أَوْ أَصْفَرَ أَوْ أَحْمَرَ (بَاقِيهَا بَلْ كُلُّ دِيَةِ السِّنِّ) إذَا فَاتَ مَنْفَعَةُ الْمَضْغِ وَإِلَّا فَلَوْ مِمَّا يُرَى حَالَ التَّكَلُّمِ فَالدِّيَةُ أَيْضًا وَإِلَّا فَحُكُومَةُ عَدْلٍ زَيْلَعِيٌّ فَقَوْلُ الدُّرَرِ وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ فِيهِ فِيهِ مَا فِيهِ ثُمَّ الْأَصْلُ أَنَّ الْجِنَايَةَ مَتَى وَقَعَتْ عَلَى مَحَلَّيْنِ مُتَبَايِنَيْنِ حَقِيقَةً فَأَرْشُ أَحَدِهِمَا لَا يَمْنَعُ قَوَدَ الْآخَرِ، وَمَتَى وَقَعَتْ عَلَى مَحَلٍّ وَأَتْلَفَتْ شَيْئَيْنِ فَأَرْشُ أَحَدِهِمَا يَمْنَعُ الْقَوَدَ (وَيَجِبُ الْأَرْشُ عَلَى مَنْ أَقَادَ سِنَّهُ) بَعْدَ مُضِيِّ حَوْلٍ (ثُمَّ نَبَتَ) بَعْدَ ذَلِكَ لِتَبَيُّنِ الْخَطَأِ حِينَئِذٍ وَسَقَطَ الْقَوَدُ لِلشُّبْهَةِ وَفِي الْمُلْتَقَى وَيُسْتَأْنَى فِي اقْتِصَاصِ السِّنِّ وَالْمُوضِحَةِ حَوْلًا وَكَذَا لَوْ ضَرَبَ سِنَّهُ فَتَحَرَّكَتْ لَكِنْ فِي الْخُلَاصَةِ الْكَبِيرِ الَّذِي لَا يُرْجَى نَبَاتُهُ لَا يُؤَجَّلُ بِهِ يُفْتَى.
قُلْت: وَقَدْ يُوَفَّقُ بِمَا نَقَلَهُ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ عَنْ النِّهَايَةِ الصَّحِيحِ تَأْجِيلُ الْبَالِغِ لِيَبْرَأَ لَا سِنُّهُ؛ لِأَنَّ نَبَاتَهُ نَادِرٌ (أَوْ قَلَعَهَا فَرُدَّتْ) أَيْ رَدَّهَا صَاحِبُهَا (إلَى مَكَانِهَا وَنَبَتَ عَلَيْهَا اللَّحْمُ) لِعَدَمِ عَوْدِ الْعُرُوقِ كَمَا كَانَتْ فِي النِّهَايَةِ قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ إنْ عَادَتْ إلَى حَالَتِهَا الْأُولَى فِي الْمَنْفَعَةِ وَالْجَمَالِ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ كَمَا لَوْ نَبَتَتْ (وَكَذَا الْأُذُنُ) إذَا أَلْصَقَهَا فَالْتَحَمَتْ يَجِبُ الْأَرْشُ لِأَنَّهَا لَا تَعُودُ إلَى مَا كَانَتْ عَلَيْهِ دُرَرٌ (إلَّا إنْ قُلِعَتْ) السِّنُّ (فَنَبَتَتْ أُخْرَى فَإِنَّهُ يَسْقُطُ الْأَرْشُ عِنْدَهُ كَسِنٍّ صَغِيرٍ)
ــ
[رد المحتار]
لِمَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة أَنَّ أَصْحَابَنَا اتَّفَقُوا فِي الْعُضْوِ الْوَاحِدِ إذَا قُطِعَ بَعْضُهُ فَشُلَّ بَاقِيهِ أَوْ شُلَّ مَا هُوَ تَبَعٌ لِلْمَقْطُوعِ: أَيْ كَالْكَفِّ أَنَّهُ لَا قِصَاصَ. وَاخْتَلَفُوا فِي عُضْوَيْنِ لَيْسَ أَحَدُهُمَا تَبَعًا لِلْآخَرِ اهـ أَيْ كَالْأُصْبُعِ وَجَارِهِ فَإِنَّهُ لَا قِصَاصَ فِي الْأُصْبُعِ عِنْدَهُ خِلَافًا لَهُمَا كَمَا مَرَّ، وَالْمُرَادُ عُضْوَانِ غَيْرُ مُتَبَايِنَيْنِ، وَإِلَّا فَأَرْشُ أَحَدِهِمَا لَا يَمْنَعُ قَوَدَ الْآخَرِ عِنْدَهُ أَيْضًا كَمَا يَأْتِي قَرِيبًا (قَوْلُهُ أَوْ أَصْفَرَ أَوْ أَحْمَرَ) أَيْ أَوْ دَخَلَهُ عَيْبٌ بِوَجْهٍ مَا مَكِّيٌّ عَنْ الْكَافِي ط وَمَا ذَكَرَهُ فِي الِاصْفِرَارِ هُوَ الْمُخْتَارُ كَمَا فِي الدُّرَرِ وَبِهِ جَزَمَ فِي التَّبْيِينِ أَوَّلًا، لَكِنْ ذَكَرَ بَعْدَهُ بِنَحْوِ وَرَقَةٍ فِيمَا لَوْ اصْفَرَّتْ بِالضَّرْبِ وُجُوبُ الْحُكُومَةِ؛ لِأَنَّ الصُّفْرَةَ لَا تُوجِبُ تَفْوِيتَ الْجَمَالِ وَلَا الْمَنْفَعَةِ إلَّا أَنَّ كَمَالَ الْجَمَالِ فِي الْبَيَاضِ اهـ.
وَلَعَلَّهُمْ فَرَّقُوا بَيْنَ الِاصْفِرَارِ بِالْكَسْرِ وَالِاصْفِرَارِ بِالضَّرْبِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَلَوْ مِمَّا يُرَى إلَخْ) عِبَارَةُ الْإِمَامِ مُحَمَّدٍ مُطْلَقَةٌ قَالَ فِي الْكِفَايَةِ وَغَيْرِهَا: وَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ الْجَوَابُ فِيهَا عَلَى التَّفْصِيلِ إلَخْ (قَوْلُهُ فَالدِّيَةُ أَيْضًا) ؛ لِأَنَّهُ فَوَّتَ جَمَالًا ظَاهِرًا عَلَى الْكَمَالِ كِفَايَةٌ (قَوْلُهُ فِيهِ مَا فِيهِ) أُجِيبَ عَنْهُ بِأَنَّ الْمَعْنَى فَلَا شَيْءَ فِيهِ مُقَدَّرٌ فَلَا يُنَافِي وُجُوبَ حُكُومَةِ الْعَدْلِ ط (قَوْلُهُ مُتَبَايِنَيْنِ حَقِيقَةً) كَيَدٍ وَرِجْلٍ ط (قَوْلُهُ عَلَى مَحَلٍّ) كَمُوضِحَةٍ أَزَالَتْ عَقْلَهُ أَوْ سَمْعَهُ أَوْ بَصَرَهُ أَوْ نُطْقَهُ، وَسَوَاءٌ كَانَ الْمَحَلُّ عُضْوًا وَاحِدًا أَوْ عُضْوَيْنِ غَيْرَ مُتَبَايِنَيْنِ كَأُصْبُعٍ شُلَّ جَارُهُ خِلَافًا لَهُمَا فِي الْعُضْوَيْنِ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ وَيَجِبُ الْأَرْشُ) أَيْ خَمْسُمِائَةِ دِرْهَمٍ هِدَايَةٌ (قَوْلُهُ أَقَادَ سِنَّهُ) يُقَالُ أَقَادَ الْقَاتِلُ بِالْقَتِيلِ إذَا قَتَلَهُ بِهِ كَمَا فِي الْمُغْرِبِ وَالْقَامُوسِ، فَيَتَعَدَّى إلَى الْأَوَّلِ بِالْهَمْزَةِ وَإِلَى الثَّانِي بِالْبَاءِ وَعَلَيْهِ فَحَقُّهُ أَقَادَ بِسِنِّهِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ ثُمَّ نَبَتَ) أَيْ كُلُّهُ غَيْرُ مُعْوَجٍّ كَمَا سَيَأْتِي (قَوْلُهُ بَعْدَ مُضِيِّ حَوْلٍ) أَفَادَ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ الْقَوَدُ قَبْلَهُ كَمَا يُصَرِّحُ بِهِ قَوْلُهُ بَعْدَ ذَلِكَ أَيْ بَعْدَ الْإِقَادَةِ (قَوْلُهُ لِتَبَيُّنِ الْخَطَأِ) أَيْ فِي الْقِصَاصِ؛ لِأَنَّ الْمُوجِبَ لَهُ فَسَادُ الْمَنْبَتِ وَلَمْ يَفْسُدْ حَيْثُ نَبَتَ مَكَانَهَا أُخْرَى، فَانْعَدَمَتْ الْجِنَايَةُ هِدَايَةٌ (قَوْلُهُ لِلشُّبْهَةِ) أَيْ شُبْهَةِ وُجُوبِ الْقِصَاصِ قَبْلَ النَّبَاتِ ط (قَوْلُهُ وَيُسْتَأْنَى) بِسُكُونِ الْهَمْزَةِ وَتَخْفِيفِ النُّونِ أَيْ يُنْتَظَرُ، وَيَنْبَغِي لِلْقَاضِي أَنْ يَأْخُذَ مِنْ الْقَالِعِ ضَمِينًا كَمَا فِي الْكِفَايَةِ.
(قَوْلُهُ وَكَذَا) أَيْ يُسْتَأْنَى حَوْلًا (قَوْلُهُ لَكِنْ فِي الْخُلَاصَةِ) حَيْثُ قَالَ: قَلَعَ سِنَّ بَالِغٍ لَا يُؤَجَّلُ سَنَةً إنَّمَا ذَلِكَ فِي الصَّبِيِّ، وَلَكِنْ يُنْتَظَرُ حَتَّى يَبْرَأَ مَوْضِعُ السِّنِّ، أَمَّا إذَا ضَرَبَهُ فَتَحَرَّكَ يُنْتَظَرُ حَوْلًا وَفِي نُسْخَةِ السَّرَخْسِيِّ يُسْتَأْنَى حَوْلًا فِي الْكَبِيرِ الَّذِي لَا يُرْجَى نَبَاتُهُ فِي الْكَسْرِ وَالْقَلْعِ وَبِالْأَوَّلِ يُفْتَى اهـ مُلَخَّصًا (قَوْلُهُ وَقَدْ يُوَفَّقُ إلَخْ) أَيْ بِحَمْلِ مَا فِي الْمُلْتَقَى عَلَى الصَّغِيرِ وَمَا فِي الْخُلَاصَةِ عَلَى الْكَبِيرِ كَمَا هُوَ صَرِيحُ عِبَارَتِهَا (قَوْلُهُ أَوْ قَلَعَهَا فَرُدَّتْ) أَيْ قَبْلَ الْقَوَدِ ط (قَوْلُهُ لِعَدَمِ عَوْدِ الْعُرُوقِ) عِلَّةً لِوُجُوبِ الْأَرْشِ ط، وَوُجُوبُهُ هُنَا عَلَى الْجَانِي (قَوْلُهُ إنْ عَادَتْ) أَيْ إنْ تَصَوَّرَ عَوْدَهَا (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهَا لَا تَعُودُ) الظَّاهِرُ جَرَيَانُ مَا قَالَهُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ هُنَا أَيْضًا تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يَسْقُطُ الْأَرْشُ) أَيْ عَنْ الْجَانِي لِانْعِدَامِ الْجِنَايَةِ مَعْنًى (قَوْلُهُ كَسِنٍّ صَغِيرٍ) فَإِنَّهُ لَا يَجِبُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute