للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَهَلْ تَكْفِيهِ الظُّلْمَةُ؟ فِي مَجْمَعِ الْأَنْهُرِ بَحْثًا، نَعَمْ فِي الِاضْطِرَارِ لَا الِاخْتِيَارِ (يُصَلِّي قَاعِدًا) كَمَا فِي الصَّلَاةِ، وَقِيلَ مَادًّا رِجْلَيْهِ (مُومِيًا بِرُكُوعٍ وَسُجُودٍ، وَهُوَ أَفْضَلُ مِنْ صَلَاتِهِ) قَاعِدًا يَرْكَعُ وَيَسْجُدُ وَ (قَائِمًا) بِإِيمَاءٍ أَوْ (بِرُكُوعٍ وَسُجُودٍ) لِأَنَّ السَّتْرَ أَهَمُّ مِنْ أَدَاءِ الْأَرْكَانِ (وَلَوْ أُبِيحَ لَهُ ثَوْبٌ) وَلَوْ بِإِعَارَةٍ (ثَبَتَتْ قُدْرَتُهُ) هُوَ الْأَصَحُّ، وَلَوْ وُعِدَ بِهِ يَنْتَظِرُ مَا لَمْ يَخَفْ فَوْتَ الْوَقْتِ هُوَ الْأَظْهَرُ كَرَاجِي مَاءٍ

ــ

[رد المحتار]

وَالْحَاصِلُ أَنَّ الشَّرْطَ هُوَ سَتْرُ عَوْرَةِ الْمُصَلِّي لَا سَتْرُ ذَاتِ الْمُصَلِّي، فَمَنْ اخْتَفَى فِي خَلْوَةٍ أَوْ ظُلْمَةٍ أَوْ خَيْمَةٍ وَهُوَ عُرْيَانٌ فَذَاتُهُ مَسْتُورَةٌ وَعَوْرَتُهُ مَكْشُوفَةٌ وَذَلِكَ لَا يُسَمَّى سَاتِرًا، وَمِثْلُهُ لَوْ غَطَسَ فِي مَاءٍ كَدِرٍ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَهَلْ تَكْفِيهِ الظُّلْمَةُ إلَخْ) لَا يَظْهَرُ لِهَذَا الْكَلَامِ ثَمَرَةٌ لِأَنَّهُ حَيْثُ فَقَدَ السَّاتِرَ صَلَّى كَيْفَ كَانَ أَيْ فِي ظُلْمَةٍ أَوْ فِي ضَوْءٍ وَلَعَلَّ مُرَادَهُ مَا ذَكَرَهُ فِي الْبَحْرِ. وَعِبَارَتُهُ: وَالْأَفْضَلُ أَنْ يُصَلِّيَ قَاعِدًا بِبَيْتٍ أَوْ صَحْرَاءَ فِي لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ. قَالَ: وَمِنْ الْمَشَايِخِ مَنْ خَصَّهُ بِالنَّهَارِ، أَمَّا بِاللَّيْلِ فَيُصَلِّي قَائِمًا لِأَنَّ ظُلْمَةَ اللَّيْلِ تَسْتُرُ عَوْرَتَهُ. وَرُدَّ بِأَنَّهُ لَا عِبْرَةَ بِهَا. وَرُدَّ بِالْفَرْقِ بَيْنَ حَالَةِ الِاخْتِيَارِ وَالِاضْطِرَارِ اهـ ط (قَوْلُهُ فِي مَجْمَعِ الْأَنْهُرِ) هُوَ شَرْحُ الْمُلْتَقَى لِشَيْخَيْ زَادَهْ ح (قَوْلُهُ كَمَا فِي الصَّلَاةِ) كَذَا قَالَهُ فِي مُنْيَةِ الْمُصَلِّي. قَالَ فِي الْبَحْرِ: فَعَلَيْهِ يَخْتَلِفُ فِي الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ، فَهُوَ يَفْتَرِشُ وَهِيَ تَتَوَرَّكُ (قَوْلُهُ وَقِيلَ مَادًّا رِجْلَيْهِ) أَيْ وَيَضَعُ يَدَيْهِ عَلَى عَوْرَتِهِ الْغَلِيظَةِ وَالْأَوَّلُ أَوْلَى لِأَنَّهُ أَكْثَرُ سَتْرًا مَعَ مَا فِي هَذَا مِنْ مَدِّ الرِّجْلَيْنِ إلَى الْقِبْلَةِ بَحْرٌ وَحِلْيَةٌ، لَكِنْ فِي شَرْحِ الْمُنْيَةِ الْكَبِيرِ أَنَّ الثَّانِيَ أَوْلَى لِزِيَادَةِ السَّتْرِ فِيهِ وَهُوَ الْمَذْكُورُ فِي شُرُوحِ الْهِدَايَةِ وَغَيْرِهَا. اهـ. قُلْت: وَهُوَ الصَّوَابُ لِأَنَّ مَنْ جَعَلَ مَقْعَدَتَهُ عَلَى رِجْلَيْهِ كَمَا فِي تَشَهُّدِ الصَّلَاةِ تَظْهَرُ عَوْرَتُهُ الْغَلِيظَةُ حَالَةَ الْإِيمَاءِ لِلرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ أَكْثَرَ مِمَّنْ جَعَلَ مَقْعَدَتَهُ عَلَى الْأَرْضِ كَمَا هُوَ مَحْسُوسٌ مُشَاهَدٌ، وَلَوْ جَلَسَ مُتَرَبِّعًا يَظْهَرُ مِنْهُ الْقُبُلُ فَلِذَا اغْتَفَرُوا مَدَّ رِجْلَيْهِ نَحْوَ الْقِبْلَةِ، فَلَا جَرَمَ أَنَّهُ مَشَى عَلَيْهِ شُرَّاحُ الْهِدَايَةِ وَغَيْرِهِمْ كَصَاحِبِ الذَّخِيرَةِ وَالسِّرَاجِ وَالدُّرَرِ وَالتَّبْيِينِ وَنُورِ الْإِيضَاحِ وَالْخِلَافُ فِي الْأَوْلَوِيَّةِ كَمَا لَا يَخْفَى، وَنَبَّهَ عَلَيْهِ فِي النَّهْرِ (قَوْلُهُ وَقَائِمًا بِإِيمَاءٍ) كَذَا فِي الْقُهُسْتَانِيِّ عَنْ الزَّاهِدِيِّ، وَنَقَلَهُ فِي الْبَحْرِ عَنْ مُلْتَقَى الْبِحَارِ. وَقَالَ: وَظَاهِرُ الْهِدَايَةِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ، ثُمَّ ذَكَرَ بَعْدَ نَحْوِ وَرَقَةٍ بَحْثًا رَجَّحَ بِهِ مَا فِي الْهِدَايَةِ، وَالْبَحْثُ مَأْخُوذٌ مِنْ الْحِلْيَةِ فَرَاجِعْهُ. وَقَالَ فِي الْبَحْرِ أَيْضًا: وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ هَذَا دُونَ الرَّابِعِ فِي الْفَضْلِ: أَيْ دُونَ الْقِيَامِ بِرُكُوعٍ وَسُجُودٍ لِلِاخْتِلَافِ فِي صِحَّتِهِ وَإِنْ كَانَ سَتْرُ الْعَوْرَةِ فِي الرَّابِعِ أَكْثَرَ. اهـ. قُلْت: فَكَانَ الْأَوْلَى لِلشَّارِحِ تَأْخِيرُهُ عَنْ الرَّابِعِ لِيَكُونَ الذِّكْرُ فِي الْأَرْبَعَةِ عَلَى وَفْقِ التَّرْتِيبِ فِي الْأَفْضَلِيَّةِ (قَوْلُهُ لِأَنَّ السَّتْرَ أَهَمُّ إلَخْ) أَيْ لِأَنَّهُ فَرْضٌ فِي الصَّلَاةِ وَخَارِجَهَا، وَالْأَرْكَانُ فَرَائِضُ الصَّلَاةِ لَا غَيْرُ وَقَدْ أَتَى بِبَدَلِهَا وَإِنَّمَا جَازَ الْقِيَامُ لِأَنَّهُ وَإِنْ تَرَكَ فَرْضَ السَّتْرِ فَقَدْ كَمَّلَ الْأَرْكَانَ الثَّلَاثَةَ بَدَائِعُ، وَأَرَادَ بِالْأَرْكَانِ الثَّلَاثَةِ الْقِيَامَ وَالرُّكُوعَ وَالسُّجُودَ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الْإِيمَاءُ قَائِمًا لِأَنَّ فِيهِ تَرْكَ فَرْضِ السَّتْرِ بِلَا تَكْمِيلٍ لِلثَّلَاثَةِ، وَمِنْ هُنَا نَشَأَ تَرْجِيحُ صَاحِبِ الْبَحْرِ وَالْحِلْيَةِ لِظَاهِرِ مَا مَرَّ عَنْ الْهِدَايَةِ (قَوْلُهُ وَلَوْ أُبِيحَ لَهُ ثَوْبٌ إلَخْ) فِي التَّتَارْخَانِيَّة: وَلَوْ كَانَ بِحَضْرَتِهِ مَنْ لَهُ ثَوْبٌ يَسْأَلُهُ، فَإِنْ لَمْ يُعْطِهِ صَلَّى عُرْيَانًا، وَلَوْ وَجَدَ فِي خِلَالِ صَلَاتِهِ ثَوْبًا اسْتَقْبَلَ اهـ وَظَاهِرُهُ لُزُومُ السُّؤَالِ، لَكِنْ يَنْبَغِي تَقْيِيدُهُ بِمَا إذَا غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ عَدَمُ الْمَنْعِ كَمَا فِي الْمُتَيَمِّمِ (قَوْلُهُ هُوَ الْأَظْهَرُ) كَذَا فِي شَرْحِ الْمُنْيَةِ الصَّغِيرِ وَقَدَّمْنَا فِي التَّيَمُّمِ عَنْ الْفَتْحِ وَغَيْرِهِ أَنَّهُ لَوْ وُعِدَ بِدَلْوٍ أَوْ ثَوْبٍ يُسْتَحَبُّ لَهُ التَّأْخِيرُ مَا لَمْ يَخَفْ فَوْتَ الْوَقْتِ عِنْدَهُ. وَعِنْدَهُمَا يَجِبُ وَإِنْ خَافَ فَوْتَهُ؛ كَمَا لَوْ وُعِدَ بِالْمَاءِ فَإِنَّهُ يَنْتَظِرُ اتِّفَاقًا، وَقَدَّمْنَا أَنَّ ظَاهِرَ كَلَامِهِمْ تَرْجِيحُ قَوْلِ الْإِمَامِ وَبِهِ جَزَمَ فِي الْمُنْيَةِ، وَتَقَدَّمَ أَيْضًا أَنَّهُ يُنْدَبُ لِرَاجِي الْمَاءِ أَنْ يُؤَخِّرَ إلَى آخِرِ الْوَقْتِ الْمُسْتَحَبِّ (قَوْلُهُ كَرَاجِي مَاءٍ) أَيْ كَمَنْ رَجَا حُصُولَ الْمَاءِ فَإِنَّهُ يُنْدَبُ لَهُ أَنْ يُؤَخِّرَ إلَى آخِرِ الْوَقْتِ الْمُسْتَحَبِّ كَمَا مَرَّ فِي التَّيَمُّمِ، وَهَذَا تَنْظِيرٌ لَا قِيَاسٌ،

<<  <  ج: ص:  >  >>