للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَيْ مَحَلَّتِهِ لِأَنَّ تَدْبِيرَ الْمَسْجِدِ لِأَهْلِهِ دُونَ غَيْرِهِمْ فَفِعْلُ الْغَيْرِ مُبَاحٌ فَيَتَقَيَّدُ بِالسَّلَامَةِ (أَوْ جَلَسَ فِيهِ لِلصَّلَاةِ) .

الْحَاصِلُ أَنَّ الْجَالِسَ لِلصَّلَاةِ فِي مَسْجِدِ حَيِّهِ أَوْ غَيْرِهِ لَا يَضْمَنُ، وَلِغَيْرِ الصَّلَاةِ يَضْمَنُ مُطْلَقًا خِلَافًا لَهُمَا، وَاسْتَظْهَرَ فِي الشُّرُنْبُلَالِيَّةِ مَعْزِيًّا لِلزَّيْلَعِيِّ وَغَيْرِهِ قَوْلُهُمَا وَقَدْ حَقَّقْته فِي شَرْحِ الْمُلْتَقَى.

وَفِيهِ لَوْ اسْتَأْجَرَهُ لِيَبْنِيَ أَوْ لِيَحْفِرَ لَهُ فِي فِنَاءِ حَانُوتِهِ أَوْ دَارِهِ فَتَلِفَ بِهِ الْأَجِيرُ وَإِنْ بَعْدَهُ فَعَلَى شَيْءٍ إنْ قَبْلَ فَرَاغِهِ فَعَلَى الْآمِرِ كَمَا لَوْ كَانَ فِي غَيْرِ فِنَائِهِ وَلَمْ يَعْلَمْ بِهِ الْأَجِيرُ فَإِنْ عَلِمَهُ فَعَلَيْهِ كَمَا لَوْ أَمَرَهُ بِالْبِنَاءِ فِي وَسَطِ الطَّرِيقِ لِفَسَادِ الْأَمْرِ، وَلَوْ قَالَ الْآمِرُ هُوَ فِنَائِي وَلَيْسَ لِي حَقُّ الْحَفْرِ فَعَلَى الْأَجِيرِ قِيَاسًا أَيْ لِعِلْمِهِ بِفَسَادِ الْأَمْرِ فَمَا أَغَرَّهُ وَعَلَى الْمُسْتَأْجِرِ اسْتِحْسَانًا اهـ.

ــ

[رد المحتار]

مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ لَبِسَهُ لَا يَصِحُّ تَعَلُّقُهُ بِسَقَطَ لِفَسَادِ الْمَعْنَى فَافْهَمْ (قَوْلُهُ فَفِعْلُ الْغَيْرِ مُبَاحٌ) يُقَيَّدُ أَنَّ فِعْلَ الْأَهْلِ وَاجِبٌ مَثَلًا، وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ كِلَاهُمَا مُبَاحٌ غَيْرَ أَنَّ فِعْلَ الْأَهْلِ مُبَاحٌ مُطْلَقٌ غَيْرُ مُقَيَّدٍ بِالسَّلَامَةِ، وَفِعْلُ غَيْرِهِ مُبَاحٌ مُقَيَّدٌ بِهَا ط (قَوْلُهُ الْحَاصِلُ أَنَّ الْجَالِسَ لِلصَّلَاةِ إلَخْ) ذَكَرَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ أَنَّ الصَّحِيحَ مِنْ مَذْهَبِ أَبِي حَنِيفَةَ: أَنَّ الْجَالِسَ لِانْتِظَارِ الصَّلَاةِ لَا يَضْمَنُ، وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي عَمَلٍ لَا يَكُونُ لَهُ اخْتِصَاصٌ بِالْمَسْجِدِ كَقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ وَدَرْسِ الْفِقْهِ وَالْحَدِيثِ، وَذَكَرَ فِي الذَّخِيرَةِ أَنَّهُ إذَا قَعَدَ فِيهِ لِحَدِيثٍ، أَوْ نَامَ فِيهِ أَوْ قَامَ فِيهِ لِغَيْرِ صَلَاةٍ أَوْ مَرَّ فِيهِ مَارٌّ ضَمِنَ عِنْدَهُ، وَقَالَا: لَا يَضْمَنُ، وَإِنْ قَعَدَ لِلْعِبَادَةِ كَانْتِظَارِ الصَّلَاةِ أَوْ الِاعْتِكَافِ، أَوْ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ، أَوْ لِلتَّدْرِيسِ، أَوْ لِلذِّكْرِ اخْتَلَفَ الْمُتَأَخِّرُونَ فِيهِ عَلَى قَوْلَيْنِ بِالضَّمَانِ وَعَدَمِهِ زَيْلَعِيٌّ مُلَخَّصًا (قَوْلُهُ مُطْلَقًا) أَيْ فِي مَسْجِدِ حَيِّهِ أَوْ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ مَعْزِيًّا لِلزَّيْلَعِيِّ) فَإِنَّهُ نَقَلَ عَنْ الْحَلْوَانِيِّ: أَنَّ أَكْثَرَ الْمَشَايِخِ أَخَذُوا بِقَوْلِهِمَا وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى اهـ وَنُقِلَ عَنْ صَدْرِ الْإِسْلَامِ: أَنَّ الْأَظْهَرَ مَا قَالَاهُ؛ لِأَنَّ الْجُلُوسَ مِنْ ضَرُورَاتِ الصَّلَاةِ، فَيَكُونُ مُلْحَقًا بِهَا. وَفِي الْعَيْنِيِّ بِقَوْلِهِمَا قَالَتْ الثَّلَاثَةُ وَبِهِ يُفْتَى اهـ ط.

(قَوْلُهُ وَقَدْ حَقَّقْته فِي شَرْحِ الْمُلْتَقَى) حَاصِلُهُ مَا قَدَّمْنَاهُ، وَذَكَرَ أَيْضًا أَنَّ الْجُلُوسَ لِلْكَلَامِ الْمَحْظُورِ فِيهِ الضَّمَانُ اتِّفَاقًا وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ مَا أَطْلَقَهُ فَخْرُ الْإِسْلَامِ (قَوْلُهُ وَفِيهِ لَوْ اسْتَأْجَرَهُ إلَخْ) ذَكَرَ الزَّيْلَعِيُّ وَغَيْرُهُ مَا حَاصِلُهُ أَنَّهُ لَوْ اسْتَأْجَرَهُ لِيَشْرَعَ لَهُ جَنَاحًا فِي فِنَاءِ دَارِهِ، وَقَالَ لَهُ مِلْكِي أَوْلَى فِيهِ حَقُّ الْإِشْرَاعِ مِنْ الْقَدِيمِ، وَلَمْ يَعْلَمْ الْأَجِيرُ فَظَهَرَ بِخِلَافِهِ، فَسَقَطَ عَلَى إنْسَانٍ قَبْلَ الْفَرَاغِ، أَوْ بَعْدَهُ. فَالضَّمَانُ عَلَى الْأَجِيرِ، وَيَرْجِعُ عَلَى الْآمِرِ قِيَاسًا وَاسْتِحْسَانًا وَإِنْ أَخْبَرَهُ بِأَنْ لَا حَقَّ لَهُ فِي الْإِشْرَاعِ، أَوْ لَمْ يُخْبِرْهُ حَتَّى بَنَى فَسَقَطَ فَأَتْلَفَ إنْ قَبْلَ الْفَرَاغِ ضَمِنَ، وَلَا يَرْجِعُ وَإِنْ بَعْدَهُ فَكَذَلِكَ قِيَاسًا بِفَسَادِ الْأَمْرِ كَمَا لَوْ أَمَرَهُ بِالْبِنَاءِ فِي الطَّرِيقِ، وَفِي الِاسْتِحْسَانِ يَضْمَنُ الْآمِرُ لِصِحَّةِ الْأَمْرِ؛ لِأَنَّ فِنَاءَهُ مَمْلُوكٌ لَهُ مِنْ حَيْثُ إنَّ لَهُ الِانْتِفَاعَ، بِشَرْطِ السَّلَامَةِ وَغَيْرُ مَمْلُوكٍ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ بَيْعُهُ، فَمِنْ حَيْثُ الصِّحَّةُ يَكُونُ قَرَارُ الضَّمَانِ عَلَى الْآمِرِ بَعْدَ الْفَرَاغِ، مِنْ حَيْثُ الْفَسَادُ يَكُونُ عَلَى الْعَامِلِ قَبْلَ الْفَرَاغِ، وَإِنْ اسْتَأْجَرَهُ لِيَحْفِرَ لَهُ فِي غَيْرِ فِنَائِهِ ضَمِنَ الْآمِرُ دُونَ الْعَامِلِ، إذَا لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ غَيْرُ فِنَائِهِ لِصِحَّةِ الْأَمْرِ حِينَئِذٍ، فَنُقِلَ فِعْلُهُ إلَى الْآمِرِ؛ لِأَنَّهُ غَرَّهُ فَإِنْ عَلِمَ بِذَلِكَ ضَمِنَ إذْ لَا غُرُورَ، فَبَقِيَ الْفِعْلُ مُضَافًا إلَيْهِ، وَلَوْ قَالَ إنَّهُ فِنَائِي وَلَيْسَ لِي فِيهِ حَقُّ الْحَفْرِ ضَمِنَ الْعَامِلُ قِيَاسًا إذْ لَا غُرُورَ وَفِي الِاسْتِحْسَانِ يَضْمَنُ الْآمِرُ اهـ.

زَادَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ إنْ كَانَ بَعْدَ الْفَرَاغِ اهـ فَقَدْ أَفَادَ أَنَّ التَّفْصِيلَ قَبْلَ الْفَرَاغِ أَوْ بَعْدَهُ جَارٍ فِي الْحَفْرِ أَيْضًا كَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ فَافْهَمْ، وَوَجْهُ الْفَرْقِ بَيْنَ الْحَفْرِ وَالْإِشْرَاعِ، فَإِنَّ الْأَجِيرَ فِي الْإِشْرَاعِ إذَا لَمْ يَعْلَمْ ضَمِنَ، وَرَجَعَ عَلَى الْآمِرِ؛ وَفِي الْحَفْرِ لَمْ يَضْمَنْ أَصْلًا هُوَ أَنَّ الْآمِرَ مُتَسَبِّبٌ وَمُشَرِّعُ الْجَنَاحِ مُبَاشِرٌ بِخِلَافِ الْحَافِرِ، فَإِنَّهُ مُتَسَبِّبٌ أَيْضًا وَالْمُتَسَبِّبُ يَضْمَنُ إذَا كَانَ مُتَعَدِّيًا وَالْمُتَعَدِّي هُنَا هُوَ الْآمِرُ فَقَطْ أَتْقَانِيٌّ مُلَخَّصًا وَفِي الْمُغْرِبِ: الْفِنَاءُ سَعَةٌ أَمَامَ الْبُيُوتِ وَقِيلَ مَا امْتَدَّ مِنْ جَوَانِبِهَا (قَوْلُهُ فَمَا أَغَرَّهُ)

<<  <  ج: ص:  >  >>