للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حَضَرَا مَعًا (وَإِنْ أَحْضَرَا أَحَدَهُمَا وَقَطَعَ لَهُ فَلِلْآخَرِ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْقَاطِعِ (نِصْفُ الدِّيَةِ) لِمَا مَرَّ أَنَّ الْأَطْرَافَ لَيْسَتْ كَالنُّفُوسِ.

(وَلَوْ قَضَى بِالْقِصَاصِ بَيْنَهُمَا ثُمَّ عَفَا أَحَدُهُمَا قَبْلَ اسْتِيفَاءِ الدِّيَةِ فَلِلْآخَرِ الْقَوَدُ) وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ لَهُ الْأَرْشُ (وَيُقَادُ عَبْدٌ أَقَرَّ بِقَتْلٍ عَمْدًا) خِلَافًا لِزُفَرَ (وَلَوْ أَقَرَّ بِخَطَأٍ) أَوْ بِمَالٍ (لَمْ يَنْفُذْ إقْرَارُهُ) عَلَى مَوْلَاهُ، بَلْ يَكُونُ فِي رَقَبَتِهِ إلَى أَنْ يُعْتَقَ كَمَا نَقَلَهُ الْمُصَنِّفُ عَنْ الْجَوْهَرَةِ. قَالَ: وَظَاهِرُ كَلَامِ الزَّيْلَعِيِّ بُطْلَانُ إقْرَارِهِ بِالْخَطَإِ أَصْلًا يَعْنِي لَا فِي حَقِّهِ وَلَا فِي حَقِّ سَيِّدِهِ، وَنَحْوُهُ فِي أَحْكَامِ الْعَبِيدِ مِنْ الْأَشْبَاهِ مُعَلَّلًا بِأَنَّ مُوجِبَهُ الدَّفْعُ أَوْ الْفِدَاءُ اهـ فَتَأَمَّلْهُ،

ــ

[رد المحتار]

يُقْطَعُ بِالْأَوَّلِ، وَفِي الْقِرَانِ يُقْرَعُ هِدَايَةٌ (قَوْلُهُ أَيْ عَلَى الْقَاطِعِ) أَيْ قَاطِعِ الرَّجُلَيْنِ (قَوْلُهُ نِصْفُ الدِّيَةِ) خَمْسَةُ آلَافِ دِرْهَمٍ وَهِيَ دِيَةُ الْيَدِ الْوَاحِدَةِ أَتْقَانِيٌّ، فَالْمُرَادُ نِصْفُ دِيَةِ النَّفْسِ (قَوْلُهُ لِمَا مَرَّ إلَخْ) أَيْ قَرِيبًا، وَأَرَادَ بَيَانَ الْفَرْقِ بَيْنَ الْأَطْرَافِ وَبَيْنَ النَّفْسِ، فَإِنَّهُ لَوْ قُتِلَ لِمَنْ حَضَرَ سَقَطَ حَقُّ مَنْ غَابَ، وَذَلِكَ أَنَّ الْأَطْرَافَ فِي حُكْمِ الْأَمْوَالِ وَالْقَوَدِ ثَابِتٌ لِكُلٍّ عَلَى الْكَمَالِ، فَإِذَا اسْتَوْفَى أَحَدُهُمَا تَمَامَ حَقِّهِ بَقِيَ حَقُّ الْآخَرِ فِي تَمَامِ دِيَةِ الْيَدِ الْوَاحِدَةِ، وَإِنَّمَا كَانَ لِلْحَاضِرِ الِاسْتِيفَاءُ لِثُبُوتِ حَقِّهِ بِيَقِينٍ وَحَقُّ الْآخَرِ مُتَرَدِّدٌ لِاحْتِمَالِ أَنْ لَا يَطْلُبَ أَوْ يَعْفُوَ مَجَّانًا أَوْ صُلْحًا كَمَا فِي الدُّرَرِ

(قَوْلُهُ وَلَوْ قَضَى بِالْقِصَاصِ بَيْنَهُمَا) أَيْ وَبِدِيَةِ الْيَدِ (قَوْلُهُ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ لَهُ الْأَرْشُ) أَيْ دِيَةُ يَدٍ كُلِّهَا وَلِلْعَافِي نِصْفُهَا مَجْمَعٌ. قَالَ شَارِحُهُ:؛ لِأَنَّ الْقِصَاصَ وَالْأَرْشَ كَانَ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمَا بِالْقَضَاءِ فَلَمَّا أَسْقَطَ أَحَدُهُمَا حَقَّهُ فِي نِصْفِ الْقِصَاصِ بِالْعَفْوِ انْقَلَبَ نَصِيبُ الْآخَرِ مَالًا، فَيَسْتَوْفِي الْعَافِي نِصْفَ الْأَرْشِ الَّذِي كَانَ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمَا وَغَيْرُ الْعَافِي تَمَامَ الْأَرْشِ، نِصْفُهُ مِنْ الْمُشْتَرَكِ وَنِصْفُهُ مِنْ الْمُنْقَلِبِ مَالًا اهـ. قَالَ ط: وَذُكِرَ فِي الْبُرْهَانِ أَنَّهُ الِاسْتِحْسَانُ وَجَعَلَ قَوْلَهُمَا قِيَاسًا، وَظَاهِرُهُ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ اهـ.

قُلْت: وَظَاهِرُ الشُّرُوحِ تَرْجِيحُ قَوْلِهِمَا، وَعَلَيْهِ اقْتَصَرَ الأتقاني نَقْلًا عَنْ شَرْحِ الْكَافِي وَمُخْتَصَرِ الْكَرْخِيِّ مُعَلِّلًا بِأَنَّ حَقَّ كُلٍّ ثَبَتَ فِي جَمِيعِ الْيَدِ، وَإِنَّمَا يُنْتَقَصُ بِالْمُزَاحَمَةِ، فَإِذَا زَالَتْ بِالْعَفْوِ بَقِيَ حَقُّ الْآخَرِ بِحَالِهِ كَالْغَرِيمَيْنِ وَالشَّفِيعَيْنِ (قَوْلُهُ وَيُقَادُ عَبْدٌ أَقَرَّ بِقَتْلٍ عَمْدٍ) ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُتَّهَمٍ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ مُضِرٌّ بِهِ فَيُقْبَلُ وَلِأَنَّهُ مُبْقًى عَلَى أَصْلِ الْحُرِّيَّة فِي حَقِّ الدَّمِ عَمَلًا بِالْآدَمِيَّةِ، حَتَّى لَا يَصِحَّ إقْرَارُ الْمَوْلَى عَلَيْهِ بِالْحُدُودِ وَالْقِصَاصِ وَبُطْلَانِ حَقِّ الْمَوْلَى بِطَرِيقِ الضَّمَانِ فَلَا يُبَالِي بِهِ هِدَايَةٌ (قَوْلُهُ وَظَاهِرُ كَلَامِ الزَّيْلَعِيِّ) حَيْثُ قَالَ: بِخِلَافِ الْإِقْرَارِ بِالْمَالِ؛ لِأَنَّهُ إقْرَارٌ عَلَى الْمَوْلَى بِإِبْطَالِ حَقِّهِ قَصْدًا؛ لِأَنَّ مُوجِبَهُ بَيْعُ الْعَبْدِ أَوْ الِاسْتِسْعَاءُ، وَكَذَا إقْرَارُهُ بِالْقَتْلِ خَطَأً؛ لِأَنَّ مُوجِبَهُ دَفْعُ الْعَبْدِ أَوْ الْفِدَاءُ عَلَى الْمَوْلَى. وَلَا يَجِبُ عَلَى الْعَبْدِ شَيْءٌ وَلَا يَصِحُّ سَوَاءٌ كَانَ مَحْجُورًا عَلَيْهِ أَوْ مَأْذُونًا لَهُ فِي التِّجَارَةِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ بَابِ التِّجَارَةِ فَيَكُونُ بَاطِلًا اهـ (قَوْلُهُ يَعْنِي لَا فِي حَقِّهِ إلَخْ) الْأَوْلَى حَذْفُ لَا فِي الْمَوْضِعَيْنِ ط (قَوْلُهُ مُعَلِّلًا) أَيْ الزَّيْلَعِيِّ لَا صَاحِبِ الْأَشْبَاهِ فَإِنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ تَعْلِيلًا؛ لِأَنَّهُ قَالَ: وَكَذَا إقْرَارُهُ بِجِنَايَةٍ مُوجِبَةٍ لِلدَّفْعِ أَوْ الْفِدَاءِ غَيْرُ صَحِيحٍ بِخِلَافِهِ بِحَدٍّ أَوْ قَوَدٍ اهـ. اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ وَصْفُهُ الْجِنَايَةَ بِقَوْلِهِ مُوجِبَهُ إلَخْ فِي مَعْنَى التَّعْلِيلِ (قَوْلُهُ فَتَأَمَّلْهُ) يُشِيرُ إلَى أَنَّ مَا فَهِمَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ كَلَامِ الزَّيْلَعِيِّ غَيْرُ ظَاهِرٍ؛ لِأَنَّ مُفَادَ التَّعْلِيلِ بُطْلَانُ الْإِقْرَارِ فِي حَالَةِ الرُّقْيَةِ إذْ لَا يَتَأَتَّى إلْزَامُ الْمَوْلَى بِالدَّفْعِ أَوْ الْفِدَاءِ بَعْدَ الْعِتْقِ فَيُطَالَبُ بِهِ الْعَبْدُ إذَا عَتَقَ لِعَدَمِ وُجُودِ الْعِلَّةِ فَافْهَمْ. وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ تَعْلِيلُ الزَّيْلَعِيِّ أَيْضًا لِبُطْلَانِ الْإِقْرَارِ بِالْمَالِ بِأَنَّهُ إقْرَارٌ عَلَى الْمَوْلَى. وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ بَعْدَ الْعِتْقِ. وَلَا شُبْهَةَ أَنَّ إقْرَارَ الْعَبْدِ الْمَحْجُورِ بِالْمَالِ مُؤَخَّرٌ إلَى مَا بَعْدَ الْعِتْقِ، إذْ لَا ضَرَرَ بِالْمَوْلَى بَعْدَهُ، وَلِذَا قَالَ الْعَلَّامَةُ الرَّمْلِيُّ إنَّ مَا فِي الْجَوْهَرَةِ هُوَ مَحْمَلُ كَلَامِ الزَّيْلَعِيِّ وَالْأَشْبَاهِ بِلَا اشْتِبَاهٍ اهـ.

قُلْت: لَكِنْ سَيَذْكُرُ الشَّارِحُ فِي بَابِ جِنَايَةِ الْمُلُوكِ نَقْلًا عَنْ الْبَدَائِعِ أَنَّ الْخَطَأَ إنَّمَا يَثْبُتُ بِالْبَيِّنَةِ وَإِقْرَارِ الْمَوْلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>