لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ دَفْعِ الصَّائِلِ صَرَّحَ بِهِ الشُّمُنِّيُّ وَغَيْرُهُ، وَيَأْتِي مَا يُؤَيِّدُهُ (وَلَا شَيْءَ بِقَتْلِهِ) بِخِلَافِ الْحَمْلِ الصَّائِلِ. (وَلَا) يُقْتَلُ (مَنْ شَهَرَ سِلَاحًا عَلَى رَجُلٍ لَيْلًا أَوْ نَهَارًا فِي مِصْرٍ أَوْ غَيْرِهِ أَوْ شَهَرَ عَلَيْهِ عَصًا لَيْلًا فِي مِصْرٍ أَوْ نَهَارًا فِي غَيْرِهِ فَقَتَلَهُ الْمَشْهُورُ عَلَيْهِ) وَإِنْ شَهَرَ الْمَجْنُونُ عَلَى غَيْرِهِ سِلَاحًا فَقَتَلَهُ الْمَشْهُورُ عَلَيْهِ (عَمْدًا تَجِبُ الدِّيَةُ) فِي مَالِهِ (وَمِثْلُهُ الصَّبِيُّ وَالدَّابَّةٌ) الصَّائِلَةُ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: لَا ضَمَانَ فِي الْكُلِّ؛ لِأَنَّهُ لِدَفْعِ الشَّرِّ. (وَلَوْ ضَرَبَهُ الشَّاهِرُ فَانْصَرَفَ) وَكَفَّ عَنْهُ عَلَى وَجْهٍ لَا يُرِيدُ ضَرْبَهُ ثَانِيًا (فَقَتَلَهُ الْآخَرُ) أَيْ الْمَشْهُورُ عَلَيْهِ أَوْ غَيْرُهُ، كَذَا عَمَّمَهُ ابْنُ الْكَمَالِ تَبَعًا لِلْكَافِي وَالْكِفَايَةِ (قُتِلَ الْقَاتِلُ) ؛ لِأَنَّهُ بِالِانْصِرَافِ عَادَتْ عِصْمَتُهُ. قُلْت: فَتَحَرَّرَ أَنَّهُ مَا دَامَ شَاهِرًا السَّيْفِ ضَرَبَهُ وَإِلَّا لَا فَلْيُحْفَظْ. (وَمَنْ دَخَلَ عَلَيْهِ غَيْرُهُ لَيْلًا فَأَخْرَجَ السَّرِقَةَ) مِنْ بَيْتِهِ (فَاتَّبَعَهُ) رَبُّ الْبَيْتِ (فَقَتَلَهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ) لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «قَاتِلْ دُونَ مَالِكَ» وَكَذَا لَوْ قَتَلَهُ قَبْلَ الْأَخْذِ إذَا قَصَدَ أَخْذَ مَالِهِ وَلَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ دَفْعِهِ إلَّا بِالْقَتْلِ صَدْرُ شَرِيعَةٍ. وَفِي الصُّغْرَى: قَصَدَ مَالَهُ، إنْ عَشَرَةً أَوْ أَكْثَرَ لَهُ قَتْلُهُ، وَإِنْ أَقَلَّ قَاتَلَهُ وَلَمْ يَقْتُلْهُ، وَهَلْ يُقْبَلُ قَوْلُهُ أَنَّهُ كَابَرَهُ
ــ
[رد المحتار]
أَيْ إنَّمَا يَجِبُ الْقَتْلُ؛ لِأَنَّ دَفْعَ الضَّرَرِ وَاجِبٌ اهـ.
وَفِي الْمِعْرَاجِ: مَعْنَى الْوُجُوبِ وُجُوبُ دَفْعِ الضَّرَرِ لَا أَنْ يَكُونَ عَيْنُ الْقَتْلِ وَاجِبًا (قَوْلُهُ وَيَأْتِي مَا يُؤَيِّدُهُ) أَيْ يُؤَيِّدُ أَنَّ الْمُرَادَ لَهُ قَتْلُهُ إذَا لَمْ يُمْكِنْ دَفْعُ ضَرَرِهِ إلَّا بِهِ، وَذَلِكَ فِي عِبَارَةِ صَدْرِ الشَّرِيعَةِ الْآتِيَةِ قَرِيبًا وَعِبَارَةِ الْمَتْنِ بَعْدَهَا (قَوْلُهُ وَلَا شَيْءَ بِقَتْلِهِ) أَيْ إذَا كَانَ مُكَلَّفًا كَمَا يُعْلَمُ مِنْ قَوْلِهِ الْآتِي وَإِنْ شَهَرَ الْمَجْنُونُ إلَخْ وَلَمَّا لَمْ يَكُنْ عَيْنُ الْقَتْلِ وَاجِبًا كَانَ مُحْتَمَلًا أَنْ يَكُونَ الْقَتْلُ مُوجِبًا لِلضَّمَانِ فَصَرَّحَ بِعَدَمِهِ أَفَادَهُ ابْنُ الْكَمَالِ (قَوْلُهُ وَلَا يُقْتَلُ) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ لَا شَيْءَ بِقَتْلِهِ (قَوْلُهُ عَلَى رَجُلٍ) أَيْ قَاصِدًا قَتْلَهُ بِدَلَالَةِ الْحَالِ لَا مِزَاحًا وَلَعِبًا أَفَادَهُ الزَّيْلَعِيُّ فِي الطَّلَاقِ، وَأَفَادَ بِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الْوَاحِدَ كَالْمُسْلِمِينَ (قَوْلُهُ لَيْلًا أَوْ نَهَارًا إلَخْ) ؛ لِأَنَّ السِّلَاحَ لَا يَلْبَثُ فَيُحْتَاجُ إلَى دَفْعِهِ بِالْقَتْلِ هِدَايَةٌ أَيْ لَيْسَ فِيهِ مُهْلَةٌ لِلدَّفْعِ بِغَيْرِ الْقَتْلِ (قَوْلُهُ أَوْ شَهَرَ عَلَيْهِ عَصًا إلَخْ) ؛ لِأَنَّ الْعَصَا الصَّغِيرَةَ وَإِنْ كَانَتْ تَلْبَثُ وَلَكِنْ فِي اللَّيْلِ لِمَا يَلْحَقُهُ الْغَوْثُ فَيُضْطَرُّ إلَى دَفْعِهِ بِالْقَتْلِ، وَكَذَا فِي النَّهَارِ فِي غَيْرِ الْمِصْرِ فِي الطَّرِيقِ لَا يَلْحَقُهُ الْغَوْثُ، قَالُوا فَإِنْ كَانَ عَصًا لَا يَلْبَثُ، يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مِثْلَ السِّلَاحِ عِنْدَهُمَا هِدَايَةٌ (قَوْلُهُ فَقَتَلَهُ الْمَشْهُورُ عَلَيْهِ) أَيْ أَوْ غَيْرُهُ دَفْعًا عَنْهُ زَيْلَعِيٌّ.
وَفِي الْكِفَايَةِ: وَلَوْ تَرَكَ الْمَشْهُورُ عَلَيْهِ قَتْلَهُ يَأْثَمُ (قَوْلُهُ عَمْدًا) أَيْ بِمُحَدَّدٍ وَنَحْوِهِ وَكَذَا شِبْهُ الْعَمْدِ بِالْأَوْلَى (قَوْلُهُ تَجِبُ الدِّيَةُ) أَيْ لَا الْقِصَاصُ لِوُجُودِ الْمُبِيحِ وَهُوَ دَفْعُ الشَّرِّ، وَتَمَامُهُ فِي الْهِدَايَةِ (قَوْلُهُ وَمِثْلُهُ الصَّبِيُّ وَالدَّابَّةُ) أَيْ مِثْلُ الْمَجْنُونِ فِي وُجُوبِ الضَّمَانِ، لَكِنَّ الْوَاجِبَ فِي الصَّبِيِّ الدِّيَةُ أَيْضًا. وَفِي الدَّابَّةِ الْقِيمَةُ، وَذَكَرَ الرَّمْلِيُّ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْمَجْنُونُ أَوْ الصَّبِيُّ عَبْدًا فَالْوَاجِبُ الْقِيمَةُ كَالدَّابَّةِ الْمَمْلُوكَةِ تَأَمَّلْ اهـ. أَقُولُ: وَفِي النِّهَايَةِ مَا نَصُّهُ: وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ لَوْ كَانَ الصَّائِلُ عَبْدًا أَوْ صَيْدَ الْحَرَمِ لَا يَضْمَنُ كَذَا ذَكَرَهُ الْإِمَامُ التُّمُرْتَاشِيُّ اهـ وَمِثْلُهُ فِي الْمِعْرَاجِ. وَذَكَرَ الْفَرْقَ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الدَّابَّةِ الْعَلَّامَةُ الْأَتْقَانِيُّ فِي غَايَةِ الْبَيَانِ عَنْ شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ فَرَاجِعْهُ (قَوْلُهُ أَوْ غَيْرُهُ إلَخْ) لَا حَاجَةَ إلَيْهِ، وَلَيْسَ بِمَحَلِّ وَهْمٍ حَتَّى يُقَوِّيَهُ بِالنَّقْلِ فَتَدَبَّرْ ط (قَوْلُهُ عَادَتْ عِصْمَتُهُ) فَإِذَا قَتَلَهُ بَعْدَ ذَلِكَ فَقَدْ قَتَلَ شَخْصًا مَعْصُومًا مَظْلُومًا فَيَجِبُ عَلَيْهِ الْقِصَاصُ زَيْلَعِيٌّ (قَوْلُهُ مَا دَامَ شَاهِرًا السَّيْفَ) أَيْ مَعَ قَصْدِ الضَّرْبِ (قَوْلُهُ لَيْلًا) مَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَوْ نَهَارًا لَيْسَ لَهُ قَتْلُهُ؛ لِأَنَّهُ يَلْحَقُهُ الْغَوْثُ بِالصُّرَاخِ (قَوْلُهُ دُونَ مَالِكِ) أَيْ لِأَجْلِ مَالِكِ عِنَايَةٌ وَغَيْرُهَا (قَوْلُهُ وَكَذَا لَوْ قَتَلَهُ قَبْلَ الْأَخْذِ إلَخْ) قَالَ فِي الْخَانِيَّةِ: رَأَى رَجُلًا يَسْرِقُ مَالَهُ فَصَاحَ بِهِ وَلَمْ يَهْرُبْ أَوْ رَأَى رَجُلًا يَثْقُبُ حَائِطَهُ أَوْ حَائِطَ غَيْرِهِ وَهُوَ مَعْرُوفٌ بِالسَّرِقَةِ فَصَاحَ بِهِ وَلَمْ يَهْرُبْ حَلَّ لَهُ قَتْلُهُ وَلَا قِصَاصَ عَلَيْهِ اهـ (قَوْلُهُ وَفِي الصُّغْرَى إلَخْ) يُرِيدُ بِهِ تَقْيِيدَ مَا أَطْلَقَهُ الْمُتُونُ وَالشُّرُوحُ مَعَ أَنَّهَا لَا تُقَيَّدُ بِمَا فِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute