لِأَنَّهُ فِي يَدِهِ فَصَارَ كَأَنَّهُ فِي دَارِهِ (وَلَوْ اجْتَمَعَ) فِيهَا (سَائِقٌ وَقَائِدٌ وَرَاكِبٌ فَالدِّيَةُ عَلَيْهِمْ جَمِيعًا وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مِلْكًا لَهُمْ) عَمَلًا بِيَدَيْهِمْ وَقِيلَ: الْقَسَامَةُ وَالدِّيَةُ عَلَى مَالِكِ الدَّابَّةِ كَالدَّارِ وَقِيلَ: لَا يَجِبُ عَلَى السَّائِقِ إلَّا إذَا كَانَ يَسُوقُهَا مُخْتَفِيًا وَبِهِ جَزَمَ فِي الْجَوْهَرَةِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهَا أَحَدٌ فَالدِّيَةُ وَالْقَسَامَةُ عَلَى أَهْلِ الْمَحَلَّةِ الَّتِي فِيهَا الْقَتِيلُ عَلَى الدَّابَّةِ
(وَإِنْ مَرَّتْ دَابَّةٌ عَلَيْهَا قَتِيلٌ بَيْنَ قَرْيَتَيْنِ) أَوْ قَبِيلَتَيْنِ (فَعَلَى أَقْرَبِهِمَا) لِمَا رُوِيَ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَ فِي قَتِيلٍ وُجِدَ بَيْنَ قَرْيَتَيْنِ بِأَنْ يُذْرَعَ فَوُجِدَ إلَى أَحَدِهِمَا أَقْرَبَ بِشِبْرٍ فَقَضَى عَلَيْهَا بِالْقَسَامَةِ» وَلَوْ اسْتَوَيَا فَعَلَيْهِمَا وَقَيْدُ الدَّابَّةِ اتِّفَاقِيٌّ قُهُسْتَانِيُّ (بِشَرْطِ سَمَاعِ الصَّوْتِ مِنْهُمْ) هَكَذَا عَبَّارُهُ الزَّيْلَعِيِّ.
ــ
[رد المحتار]
يَدُ مِلْكِهَا عَنْهَا فِي الرَّأْيِ وَالتَّدْبِيرِ وَإِنْ أَجْرَاهَا بِخِلَافِ الدَّابَّةِ فَإِنَّ التَّصَرُّفَ فِيهَا لِذِي الْيَدِ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ فِي يَدِهِ) الضَّمِيرُ الْأَوَّلُ لِلْقَتِيلِ وَالثَّانِي لِلسَّائِقِ وَكَذَا قَوْلُهُ فَصَارَ كَأَنَّهُ فِي دَارِهِ (قَوْلُهُ فَالدِّيَةُ عَلَيْهِمْ جَمِيعًا) أَيْ عَلَى عَوَاقِلِهِمْ وَالْقَسَامَةُ عَلَيْهِمْ عِنَايَةٌ (قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مِلْكًا لَهُمْ) إنْ وَصْلِيَّةٌ: أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ مِلْكًا لَهُمْ أَوْ لَا وَلْيُنْظَرْ فِيمَا لَوْ كَانَ الْمَالِكُ أَحَدَهُمْ بِأَنْ كَانَ هُوَ السَّائِقُ مَثَلًا، وَالْقَائِدُ أَوْ الرَّاكِبُ أَجْنَبِيٌّ أَوْ بِالْعَكْسِ، وَالْإِطْلَاقُ يَشْمَلُ هَذِهِ الصُّورَةَ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ مَا ذَكَرَهُ الْأَتْقَانِيُّ لَوْ وُجِدَ الْقَتِيلُ فِي سَفِينَةٍ فَالدِّيَةُ عَلَى مَنْ فِيهَا مِنْ مَالِكٍ وَرَاكِبٍ، لِأَنَّهَا تُنْقَلُ وَتَحُولُ فَالضَّمَانُ فِيهَا بِثُبُوتِ الْيَدِ لَا بِالنُّصْرَةِ كَالدَّابَّةِ اهـ أَفَادَهُ سَعْدِيٌّ (قَوْلُهُ عَمَلًا بِيَدِهِمْ) إشَارَةٌ إلَى الْفَرْقِ الْمَارِّ بَيْنَ الدَّابَّةِ وَالدَّارِ (قَوْلُهُ وَقِيلَ لَا يَجِبُ عَلَى السَّائِقِ إلَخْ) هَذَا لَا يَخُصُّ السَّائِقَ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْقَائِدُ وَالرَّاكِبُ مِثْلَهُ، وَيُشِيرُ إلَيْهِ مَا فِي الْحَمَوِيِّ عَنْ الرَّمْزِ حَمَلُوا جِنَازَةً ظَاهِرَةً، فَإِذَا هُوَ قَتِيلٌ لَا شَيْءَ فِيهِ أَبُو السُّعُودِ (قَوْلُهُ وَبِهِ جَزَمَ فِي الْجَوْهَرَةِ) لَكِنْ فِي الْكِفَايَةِ أَنَّهُ رِوَايَةٌ عَنْ أَبِي يُوسُفَ فِي غَيْرِ الْأُصُولِ
(قَوْلُهُ وَإِنْ مَرَّتْ دَابَّةٌ) أَيْ وَلَمْ يَكُنْ مَعَهَا أَحَدٌ مِسْكِينٌ إذْ لَوْ مَعَهَا سَائِقٌ أَوْ نَحْوُهُ فَقَدْ مَرَّ آنِفًا (قَوْلُهُ أَوْ قَبِيلَتَيْنِ) أَوْ سِكَّتَيْنِ أَوْ مَحَلَّتَيْنِ قُهُسْتَانِيٌ (قَوْلُهُ فَعَلَى أَقْرَبِهِمَا) أَيْ مِنْ الْقَتِيلِ وَهَذَا إذَا كَانَ فِي مَوْضِعٍ لَا يَكُونُ مَمْلُوكًا لِأَحَدٍ، وَإِلَّا فَعَلَى مَالِكِهِ قُهُسْتَانِيٌ وَيَأْتِي قَرِيبًا وَقَالَ فِيهِ إشْعَارٌ بِأَنَّهُ لَوْ وُجِدَ بَيْنَ أَرْضِ قَرْيَةٍ فَعَلَى الْأَقْرَبِ (قَوْلُهُ وَلَوْ اسْتَوَيَا فَعَلَيْهِمَا) فَلَوْ كَانَ فِي إحْدَى الْقَرْيَتَيْنِ أَلْفُ رَجُلٍ، وَفِي الْأُخْرَى أَقَلُّ فَالدِّيَةُ عَلَى الْقَرْيَتَيْنِ نِصْفَانِ بِلَا خِلَافٍ ط عَنْ الْهِنْدِيَّةِ
أَقُولُ: وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ مِنْ الشُّرُوطِ: الدَّعْوَى مِنْ الْوَلِيِّ، فَإِذَا ادَّعَى عَلَى إحْدَاهُمَا دُونَ الْأُخْرَى كَيْفَ الْحُكْمُ، وَاَلَّذِي يَظْهَرُ لِي بَحْثًا أَنَّهُ لَوْ ادَّعَى عَلَى إحْدَى الْمُسْتَوَيَيْنِ لَا تَسْقُطُ الْقَسَامَةُ عَنْ الْأُخْرَى، لِأَنَّ الْوُجُوبَ عَلَيْهِمَا فَهُوَ كَمَا لَوْ ادَّعَى عَلَى مُعَيَّنٍ مِنْ أَهْلِ مَحَلَّةٍ، وَأَمَّا لَوْ ادَّعَى عَلَى الْبُعْدَى، فَهُوَ إبْرَاءٌ مِنْهُ لِلْقُرْبَى، لِأَنَّ أَصْلَ الْوُجُوبِ عَلَيْهَا وَحْدَهَا كَمَا لَوْ ادَّعَى عَلَى وَاحِدٍ مِنْ غَيْرِ أَهْلِ الْمَحَلَّةِ وَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ وَقَيْدُ الدَّابَّةِ أَتْقَانِيٌّ) فَالْحُكْمُ كَذَلِكَ لَوْ وُجِدَ طَرِيحًا بَيْنَهُمَا ط (قَوْلُهُ بِشَرْطِ سَمَاعِ الصَّوْتِ مِنْهُمْ) عَبَّرَ عَنْهُ الزَّيْلَعِيُّ وَصَاحِبُ الْهِدَايَةِ يُقْبَلُ، لَكِنْ جَزَمَ بِهِ فِي الْخَانِيَّةِ وَالْوَلْوَالِجِيَّة وَتَبِعَهُمَا ابْنُ كَمَالٍ وَصَاحِبُ الدُّرَرِ، وَجَعَلَهُ مَتْنًا كَالْمُصَنِّفِ وَكَذَا فِي الْمَوَاهِبِ، وَوَجْهُهُ ظَاهِرٌ، وَمُفَادٌ أَنَّهُ لَمْ يُسْمَعْ مِنْهُ الصَّوْتُ فَدَمُهُ هَدَرٌ، لَكِنَّ هَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ الْمَكَانُ مَمْلُوكًا أَوْ عَلَيْهِ يَدٌ خَاصَّةٌ أَوْ عَامَّةٌ كَمَا يَأْتِي تَقْرِيرُهُ.
(قَوْلُهُ هَكَذَا عِبَارَةُ الزَّيْلَعِيِّ) أَيْ عَلَى مَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ، وَفِي بَعْضِهَا مِثْلُ مَا فِي الدُّرَرِ وَيُمْكِنُ إرْجَاعُ الْكُلِّ إلَى مَعْنًى وَاحِدٍ فَقَوْلُهُ: مِنْهُمْ صِلَةُ سَمَاعٍ، وَقَوْلُهُ: مِنْهُ حَالٌ مِنْ الصَّوْتِ، وَهُوَ مَعْنَى مَا فِي الْكَافِي عَلَى أَنَّ الْغَالِبَ أَنَّهُ إذَا كَانَ بِحَيْثُ يَسْمَعُونَ صَوْتَهُ فَهُوَ يَسْمَعُ صَوْتَهُمْ، لَكِنْ لَمَّا كَانَ مَدَارُ الضَّمَانِ عَلَى نِسْبَةِ التَّقْصِيرِ إلَيْهِمْ بِعَدَمِ إغَاثَتِهِ كَانَ الْمَلْحُوظُ سَمَاعَهُمْ صَوْتَهُ لَا بِالْعَكْسِ فَأَوْرَدَ الشَّارِحُ عِبَارَةَ الدُّرَرِ وَغَيْرِهَا لِبَيَانِ الْمُرَادِ فِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute