وَقَاصِدِ شَخْصٍ إنْ أَصَابَ خِلَافَهُ ... فَذَا خَطَأٌ وَالْقَتْلُ فِيهِ مُعَذَّرُ
وَقَاصِدِ شَخْصٍ حَالَةَ النَّوْمِ إنْ يَمَنَ ... فَيُقْتَصُّ إنْ أَبْقَى دَمًا مِنْهُ يُنْهَرُ
(وَ) الرَّابِعُ (مَا جَرَى مَجْرَاهٌ) مَجْرَى الْخَطَأِ (كَنَائِمٍ انْقَلَبَ عَلَى رَجُلٍ فَقَتَلَهُ) ؛ لِأَنَّهُ مَعْذُورٌ كَالْمُخْطِئِ (وَمُوجَبُهُ) أَيْ مُوجَبُ هَذَا النَّوْعِ مِنْ الْفِعْلِ وَهُوَ الْخَطَأُ وَمَا جَرَى مَجْرَاهُ (الْكَفَّارَةُ وَالدِّيَةُ عَلَى الْعَاقِلَةِ) وَالْإِثْمُ دُونَ إثْمِ الْقَاتِلِ إذْ الْكَفَّارَةُ تُؤْذِنُ بِالْإِثْمِ لِتَرْكِ الْعَزِيمَةِ
(وَ) الْخَامِسُ (قَتْلٌ بِسَبَبٍ كَحَافِرِ الْبِئْرِ وَوَاضِعِ حَجَرٍ فِي غَيْرِ مِلْكِهِ) بِغَيْرِ إذْنٍ مِنْ السُّلْطَانِ ابْنُ كَمَالٍ؛ وَكَذَا وَضْعُ خَشَبَةٍ عَلَى قَارِعَةِ الطَّرِيقِ وَنَحْوُ ذَلِكَ إلَّا إذَا مَشَى عَلَى الْبِئْرِ وَنَحْوِهِ بَعْدَ عِلْمِهِ بِالْحَفْرِ وَنَحْوِهِ دُرَرٌ (وَمُوجَبُهُ الدِّيَةُ عَلَى الْعَاقِلَةِ لَا الْكَفَّارَةُ) وَلَا إثْمُ الْقَتْلِ بَلْ إثْمُ الْحَفْرِ وَالْوَضْعِ فِي غَيْرِ مِلْكِهِ دُرَرٌ (وَكُلُّ ذَلِكَ يُوجِبُ حِرْمَانَ الْإِرْثِ)
ــ
[رد المحتار]
لَا يَصْدُرَ عَنْهُ الْفِعْلُ الَّذِي قَصَدَهُ بَلْ يَصْدُرُ فِعْلٌ آخَرُ وَيَرُدُّ عَلَيْهِ مَا مَرَّ مِنْ إنَّهُ إذَا رَمَى غَرَضًا فَأَصَابَهُ ثُمَّ رَجَعَ عَنْهُ أَوْ تَجَاوَزَ عَنْهُ فَأَصَابَ رَجُلًا يَتَحَقَّقُ الْخَطَأُ فِي الْفِعْلِ وَالشَّرْطُ مَفْقُودٌ فِي الصُّورَتَيْنِ، وَإِذَا سَقَطَ مِنْ يَدِهِ خَشَبَةٌ أَوْ لَبِنَةٌ فَقَتَلَ رَجُلًا يَتَحَقَّقُ الْخَطَأُ فِي الْفِعْلِ وَلَا قَصْدَ فِيهِ أَفَادَهُ ابْنُ الْكَمَالِ. قَالَ ط: لَكِنْ سَيَأْتِي قَرِيبًا أَنَّهُ مِمَّا جَرَى مَجْرَى الْخَطَأِ (قَوْلُهُ إنْ أَصَابَ خِلَافَهُ) أَيْ شَخْصًا غَيْرَهُ (قَوْلُهُ وَالْقَتْلُ فِيهِ مُعَذَّرٌ) أَيْ الْقِصَاصُ فِيهِ مُمْتَنِعٌ (قَوْلُهُ حَالَةَ النَّوْمِ) أَيْ نَوْمِ الشَّخْصِ (قَوْلُهُ إنْ أَبْقَى دَمًا) أَيْ تَرَكَهُ يَنْهَرُ. أَيْ يَسِيلُ مِنْهُ، وَاَلَّذِي فِي الْوَهْبَانِيَّةِ يَقْطُرُ، وَانْظُرْ مَا وَجْهُ التَّقْيِيدِ بِحَالَةِ النَّوْمِ: وَقَدْ مَرَّ أَنَّ الْإِبْرَةَ إذَا أَصَابَتْ الْمَقْتَلَ فَفِيهِ الْقَوَدُ، وَلَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّ مَحَلَّ الْقَصْدِ غَيْرُ مَقْتَلٍ، وَإِذَا كَانَ غَيْرَ نَائِمٍ وَتَرَكَ دَمَ نَفْسِهِ يَسِيلُ يَكُونُ مَوْتُهُ مَنْسُوبًا إلَيْهِ فَلْيُتَأَمَّلْ
(قَوْلُهُ وَالرَّابِعُ مَا جَرَى مَجْرَاهُ إلَخْ) فَحُكْمُهُ حُكْمُ الْخَطَأِ فِي الشَّرْعِ، لَكِنَّهُ دُونَ الْخَطَأِ حَقِيقَةً فَإِنَّ النَّائِمَ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الْقَصْدِ أَصْلًا، وَإِنَّمَا وَجَبَتْ الْكَفَّارَةُ لِتَرْكِ التَّحَرُّزِ عَنْ نَوْمِهِ فِي مَوْضِعٍ يُتَوَهَّمُ أَنْ يَصِيرَ قَاتِلًا، وَالْكَفَّارَةُ فِي قَتْلِ الْخَطَأِ إنَّمَا تَجِبُ لِتَرْكِ التَّحَرُّزِ أَيْضًا، وَحِرْمَانُ الْمِيرَاثِ لِمُبَاشَرَةِ الْقَتْلِ وَتَوَهُّمِ أَنْ يَكُونَ مُتَنَاعِسًا لَمْ يَكُنْ نَائِمًا قَصْدًا مِنْهُ إلَى اسْتِعْجَالِ الْإِرْثِ، وَاَلَّذِي سَقَطَ مِنْ سَطْحٍ فَوَقَعَ عَلَى إنْسَانٍ فَقَتَلَهُ أَوْ كَانَ فِي يَدِهِ لَبِنَةٌ أَوْ خَشَبَةٌ فَسَقَطَتْ مِنْ يَدِهِ عَلَى إنْسَانٍ أَوْ كَانَ عَلَى دَابَّةٍ فَأَوْطَأَتْ إنْسَانًا فَقَتَلَهُ مِثْلُ النَّائِمِ لِكَوْنِهِ قَتْلًا لِلْمَعْصُومِ مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ كِفَايَةٌ (قَوْلُهُ لِتَرْكِ الْعَزِيمَةِ) وَهِيَ هُنَا الْمُبَالَغَةُ فِي التَّثَبُّتِ. قَالَ فِي الْكِفَايَةِ: وَهَذَا الْإِثْمُ إثْمُ الْقَتْلِ؛ لِأَنَّ نَفْسَ تَرْكِ الْمُبَالَغَةِ فِي التَّثَبُّتِ لَيْسَ بِإِثْمٍ، وَإِنَّمَا يَصِيرُ بِهِ آثِمًا إذَا اتَّصَلَ بِهِ الْقَتْلُ فَتَصِيرُ الْكَفَّارَةُ لِذَنْبِ الْقَتْلِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ إثْمُ قَصْدِ الْقَتْلِ اهـ تَأَمَّلْ
(قَوْلُهُ وَوَاضِعِ حَجَرٍ) أَيْ إذَا لَمْ يُنَحِّهِ غَيْرُهُ، فَإِنْ نَحَّاهُ فَعَطِبَ بِهِ رَجُلٌ ضَمِنَ الْمُنَحِّي كَمَا سَيَذْكُرُهُ الْمُصَنِّفُ فِي بَابِ مَا يُحْدِثُهُ الرَّجُلُ فِي الطَّرِيقِ (قَوْلُهُ فِي غَيْرِ مِلْكِهِ) قَيْدٌ لِلْحَفْرِ وَالْوَضْعِ دُرَرٌ، فَلَوْ فِي مِلْكِهِ فَلَا تَعَدِّي فَلَا دِيَةَ وَلَا كَفَّارَةَ ط (قَوْلُهُ مِنْ السُّلْطَانِ) الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ مَا يَعُمُّ نَائِبَهُ ط (قَوْلُهُ وَنَحْوُ ذَلِكَ إلَخْ) أَيْ نَحْوُ الْخَشَبَةِ كَقُشُورِ بِطِّيخٍ فَيَضْمَنُ مَا تَلِفَ بِهِ كَمَا أَفْتَى بِهِ قَارِئُ الْهِدَايَةِ، وَكَذَا إذَا رَشَّ الطَّرِيقَ. قَالَ فِي الذَّخِيرَةِ: كَذَا أَطْلَقَهُ فِي الْكِتَابِ، قَالُوا إنَّمَا يَضْمَنُ الرَّاشُّ إذَا مَرَّ الْمَارُّ عَلَى الرَّشِّ وَلَمْ يَعْلَمْ بِهِ بِأَنْ كَانَ لَيْلًا أَوْ الْمَارُّ أَعْمَى، وَكَذَا الْمُرُورُ عَلَى الْخَشَبَةِ أَوْ الْحَجَرِ. وَمِنْ الْمَشَايِخِ مَنْ فَصَّلَ بِوَجْهٍ آخَرَ وَقَالَ: إنْ رَشَّ بَعْضَ الطَّرِيقِ حَتَّى أَمْكَنَهُ الْمُرُورُ فِي الْجَافِّ لَا ضَمَانَ، وَإِنْ رَشَّ فِنَاءَ حَانُوتٍ بِإِذْنِ صَاحِبِهِ فَالضَّمَانُ عَلَى الْآمِرِ اسْتِحْسَانًا وَتَمَامُهُ فِي التَّتَارْخَانِيَّة.
[فَرْعٌ] تَعَقَّلَ بِحَجَرٍ فَسَقَطَ فِي بِئْرٍ حَفَرَهَا رَجُلٌ فَالضَّمَانُ عَلَى وَاضِعِ الْحَجَرِ فَلَوْ لَمْ يَضَعْهُ أَحَدٌ فَعَلَى الْحَافِرِ، وَكَذَا لَوْ زَلِقَ بِمَاءٍ صَبَّهُ رَجُلٌ فَوَقَعَ فِي الْبِئْرِ فَالضَّمَانُ عَلَى الصَّابِّ، وَلَوْ بِمَاءِ مَطَرٍ فَعَلَى الْحَافِرِ تَتَارْخَانِيَّةٌ. وَفِي الْجَوْهَرَةِ الْقَوْلُ قَوْلُ الْحَافِرِ أَنَّهُ أَسْقَطَ نَفْسَهُ اسْتِحْسَانًا (قَوْلُهُ وَكُلُّ ذَلِكَ) أَيْ مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَقْسَامِ الْقَتْلِ الْغَيْرِ الْمَأْذُونِ فِيهِ ط
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute