للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُقْسَمُ الدَّيْنُ عَلَى قِيمَتِهِمَا قُهُسْتَانِيٌّ ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ (بَعْدَ هَلَاكِ الْأَصْلِ فَكَّ بِحِصَّتِهِ) مِنْ الدَّيْنِ لِأَنَّهُ صَارَ مَقْصُودًا بِالْفِكَاكِ، وَالتَّبَعُ يُقَابِلُهُ شَيْءٌ إذَا كَانَ مَقْصُودًا (وَ) حِينَئِذٍ (يُقْسَمُ الدَّيْنُ عَلَى قِيمَتِهِ يَوْمَ الْفِكَاكِ وَقِيمَةُ الْأَصْلِ يَوْمَ الْقَبْضِ، وَيَسْقُطُ مِنْ الدَّيْنِ حِصَّةُ الْأَصْلِ وَفَكِّ النَّمَاءِ بِحِصَّتِهِ) كَمَا لَوْ كَانَ الدَّيْنُ عَشَرَةً وَقِيمَةُ الْأَصْلِ يَوْمَ الْقَبْضِ عَشَرَةٌ وَقِيمَةُ النَّمَاءِ يَوْمَ الْفَكِّ خَمْسَةٌ فَثُلُثَا الْعَشَرَةِ حِصَّةُ الْأَصْلِ فَيَسْقُطُ وَثُلُثُ الْعَشَرَةِ حِصَّةُ النَّمَاءِ فَيَفُكُّ بِهِ

(وَلَوْ أَذِنَ الرَّاهِنُ لِلْمُرْتَهِنِ فِي أَكْلِ الزَّوَائِدِ) أَيْ أَكْلِ زَوَائِدِ الرَّهْنِ بِأَنْ قَالَ لَهُ مَهْمَا زَادَ فَكُلْهُ (فَأَكَلَهَا) ظَاهِرُهُ يَعُمُّ أَكْلَ ثَمَنِهَا، وَبِهِ أَفْتَى الْمُصَنِّفُ.

قَالَ: إلَّا أَنْ يُوجَدَ نَقْلٌ يُخَصِّصُ حَقِيقَةَ الْأَكْلِ فَيَتْبَعَ (فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْمُرْتَهِنِ، لِأَنَّهُ أَتْلَفَهُ بِإِذْنِ الْمَالِكِ وَالْإِطْلَاقُ يَجُوزُ تَعْلِيقُهُ بِالشَّرْطِ وَالْخَطَرِ، بِخِلَافِ التَّمْلِيكِ (وَلَا يَسْقُطُ شَيْءٌ مِنْ الدَّيْنِ) قَالَ فِي الْجَوَاهِرِ: رَجُلٌ رَهَنَ دَارًا وَأَبَاحَ السُّكْنَى لِلْمُرْتَهِنِ فَوَقَعَ بِسُكْنَاهُ خَلَلٌ وَخَرِبَ الْبَعْضُ لَا يَسْقُطُ شَيْءٌ مِنْ الدَّيْنِ لِأَنَّهُ لَمَّا أَبَاحَ لَهُ السُّكْنَى أَخَذَ حُكْمَ الْعَارِيَّةِ، حَتَّى لَوْ أَرَادَ مَنْعَهُ كَانَ لَهُ ذَلِكَ.

وَفِي الْمُضْمَرَاتِ: وَلَوْ رَهَنَ شَاةً فَقَالَ لَهُ الرَّاهِنُ كُلْ وَلَدَهَا وَاشْرَبْ لَبَنَهَا فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، وَكَذَا لَوْ أَذِنَ لَهُ فِي ثَمَرَةِ الْبُسْتَانِ فَصَارَ أَكْلُهُ كَأَكْلِ الرَّاهِنِ ثُمَّ نُقِلَ عَنْ التَّهْذِيبِ أَنَّهُ يُكْرَهُ لِلْمُرْتَهِنِ أَنْ يَنْتَفِعَ بِالرَّهْنِ وَإِنْ أَذِنَ لَهُ الرَّاهِنُ.

قَالَ الْمُصَنِّفُ: وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ مَا عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَسْلَمَ مِنْ أَنَّهُ لَا يَحِلُّ لِلْمُرْتَهِنِ ذَلِكَ وَلَوْ بِالْإِذْنِ لِأَنَّهُ رِبًا. -

ــ

[رد المحتار]

وَعِبَارَةُ الْقُهُسْتَانِيِّ: وَإِنْ هَلَكَ الْأَصْلُ وَبَقِيَ النَّمَاءُ وَلَوْ حُكْمًا، كَمَا إذَا أَكَلَ الرَّاهِنُ أَوْ الْمُرْتَهِنُ أَوْ أَجْنَبِيٌّ مِنْ النَّمَاءِ بِالْإِذْنِ فَإِنَّهُ لَمْ يُسْقِطْ حِصَّةَ مَا أَكَلَ مِنْهُ فَيَرْجِعْ بِهِ عَلَى الرَّاهِنِ، وَكَمَا إذَا هَلَكَ الْأَصْلُ بَعْدَ الْأَكْلِ فَإِنَّهُ يُقَسَّمُ الدَّيْنُ عَلَى قِيمَتِهَا وَيُرْجَعُ عَلَى الرَّاهِنِ بِقِيمَةِ مَا أَكَلَ الْكُلُّ فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ اهـ. (قَوْلُهُ كَمَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ) اُنْظُرْ مَا مَرْجِعُ الضَّمِيرِ الْمَنْصُوبِ (قَوْلُهُ فَكَّ) أَيْ النَّمَاءُ بِحِصَّتِهِ، فَلَوْ هَلَكَ أَيْضًا بَعْدَ هَلَاكِ الْأَصْلِ ذَهَبَ بِلَا شَيْءٍ كَأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ وَذَهَبَ كُلُّ الدَّيْنِ بِهَلَاكِ الْأَصْلِ، وَتَمَامُهُ فِي غُرَرِ الْأَفْكَارِ (قَوْلُهُ وَالتَّبَعُ يُقَابِلُهُ شَيْءٌ إذَا كَانَ مَقْصُودًا) كَوَلَدِ الْمَبِيعِ فَإِنَّهُ يَصِيرُ مَبِيعًا تَبَعًا وَلَا يَصِيرُ لَهُ حِصَّةٌ مِنْ الثَّمَنِ إلَّا إذَا صَارَ مَقْصُودًا بِالْقَبْضِ عِنْدَنَا مِعْرَاجٌ (قَوْلُهُ يَوْمَ الْفِكَاكِ) لِأَنَّهُ إنَّمَا صَارَ مَضْمُونًا بِالْفِكَاكِ، إذْ لَوْ هَلَكَ قَبْلَهُ يَهْلِكُ مَجَّانًا عِنَايَةٌ (قَوْلُهُ يَوْمَ الْقَبْضِ) لِأَنَّهُ مَضْمُونٌ بِالْقَبْضِ كَمَا تَقَدَّمَ عِنَايَةٌ (قَوْلُهُ فَيَسْقُطُ) أَيْ بِسَبَبِ هَلَاكِ الْأَصْلِ

(قَوْلُهُ وَبِهِ أَفْتَى الْمُصَنِّفُ) حَيْثُ سُئِلَ عَمَّنْ رَهَنَ نَخْلًا وَأَبَاحَ لِلْمُرْتَهِنِ ثِمَارَهَا هَلْ يَمْلِكُ أَنْ يَبِيعَهَا وَيَتَمَوَّلُهَا أَمْ يَمْلِكُ الْأَكْلَ بِنَفْسِهِ فَقَطْ؟ فَأَجَابَ: ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّ لَهُ التَّصَرُّفَ مُطْلَقًا إذْ الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ مِنْ قَوْلِهِمْ فَأَكَلَهَا أَكْلَهَا أَوْ أَكْلَ ثَمَنِهَا إلَّا أَنْ يُوجَدَ نَقْلٌ صَرِيحٌ بِتَخْصِيصِ الْأَكْلِ دُونَ غَيْرِهِ اهـ مِنْ حَاشِيَةِ الْحَمَوِيِّ مُلَخَّصًا.

وَأَوْرَدَ عَلَيْهِ أَنَّ الْمَعْنَى الْحَقِيقِيَّ هُوَ الظَّاهِرُ، وَمُدَّعِي الَأَعَمِّيَّةِ مُحْتَاجٌ إلَى الدَّلِيلِ.

قُلْتُ: وَسَيَذْكُرُ الشَّارِحُ عَنْ الْجَوَاهِرِ: وَلَوْ أَبَاحَ لَهُ نَفْعَهُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُؤَجِّرَهُ تَأَمَّلْ.

وَقَالَ السَّائِحَانِيُّ: أَقُولُ ظَاهِرُهُ أَنَّ أَكْلَ الزَّوَائِدِ الْمَأْكُولَةِ إنَّمَا هُوَ أَكْلُ نَفْسِهَا لَا أَكْلُ بَدَلِهَا وَهَذَا أَمْرٌ مَكْشُوفٌ لِكُلِّ أَحَدٍ بِالْبَدِيهَةِ اهـ نَعَمْ يَظْهَرُ ذَلِكَ إذَا كَانَتْ مِمَّا لَا يُؤْكَلُ كَمَا ذَكَرَهُ الرَّحْمَتِيُّ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ أَتْلَفَهُ بِإِذْنِ الْمَالِكِ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ لَوْ أَتْلَفَهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ ضَمِنَ وَكَانَتْ الْقِيمَةُ رَهْنًا مَعَ الشَّاةِ، وَكَذَا لَوْ فَعَلَ الرَّاهِنُ ذَلِكَ بِدُونِ إجَازَةِ الْمُرْتَهِنِ عِنَايَةٌ (قَوْلُهُ وَالْإِطْلَاقُ) أَيْ الْإِبَاحَةُ اهـ ح (قَوْلُهُ يَجُوزُ تَعْلِيقُهُ) لِأَنَّهُ لَيْسَ بِتَمْلِيكٍ إتْقَانِيٌّ (قَوْلُهُ بِالشَّرْطِ) وَهُوَ قَوْلُهُ هُنَا مَهْمَا زَادَ فَكُلُّهُ (قَوْلُهُ وَالْخَطَرُ) بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَالطَّاءِ الْمُهْمَلَةِ: الْإِشْرَافُ عَلَى الْهَلَاكِ كَمَا فِي الْقَامُوسِ وَالْمُغْرِبِ، وَالْمُرَادُ بِهِ هُنَا مَا احْتَمَلَ الْوُجُودَ وَالْعَدَمَ فَهُوَ بِمَعْنَى الشَّرْطِ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ إلَخْ) بِأَنْ يُرَادَ مِنْ نَفْيِ الْحِلِّ الْكَرَاهَةُ (قَوْلُهُ مَا عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَسْلَمَ) الَّذِي فِي الْمِنَحِ أَوَّلَ كِتَابِ الرَّهْنِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ اهـ ح.

<<  <  ج: ص:  >  >>