(وَمُوجَبُهُ الْإِثْمُ وَالْكَفَّارَةُ وَدِيَةٌ مُغَلَّظَةٌ عَلَى الْعَاقِلَةِ) سَيَجِيءُ تَفْسِيرُ ذَلِكَ (لَا الْقَوَدُ) لِشَبَهِهِ بِالْخَطَأِ نَظَرًا لِآلَتِهِ إلَّا أَنْ يَتَكَرَّرَ مِنْهُ فَلِلْإِمَامِ قَتْلُهُ سِيَاسَةً اخْتِيَارٌ (وَهُوَ) أَيْ شِبْهُ الْعَمْدِ (فِيمَا دُونَ النَّفْسِ) مِنْ الْأَطْرَافِ (عَمْدٌ) مُوجِبٌ لِلْقِصَاصِ، فَلَيْسَ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ شِبْهُ عَمْدٍ
(وَ) الثَّالِثُ (خَطَأٌ وَهُوَ) نَوْعَانِ: لِأَنَّهُ إمَّا خَطَأٌ فِي ظَنِّ الْفَاعِلِ كَ (أَنْ يَرْمِيَ شَخْصًا ظَنَّهُ صَيْدًا أَوْ حَرْبِيًّا) أَوْ مُرْتَدًّا (فَإِذَا هُوَ مُسْلِمٌ أَوْ) خَطَأٌ فِي نَفْسِ الْفِعْلِ كَأَنْ يَرْمِيَ (غَرَضًا) أَوْ صَيْدًا (فَأَصَابَ آدَمِيًّا) أَوْ رَمَى غَرَضًا فَأَصَابَهُ ثُمَّ رَجَعَ عَنْهُ أَوْ تَجَاوَزَ عَنْهُ إلَى مَا وَرَاءَهُ فَأَصَابَ رَجُلًا أَوْ قَصَدَ رَجُلًا فَأَصَابَ غَيْرَهُ أَوْ أَرَادَ يَدَ رَجُلٍ فَأَصَابَ عُنُقَ غَيْرِهِ، وَلَوْ عُنُقَهُ فَعَمْدٌ قَطْعًا أَوْ أَرَادَ رَجُلًا فَأَصَابَ حَائِطًا ثُمَّ رَجَعَ السَّهْمُ فَأَصَابَ الرَّجُلَ فَهُوَ خَطَأٌ؛ لِأَنَّهُ أَخْطَأَ فِي إصَابَةِ الْحَائِطِ وَرُجُوعُهُ سَبَبٌ آخَرُ وَالْحَكَمُ يُضَافُ لِآخِرِ أَسْبَابِهِ ابْنُ كَمَالٍ عَنْ الْمُحِيطِ. قَالَ: وَكَذَا لَوْ سَقَطَ مِنْ يَدِهِ خَشَبَةٌ أَوْ لَبِنَةٌ فَقَتَلَ رَجُلًا يَتَحَقَّقُ الْخَطَأُ فِي الْفِعْلِ وَلَا قَصْدَ فِيهِ فَكَلَامُ صَدْرِ الشَّرِيعَةِ فِيهِ مَا فِيهِ. وَفِي الْوَهْبَانِيَّةِ:
ــ
[رد المحتار]
عِنْدَهُ وَعَمْدًا عِنْدَهُمَا وَيُفْتَى بِقَوْلِهِ كَمَا فِي التَّتِمَّةِ اهـ وَتَمَامُ هَذِهِ الْمَسَائِلِ يُذْكَرُ فِي الْفَصْلِ الْآتِي.
وَفِي الْمِعْرَاجِ عَنْ الْمُجْتَبَى: يُشْتَرَطُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ أَيْ فِي شِبْهِ الْعَمْدِ أَنْ يَقْصِدَ التَّأْدِيبَ دُونَ الْإِتْلَافِ (قَوْلُهُ وَمُوجَبُهُ الْإِثْمُ) أَيْ إثْمُ الْقَتْلِ لِتَعَمُّدِ الضَّرْبِ اهـ مَكِّيٌّ عَنْ الْبُرْهَانِ وَاَلَّذِي يُفِيدُهُ كَلَامُ الزَّيْلَعِيِّ أَنَّ عَلَيْهِ إثْمَ الضَّرْبِ لَا الْقَتْلِ حَيْثُ قَالَ أَثِمَ إثْمَ الضَّرْبِ؛ لِأَنَّهُ قَصَدَهُ لَا إثْمَ الْقَتْلِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْهُ، وَهَذِهِ الْكَفَّارَةُ تَجِبُ بِالْقَتْلِ وَهُوَ فِيهِ مُخْطِئٌ وَلَا تَجِبُ بِالضَّرْبِ اهـ. وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ تَعْلِيلُ الْبُرْهَانِ بِقَوْلِهِ لِتَعَمُّدِ الضَّرْبِ فَتَعْلِيلُهُ يُنَافِي مُدَّعَاهُ، وَلَوْ قِيلَ بِإِنَاطَةِ الْإِثْمِ بِالْقَصْدِ، فَإِنْ قَصَدَ الْقَتْلَ أَثِمَ إثْمَهُ، وَإِنْ قَصَدَ الضَّرْبَ أَثِمَ إثْمَهُ لَكَانَ لَهُ وَجْهٌ اهـ ط (قَوْلُهُ وَدِيَةٌ مُغَلَّظَةٌ) أَيْ مِنْ مِائَةِ إبِلٍ، فَلَوْ قَضَى بِالدِّيَةِ فِي غَيْرِ الْإِبِلِ لَمْ تَتَغَلَّظْ قُهُسْتَانِيُّ، وَتُؤْخَذُ أَرْبَاعًا مِنْ بِنْتِ مَخَاضٍ وَبِنْتِ لَبُونٍ وَحِقَّةٍ وَجَذَعَةٍ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ عَلَى الْعَاقِلَةِ) أَيْ النَّاصِرَةِ لِلْقَاتِلِ قُهُسْتَانِيٌّ وَالْأَصْلُ أَنَّ كُلَّ دِيَةٍ وَجَبَتْ بِالْقَتْلِ ابْتِدَاءً لَا لِمَعْنًى يَحْدُثُ مِنْ بَعْدُ فَهِيَ عَلَى الْعَاقِلَةِ اعْتِبَارًا بِالْخَطَأِ وَتَجِبُ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ هِدَايَةٌ. وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ ابْتِدَاءً عَنْ دِيَةٍ وَجَبَتْ بِالصُّلْحِ فِي الْقَتْلِ الْعَمْدِ أَوْ عَلَى الْوَالِدِ بِقَتْلِ وَلَدِهِ عَمْدًا كِفَايَةٌ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ شِبْهَ الْعَمْدِ كَالْخَطَأِ إلَّا فِي حَقِّ الْإِثْمِ، وَصِفَةِ التَّغْلِيظِ فِي الدِّيَةِ زَيْلَعِيٌّ.
وَاعْلَمْ أَنَّ الْمَالَ الْوَاجِبَ بِالْعَمْدِ الْمَحْضِ يَجِبُ فِي مَالِ الْقَاتِلِ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ، وَفِي النَّفْسِ وَفِي الْخَطَأِ فِيهِمَا عَلَى الْعَاقِلَةِ، وَفِي شِبْهِ الْعَمْدِ لَوْ نَفْسًا عَلَى الْعَاقِلَةِ، وَفِيمَا دُونَهَا وَإِنْ بَلَغَ الدِّيَةُ عَلَى الْقَاتِلِ اهـ بَزَّازِيَّةٌ (قَوْلُهُ سَيَجِيءُ تَفْسِيرُ ذَلِكَ) أَيْ تَفْسِيرُ الْكَفَّارَةِ وَالدِّيَةِ وَالْمُغَلَّظِ مِنْهَا فِي كِتَابِ الدِّيَاتِ وَتَفْسِيرُ الْعَاقِلَةِ فِي كِتَابِ الْمَعَاقِلِ (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَتَكَرَّرَ مِنْهُ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ مَرَّتَيْنِ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ مَا نَذْكُرُهُ بَعْدُ فِي الْفَصْلِ الْآتِي (قَوْلُهُ فَلَيْسَ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ شِبْهُ عَمْدٍ) ؛ لِأَنَّهُ لَا يَخْتَصُّ بِآلَةٍ دُونَ آلَةٍ، فَلَا يُتَصَوَّرُ فِيهِ شِبْهُ الْعَمْدِ، بِخِلَافِ النَّفْسِ، وَتَمَامُهُ فِي الزَّيْلَعِيِّ
(قَوْلُهُ وَالثَّالِثُ خَطَأٌ) قَالَ ابْنُ الْكَمَالِ: وَلَوْ عَلَى عَبْدٍ، إنَّمَا قَالَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمُتَبَادِرَ إلَى الْوَهْمِ مِنْ كَوْنِ الْعَبْدِ مَالًا أَنْ يَكُونَ مَا ذُكِرَ مِنْ قَبِيلِ ضَمَانِ الْأَمْوَالِ فَلَا يَكُونُ عَلَى الْعَاقِلَةِ اهـ (قَوْلُهُ وَهُوَ نَوْعَانِ) ؛ لِأَنَّ الرَّمْيَ إلَى شَيْءٍ مَثَلًا مُشْتَمِلٌ عَلَى فِعْلِ الْقَلْبِ وَهُوَ الْقَصْدُ وَعَلَى الْجَارِحَةِ وَهُوَ الرَّمْيُ، فَإِنْ اتَّصَلَ الْخَطَأُ بِالْأَوَّلِ فَهُوَ الْأَوَّلُ، وَإِنْ اتَّصَلَ بِالثَّانِي فَهُوَ الثَّانِي عِنَايَةٌ (قَوْلُهُ ظَنَّهُ صَيْدًا) اُنْظُرْ هَلْ يُعْتَبَرُ ادِّعَاءُ الظَّنِّ أَوْ لَا بُدَّ مِنْ تَحَقُّقِهِ أَوَّلًا بِأَنْ يُشْهِدَ عَلَيْهِ ط، ثُمَّ نَقْلُ مَا لَا يَتِمُّ مِنْهُ الْمُرَادُ وَسَنُوَضِّحُ ذَلِكَ فِي بَابِ الشَّهَادَةِ عَلَى الْقَتْلِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى (قَوْلُهُ غَرَضًا) بِمُعْجَمَتَيْنِ بَيْنَهُمَا رَاءٌ مُتَحَرِّكَةٌ وَهُوَ الْهَدَفُ الَّذِي يَرْمِي إلَيْهِ (قَوْلُهُ فَأَصَابَ رَجُلًا) مُرَتَّبٌ عَلَى قَوْلِهِ ثُمَّ رَجَعَ أَوْ تَجَاوَزَ (قَوْلُهُ وَرُجُوعُهُ بِسَبَبٍ آخَرَ) وَهُوَ إصَابَةُ الْحَائِطِ الْمُسَبَّبَةِ عَنْ الرَّمْيِ (قَوْلُهُ فَكَلَامُ صَدْرِ الشَّرِيعَةِ فِيهِ مَا فِيهِ) فَإِنَّهُ شَرَطَ فِي الْخَطَأِ فِي الْفِعْلِ أَنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute