرُ النَّاسُ) أَيْ الَّذِينَ يُطِيقُونَ الْكَرْيَ وَمُؤْنَتُهُمْ مِنْ مَالِ الْأَغْنِيَاءِ الَّذِينَ لَا يُطِيقُونَهُ قُهُسْتَانِيٌّ (قَوْلُهُ وَكَرْيُ النَّهْرِ الْمَمْلُوكِ) بِأَنْ دَخَلَ فِي الْمَقَاسِمِ، وَهُوَ عَامٌّ وَخَاصٌّ، وَالْفَاصِلُ بَيْنَهُمَا أَنَّ مَا تُسْتَحَقُّ بِهِ الشُّفْعَةُ خَاصٌّ وَمَا لَا فَعَامٌّ وَاخْتُلِفَ فِي تَحْدِيدِ ذَلِكَ فَقِيلَ: الْخَاصُّ مَا كَانَ لِعَشْرَةٍ أَوْ عَلَيْهِ قَرْيَةٌ وَاحِدَةٌ وَقِيلَ: لِمَا دُونَ أَرْبَعِينَ وَقِيلَ مِائَةٌ وَقِيلَ أَلْفٌ وَغَيْرُ ذَلِكَ عَامٌّ، وَالْأَصَحُّ تَفْوِيضُهُ لِرَأْيِ الْمُجْتَهِدِ فَيَخْتَارُ أَيَّ قَوْلٍ شَاءَ. كِفَايَةٌ عَنْ الْخَانِيَّةِ مُلَخَّصًا، وَقَدَّمْنَاهُ فِي الشُّفْعَةِ قَالَ الْأَتْقَانِيُّ، وَلَكِنَّ أَحْسَنَ مَا قِيلَ فِيهِ إنْ كَانَ لِدُونِ مِائَةٍ فَالشَّرِكَةُ خَاصَّةٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>