للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خِلَافًا لَهُمَا وَلَوْ نَبَتَتْ مُعْوَجَّةً فَحُكُومَةُ عَدْلٍ، وَلَوْ نَبَتَتْ إلَى النِّصْفِ فَعَلَيْهِ نِصْفُ الْأَرْشِ، وَلَا شَيْءَ فِي ظُفْرٍ نَبَتَ كَمَا كَانَ (أَوْ الْتَحَمَ شَجَّهُ أَوْ) الْتَحَمَ (جُرْحٌ) حَاصِلٌ ذَلِكَ (بِضَرْبٍ وَلَمْ يَبْقَ) لَهُ (أَثَرٌ) فَإِنَّهُ لَا شَيْءَ فِيهِ. وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: عَلَيْهِ أَرْشُ الْأَلَمِ وَهِيَ حُكُومَةُ عَدْلٍ. وَقَالَ مُحَمَّدٌ: قَدْرُ مَا لَحِقَهُ مِنْ النَّفَقَةِ إلَى أَنْ يَبْرَأَ مِنْ أُجْرَةِ الطَّبِيبِ وَثَمَنِ دَوَاهُ. وَفِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ فَسَّرَ قَوْلَ أَبِي يُوسُفَ أَرْشُ الْأَلَمِ بِأُجْرَةِ الطَّبِيبِ وَالْمُدَاوَاةِ فَعَلَيْهِ لَا خِلَافَ بَيْنَهُمَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ.

قُلْت: وَقَدْ قَدَّمْنَا نَحْوَهُ عَنْ الْمُجْتَبَى وَذَكَرَ هُنَا عَنْهُ رِوَايَتَيْنِ فَتَنَبَّهْ (وَلَا يُقَادُ جُرْحٌ إلَّا بَعْدَ بُرْئِهِ) خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ

(وَعَمْدُ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ) وَالْمَعْتُوهِ (خَطَأٌ) بِخِلَافِ السَّكْرَانِ وَالْمُغْمَى عَلَيْهِ

ــ

[رد المحتار]

الْأَرْشُ بِالْإِجْمَاعِ إذَا نَبَتَتْ؛ لِأَنَّهُ لَمْ تَفُتْ عَلَيْهِ مَنْفَعَةٌ وَلَا زِينَةٌ هِدَايَةٌ (قَوْلُهُ خِلَافًا لَهُمَا) حَيْثُ قَالَا: عَلَيْهِ الْأَرْشُ كَامِلًا لِتَحَقُّقِ الْجِنَايَةِ وَالْحَادِثُ نِعْمَةٌ مُبْتَدَأَةٌ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى هِدَايَةٌ (قَوْلُهُ فَحُكُومَةُ عَدْلٍ) أَيْ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ زَيْلَعِيٌّ وَلَوْ نَبَتَتْ سَوْدَاءَ جُعِلَ كَأَنَّهَا لَمْ تَنْبُتْ تَتَارْخَانِيَّةٌ (قَوْلُهُ وَلَا شَيْءَ فِي ظُفْرٍ إلَخْ) فَهُوَ كَالسِّنِّ. بَقِيَ مَا إذَا لَمْ يَنْبُتْ قَالَ فِي الِاخْتِيَارِ: وَفِي قَلْعِ الْأَظْفَارِ تَنْبُتُ حُكُومَةُ عَدْلٍ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَرِدْ فِيهَا أَرْشٌ مُقَدَّرٌ اهـ وَإِنْ نَبَتَ الظُّفْرُ عَلَى عَيْبٍ فَحُكُومَةٌ دُونَ الْأُولَى ظَهِيرِيَّةٌ (قَوْلُهُ وَلَمْ يَبْقَ لَهُ أَثَرٌ) فَإِنْ بَقِيَ لَهُ أَثَرٌ فَإِنْ شَجَّةٌ لَهَا أَرْشٌ مُقَدَّرٌ لَزِمَ وَإِلَّا فَحُكُومَةٌ (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ لَا شَيْءَ فِيهِ) أَيْ عِنْدَ الْإِمَامِ كَنَبَاتِ السِّنِّ.

وَفِي الْبُرْجَنْدِيِّ عَنْ الْخِزَانَةِ وَالْمُخْتَارُ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ دُرٌّ مُنْتَقَى وَعَلَيْهِ اعْتَمَدَ الْمَحْبُوبِيُّ وَالنَّسَفِيُّ وَغَيْرُهُمَا، لَكِنْ قَالَ فِي الْعُيُونِ: لَا يَجِبُ عَلَيْهِ شَيْءٌ قِيَاسًا وَقَالَا: يُسْتَحْسَنُ أَنْ تَجِبَ حُكُومَةُ عَدْلٍ مِثْلُ أُجْرَةِ الطَّبِيبِ وَهَكَذَا كُلُّ جِرَاحَةٍ بَرِئَتْ اهـ مُلَخَّصًا مِنْ تَصْحِيحِ الْعَلَّامَةِ قَاسِمٍ.

قَالَ السَّائِحَانِيُّ: وَيَظْهَرُ لِي رُجْحَانُ الِاسْتِحْسَانِ؛ لِأَنَّ حَقَّ الْآدَمِيِّ مَبْنِيٌّ عَلَى الْمُشَاحَحَةِ اهـ. وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ: لَا شَيْءَ عَلَيْهِ عِنْدَ مُحَمَّدٍ وَهَذَا قِيَاسُ قَوْلِ الْإِمَامِ أَيْضًا، وَفِي الِاسْتِحْسَانِ الْحُكُومَةُ وَهُوَ قَوْلُ الثَّانِي. قَالَ الْفَقِيهُ الْفَتْوَى عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ إلَّا ثَمَنَ الْأَدْوِيَةِ قَالَ الْقَاضِي: أَنَا لَا أَتْرُكُ قَوْلَهُمَا وَإِنْ بَقِيَ أَثَرٌ يَجِبُ أَرْشُ ذَلِكَ الْأَثَرِ إنْ مُنَقِّلَةٌ مَثَلًا فَأَرْشُ الْمُنَقِّلَةِ اهـ قَالَ الرَّمْلِيُّ: وَتَأَمَّلْ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا هُنَا مِنْ الْمُخَالَفَةِ فِي سُوقِ الْخِلَافِ، وَمَا هُنَا هُوَ الْمَذْكُورُ فِي الزَّيْلَعِيِّ وَالْعَيْنِيِّ وَغَالِبِ الشُّرُوحِ (قَوْلُهُ وَهِيَ حُكُومَةُ عَدْلٍ) أَنَّثَ الضَّمِيرَ مُرَاعَاةً لِلْخَبَرِ (قَوْلُهُ قَالَهُ الْمُصَنِّفُ) وَغَيْرُهُ كَالزَّيْلَعِيِّ (قَوْلُهُ وَقَدْ قَدَّمْنَا) أَيْ فِي بَابِ الْقَوَدِ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ نَحْوَهُ أَيْ نَحْوَ مَا ذَكَرَهُ الطَّحَاوِيُّ (قَوْلُهُ وَذَكَرَ هُنَا) أَيْ صَاحِبُ الْمُجْتَبَى فِي شَرْحِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ عَنْهُ: أَيْ عَنْ أَبِي يُوسُفَ رِوَايَتَيْنِ حَيْثُ قَالَ: وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: عَلَيْهِ أَرْشُ الْأَلَمِ وَقَالَ مُحَمَّدٌ: عَلَيْهِ أُجْرَةُ الطَّبِيبِ وَثَمَنُ الْأَدْوِيَةِ وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَبِي يُوسُفَ زَجْرًا لِلسَّفِيهِ وَجَبْرًا لِلضَّرَرِ، وَإِنَّمَا أَوْجَبَ أَبُو يُوسُفَ أَرْشَ الْأَلَمِ وَأَرَادَ بِهِ حُكُومَةَ عَدْلٍ، وَهُوَ أَنْ يُقَوَّمَ عَبْدًا صَحِيحًا وَيُقَوَّمَ بِهَذَا الْأَلَمِ.

ثُمَّ قَالَ قُلْت: فَسَّرَ حُكُومَةَ الْعَدْلِ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ بِأُجْرَةِ الطَّبِيبِ، وَهَكَذَا رَأَيْته فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ أَنَّهُ أَرَادَ أُجْرَةَ الطَّبِيبِ وَثَمَنَ الْأَدْوِيَةِ. وَقَالَ الْقُدُورِيُّ: إنَّ أُجْرَةَ الطَّبِيبِ قَوْلُ مُحَمَّدٍ (قَوْلُهُ فَتَنَبَّهْ) أَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّ تَفْسِيرَ الطَّحَاوِيِّ إنَّمَا يَتَأَتَّى عَلَى إحْدَى رِوَايَتَيْنِ عَنْ أَبِي يُوسُفَ ط (قَوْلُهُ وَلَا يُقَادُ جُرْحٌ إلَّا بَعْدَ بُرْئِهِ) لِمَا رُوِيَ «أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - نَهَى أَنْ يُقْتَصَّ مِنْ جُرْحٍ حَتَّى يَبْرَأَ صَاحِبُهُ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالدَّارَقُطْنِيّ، وَلِأَنَّ الْجِرَاحَاتِ يُعْتَبَرُ فِيهَا مَا لَهَا لِاحْتِمَالِ أَنْ تَسْرِيَ إلَى النَّفْسِ فَيَظْهَرَ أَنَّهُ قَتْلٌ فَلَا يُعْلَمُ أَنَّهُ جُرْحٌ إلَّا بِالْبُرْءِ فَيَسْتَقِرُّ بِهِ زَيْلَعِيٌّ

(قَوْلُهُ خَطَأً) أَيْ فِي حُكْمِ الْخَطَأِ فِي وُجُوبِ الْمَالِ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ السَّكْرَانِ وَالْمُغْمَى عَلَيْهِ) كَذَا فِي الْقُهُسْتَانِيِّ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ السَّكْرَانُ بِغَيْرِ مُبَاحٍ زَجْرًا لَهُ، وَإِلَّا فَالْعَمْدُ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ الْقَصْدِ وَالسَّكْرَانُ بِمُبَاحٍ لَا قَصْدَ لَهُ وَلَا زَجْرَ عَلَيْهِ تَأَمَّلْ، وَكَذَا يُقَالُ فِي الْمُغْمَى فَإِنَّهُ لَا قَصْدَ لَهُ كَالنَّائِمِ بَلْ هُوَ أَشَدُّ، وَأَيْضًا فَالصَّبِيُّ لَهُ قَصْدٌ بِالْجُمْلَةِ، وَقَدْ جُعِلَ عَمْدُهُ خَطَأً فَهَذَا أَوْلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>