للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَمَا كُرِهَ مَشْيُهُ فِي إقَامَتِهِ.

(وَيُجِيبُ) وُجُوبًا، وَقَالَ الْحَلْوَانِيُّ نَدْبًا، وَالْوَاجِبُ الْإِجَابَةُ بِالْقَدَمِ (مَنْ سَمِعَ الْأَذَانَ) وَلَوْ جُنُبًا لَا حَائِضًا وَنُفَسَاءَ وَسَامِعَ خُطْبَةٍ وَفِي صَلَاةِ جِنَازَةٍ وَجِمَاعٍ، وَمُسْتَرَاحٍ وَأَكْلٍ وَتَعْلِيمِ عِلْمٍ وَتَعَلُّمِهِ،

ــ

[رد المحتار]

الْأَفْضَلَ أَنْ يَكُونَ الْمُؤَذِّنُ هُوَ الْمُقِيمُ اهـ أَيْ لِحَدِيثِ «مَنْ أَذَّنَ فَهُوَ يُقِيمُ» وَتَمَامُهُ فِي حَاشِيَةِ نُوحٍ.

(قَوْلُهُ: كَمَا كُرِهَ إلَخْ) ذَكَرَهُ فِي رَوْضَةِ النَّاطِفِيِّ.

وَاخْتَلَفُوا عِنْدَ إتْمَامِهَا: أَيْ عِنْدَ: قَدْ قَامَتْ الصَّلَاةُ، فَقِيلَ يُتِمُّهَا مَاشِيًا، وَقِيلَ فِي مَكَانِهِ إمَامًا كَانَ الْمُؤَذِّنُ أَوْ غَيْرَهُ، وَهُوَ الْأَصَحُّ كَمَا فِي الْبَدَائِعِ. وَقَصَرَ فِي السِّرَاجِ الْخِلَافَ عَلَى مَا إذَا كَانَ إمَامًا، فَلَوْ غَيْرَهُ يُتِمُّهَا فِي مَوْضِعِ الْبُدَاءَةِ بِلَا خِلَافٍ نَهْرٌ

(قَوْلُهُ: وَقَالَ الْحَلْوَانِيُّ نَدْبًا إلَخْ) أَيْ قَالَ الْحَلْوَانِيُّ: إنَّ الْإِجَابَةَ بِاللِّسَانِ مَنْدُوبَةٌ وَالْوَاجِبَةُ هِيَ الْإِجَابَةُ بِالْقَدَمِ. قَالَ فِي النَّهْرِ: وَقَوْلُهُ بِوُجُوبِ الْإِجَابَةِ بِالْقَدَمِ مُشْكِلٌ؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ عَلَيْهِ وُجُوبُ الْأَدَاءِ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ وَفِي الْمَسْجِدِ إذْ لَا مَعْنَى لِإِيجَابِ الذَّهَابِ دُونَ الصَّلَاةِ وَمَا فِي شَهَادَاتِ الْمُجْتَبَى: سَمِعَ الْأَذَانَ وَانْتَظَرَ الْإِقَامَةَ فِي بَيْتِهِ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ مُخَرَّجٌ عَلَى قَوْلِهِ كَمَا لَا يَخْفَى. وَقَدْ سَأَلْت شَيْخَنَا الْأَخَ عَنْ هَذَا فَلَمْ يُبْدِ جَوَابًا اهـ. مَطْلَبٌ فِي كَرَاهَةِ تَكْرَارِ الْجَمَاعَةِ فِي الْمَسْجِدِ

أَقُولُ وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ: مَا قَالَهُ الْإِمَامُ الْحَلْوَانِيُّ مَبْنِيٌّ عَلَى مَا كَانَ فِي زَمَنِ السَّلَفِ مِنْ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ مَرَّةً وَاحِدَةً وَعَدَمِ تَكْرَارِهَا كَمَا هُوَ فِي زَمَنِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَزَمَنِ الْخُلَفَاءِ بَعْدَهُ، وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ تَكْرَارَهَا مَكْرُوهٌ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ إلَّا فِي رِوَايَةٍ عَنْ الْإِمَامِ وَرِوَايَةٍ عَنْ أَبِي يُوسُفَ كَمَا قَدَّمْنَاهُ قَرِيبًا، وَسَيَأْتِي أَنَّ الرَّاجِحَ عِنْدَ أَهْلِ الْمَذْهَبِ وُجُوبُ الْجَمَاعَةِ وَأَنَّهُ يَأْثَمُ بِتَفْوِيتِهَا اتِّفَاقًا. وَحِينَئِذٍ يَجِبُ السَّعْيُ بِالْقَدَمِ لَا لِأَجْلِ الْأَدَاءِ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ أَوْ فِي الْمَسْجِدِ، بَلْ لِأَجْلِ إقَامَةِ الْجَمَاعَةِ وَإِلَّا لَزِمَ فَوْتُهَا أَصْلًا أَوْ تَكْرَارُهَا فِي مَسْجِدٍ إنْ وَجَدَ جَمَاعَةً أُخْرَى وَكُلٌّ مِنْهُمَا مَكْرُوهٌ فَلِذَا قَالَ بِوُجُوبِ الْإِجَابَةِ بِالْقَدَمِ.

لَا يُقَالُ: يُمْكِنُهُ أَنْ يَجْمَعَ بِأَهْلِهِ فِي بَيْتِهِ: فَلَا يَلْزَمُ شَيْءٌ مِنْ الْمَحْذُورِينَ؛ لِأَنَّا نَقُولُ: إنَّ مَذْهَبَ الْإِمَامِ الْحَلْوَانِيِّ أَنَّهُ بِذَلِكَ لَا يَنَالُ ثَوَابَ الْجَمَاعَةِ وَأَنَّهُ يَكُونُ بِدْعَةً وَمَكْرُوهًا بِلَا عُذْرٍ، نَعَمْ قَدْ عَلِمْت أَنَّ الصَّحِيحَ أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ تَكْرَارُ الْجَمَاعَةِ إذَا لَمْ تَكُنْ عَلَى الْهَيْئَةِ الْأُولَى وَسَيَأْتِي فِي الْإِمَامَةِ أَنَّ الْأَصَحَّ أَنَّهُ لَوْ جَمَعَ بِأَهْلِهِ لَا يُكْرَهُ وَيَنَالُ فَضِيلَةَ الْجَمَاعَةِ لَكِنَّ جَمَاعَةَ الْمَسْجِدِ أَفْضَلُ، فَاغْتَنِمْ هَذَا التَّحْرِيرَ الْفَرِيدَ، وَيَأْتِي لَهُ قَرِيبًا بَعْضُ مَزِيدٍ.

(قَوْلُهُ: مَنْ سَمِعَ الْأَذَانَ) يُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَسْمَعْ لِصَمَمٍ أَوْ لِبُعْدٍ أَنَّهُ لَا يُجِيبُ، وَهُوَ ظَاهِرُ الْحَدِيثِ الْآتِي إذَا سَمِعْتُمْ الْأَذَانَ حَيْثُ عُلِّقَ عَلَى السَّمَاعِ، وَقَدْ صَرَّحَ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ بِأَنَّهُ الظَّاهِرُ، وَبِأَنَّهُ يُجِيبُ فِي جَمِيعِهِ إذَا لَمْ يَسْمَعْ إلَّا بَعْضَهُ.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ جُنُبًا) لِأَنَّ إجَابَةَ الْمُؤَذِّنِ لَيْسَتْ بِأَذَانٍ بَحْرٌ عَنْ الْخُلَاصَةِ.

(قَوْلُهُ: لَا حَائِضًا وَنُفَسَاءَ) لِأَنَّهُمَا لَيْسَا مِنْ أَهْلِ الْإِجَابَةِ بِالْفِعْلِ فَكَذَا بِالْقَوْلِ إمْدَادٌ: أَيْ بِخِلَافِ الْجُنُبِ فَإِنَّهُ مُخَاطَبٌ بِالصَّلَاةِ؛ وَلِأَنَّ حَدَثَهُ أَخَفُّ مِنْ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ لِإِمْكَانِ إزَالَتِهِ سَرِيعًا.

(قَوْلُهُ: وَسَامِعَ خُطْبَةٍ) أَيِّ خُطْبَةٍ كَانَتْ ط، وَهَذَا وَمَا بَعْدَهُ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ حَائِضًا.

(قَوْلُهُ: وَفِي صَلَاةِ جِنَازَةٍ) سَقَطَ مِنْ بَعْضِ النُّسَخِ لَفْظُ صَلَاةٍ مُوَافِقًا لِمَا فِي الْبَحْرِ عَنْ الْمُجْتَبَى، وَعِبَارَةُ الْإِمْدَادِ: وَصَلَاةٍ وَلَوْ جِنَازَةً.

(قَوْلُهُ: وَمُسْتَرَاحٍ) أَيْ بَيْتِ الْخَلَاءِ.

(قَوْلُهُ: وَتَعْلِيمِ عِلْمٍ) أَيْ شَرْعِيٍّ فِيمَا يَظْهَرُ، وَلِذَا عَبَّرَ فِي الْجَوْهَرَةِ بِقِرَاءَةِ الْفِقْهِ.

(قَوْلُهُ: بِخِلَافِ قُرْآنٍ) لِأَنَّهُ لَا يَفُوتُ، جَوْهَرَةٌ، وَلَعَلَّهُ لِأَنَّ تَكْرَارَ الْقِرَاءَةِ إنَّمَا هُوَ لِلْأَجْرِ فَلَا يَفُوتُ بِالْإِجَابَةِ، بِخِلَافِ التَّعَلُّمِ، فَعَلَى هَذَا لَوْ يَقْرَأُ تَعْلِيمًا أَوْ تَعَلُّمًا لَا يَقْطَعُ سَائِحَانِيٌّ.

<<  <  ج: ص:  >  >>