للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِخِلَافِ قُرْآنٍ (بِأَنْ يَقُولَ) بِلِسَانِهِ (كَمَقَالَتِهِ) إنْ سَمِعَ الْمَسْنُونَ مِنْهُ، وَهُوَ مَا كَانَ عَرَبِيًّا لَا لَحْنَ فِيهِ، وَلَوْ تَكَرَّرَ أَجَابَ الْأَوَّلَ (إلَّا فِي الْحَيْعَلَتَيْنِ) فَيُحَوْقِلُ (وَفِي الصَّلَاةِ خَيْرٌ مِنْ النَّوْمِ) فَيَقُولُ: صَدَقْتَ وَبَرِرْتَ. وَيُنْدَبُ الْقِيَامُ عِنْدَ سَمَاعِ الْأَذَانِ بَزَّازِيَّةٌ، وَلَمْ يَذْكُرْ

ــ

[رد المحتار]

[تَنْبِيهٌ] هَلْ يُجِيبُ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ هَذِهِ الْمَذْكُورَاتِ أَمْ لَا؟ يَنْبَغِي أَنَّهُ إنْ لَمْ يَطُلْ الْفَصْلُ فَنَعَمْ، وَإِنْ طَالَ فَلَا، أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي، لَكِنْ صَرَّحَ فِي الْفَيْضِ أَنَّهُ لَوْ سُلِّمَ عَلَى الْمُؤَذِّنِ أَوْ الْمُصَلِّي أَوْ الْقَارِئِ أَوْ الْخَطِيبِ، فَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ لَا يَلْزَمُهُ الرَّدُّ بَعْدَ الْفَرَاغِ، بَلْ يَرُدُّ فِي نَفْسِهِ. وَعَنْ مُحَمَّدٍ: يَرُدُّ بَعْدَهُ: وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ: لَا يَرُدُّ مُطْلَقًا، هُوَ الصَّحِيحُ، وَأَجْمَعُوا أَنَّ الْمُتَغَوِّطَ لَا يَلْزَمُهُ مُطْلَقًا اهـ تَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: كَمَقَالَتِهِ) أَيْ مِثْلِهَا فِي الْقَوْلِ لَا فِي الصِّفَةِ مِنْ رَفْعِ صَوْتٍ وَنَحْوِهِ.

(قَوْلُهُ: إنْ سَمِعَ الْمَسْنُونَ مِنْهُ) الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ مَا كَانَ مَسْنُونًا جَمِيعُهُ، فَمِنْ لِبَيَانِ الْجِنْسِ لَا لِلتَّبْعِيضِ، فَلَوْ كَانَ بَعْضُ كَلِمَاتِهِ غَيْرَ عَرَبِيٍّ أَوْ مَلْحُونًا لَا تَجِبُ عَلَيْهِ الْإِجَابَةُ فِي الْبَاقِي؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ لَيْسَ أَذَانًا مَسْنُونًا، كَمَا لَوْ كَانَ كُلُّهُ كَذَلِكَ، أَوْ كَانَ قَبْلَ الْوَقْتِ، أَوْ مِنْ جُنُبٍ أَوْ امْرَأَةٍ. وَيَحْتَمِلُ أَنَّ الْمُرَادَ مَا كَانَ مَسْنُونًا مِنْ أَفْرَادِ كَلِمَاتِهِ، فَيُجِيبُ الْمَسْنُونَ مِنْهَا دُونَ غَيْرِهِ، وَهُوَ بَعِيدٌ تَأَمَّلْ؛ لِأَنَّهُ يَسْتَلْزِمُ اسْتِمَاعَهُ وَالْإِصْغَاءَ إلَيْهِ وَقَدْ ذَكَرَ فِي الْبَحْرِ أَنَّهُمْ صَرَّحُوا بِأَنَّهُ لَا يَحِلُّ سَمَاعُ الْمُؤَذِّنِ إذَا لَحَنَ كَالْقَارِئِ، وَقَدَّمْنَا أَنَّهُ لَا يَصِحُّ بِالْفَارِسِيَّةِ وَإِنْ عُلِمَ أَنَّهُ أَذَانٌ فِي الْأَصَحِّ بَقِيَ هَلْ يُجِيبُ أَذَانَ غَيْرِ الصَّلَاةِ كَالْأَذَانِ لِلْمَوْلُودِ؟ لَمْ أَرَهُ لِأَئِمَّتِنَا، وَالظَّاهِرُ نَعَمْ؛ وَلِذَا يَلْتَفِتُ فِي حَيْعَلَتِهِ كَمَا مَرَّ، وَهُوَ ظَاهِرُ الْحَدِيثِ، إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّ أَلْ فِيهِ لِلْعَهْدِ، وَهَلْ يُجِيبُ التَّرْجِيعَ إذَا سَمِعَهُ مِنْ شَافِعِيٍّ بِنَاءً عَلَى اعْتِقَادِهِ أَنَّهُ سُنَّةٌ؟ مَحَلُّ تَرَدُّدٍ كَمَا تَرَدَّدَ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ فِيمَنْ سَمِعَ الْإِقَامَةَ مِنْ حَنَفِيٍّ يُثَنِّيهَا، وَاسْتَوْجَبَهُ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ لَا يُجِيبُ فِي الزِّيَادَةِ كَمَا لَوْ زَادَ فِي الْأَذَانِ تَكْبِيرًا، لَكِنَّ قِيَاسَهُ عَلَى الزِّيَادَةِ فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ لَا قَائِلَ بِهَا، بِخِلَافِ مَا نَحْنُ فِيهِ فَإِنَّهُ مُجْتَهَدٌ فِيهِ تَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ تَكَرَّرَ) أَيْ بِأَنْ أَذَّنَ وَاحِدٌ بَعْدَ وَاحِدٍ، أَمَّا لَوْ سَمِعَهُمْ فِي آنٍ وَاحِدٍ مِنْ جِهَاتٍ فَسَيَأْتِي.

(قَوْلُهُ: أَجَابَ الْأَوَّلَ) سَوَاءٌ كَانَ مُؤَذِّنَ مَسْجِدِهِ أَوْ غَيْرَهُ بَحْرٌ عَنْ الْفَتْحِ بَحْثًا. وَيُفِيدُهُ مَا فِي الْبَحْرِ أَيْضًا عَنْ التَّفَارِيقِ: إذَا كَانَ فِي الْمَسْجِدِ أَكْثَرُ مِنْ مُؤَذِّنٍ أَذَّنُوا وَاحِدًا بَعْدَ وَاحِدٍ، فَالْحُرْمَةُ لِلْأَوَّلِ اهـ لَكِنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مَبْنِيًّا عَلَى أَنَّ الْإِجَابَةَ بِالْقَدَمِ، أَوْ عَلَى أَنَّ تَكْرَارَهُ فِي مَسْجِدٍ وَاحِدٍ يُوجِبُ أَنْ يَكُونَ الثَّانِي غَيْرَ مَسْنُونٍ، بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ مِنْ مَحَلَّاتٍ مُخْتَلِفَةٍ تَأَمَّلْ. وَيَظْهَرُ لِي إجَابَةُ الْكُلِّ بِالْقَوْلِ لِتَعَدُّدِ السَّبَبِ وَهُوَ السَّمَاعُ كَمَا اعْتَمَدَهُ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ.

(قَوْلُهُ: فَيُحَوْقِلُ) أَيْ يَقُولُ " لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ " وَزَادَ فِي عُمْدَةِ الْمُفْتِي " مَا شَاءَ اللَّهُ كَانَ " وَخَيَّرَ بَيْنَهُمَا فِي الْكَافِي. وَفَصَّلَ فِي الْمُحِيطِ بِأَنْ يَأْتِيَ بِالْحَوْقَلَةِ مَكَانَ الصَّلَاةِ، وَبِالْمَشِيئَةِ مَكَانَ الْفَلَاحِ إسْمَاعِيلُ وَالْمُخْتَارُ الْأَوَّلُ نُوحٌ أَفَنْدِي. ثُمَّ إنَّ الْإِتْيَانَ بِالْحَوْقَلَةِ وَإِنْ خَالَفَ ظَاهِرَ قَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «فَقُولُوا مِثْلَ مَا يَقُولُ» لَكِنَّهُ وَرَدَ فِيهِ حَدِيثٌ مُفَسِّرٌ لِذَلِكَ رَوَاهُ مُسْلِمٌ، وَاخْتَارَ فِي الْفَتْحِ الْجَمْعَ بَيْنَهُمَا عَمَلًا بِالْأَحَادِيثِ، قَالَ: فَإِنَّهُ وَرَدَ فِي بَعْضِهَا صَرِيحًا «إذَا قَالَ حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ قَالَ حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ إلَخْ» وَقَوْلُهُمْ إنَّهُ يُشْبِهُ الِاسْتِهْزَاءَ لَا يَتِمُّ، إذْ لَا مَانِعَ مِنْ اعْتِبَارِهِ مُجِيبًا بِهِمَا دَاعِيًا نَفْسَهُ مُخَاطِبًا لَهَا، وَقَدْ رَأَيْنَا مِنْ مَشَايِخِ السُّلُوكِ مَنْ كَانَ يَجْمَعُ بَيْنَهُمَا فَيَدْعُو نَفْسَهُ ثُمَّ يَتَبَرَّأُ مِنْ الْحَوْلِ وَالْقُوَّةِ لِيَعْمَلَ بِالْحَدِيثَيْنِ، وَقَدْ أَطَالَ فِي ذَلِكَ وَأَقَرَّهُ فِي الْبَحْرِ وَالنَّهْرِ وَغَيْرِهِمَا. قُلْت: وَهُوَ مَذْهَبُ سُلْطَانِ الْعَارِفِينَ سَيِّدِي مُحْيِي الدِّينِ نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْفُتُوحَاتِ الْمَكِّيَّةِ.

(قَوْلُهُ: فَيَقُولُ صَدَقْتَ وَبَرِرْتَ) بِكَسْرِ الرَّاءِ الْأُولَى وَحُكِيَ فَتْحُهَا: أَيْ صِرْت ذَا بِرٍّ: أَيْ خَيْرٍ كَثِيرٍ، قِيلَ يَقُولُ لِلْمُنَاسَبَةِ، وَلِوُرُودِ خَبَرٍ فِيهِ. وَرُدَّ بِأَنَّهُ غَيْرُ مَعْرُوفٍ وَأُجِيبَ بِأَنَّ مَنْ حَفِظَ حُجَّةً عَلَى مَنْ لَمْ يَحْفَظْ. وَنَقَلَ الشَّيْخُ إسْمَاعِيلُ عَنْ شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ زِيَادَةٌ " وَبِالْحَقِّ نَطَقْتَ ".

(قَوْلُهُ: بَزَّازِيَّةٌ) كَذَا نَقَلَهُ فِي النَّهْرِ وَلَمْ أَرَهُ فِيهَا، فَلْتُرَاجَعْ نُسْخَةٌ أُخْرَى، نَعَمْ رَأَيْت فِيهَا سَمِعَ وَهُوَ يَمْشِي، فَالْأَفْضَلُ أَنْ يَقِفَ لِلْإِجَابَةِ لِيَكُونَ فِي مَكَان وَاحِدٍ. اهـ.

(قَوْلُهُ: وَلَمْ يَذْكُرْ إلَخْ) هُوَ لِصَاحِبِ النَّهْرِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>