(وَلَا بِمُكَاتَبٍ) وَكَذَا ابْنَهِ وَعَبْدَهُ شُرُنْبُلَالِيَّةٌ (قُتِلَ عَمْدًا) لَا حَاجَةَ لِقَيْدِ الْعَمْدِ؛ لِأَنَّهُ شَرْطٌ فِي كُلِّ قَوَدٍ (عَنْ وَفَاءٍ وَوَارِثٍ وَسَيِّدٍ وَإِنْ اجْتَمَعَا) لِاخْتِلَافِ الصَّحَابَةِ فِي مَوْتِهِ حُرًّا أَوْ رَقِيقًا فَاشْتَبَهَ الْوَلِيُّ فَارْتَفَعَ الْقَوَدُ (فَإِنْ لَمْ يَدَّعِ وَارِثًا غَيْرَ سَيِّدِهِ سَوَاءٌ تَرَكَ وَفَاءً أَوْ لَا أَوْ تَرَكَ وَارِثًا وَلَا وَفَاءَ أَقَادَ سَيِّدَهُ) لِتَعَيُّنِهِ. وَفِي أُولَى الصُّوَرِ الْأَرْبَعِ خِلَافُ مُحَمَّدٍ.
(وَيَسْقُطُ قَوَدٌ) قَدْ (وَرِثَهُ عَلَى أَبِيهِ) أَيْ أَصْلِهِ؛ لِأَنَّ الْفَرْعَ لَا يَسْتَوْجِبُ الْعُقُوبَةَ عَلَى أَصْلِهِ. وَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ فِيمَا إذَا قَتَلَ الْأَبُ أَب امْرَأَتِهِ وَلَا وَارِثَ لَهُ غَيْرُهَا ثُمَّ مَاتَتْ الْمَرْأَةُ فَإِنَّ ابْنَهَا مِنْهُ يَرِثُ الْقَوَدَ الْوَاجِبَ عَلَى أَبِيهِ فَسَقَطَ لِمَا ذَكَرْنَا. وَأَمَّا تَصْوِيرُ صَدْرِ الشَّرِيعَةِ فَثُبُوتُهُ فِيهِ لِلِابْنِ ابْتِدَاءً لَا إرْثًا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَإِنْ اتَّحَدَ الْحَكْمُ كَمَا لَا يَخْفَى.
ــ
[رد المحتار]
قَوْلُهُ وَكَذَا ابْنُهُ وَعَبْدُهُ) الضَّمِيرُ لِلْمُكَاتَبِ (قَوْلُهُ عَنْ وَفَاءٍ) أَيْ عَنْ مَالٍ يَفِي بِبَدَلِ كِتَابَتِهِ (قَوْلُهُ فَاشْتَبَهَ الْوَلِيُّ) فَإِنْ قُلْنَا مَاتَ حُرًّا فَالْوَلِيُّ وَارِثُهُ أَوْ رَقِيقًا فَسَيِّدُهُ (قَوْلُهُ لِتَعَيُّنِهِ) أَيْ تَعَيُّنِ الْوَلِيِّ فِي الثَّلَاثِ وَهُوَ السَّيِّدُ (قَوْلُهُ وَفِي أُولَى الصُّوَرِ الْأَرْبَعِ) سَبْقُ قَلَمٍ تَبِعَ فِيهِ ابْنَ كَمَالٍ: قَالَ ح: وَصَوَابُهُ ثَانِيَةُ الصُّوَرِ الْأَرْبَعِ، وَهِيَ مَا إذَا لَمْ يَدَّعِ وَارِثًا غَيْرَ سَيِّدِهِ وَتَرَكَ وَفَاءً؛ لِأَنَّ خِلَافَ مُحَمَّدٍ فِيهَا كَمَا فِي الْهِدَايَةِ اهـ. لَهُ أَنَّهُ اشْتَبَهَ سَبَبُ الِاسْتِيفَاءِ فَإِنَّ الْوَلَاءَ لَهُ إنْ مَاتَ حُرًّا وَالْمِلْكَ إنْ مَاتَ عَبْدًا. وَلَهُمَا أَنَّ الِاسْتِيفَاءَ لِلْمَوْلَى بِيَقِينٍ عَلَى التَّقْدِيرَيْنِ.
ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ الْقَوَدَ فِي الرَّابِعَةِ وَهِيَ مَا إذَا تَرَكَ وَارِثًا وَلَا وَفَاءَ لَهُ قَيَّدَهُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ كَمَا فِي الْكِفَايَةِ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ فِي قِيمَتِهِ وَفَاءٌ بِالْمُكَاتَبَةِ أَيْضًا، فَإِنْ كَانَ فِيهَا وَفَاءٌ لَا قِصَاصَ وَتَجِبُ الْقِيمَةُ عَلَى الْقَاتِلِ فِي مَالِهِ؛ لِأَنَّ مُوجَبَ الْعَمْدِ وَإِنْ كَانَ هُوَ الْقِصَاصَ إلَّا أَنَّهُ يَجُوزُ الْعُدُولُ إلَى الْمَالِ بِغَيْرِ رِضَا الْقَاتِلِ مُرَاعَاةً لِحَقِّ مَنْ لَهُ الْقِصَاصُ، كَمَا إذَا كَانَتْ يَدُ الْقَاطِعِ شَلَّاءَ كَانَ لِلْمَقْطُوعِ يَدُهُ الْعُدُولُ إلَى الْمَالِ بِلَا رِضَاهُ مُرَاعَاةً لِحَقِّهِ لِمَا لَمْ يَجِبْ مِثْلُ حَقِّهِ بِكَمَالِهِ فَكَذَا هُنَا؛ لِأَنَّ الْقِيمَةَ أَنْفَعُ لَهُ؛ لِأَنَّهُ يُحْكَمُ بِحُرِّيَّتِهِ وَحُرِّيَّةِ أَوْلَادِهِ إذَا أَدَّى الْبَدَلَ مِنْهَا وَبِالْقِصَاصِ بِمَوْتِ عَبْدٍ أَوْ لَا يَنْتَفِعُ بِهِ فَكَانَ الْقَوْلُ بِوُجُوبِ الْقِيمَةِ أَوْلَى اهـ وَأَقَرَّهُ فِي الدُّرِّ الْمُنْتَقَى وَالْقُهُسْتَانِيِّ
(قَوْلُهُ وَرِثَهُ عَلَى أَبِيهِ) أَيْ اسْتَحَقَّهُ قُهُسْتَانِيٌّ فَيَشْمَلُ ثُبُوتَهُ ابْتِدَاءً، وَيُوَافِقُهُ قَوْلُ الشَّارِحِ قَبْلَهُ وَمَنْ مَلَكَ قِصَاصًا إلَخْ، وَبِهِ يَنْدَفِعُ الْإِيرَادُ الْآتِي، لَكِنْ فِيهِ أَنَّ صُورَةَ ثُبُوتِ الْقَوَدِ لِلْفَرْعِ عَلَى أَصْلِهِ ابْتِدَاءً تَقَدَّمَتْ فِي قَوْلِهِ لَا بِعَكْسِهِ فَلِذَا عَبَّرَ هُنَا بِالْإِرْثِ فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ أَيْ أَصْلِهِ) لِمَا فِي الْخَانِيَّةِ: لَوْ كَانَ فِي وَرَثَةِ الْمَقْتُولِ وَلَدُ الْقَاتِلِ أَوْ وَلَدُ وَلَدِهِ وَإِنْ سَفَلَ بَطَلَ الْقِصَاصُ وَتَجِبُ الدِّيَةُ اهـ (قَوْلُهُ مَثَلًا) أَيْ أَوْ أَخَاهَا أَوْ ابْنَهَا مِنْ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ ثُمَّ مَاتَتْ الْمَرْأَةُ) كَذَا أَطْلَقُوهُ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَوْتُهَا بَعْدَ مَا أَبَانَهَا زَوْجُهَا الْقَاتِلُ حَتَّى يَظْهَرَ كَوْنُ الْعِلَّةِ هِيَ إرْثُ ابْنِهِ قِصَاصًا عَلَيْهِ، وَإِلَّا كَانَ وَارِثًا مِنْهَا جُزْءًا مِنْ الْقِصَاصِ فَيَسْقُطُ عَنْهُ الْقِصَاصُ بِذَلِكَ أَيْضًا.
قَالَ فِي التَّتَارْخَانِيَّة: ثَلَاثَةُ إخْوَةٍ قَتَلَ أَحَدُهُمْ أَبَاهُمْ عَمْدًا فَلِلْبَاقِينَ قَتْلُهُ، فَإِنْ مَاتَ أَحَدُهُمَا لَمْ يَكُنْ لِلثَّالِثِ قَتْلُهُ؛ لِأَنَّ الْقَاتِلَ وَرِثَ جُزْءًا مِنْ نَصِيبِ الْمَيِّتِ مِنْ الْقِصَاصِ فَسَقَطَ عَنْهُ وَانْقَلَبَ نَصِيبُ الْآخَرِ مَالًا فَعَلَيْهِ لِلْآخَرِ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الدِّيَةِ فِي مَالِهِ فِي فَثَلَاثَ سِنِينَ اهـ مُلَخَّصًا. وَفِي الْقُهُسْتَانِيِّ: قَتَلَ أَحَدُ الْأَخَوَيْنِ لِأَبٍ وَأُمٍّ أَبِيهِمَا عَمْدًا وَالْآخَرُ أُمَّهُمَا فَلِلْأَوَّلِ قَتْلُ الثَّانِي بِالْأُمِّ وَيَسْقُطُ الْقَوَدُ عَنْ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّهُ وَرِثَ مِنْ الْأُمِّ الثُّمُنَ مِنْ دَمِ نَفْسِهِ فَسَقَطَ عَنْهُ ذَلِكَ الْقَدْرُ وَانْقَلَبَ الْبَاقِي مَالًا فَيَغْرَمُ لِوَرَثَةِ الثَّانِي سَبْعَةَ أَثْمَانِ الدِّيَةِ اهـ وَتَمَامُهُ فِيهِ (قَوْلُهُ وَأَمَّا تَصْوِيرُ صَدْرِ الشَّرِيعَةِ) حَيْثُ قَالَ: أَيْ إذَا قَتَلَ الْأَبُ شَخْصًا وَوَلِيَ الْقِصَاصَ ابْنُ الْقَاتِلِ يَسْقُطُ اهـ. وَصُورَةُ ذَلِكَ أَنْ يَقْتُلَ أُمَّ ابْنِهِ عَمْدًا أَوْ أَخَا وَلَدِهِ مِنْ أُمِّهِ جَوْهَرَةٌ (قَوْلُهُ فَثُبُوتُهُ فِيهِ لِلِابْنِ ابْتِدَاءً لَا إرْثًا) بِدَلِيلِ أَنَّهُ يَصِحُّ عَفْوُ الْوَارِثِ قَبْلَ مَوْتِ الْمُوَرِّثِ وَالْمُوَرِّثُ لَا يَمْلِكُ الْقِصَاصَ بَعْدَ الْمَوْتِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute