الدِّيَةُ وَالْكَفَّارَةُ وَقِيلَ: رَجَعَ الْإِمَامُ إلَى قَوْلِهِمَا وَتَمَامُهُ ثَمَّةَ.
[فُرُوعٌ] ضَرَبَ امْرَأَةً فَأَفْضَاهَا، فَإِنْ كَانَتْ تَسْتَمْسِكُ بَوْلَهَا فَفِيهِ ثُلُثُ الدِّيَةِ، وَإِلَّا فَكُلُّ الدِّيَةِ وَإِنْ افْتَضَّ بِكْرًا بِالزِّنَا فَأَفْضَاهَا فَإِنْ مُطَاوِعَةً حُدَّا وَلَا غُرْمَ، وَإِنْ مُكْرَهَةً فَعَلَيْهِ الْحَدُّ وَأَرْشُ الْإِفْضَاءِ لَا الْعُقْرُ حَاوِي الْقُدْسِيِّ. قَطَعَ الْحَجَّامُ لَحْمًا مِنْ عَيْنِهِ وَكَانَ غَيْرَ حَاذِقٍ فَعَمِيَتْ فَعَلَيْهِ نِصْفُ الدِّيَةِ أَشْبَاهٌ. وَفِي الْقُنْيَةِ: سُئِلَ مُحَمَّدٌ نَجْمُ الدِّينِ عَنْ صَبِيَّةٍ سَقَطَتْ مِنْ سَطْحٍ فَانْفَتَحَ رَأْسُهَا فَقَالَ كَثِيرٌ مِنْ الْجَرَّاحِينَ: إنْ شَقَقْتُمْ رَأْسَهَا تَمُوتُ وَقَالَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ إنْ لَمْ تَشُقُّوهُ الْيَوْمَ تَمُوتُ وَأَنَا أَشُقُّهُ وَأُبْرِئُهَا فَشَقَّهُ فَمَاتَتْ بَعْدَ يَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ هَلْ يَضْمَنُ؟ فَتَأَمَّلَ مَلِيًّا ثُمَّ قَالَ: لَا
ــ
[رد المحتار]
عِبَارَةَ الْمَتْنِ تُفِيدُ أَنَّ الزَّوْجَ يَضْمَنُ اتِّفَاقًا، وَبِهِ صَرَّحَ ابْنُ مَلَكٍ وَغَيْرُهُ وَعَلَيْهِ فَقَوْلُهُ: وَفِي دِيَاتِ الْمُجْتَبَى إلَخْ كَالِاسْتِدْرَاكِ عَلَيْهِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَتَمَامُهُ ثَمَّةَ) قَالَ فِيهِ: وَلَوْ ضَرَبَ ابْنَهُ تَأْدِيبًا إنْ ضَرَبَهُ حَيْثُ لَا يُضْرَبُ لِلتَّأْدِيبِ، أَوْ فَوْقَ مَا يُضْرَبُ لِلتَّأْدِيبِ فَعَطِبَ فَعَلَيْهِ الدِّيَةُ وَالْكَفَّارَةُ، وَإِذَا ضَرَبَهُ حَيْثُ يُضْرَبُ لِلتَّأْدِيبِ، وَمِثْلُ مَا يُضْرَبُ فَكَذَلِكَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَا: لَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَقِيلَ: رَجَعَ إلَى قَوْلِهِمَا، وَعَلَى هَذَا التَّفْصِيلِ، وَالْخِلَافِ الْوَصِيُّ وَالزَّوْجُ إذَا ضَرَبَ الْيَتِيمَ أَوْ زَوْجَتَهُ تَأْدِيبًا، وَكَذَا الْمُعَلِّمُ إذَا ضَرَبَ الصَّبِيَّ بِإِذْنِ الْأَبِ أَوْ الْوَصِيِّ لِتَعْلِيمِ الْقُرْآنِ أَوْ عَمَلٍ آخَرَ مِثْلِ مَا يُضْرَبُ فِيهِ لَا يَضْمَنُ هُوَ وَلَا الْأَبُ وَلَا الْوَصِيُّ بِالْإِجْمَاعِ، فَأَبُو حَنِيفَةَ أَوْجَبَ الدِّيَةَ وَالْكَفَّارَةَ عَلَى الْأَبِ، وَلَمْ يُوجِبْهَا عَلَى الْمُعَلِّمِ إذَا كَانَ بِإِذْنِهِ وَقِيلَ هَذَا رُجُوعٌ مِنْ أَبِي حَنِيفَةَ إلَى قَوْلِهِمَا فِي حَقِّ الْأَبِ وَلَوْ ضَرَبَ الْمُعَلِّمُ بِدُونِ إذْنِهِ فَمَاتَ يَضْمَنُ، وَالْوَالِدَةُ إذَا ضَرَبَتْ وَلَدَهَا تَأْدِيبًا لَا شَكَّ أَنَّهَا تَضْمَنُ عَلَى قَوْلِهِ وَعَلَى قَوْلِهِمَا اخْتِلَافُ الْمَشَايِخِ اهـ مِنَحٌ
(قَوْلُهُ ضَرَبَ امْرَأَةً فَأَفْضَاهَا) أَيْ جَعَلَ مَسْلَكَ بَوْلِهَا وَحَيْضِهَا أَوْ حَيْضِهَا وَغَائِطِهَا وَاحِدًا وَالْوَطْءُ كَالضَّرْبِ كَمَا يَأْتِي وَالْمُرَادُ بِهَا الْأَجْنَبِيَّةُ أَمَّا الزَّوْجَةُ إذَا وَطِئَهَا فَأَفْضَاهَا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يَسْتَمْسِكْ بَوْلُهَا عِنْدَهُمَا، وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ كَالْأَجْنَبِيَّةِ وَاعْتَمَدَهُ ابْنُ وَهْبَانَ بِتَصْرِيحِهِمْ بِأَنَّ عَشْرَةَ أَشْيَاءَ تَجِبُ بِهَا الدِّيَةُ كَامِلَةً مِنْهَا سَلَسُ الْبَوْلِ، وَرَدَّهُ الشُّرُنْبُلَالِيُّ بِأَنَّهُ فِي غَيْرِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ لِنَصِّ الْإِمَامِ وَمُحَمَّدٍ، عَلَى أَنْ لَا شَيْءَ هُنَا أَيْ؛ لِأَنَّهُ بِفِعْلٍ مَأْذُونٍ فِيهِ، وَقَيَّدَ قَوْلَهُمَا بِمَا إذَا كَانَتْ بَالِغَةً مُخْتَارَةً مُطِيقَةً لِوَطْئِهِ، وَلَمْ تَمُتْ مِنْهُ فَلَوْ صَغِيرَةً أَوْ مُكْرَهَةً أَوْ لَا تُطِيقُ تَلْزَمُ دِيَتُهَا اتِّفَاقًا بِالْمَوْتِ وَالْإِفْضَاءِ، وَأَطَالَ فِي ذَلِكَ جِدًّا فَرَاجِعْهُ (قَوْلُهُ فَفِيهِ ثُلُثُ الدِّيَةِ) ؛ لِأَنَّهَا جَائِفَةٌ ط (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَكُلُّ الدِّيَةِ) أَيْ دِيَةِ الْمَرْأَةِ؛ لِأَنَّهُ فَوَّتَ جِنْسَ الْمَنْفَعَةِ عَلَى الْكَمَالِ (قَوْلُهُ حُدَّا) أَيْ حُدَّ كُلٌّ مِنْهُمَا وَلَا غُرْمَ أَيْ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي الْإِفْضَاءِ لِرِضَاهَا بِهِ وَلَا مَهْرَ لِوُجُوبِ الْحَدِّ، وَلَوْ ادَّعَى شُبْهَةً فَلَا حَدَّ وَلَا شَيْءَ فِي الْإِفْضَاءِ وَيَجِبُ الْعَقْدُ (قَوْلُهُ فَعَلَيْهِ الْحَدُّ) أَيْ دُونَهَا لِإِكْرَاهِهَا (قَوْلُهُ وَأَرْشُ الْإِفْضَاءِ) أَيْ ثُلُثُ الدِّيَةِ إنْ اسْتَمْسَكَتْ، وَإِلَّا فَكُلُّهَا وَقَوْلُهُ لَا الْعُقْرُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجْتَمِعُ مَعَ الْحَدِّ وَتَمَامُهُ فِي ط.
[تَتِمَّةٌ] لَوْ زَنَى بِأَمَةٍ فَقَتَلَهَا بِهِ عَلَيْهِ الْحَدُّ بِالزِّنَا وَالْقِيمَةُ بِالْقَتْلِ، وَلَوْ أَذْهَبَ عَيْنَهَا لَزِمَهُ قِيمَتُهَا وَسَقَطَ الْحَدُّ لِتَمَلُّكِهِ الْجُثَّةَ الْعَمْيَاءَ فَأَوْرَثَ شُبْهَةً وَتَفْصِيلُ مَا لَوْ أَفْضَاهَا فِي الشَّرْحِ كَذَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ فِي كِتَابِ الْحُدُودِ قُبَيْلَ بَابِ الشَّهَادَةِ عَلَى الزِّنَا (قَوْلُهُ فَعَلَيْهِ نِصْفُ دِيَةٍ) أَيْ نِصْفُ دِيَةِ الْعَيْنِ أَبُو السُّعُودِ؛ لِأَنَّهُ وَقَعَ بِفِعْلٍ مَأْذُونٍ ط.
أَقُولُ: يَظْهَرُ لِي أَنَّ الْمُرَادَ نِصْفُ دِيَةِ النَّفْسِ الَّتِي هِيَ دِيَةُ الْعَيْنِ ثُمَّ رَأَيْت الرَّحْمَتِيَّ فَسَّرَهَا كَذَلِكَ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ مَسْأَلَةُ الْخِتَانِ الْآتِيَةِ قُبَيْلَ الْقَسَامَةِ، فَإِنَّهُ إذَا أَمَرَ لِيَخْتِنَ صَبِيًّا فَقَطَعَ الْحَشَفَةَ، وَلَمْ يَمُتْ الصَّبِيُّ فَعَلَيْهِ دِيَةُ الْحَشَفَةِ كَامِلَةً وَهِيَ دِيَةُ النَّفْسِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ سُئِلَ مُحَمَّدٌ) لَفْظَةُ مُحَمَّدٍ زَائِدَةٌ عَلَى مَا فِي الْقُنْيَةِ (قَوْلُهُ فَانْفَتَحَ) الَّذِي فِي الْقُنْيَةِ فَانْتَفَخَ بِالتَّاءِ قَبْلَ الْفَاءِ وَبِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ (قَوْلُهُ مَلِيًّا) أَيْ سَاعَةً طَوِيلَةً (قَوْلُهُ ثُمَّ قَالَ لَا إلَخْ) لَا يُنَافِي مَسْأَلَةَ الْعَيْنِ الْمَارَّةِ آنِفًا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute