للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَلَوْ سَكِرَ مِنْهَا الْمُخْتَارُ فِي زَمَانِنَا أَنَّهُ يُحَدُّ. زَادَ فِي الْمُلْتَقَى: وُقُوعُ طَلَاقٍ مِنْ سُكْرٍ مِنْهَا تَابِعٌ لِلْحُرْمَةِ، وَالْكُلُّ حَرَامٌ عِنْدَ مُحَمَّدٍ وَبِهِ يُفْتَى، وَالْخِلَافُ إنَّمَا هُوَ عِنْدَ قَصْدِ التَّقَوِّي. أَمَّا عِنْدَ قَصْدِ التَّلَهِّي فَحَرَامٌ إجْمَاعًا اهـ، وَتَمَامُهُ فِيمَا عَلَّقْته عَلَيْهِ. زَادَ فِي الْقُهُسْتَانِيِّ: أَنَّ لَبَنَ الْإِبِلِ إذَا اشْتَدَّ لَمْ يَحِلَّ عِنْدَ مُحَمَّدٍ خِلَافًا لَهُمَا، وَالسُّكْرُ مِنْهُ حَرَامٌ بِلَا خِلَافٍ، وَالْحَدُّ وَالطَّلَاقُ عَلَى الْخِلَافِ، وَكَذَا لَبَنُ الرِّمَاكِ: أَيْ الْفَرَسَةِ إذَا اشْتَدَّ لَمْ يَحِلَّ، وَصَحَّحَ فِي الْهِدَايَةِ حِلَّهُ. وَفِي الْخِزَانَةِ أَنَّهُ يُكْرَهُ تَحْرِيمًا عِنْدَ عَامَّةِ الْمَشَايِخِ عَلَى قَوْلِهِ.

ــ

[رد المحتار]

هَذَا مَا ظَهَرَ لِفَهْمِي الْقَاصِرِ، وَسَنَذْكُرُ مَا يُؤَيِّدُهُ وَيُقَوِّيهِ وَيُشَيِّدُهُ (قَوْلُهُ وَلَوْ سَكِرَ مِنْهَا إلَخْ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يُحَدُّ بِالْقَلِيلِ مِنْهَا الَّذِي لَا يَحْصُلُ بِهِ الْإِسْكَارُ، وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِ الْهِدَايَةِ وَغَيْرِهَا. وَعَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ حَرَامٌ، وَيُحَدُّ شَارِبُهُ إذَا سَكِرَ مِنْهُ، وَيَقَعُ طَلَاقُهُ كَمَا فِي سَائِرِ الْأَشْرِبَةِ الْمُحَرَّمَةِ اهـ وَهُوَ مُقْتَضَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ أَيْضًا فِيمَا مَرَّ: وَيُحَدُّ شَارِبُ غَيْرِهَا: أَيْ غَيْرِ الْخَمْرِ إنْ سَكِرَ (قَوْلُهُ وَبِهِ يُفْتَى) أَيْ بِتَحْرِيمِ كُلِّ الْأَشْرِبَةِ، وَكَذَا بِوُقُوعِ الطَّلَاقِ. قَالَ فِي النَّهْرِ. وَفِي الْفَتْحِ: وَبِهِ يُفْتَى لِأَنَّ السُّكْرَ مِنْ كُلِّ شَرَابٍ حَرَامٌ، وَعِنْدَهُمَا لَا يَقَعُ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا حَلَالٌ، وَصَحَّحَهُ فِي الْخَانِيَّةِ (قَوْلُهُ وَالْخِلَافُ) أَيْ فِي إبَاحَةِ الشُّرْبِ مِنْ الْأَشْرِبَةِ الْأَرْبَعَةِ. قَالَ فِي الْمِعْرَاجِ: وَسُئِلَ أَبُو حَفْصٍ الْكَبِيرُ عَنْهُ فَقَالَ. لَا يَحِلُّ، فَقِيلَ لَهُ: خَالَفْت أَبَا حَنِيفَةَ وَأَبَا يُوسُفَ، فَقَالَ: إنَّهُمَا يُحِلَّانِهِ لِلِاسْتِمْرَاءِ وَالنَّاسُ فِي زَمَانِنَا يَشْرَبُونَ لِلْفُجُورِ وَالتَّلَهِّي. وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ لَوْ أَرَادَ السُّكْرَ فَقَلِيلُهُ وَكَثِيرُهُ حَرَامٌ، وَقُعُودُهُ لِذَلِكَ حَرَامٌ، وَمَشْيُهُ إلَيْهِ حَرَامٌ اهـ.

زَادَ فِي الدُّرِّ الْمُنْتَقَى عَنْ الْقُهُسْتَانِيِّ: وَيُحَدُّ بِهِ وَإِنْ لَمْ يَسْكَرْ كَمَا فِي الْمُضْمَرَاتِ وَغَيْرِهَا اهـ.

أَقُولُ: هُوَ مُخَالِفٌ لِمَا ذَكَرْنَاهُ آنِفًا مِنْ تَقْيِيدِ الْحَدِّ بِالسُّكْرِ، وَلَعَلَّ صَوَابَهُ إنْ سَكِرَ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَتَمَامُهُ إلَخْ) حَيْثُ قَالَ: وَصَحَّحَ غَيْرُ وَاحِدٍ قَوْلَهُمَا، وَعَلَّلَهُ فِي الْمُضْمَرَاتِ فَإِنَّ الْخَمْرَ مَوْعُودَةٌ فِي الْعُقْبَى فَيَنْبَغِي أَنْ يَحِلَّ مِنْ جِنْسِهَا فِي الدُّنْيَا أُنْمُوذَجٌ تَرْغِيبًا اهـ (قَوْلُهُ عَلَى الْخِلَافِ) أَيْ يَثْبُتَانِ عِنْدَ مُحَمَّدٍ لَا عِنْدَهُمَا (قَوْلُهُ أَيْ الْفَرْسَةِ) صَرَّحَ فِي جَامِعِ اللُّغَةِ بِأَنَّهُ لَا يُقَالُ فَرَسَّةٌ، فَالْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ أَيْ الْإِنَاثِ مِنْ الْخَيْلِ اهـ ح (قَوْلُهُ لَمْ يَحِلَّ) أَيْ عِنْدَ الْإِمَامِ قُهُسْتَانِيٌّ (قَوْلُهُ عَلَى قَوْلِهِ) أَيْ قَوْلِ الْإِمَامِ. وَفِي الْخَانِيَّةِ وَغَيْرِهَا: لَبَنُ الْمَأْكُولِ حَلَالٌ، وَكَذَا لَبَنُ الرِّمَاكِ عِنْدَهُمَا، وَعِنْدَهُ يُكْرَهُ. قَالَ بَعْضُهُمْ تَنْزِيهًا. وَقَالَ السَّرَخْسِيُّ: إنَّهُ مُبَاحٌ كَالْبَنْجِ. وَعَامَّتُهُمْ قَالُوا: يُكْرَهُ تَحْرِيمًا، لَكِنْ لَا يُحَدُّ وَإِنْ زَالَ عَقْلُهُ، كَمَا لَوْ زَالَ بِالْبَنْجِ يَحْرُمُ، وَلَا يُحَدُّ فِيهِ اهـ. زَادَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَأَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ عَلَى أَنَّهُ تَنْزِيهٌ اهـ وَهُوَ الْمُوَافِقُ لَمَا قَدَّمْنَاهُ فِي الذَّبَائِحِ فَرَاجِعْهُ.

ثُمَّ قَالَ فِي الْخَانِيَّةِ: وَإِنْ زَالَ عَقْلُهُ بِالْبَنْجِ وَلَبَنِ الرِّمَاكِ لَا تَنْفُذُ تَصَرُّفَاتُهُ. وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ: إنْ عَلِمَ حِينَ تَنَاوُلِهِ أَنَّهُ بَنْجٌ يَقَعُ طَلَاقُهُ وَإِلَّا فَلَا. وَعِنْدَهُمَا لَا يَقَعُ مُطْلَقًا، وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَكَذَا لَوْ شَرِبَ شَرَابًا حُلْوًا فَلَمْ يُوَافِقْهُ فَزَالَ عَقْلُهُ فَطَلَّقَ، قَالَ مُحَمَّدٌ لَا يَقَعُ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى اهـ وَهَذَا إذَا لَمْ يَقْصِدْ بِهِ الْمَعْصِيَةَ وَإِلَّا فَيَقَعُ طَلَاقُهُ كَمَا يَأْتِي عَنْ الْبَحْرِ. وَفِي شَرْحِ الْوَهْبَانِيَّةِ: وَالصَّحِيحُ مِنْ مَذْهَبِ الصَّاحِبَيْنِ جَوَازُ شُرْبِهِ: أَيْ لَبَنِ الرِّمَاكِ وَلَا يُحَدُّ شَارِبُهُ إذَا سَكِرَ مِنْهُ عَلَى الصَّحِيحِ، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَجْتَمِعَ عَلَيْهِ كَمَا عَلَّلَ فِيمَا قَدَّمْنَاهُ اهـ أَيْ إلَّا أَنْ يَشْرَبَهُ لِلَّهْوِ وَالْمَعْصِيَةِ، ثُمَّ هَذَا كُلُّهُ مُخَالِفٌ لِمَا ذَكَرَهُ الْقُهُسْتَانِيُّ، وَإِلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّ هَذَا فِي غَيْرِ الْمُشْتَدِّ، وَكَلَامُ الْقُهُسْتَانِيِّ فِي الْمُشْتَدِّ، وَبِهِ يُشْعِرُ كَلَامُ الْهِدَايَةِ حَيْثُ قَالَ فِي تَعْلِيلِ حِلِّ لَبَنِ الرِّمَاكِ: لِأَنَّ كَرَاهِيَةَ لَحْمِهِ لِاحْتِرَامِهِ أَوْ لِئَلَّا يُؤَدِّيَ إلَى قَطْعِ مَادَّةِ الْجِهَادِ فَلَا

<<  <  ج: ص:  >  >>