للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَيْضًا بَعْضُهُ أَمَانَةٌ بِحِسَابِهِ فَتَنَبَّهْ (فَمَاتَتْ) بِلَا ذَبْحٍ (فَدُبِغَ جِلْدُهَا بِمَا لَا قِيمَةَ لَهُ) فَلَوْ لَهُ قِيمَةٌ ثَبَتَ لِلْمُرْتَهِنِ حَقُّ حَبْسِهِ بِمَا زَادَ دِبَاغُهُ، وَهَلْ يَبْطُلُ الرَّهْنُ؟ قَوْلَانِ (وَهُوَ) أَيْ الْجِلْدُ (يُسَاوِي دِرْهَمًا فَهُوَ رَهْنٌ بِهِ، بِخِلَافِ مَا إذَا مَاتَتْ الشَّاةُ الْمَبِيعَةُ قَبْلَ الْقَبْضِ فَدُبِغَ جِلْدُهَا) حَيْثُ لَا يَعُودُ الْبَيْعُ بِقَدْرِهِ عَلَى الْمَشْهُورِ.

وَالْفَرْقُ أَنَّ الرَّهْنَ يَتَقَرَّرُ بِالْهَلَاكِ وَالْبَيْعُ قَبْلَ الْقَبْضِ يُفْسَخُ بِهِ.

(وَلَوْ أَبَقَ عَبْدُ الرَّهْنِ وَجُعِلَ) الْعَبْدُ (بِالدَّيْنِ ثُمَّ عَادَ يَعُودُ الدَّيْنُ وَالرَّهْنُ) خِلَافًا لِزُفَرَ

(وَنَمَاءُ الرَّهْنِ) كَالْوَلَدِ وَالثَّمَرِ وَاللَّبَنِ وَالصُّوفِ وَالْوَبَرِ وَالْأَرْشِ وَنَحْوِ ذَلِكَ (لِلرَّاهِنِ) لِتَوَلُّدِهِ مِنْ مِلْكِهِ (وَهُوَ رَهْنٌ مَعَ الْأَصْلِ) تَبَعًا لَهُ (بِخِلَافِ مَا هُوَ بَدَلٌ عَنْ الْمَنْفَعَةِ كَالْكَسْبِ وَالْأُجْرَةِ) وَكَذَا الْهِبَةُ وَالصَّدَقَةُ (فَإِنَّهَا غَيْرُ دَاخِلَةٍ فِي الرَّهْنِ وَتَكُونُ لِلرَّاهِنِ) الْأَصْلُ أَنَّ كُلَّ مَا يَتَوَلَّدُ مِنْ عَيْنِ الرَّهْنِ يَسْرِي إلَيْهِ حُكْمُ الرَّهْنِ وَمَا لَا فَلَا مَجْمَعُ الْفَتَاوَى.

(وَإِذَا هَلَكَ النَّمَاءُ) الْمَذْكُورُ (هَلَكَ مَجَّانًا) لِأَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ تَحْتَ الْعَقْدِ مَقْصُودٌ (وَإِذَا بَقِيَ) النَّمَاءُ أَيْ وَلَوْ حُكْمًا بِأَنْ أَكَلَ بِالْإِذْنِ فَإِنَّهُ لَا يُسْقِطُ حِصَّةَ مَا أَكَلَ مِنْهُ فَيَرْجِعُ بِهِ عَلَى الرَّاهِنِ، كَمَا إذَا هَلَكَ الْأَصْلُ بَعْدَ الْأَكْلِ فَإِنَّهُ

ــ

[رد المحتار]

لِأَنَّ بِإِزَاءِ كُلِّ دِرْهَمٍ مِنْ الشَّاةِ نِصْفَ دِرْهَمٍ مِنْ الدَّيْنِ فَيَكُونُ الْجِلْدُ رَهْنًا بِنِصْفِ دِرْهَمٍ وَيَسْقُطُ بِإِزَاءِ اللَّحْمِ تِسْعَةٌ وَنِصْفٌ وَإِنْ كَانَ قِيمَتُهَا أَقَلَّ مِنْ الدَّيْنِ بِأَنْ كَانَتْ بِخَمْسَةٍ وَالْجِلْدُ بِدِرْهَمٍ فَالْجِلْدُ رَهْنٌ بِسِتَّةٍ، وَإِذَا هَلَكَ الْجِلْدُ بَعْدَ ذَلِكَ هَلَكَ بِدِرْهَمٍ وَاحِدٍ فَيَرْجِعُ عَلَى الرَّاهِنِ بِالْخَمْسَةِ الْبَاقِيَةِ مِنْ الدَّيْنِ، وَتَمَامُ بَيَانِهِ فِي الْكِفَايَةِ وَغَيْرِهَا (قَوْلُهُ بِلَا ذَبْحٍ) أَمَّا إذَا ذُبِحَتْ كَانَتْ بِتَمَامِهَا مَضْمُونَةٌ. ط (قَوْلُهُ بِمَا لَا قِيمَةَ لَهُ) بِأَنْ تَرَّبَهُ أَوْ شَمَّسَهُ مِعْرَاجٌ (قَوْلُهُ وَهَلْ يَبْطُلُ الرَّهْنُ: قَوْلَانِ) أَحَدُهُمَا يَبْطُلُ وَيَصِيرُ الْجِلْدُ رَهْنًا بِقِيمَةِ مَا زَادَ الدِّبَاغُ فِيهِ، حَتَّى لَوْ أَدَّاهَا الرَّاهِنُ أَخَذَ الْجِلْدَ لِأَنَّهُ صَارَ مَرْهُونًا بِالدَّيْنِ الثَّانِي حُكْمًا.

ثَانِيهِمَا: لَا يَبْطُلُ لِأَنَّ الشَّيْءَ يَبْطُلُ بِمَا هُوَ مِثْلُهُ أَوْ فَوْقَهُ لَا بِمَا دُونَهُ، وَالرَّهْنُ الثَّانِي هُنَا دُونَ الْأَوَّلِ لِأَنَّهُ إنَّمَا اسْتَحَقَّ حَبْسَ الْجِلْدِ بِالْمَالِيَّةِ الَّتِي اتَّصَلَتْ بِالْجِلْدِ بِحُكْمِ الدَّبْغِ وَهِيَ تَبَعٌ لِلْجِلْدِ. وَالرَّهْنُ الْأَوَّلُ بِمَا هُوَ أَصْلٌ بِنَفْسِهِ وَهُوَ الدَّيْنُ فَيَكُونُ أَقْوَى فَلَمْ يَرْتَفِعْ بِالثَّانِي وَيَثْبُتُ الثَّانِي أَيْضًا لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ رَدُّهُ كِفَايَةٌ مُلَخَّصًا (قَوْلُهُ وَهُوَ يُسَاوِي دِرْهَمًا) يَعْنِي يَوْمَ الرَّهْنِ.

وَأَمَّا إذَا كَانَتْ قِيمَتُهُ دِرْهَمَيْنِ فَهُوَ رَهْنٌ بِدِرْهَمَيْنِ وَيُعْرَفُ ذَلِكَ بِأَنْ يَنْظُرَ إلَى قِيمَةِ الشَّاةِ حَيَّةً وَمَسْلُوخَةً، فَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهَا حَيَّةً عَشَرَةً وَمَسْلُوخَةً تِسْعَةً كَانَتْ قِيمَةُ الْجِلْدِ يَوْمَ الِارْتِهَانِ دِرْهَمًا وَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهَا مَسْلُوخَةً ثَمَانِيَةً كَانَتْ دِرْهَمَيْنِ عِنَايَةٌ (قَوْلُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ) وَهُوَ قَوْلُ الْعَامَّةِ، وَمِنْ الْمَشَايِخِ مَنْ قَالَ بِعَوْدِ الْبَيْعِ كَالرَّهْنِ إتْقَانِيٌّ (قَوْلُهُ يَتَقَرَّرُ بِالْهَلَاكِ) لِأَنَّ الْمُرْتَهِنَ صَارَ مُسْتَوْفِيًا بِالْهَلَاكِ فَيَتَأَكَّدُ عَقْدُ الرَّهْنِ، فَإِذَا عَادَتْ الْمَالِيَّةُ بِالدِّبَاغِ صَادَفَتْ عَقْدًا قَائِمًا فَيَثْبُتُ فِيهِ حُكْمُهُ بِقِسْطِهِ إتْقَانِيٌّ (قَوْلُهُ يُفْسَخُ بِهِ) أَيْ يُنْتَقَضُ بِالْهَلَاكِ وَلَا عَوْدَ بَعْدَ انْتِقَاضٍ إتْقَانِيٌّ

(قَوْلُهُ وَجُعِلَ الْعَبْدُ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ: أَيْ جَعَلَ الرَّاهِنُ أَوْ الْقَاضِي الْعَبْدَ بِمُقَابَلَةِ دَيْنِ الْمُرْتَهِنِ ط (قَوْلُهُ يَعُودُ الدَّيْنُ) أَيْ إلَّا بِقَدْرِ نُقْصَانِ عَيْبِ الْإِبَاقِ كَمَا يَأْتِي لَهُ ط.

وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ: يَعُودُ الرَّهْنُ، وَفِي بَعْضِهَا يَعُودُ الدَّيْنُ فِي الرَّهْنِ.

(قَوْلُهُ وَهُوَ رَهْنٌ مَعَ الْأَصْلِ) فَيَكُونُ لِلرَّاهِنِ حَبْسُهُ وَيَنْقَسِمُ الدَّيْنُ عَلَيْهِمَا عَلَى قَدْرِ قِيمَتِهِمَا بِشَرْطِ بَقَاءِ النَّمَاءِ إلَى وَقْتِ الْفِكَاكِ، وَإِنْ هَلَكَ قَبْلَ ذَلِكَ لَمْ يَسْقُطْ بِمُقَابَلَتِهِ شَيْءٌ وَيُجْعَلُ كَأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ كَمَا سَيُوَضِّحُهُ. (قَوْلُهُ الْأَصْلُ أَنَّ كُلَّ مَا يَتَوَلَّدُ مِنْ عَيْنِ الرَّهْنِ) أَيْ أَوْ يَكُونُ بَدَلًا عَنْ جُزْءٍ مِنْ أَجْزَاءِ عَيْنِ الرَّهْنِ كَالْأَرْشِ وَالْعُقْرِ هِنْدِيَّةٌ

(قَوْلُهُ هَلَكَ مَجَّانًا) أَيْ إلَّا الْأَرْشَ فَإِنَّهُ إذَا هَلَكَ سَقَطَ مِنْ الدَّيْنِ مَا بِإِزَائِهِ لِأَنَّهُ بَدَلُ جُزْئِهِ فَقَامَ مَقَامَ الْمُبْدَلِ كَذَا فِي الْقُهُسْتَانِيِّ ح (قَوْلُهُ أَيْ وَلَوْ حُكْمًا إلَخْ) هَذَا التَّعْمِيمُ هُوَ مَا سَيُصَرِّحُ بِهِ الْمُصَنِّفُ فِي قَوْلِهِ الْآتِي وَإِنْ لَمْ يُفْتَكَّ الرَّهْنُ إلَخْ (قَوْلُهُ كَمَا إذَا هَلَكَ الْأَصْلُ بَعْدَ الْأَكْلِ) الظَّاهِرُ أَنَّهُ أَرَادَ بِقَوْلِهِ " أَوْ لَا بِأَنْ أَكَلَ بِالْإِذْنِ " عَكْسَ هَذَا وَهُوَ مَا إذَا أَكَلَ بَعْدَ هَلَاكِ الْأَصْلِ، بِأَنْ هَلَكَ وَبَقِيَ نَمَاؤُهُ كَالثَّمَرَةِ ثُمَّ أَكَلَهُ وَإِلَّا لَزِمَ تَشْبِيهُ الشَّيْءِ بِنَفْسِهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>