للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَعِبَارَةُ الدُّرَرِ وَغَيْرِهَا مِنْهُ عِبَارَةُ الْبُرْجَنْدِيِّ نَقْلًا عَنْ الْكَافِي يَسْمَعُونَ صَوْتَهُ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يَلْحَقُهُ لِلْغَوْثِ فَيُنْسَبُونَ إلَى التَّقْصِيرِ فِي النُّصْرَةِ (وَإِلَّا) بِأَنْ كَانَ فِي مَوْضِعٍ لَا يُسْمَعُ مِنْهُ الصَّوْتُ (لَا) تَلْزَمُهُمْ نُصْرَتُهُ فَلَا يُنْسَبُونَ إلَى التَّقْصِيرِ فَلَا يُجْعَلُونَ قَاتِلِينَ تَقْدِيرًا (وَيُرَاعَى حَالُ الْمَكَانِ الَّذِي وُجِدَ فِيهِ الْقَتِيلُ فَإِنْ كَانَ مَمْلُوكًا تَجِبُ الْقَسَامَةُ عَلَى الْمُلَّاكِ وَالدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَتِهِمْ) وَكَذَا لَوْ مَوْقُوفًا عَلَى أَرْبَابٍ مَعْلُومِينَ، لِأَنَّ الْعِبْرَةَ لِلْمِلْكِ وَالْوِلَايَةِ كَمَا أَفَادَهُ الْمُصَنِّفُ مُسْتَنَدُ الْوَلْوَالِجيَّةِ وَالْبَزَّازِيَّةِ.

قُلْت: وَسَيَجِيءُ التَّصْرِيحُ بِهِ فِي الْمَتْنِ تَبَعًا لِلدُّرَرِ وَغَيْرِهَا وَحِينَئِذٍ فَلَا عِبْرَةَ لِلْقُرْبِ إلَّا إذَا وُجِدَ فِي مَكَان مُبَاحٍ لَا مِلْكَ لِأَحَدٍ وَلَا يَدَ وَإِلَّا فَعَلَى ذِي الْمِلْكِ وَالْيَدِ وَالْمُرَادُ بِالْوِلَايَةِ وَالْيَدِ: الْخُصُوصُ وَلَوْ لِجَمَاعَةٍ يُحْصَوْنَ فَلَوْ لِعَامَّةِ الْمُسْلِمِينَ فَلَا قَسَامَةَ وَلَا دِيَةَ عَلَى أَحَدٍ بَدَائِعُ لَكِنْ سَيَجِيءُ وُجُوبًا فِي بَيْتِ الْمَالِ فَتَأَمَّلْ وَالْمُرَادُ بِالْيَدِ أَيْضًا الْمُحِقَّةُ.

وَأَمَّا الْأَرَاضِي الَّتِي لَهَا مَالِكٌ أَخَذَهَا وَالٍ ظُلْمًا فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْقَتِيلُ فِيهَا هَدَرًا لِأَنَّهُ لَيْسَ عَلَى الْغَاصِبِ دِيَةٌ قُهُسْتَانِيُّ عَنْ الْكَرْمَانِيِّ فَلْيُحَرَّرْ

ــ

[رد المحتار]

كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ لَا يَسْمَعُونَ) كَذَا فِيمَا رَأَيْت مِنْ النُّسَخِ، وَالصَّوَابُ إسْقَاطُ لَا لِيُنَاسِبَ التَّعْلِيلَ (قَوْلُهُ وَكَذَا لَوْ مَوْقُوفًا عَلَى أَرْبَابٍ مَعْلُومِينَ) أَيْ تَجِبُ الْقَسَامَةُ وَالدِّيَةُ عَلَيْهِمْ كَمَا سَيَأْتِي (قَوْلُهُ عَلَى أَرْبَابٍ مَعْلُومِينَ) خَرَجَ بِهِ غَيْرُ الْمَعْلُومِينَ كَالْمَوْقُوفِ عَلَى الْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ، فَالدِّيَةُ فِي بَيْتِ الْمَالِ كَمَا سَيَأْتِي عَنْ الْمُصَنِّفِ بَحْثًا.

(قَوْلُهُ لِأَنَّ الْعِبْرَةَ لِلْمِلْكِ وَالْوِلَايَةِ) فِيهِ أَنَّ الْوِلَايَةَ فِي الْوَقْتِ لِوَاقِفِهِ أَوْ لِمَنْ جَعَلَهَا لَهُ لَا لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ (قَوْلُهُ وَحِينَئِذٍ) أَيْ حِينَ إذْ كَانَتْ الدِّيَةُ فِي الْمَمْلُوكِ وَالْمَوْقُوفِ الْخَاصِّ عَلَى أَرْبَابِهِ، فَلَا عِبْرَةَ لِلْقُرْبِ الْمَشْرُوطِ بِسَمَاعِ الصَّوْتِ إلَّا فِي مُبَاحٍ لَا مِلْكَ عَلَيْهِ لِأَحَدٍ وَلَا يَدَ: أَيْ يَدَ خُصُوصٍ، وَدَخَلَ تَحْتَ ذَلِكَ الْمُبَاحِ شَيْئَانِ الْمَفَازَةُ الَّتِي لَا يَنْتَفِعُ بِهَا أَحَدٌ وَالْفَلَاةُ الْمُنْتَفَعُ بِهَا الَّتِي فِي أَيْدِي الْمُسْلِمِينَ فَفِيهِمَا يُعْتَبَرُ لِلْقُرْبِ بِأَنْ يُنْظَرَ إلَى أَقْرَبِ مَوْضِعٍ يُسْمَعُ مِنْهُ الصَّوْتُ فَتَجِبُ الْقَسَامَةُ عَلَى أَهْلِهِ، فَإِنْ لَمْ يُسْمَعْ مِنْهُ الصَّوْتُ، فَإِنْ كَانَ فِي أَيْدِي الْمُسْلِمِينَ، فَالدِّيَةُ فِي بَيْتِ الْمَالِ كَمَا يَذْكُرُهُ الْمُصَنِّفُ قَرِيبًا، وَإِلَّا فَهَدَرٌ كَمَا فُهِمَ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ بِشَرْطِ سَمَاعِ الصَّوْتِ كَمَا قَرَّرْنَاهُ وَهَذَا مَا نَقَلَهُ ط عَنْ الْهِنْدِيَّةِ عَنْ الْمُحِيطِ مِنْ أَنَّ الْقَتِيلَ إذَا وُجِدَ فِي فَلَاةٍ فَإِنْ مَمْلُوكَةً فَالْقَسَامَةُ وَالدِّيَةُ عَلَى الْمَالِكِ وَقَبِيلَتِهِ، وَإِلَّا فَإِنْ كَانَ يُسْمَعُ مِنْهُ الصَّوْتُ مِنْ مِصْرٍ أَيْ مَثَلًا فَعَلَيْهِمْ الْقَسَامَةُ، وَإِلَّا فَإِنَّ لِلْمُسْلِمِينَ فِيهِ مَنْفَعَةَ الِاحْتِطَابِ وَالِاحْتِشَاشِ وَالْكَلَأِ فَالدِّيَةُ فِي بَيْتِ الْمَالِ وَإِلَّا فَدَمُهُ هَدَرٌ اهـ مُلَخَّصًا.

وَعَلَى هَذَا فَقَوْلُ الْخَانِيَّةِ وَلَوْ فِي مَوْضِعٍ مُبَاحٍ إلَّا أَنَّهُ فِي أَيْدِي الْمُسْلِمِينَ فَالدِّيَةُ فِي بَيْتِ الْمَالِ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَكُنْ بِقُرْبِهِ مِصْرٌ أَوْ قَرْيَةٌ يُسْمَعُ مِنْهُ الصَّوْتُ، بِدَلِيلِ أَنَّهُ فِي الْخَانِيَّةِ جَزَمَ بِاشْتِرَاطِ السَّمَاعِ أَوَّلًا كَمَا قَدَّمْنَاهُ عَنْهُ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ أَوَّلًا هُوَ الْمِلْكُ وَالْيَدُ الْخَاصَّةُ ثُمَّ الْقُرْبُ ثُمَّ الْيَدُ الْعَامَّةُ.

[تَنْبِيهٌ] قَالَ فِي التَّتَارْخَانِيَّة وَإِنْ لَمْ تَكُنْ الْأَرْضُ مِلْكًا وَكَانَ يُسْمَعُ مِنْهُ الصَّوْتُ فَعَلَى أَقْرَبِ الْقَبَائِلِ مِنْ الْمِصْرِ إلَى ذَلِكَ الْمَوْضِعِ اهـ فَأَفَادَ أَنَّ الْقَسَامَةَ لَيْسَتْ عَلَى جَمِيعِ أَهْلِ الْمِصْرِ بَلْ عَلَى أَقْرَبِ قَبِيلَةٍ مِنْهَا إلَى ذَلِكَ الْمَوْضِعِ فَلْيُحْفَظْ (قَوْلُهُ وَلَوْ لِجَمَاعَةٍ يُحْصَوْنَ) أَيْ لَوْ كَانَ لِوَاحِدٍ أَوْ لِجَمَاعَةٍ يُحْصَوْنَ كَالْمَوْقُوفِ عَلَى مَعْلُومِينَ (قَوْلُهُ لَكِنْ سَيَجِيءُ) أَيْ فِي الْمَتْنِ قَرِيبًا (قَوْلُهُ فَتَأَمَّلْ) أَشَارَ بِهِ إلَى إمْكَانِ الْجَمْعِ بِأَنْ يُحْمَلَ قَوْلُ الْبَدَائِعِ. وَلَا دِيَةَ عَلَى أَحَدٍ أَيْ مِنْ النَّاسِ اهـ ح: أَيْ فَلَا يُنَافِي فِي وُجُوبِهَا فِي بَيْتِ الْمَالِ وَلَكِنَّ هَذَا حَيْثُ لَا قُرْبَ، وَإِلَّا فَالْوُجُوبُ عَلَى مَنْ يَسْمَعُ الصَّوْتَ كَمَا عَلِمْت (قَوْلُهُ فَلْيُحَرَّرْ) أَقُولُ: تَحْرِيرُهُ أَنَّ فِيهِ خِلَافًا فَإِنَّ مَا عَزَاهُ الْقُهُسْتَانِيُّ إلَى الْكَرْمَانِيِّ مِنْ أَنَّهُ لَيْسَ عَلَى الْغَاصِبِ دِيَةٌ هُوَ الْمَذْكُورُ فِي شُرُوحِ الْهِدَايَةِ عِنْدَ قَوْلِهِ الْآتِي، وَإِنْ بِيعَتْ وَلَمْ تُقْبَضْ. وَقَالَ الزَّيْلَعِيُّ هُنَاكَ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَتْ الدَّارُ وَدِيعَةً: أَيْ حَيْثُ يَضْمَنُ الْمَالِكُ، لِأَنَّ هَذَا الضَّمَانَ تَرْكُ الْحِفْظِ، وَهُوَ إنَّمَا

<<  <  ج: ص:  >  >>