للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قُلْتُ: وَتَعْلِيلُهُ يُفِيدُ أَنَّهَا تَحْرِيمِيَّةٌ فَتَأَمَّلْهُ

(وَإِنْ لَمْ يَفْتَكَّ) الرَّاهِنُ (الرَّهْنَ) بَلْ بَقِيَ عِنْدَ الْمُرْتَهِنِ عَلَى حَالِهِ (حَتَّى لَوْ هَلَكَ) الرَّهْنُ كَمَا فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ (قُسِّمَ الدَّيْنُ عَلَى قِيمَةِ النَّمَاءِ) أَيْ الزِّيَادَةِ (الَّتِي أَكَلَهَا الْمُرْتَهِنُ وَعَلَى قِيمَةِ الْأَصْلِ، فَمَا أَصَابَ الْأَصْلَ سَقَطَ وَمَا أَصَابَ الزِّيَادَةَ أَخَذَهُ الْمُرْتَهِنُ مِنْ الرَّاهِنِ) كَمَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْكَافِي وَالْخَانِيَّةِ وَغَيْرِهَا.

وَفِي الْجَوَاهِرِ الْأَصْلُ أَنَّ الْإِتْلَافَ بِإِذْنِ الرَّاهِنِ كَإِتْلَافِ الرَّاهِنِ بِنَفْسِهِ لِتَسْلِيطِهِ، وَفِيهَا أَبَاحَ لِلْمُرْتَهِنِ نَفْعَهُ هَلْ لِلْمُرْتَهِنِ أَنْ يُؤَجِّرَهُ؟ قَالَ لَا، قِيلَ فَلَوْ أَجَّرَهُ وَمَضَتْ الْمُدَّةُ فَالْأُجْرَةُ لَهُ أَمْ لِلرَّاهِنِ؟ قَالَ لَهُ إنْ أَجَّرَهُ بِلَا إذْنٍ، وَإِنْ بِإِذْنٍ فَلِلْمَالِكِ وَبَطَلَ الرَّهْنُ.

وَفِيهَا: رَهَنَ كَرْمًا وَتَسَلَّمَهُ الْمُرْتَهِنُ ثُمَّ دَفَعَهُ لِلرَّاهِنِ لِيَسْقِيَهُ وَيَقُومَ بِمَصَالِحِهِ لَا يَبْطُلُ الرَّهْنُ.

رَهَنَ كَرْمًا وَأَبَاحَ ثَمَرَهُ ثُمَّ بَاعَ الْكَرْمَ فَقَبَضَ الْمُرْتَهِنُ الثَّمَنَ، إنْ ثَمَرُهُ حَصَلَ بَعْدَ الْبَيْعِ فَلِلْمُشْتَرِي، وَإِنْ قَبْلَهُ.

فَلِلرَّاهِنِ إنْ قَضَى دَيْنَ الْمُرْتَهِنِ وَإِلَّا يَكُونُ رَهْنًا وَيُجْعَلُ الْبَيْعُ رُجُوعًا عَنْ الْإِبَاحَةِ فَإِنَّهَا تَقْبَلُ الرُّجُوعَ كَمَا مَرَّ.

وَفِيهَا: زَرَعَ الْمُرْتَهِنُ أَرْضَ الرَّهْنِ، إنْ أُبِيحَ لَهُ الِانْتِفَاعُ لَا يَجِبُ شَيْءٌ، وَإِنْ لَمْ يُبَحْ لَزِمَهُ نُقْصَانُ الْأَرْضِ وَضَمَانُ الْمَاءِ لَوْ مِنْ قَنَاةٍ مَمْلُوكَةٍ فَلْيُحْفَظْ.

زَرَعَهَا الرَّاهِنُ أَوْ غَرَسَهَا بِإِذْنِ الْمُرْتَهِنِ يَنْبَغِي أَنْ تَبْقَى رَهْنًا وَلَا يَبْطُلُ الرَّهْنُ فَتَنَبَّهْ

اسْتَحَقَّ الرَّهْنَ لَيْسَ لِلْمُرْتَهِنِ طَلَبُ غَيْرِهِ مَقَامَهُ.

اسْتَحَقَّ بَعْضَهُ إنْ شَائِعًا يَبْطُلُ الرَّهْنُ فِيمَا بَقِيَ، وَإِنْ مَفْرُوزًا بَقِيَ فِيمَا بَقِيَ وَيُحْبَسُ بِكُلِّ الدَّيْنِ لَكِنْ هَلَكُهُ بِحِصَّتِهِ.

آجَرَ دَارِهِ لِغَيْرِهِ ثُمَّ رَهَنَهَا مِنْهُ صَحَّ وَبَطَلَتْ الْإِجَارَةُ، وَلَوْ ارْتَهَنَ ثُمَّ آجَرَهُ مِنْ رَاهِنِهِ -

ــ

[رد المحتار]

أَقُولُ: مَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ الْمِنَحِ هُنَاكَ وَمِثْلُهُ فِي غَيْرِهَا مُوَافِقٌ لِمَا هُنَا وَلَعَلَّ النُّسَخَ مُخْتَلِفَةٌ (قَوْلُهُ قُلْتُ إلَخْ) ظَاهِرُهُ تَسْلِيمُ الْقَوْلِ بِالْكَرَاهَةِ مَعَ الْإِذْنِ وَأَنَّهُ رِبًا، وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ مَضْمُونٌ، لَكِنْ قَدَّمْنَا عَنْ الْمِنَحِ أَوَّلَ الرَّهْنِ أَنَّهُ مُخَالِفٌ لِعَامَّةِ الْمُعْتَبَرَاتِ، وَتَقَدَّمَ بَيَانُ ذَلِكَ كُلِّهِ مُسْتَوْفًى فَرَاجِعْهُ.

(قَوْلُهُ وَمَا أَصَابَ الزِّيَادَةَ) كَثُلُثِ الْعَشَرَةِ فِي مِثَالِهِ السَّابِقِ (قَوْلُهُ كَإِتْلَافِ الرَّاهِنِ بِنَفْسِهِ) فَلَا يَسْقُطُ مَا يُقَابِلُهُ مِنْ الدَّيْنِ لِكَوْنِهِ غَيْرَ مَضْمُونٍ عَلَى الْمُرْتَهِنِ، بِخِلَافِ الْهَالِكِ فِي يَدِهِ. (قَوْلُهُ قَالَ لَهُ إلَخْ) فِي التَّتَارْخَانِيَّة: آجَرَ الْمُرْتَهِنُ الرَّهْنَ مِنْ أَجْنَبِيٍّ بِلَا إذْنٍ فَالْغَلَّةُ لَهُ وَيَتَصَدَّقُ بِهَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ، وَلَهُ أَنْ يُعِيدَهُ فِي الرَّهْنِ (قَوْلُهُ وَبَطَلَ الرَّهْنُ) حَتَّى لَا يَسْقُطَ دَيْنُ الْمُرْتَهِنِ بِهَلَاكِهِ عِنْدَ الْمُسْتَأْجِرِ ط، وَلَا يَعُودُ رَهْنًا إلَّا بِتَجْدِيدٍ تَتَارْخَانِيَّةٌ، وَكَذَا لَوْ آجَرَ الرَّاهِنُ الْمُرْتَهِنَ عَلَى مَا مَرَّ فِي الْبَابِ السَّابِقِ (قَوْلُهُ وَتَسَلَّمَهُ الْمُرْتَهِنُ) أَمَّا إذَا لَمْ يَتَسَلَّمْهُ لَا يَتِمُّ الرَّهْنُ أَوْ لَا يَصِحُّ عَلَى الْخِلَافِ السَّابِقِ ط (قَوْلُهُ ثُمَّ بَاعَ) أَيْ الرَّاهِنُ. (قَوْلُهُ فَقَبَضَ الْمُرْتَهِنُ الثَّمَنَ) لِأَنَّهُ إذَا جَازَ الْبَيْعُ يَصِيرُ الثَّمَنُ رَهْنًا، لَكِنَّ الْقَبْضَ غَيْرُ شَرْطٍ فَإِنَّهُ يَصِيرُ رَهْنًا وَإِنْ لَمْ يَقْبِضْ كَمَا قَدَّمْنَاهُ أَوَّلَ الْبَابِ السَّابِقِ (قَوْلُهُ وَإِلَّا يَكُونُ رَهْنًا) أَيْ مَعَ ثَمَنِ الْمَبِيعِ الَّذِي قَبَضَهُ ط (قَوْلُهُ كَمَا مَرَّ) أَيْ قَرِيبًا فِي قَوْلِهِ حَتَّى لَوْ أَرَادَ مَنْعَهُ كَانَ لَهُ ذَلِكَ (قَوْلُهُ لَوْ مِنْ قَنَاةٍ مَمْلُوكَةٍ) هَذَا خِلَافُ الْمُفْتَى بِهِ مِنْ أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ إلَّا مَا مَلَكَهُ بِالْإِحْرَازِ كَمَا مَرَّ فِي كِتَابِ الشُّرْبِ، وَمَاءُ الْقَنَاةِ غَيْرُ مُحْرَزٍ.

(قَوْلُهُ يَنْبَغِي أَنْ تَبْقَى رَهْنًا إلَخْ) جَزَمَ بِهِ فِي الْخَانِيَّةِ فَقَالَ: زَرَعَ أَوْ سَكَنَ بِإِذْنِ الْمُرْتَهِنِ لَا يَبْطُلُ الرَّهْنُ وَلَهُ أَنْ يَسْتَرِدَّهُ، وَمَا دَامَ فِي يَدِ الرَّاهِنِ لَا يَضْمَنُهُ الْمُرْتَهِنُ.

(قَوْلُهُ بَقِيَ فِيمَا بَقِيَ) لِأَنَّهُ يُمْكِنُ رَهْنُ ذَلِكَ الْبَاقِي ابْتِدَاءً لِعَدَمِ الشُّيُوعِ. (قَوْلُهُ لَكِنْ هَلَكَهُ بِحِصَّتِهِ) أَيْ وَإِنْ كَانَ فِي قِيمَتِهِ وَفَاءً بِجَمِيعِ الدَّيْنِ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ. (قَوْلُهُ ثُمَّ رَهَنَهَا مِنْهُ) أَيْ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ. (قَوْلُهُ وَبَطَلَتْ الْإِجَارَةُ) ظَاهِرُهُ أَنَّهَا تَبْطُلُ بِمُجَرَّدِ عَقْدِ الرَّهْنِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ الْقَبْضِ كَمَا فِي الْقُنْيَةِ.

وَأَمَّا عَكْسُهُ وَهُوَ مَا إذَا آجَرَ الرَّاهِنُ الرَّهْنَ مِنْ الْمُرْتَهِنِ يَنْفَسِخُ بِمُجَرَّدِ عَقْدِ الْإِجَارَةِ وَلَا يَحْتَاجُ إلَى تَجْدِيدِ قَبْضٍ كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ الْبَزَّازِيَّةِ، لَكِنْ فِي الْعِمَادِيَّةِ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْهُ، حَتَّى

<<  <  ج: ص:  >  >>