للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَمِنْ الْأَوَّلِ ضَرْبُ الْأَبِ أَوْ الْوَصِيِّ أَوْ الْمُعَلِّمِ بِإِذْنِ الْأَبِ تَعْلِيمًا فَمَاتَ لَا ضَمَانَ فَضَرْبُ التَّأْدِيبِ مُقَيَّدٌ؛ لِأَنَّهُ مُبَاحٌ وَضَرْبُ التَّعْلِيمِ لَا لِأَنَّهُ وَاجِبٌ وَمَحَلُّهُ فِي الضَّرْبِ الْمُعْتَادِ، وَأَمَّا غَيْرُهُ فَمُوجِبٌ لِلضَّمَانِ فِي الْكُلِّ وَتَمَامُهُ فِي الْأَشْبَاهِ (وَإِنْ قَطَعَ) وَلِيُّ الْقَتْلِ (يَدَ الْقَاتِلِ وَ) بَعْدَ ذَلِكَ (عَفَا) عَنْ الْقَتْلِ (ضَمِنَ الْقَاطِعُ دِيَةَ الْيَدِ) ؛ لِأَنَّهُ اسْتَوْفَى غَيْرَ حَقِّهِ لَكِنْ لَا يُقْتَصُّ لِلشُّبْهَةِ وَقَالَا لَا شَيْءَ عَلَيْهِ (وَضَمَانُ الصَّبِيِّ إذَا مَاتَ مِنْ ضَرْبِ أَبِيهِ أَوْ وَصِيِّهِ تَأْدِيبًا) أَيْ لِلتَّأْدِيبِ (عَلَيْهِمَا) أَيْ عَلَى الْأَبِ وَالْوَصِيِّ؛ لِأَنَّ التَّأْدِيبَ يَحْصُلُ بِالزَّجْرِ وَالتَّعْرِيكِ وَقَالَا لَا يَضْمَنُ لَوْ مُعْتَادًا، وَأَمَّا غَيْرُ الْمُعْتَادِ فَفِيهِ الضَّمَانُ اتِّفَاقًا (كَضَرْبِ مُعَلِّمٍ صَبِيًّا أَوْ عَبْدًا بِغَيْرِ إذْنِ أَبِيهِ وَمَوْلَاهُ) لَفٌّ وَنَشْرٌ فَالضَّمَانُ عَلَى الْمُعَلِّمِ إجْمَاعًا (وَإِنْ) الضَّرْبُ (بِإِذْنِهِمَا لَا) ضَمَانَ عَلَى الْمُعَلِّمِ إجْمَاعًا قِيلَ هَذَا رُجُوعٌ مِنْ أَبِي حَنِيفَةَ إلَى قَوْلِهِمَا (وَكَذَا يَضْمَنُ زَوْجُ امْرَأَةٍ ضَرَبَهَا تَأْدِيبًا) ؛ لِأَنَّ تَأْدِيبَهَا لِلْوَلِيِّ كَذَا عَزَاهُ الْمُصَنِّفُ لِشَرْحِ الْمَجْمَعِ لِلْعَيْنِيِّ.

قُلْت: وَهُوَ فِي الْأَشْبَاهِ وَغَيْرِهَا كَمَا قَدَّمْنَاهُ. وَفِي دِيَاتِ الْمُجْتَبَى: لِلزَّوْجِ وَالْوَصِيِّ كَالْأَبِ تَفْصِيلًا وَخِلَافًا فَعَلَيْهِمْ

ــ

[رد المحتار]

الْإِمَامِ وَيَأْتِي تَمَامُهُ قَرِيبًا (قَوْلُهُ وَمِنْ الْأَوَّلِ) أَيْ الْوَاجِبُ قَالَ الشَّارِحُ فِي بَابِ التَّعْزِيرِ: وَفِي الْقُنْيَةِ لَهُ إكْرَاهُ طِفْلِهِ عَلَى تَعَلُّمِ قُرْآنٍ وَأَدَبٍ وَعِلْمٍ لِفَرْضِيَّتِهِ عَلَى الْوَالِدَيْنِ، وَلَهُ ضَرْبُ الْيَتِيمِ فِيمَا يَضْرِبُ وَلَدَهُ اهـ وَأَفَادَ أَنَّ الْأُمَّ كَالْأَبِ فِي التَّعْلِيمِ بِخِلَافِ التَّأْدِيبِ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ بِإِذْنِ الْأَبِ) أَيْ أَوْ بِإِذْنِ الْوَصِيِّ وَلَوْ ضَرَبَ بِغَيْرِ إذْنِهِمَا يَضْمَنُ كَمَا يَأْتِي ط (قَوْلُهُ تَعْلِيمًا) عِلَّةً لِقَوْلِهِ ضَرَبَ (قَوْلُهُ مُقَيَّدٌ) أَيْ بِوَصْفِ السَّلَامَةِ (قَوْلُهُ وَمَحَلُّهُ فِي الضَّرْبِ الْمُعْتَادِ) أَيْ كَمًّا وَكَيْفًا وَمَحَلًّا فَلَوْ ضَرَبَهُ عَلَى الْوَجْهِ أَوْ عَلَى الْمَذَاكِيرِ، يَجِبُ الضَّمَانُ بِلَا خَوْفٍ وَلَوْ سَوْطًا وَاحِدًا؛ لِأَنَّهُ إتْلَافٌ أَبُو السُّعُودِ عَنْ تَلْخِيصِ الْكُبْرَى ط (قَوْلُهُ مِنْ ضَرْبِ أَبِيهِ أَوْ وَصِيِّهِ) قُيِّدَ بِهِمَا؛ لِأَنَّ الْأُمَّ إذَا ضَرَبَتْ لِلتَّأْدِيبِ تَضْمَنُ اتِّفَاقًا، وَبِقَوْلِهِ تَأْدِيبًا إذْ لَوْ ضَرَبَهُ كُلٌّ مِنْهُمَا لِلتَّعْلِيمِ لَا يَضْمَنُ اتِّفَاقًا اهـ غُرَرُ الْأَفْكَارِ (قَوْلُهُ وَإِنْ الضَّرْبُ بِإِذْنِهِمَا) أَيْ إذْنِ الْأَبِ وَالْمَوْلَى، وَكَذَا الْوَصِيُّ وَمُفَادُهُ أَنَّهُمَا لَوْ ضَرَبَاهُ بِنَفْسِهِمَا لَا ضَمَانَ أَيْضًا اتِّفَاقًا.

وَقَدَّمْنَاهُ آنِفًا لَكِنْ فِي الْخَانِيَّةِ: ضَرَبَ وَلَدَهُ الصَّغِيرَ فِي تَعْلِيمِ الْقُرْآنِ وَمَاتَ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ. يَضْمَنُ الدِّيَةَ وَلَا يَرِثُهُ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: يَرِثُهُ وَلَا يَضْمَنُ، وَإِنْ ضَرَبَهُ الْمُعَلِّمُ بِإِذْنِ الْوَالِدِ لَا يَضْمَنُ الْمُعَلِّمُ اهـ وَفِي الْوَلْوَالِجيَّةِ: ضَرَبَ ابْنَهُ فِي أَدَبٍ أَوْ الْوَصِيُّ ضَرَبَ الْيَتِيمَ فَمَاتَ يَضْمَنُ عِنْدَهُ، وَكَذَا إنْ ضَرَبَهُ الْمُعَلِّمُ بِلَا إذْنِهِمْ ضَمِنَ، وَإِنْ بِإِذْنٍ فَلَا؛ لِأَنَّ الْأَبَ وَالْوَصِيَّ مَأْذُونَانِ فِي التَّأْدِيبِ، بِشَرْطِ السَّلَامَةِ؛ لِأَنَّهُمَا يَمْلِكَانِ التَّصَرُّفَ فِي نَفْسِهِ وَمَالِهِ لَوْ خُيِّرَا لَهُ أَمَّا الْمُعَلِّمُ إنَّمَا أَدَّبَهُ بِإِذْنِهِمْ وَالْإِذْنُ مِنْهُمْ وُجِدَ مُطْلَقًا لَا مُقَيَّدًا اهـ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ فِي ضَمَانِ الْأَبِ فِي التَّأْدِيبِ وَالتَّعْلِيمِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ رِوَايَةٌ أُخْرَى تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ قِيلَ هَذَا) أَيْ قَوْلُ الْإِمَامِ بِعَدَمِ ضَمَانِ الْمُعَلِّمِ بِالْإِذْنِ مِنْ الْأَبِ، وَفِيهِ أَنَّ الْخِلَافَ فِي ضَرْبِ التَّأْدِيبِ، وَالْكَلَامُ هُنَا فِي ضَرْبِ التَّعْلِيمِ، وَهُوَ وَاجِبٌ لَا يَتَقَيَّدُ بِالسَّلَامَةِ، وَلَا خِلَافَ فِيهِ أَفَادَهُ ط.

أَقُولُ: فِي حَاشِيَةِ الشَّرَفِ الْغَزِّيِّ عَنْ الصُّغْرَى قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ: إذَا ضَرَبَ ابْنَهُ عَلَى تَعْلِيمِ الْقُرْآنِ أَوْ الْأَدَبِ فَمَاتَ ضَمِنَ عِنْدَهُ لَا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ اهـ وَقَدَّمْنَا آنِفًا عَنْ الْخَانِيَّةِ مِثْلَهُ وَعَلَيْهِ يَظْهَرُ الرُّجُوعُ وَلَا يَحْتَاجُ إلَى الْفَرْقِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ عَنْ الْوَلْوَالِجيَّةِ، وَتَقَدَّمَ فِي كِتَابِ الْإِجَارَاتِ عِنْدَ قَوْلِهِ: وَضَمِنَ بِضَرْبِهَا وَكَبْحِهَا عَنْ غَايَةِ الْبَيَانِ أَنَّ الْأَصَحَّ رُجُوعُهُ إلَى قَوْلِهِمَا وَكَذَا نَقَلَهُ الْبِيرِيُّ عَنْ كِفَايَةِ الْمُجِيبِ فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ تَأْدِيبَهَا لِلْوَلِيِّ) هَذَا التَّعْلِيلُ غَيْرُ ظَاهِرٍ؛ لِأَنَّ مُفَادَهُ أَنَّ الْوَلِيَّ لَا يَضْمَنُ مَعَ أَنَّ الْأَبَ يَضْمَنُ بِضَرْبِ ابْنِهِ تَأْدِيبًا عَلَى مَا مَرَّ، وَالْأَظْهَرُ قَوْلُ الْبِيرِيِّ؛ لِأَنَّهُ لِنَفْعِ نَفْسِهِ بِخِلَافِ تَعْزِيرِ الْقَاضِي، فَإِنَّهُ لِنَفْعِ الْمَضْرُوبِ اهـ وَتَقَدَّمَ فِي بَابِ التَّعْزِيرِ مَا لِلزَّوْجِ ضَرْبُهَا عَلَيْهِ (قَوْلُهُ وَهُوَ) أَيْ مَا فِي الْمَتْنِ مَذْكُورٌ فِي الْأَشْبَاهِ وَغَيْرِهَا مُطْلَقًا، وَقَوْلُهُ: كَمَا قَدَّمْنَاهُ أَيْ فِي ضِمْنِ قَوْلِهِ وَتَمَامُهُ فِي الْأَشْبَاهِ، وَإِلَّا لَمْ يُقَدِّمْهُ صَرِيحًا، وَالْمُرَادُ أَنَّهُ مَذْكُورٌ فِي الْأَشْبَاهِ وَغَيْرِهَا مُطْلَقًا عَنْ ذِكْرِ الْخِلَافِ كَمَا قَدَّمْنَا فِي الْمَتْنِ، فَإِنَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>