للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَإِنْ مُبَاحًا لَكِنَّهُ فِي أَيْدِي الْمُسْلِمِينَ تَجِبُ الدِّيَةُ فِي بَيْتِ الْمَالِ) لِمَا ذَكَرْنَا أَنَّهُ إذَا كَانَ بِحَالٍ يُسْمَعُ مِنْهُ الصَّوْتُ، يَجِبُ عَلَيْهِ الْغَوْثُ كَذَا فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ

وَفِيهَا (وَلَوْ وُجِدَ) قَتِيلٌ (فِي أَرْضِ رَجُلٍ إلَى جَانِبِ قَرْيَةٍ لَيْسَ صَاحِبُ الْأَرْضِ مِنْهَا) أَيْ مِنْ أَهْلِ الْقَرْيَةِ (فَهِيَ عَلَيْهِ) عَلَى رَبِّ الْأَرْضِ (لَا عَلَى أَهْلِهَا) أَيْ الْقَرْيَةِ لِأَنَّ الْعِبْرَةَ لِلْمِلْكِ وَالْوِلَايَةِ اهـ.

قُلْت: فَهَذَا صَرِيحٌ فِي أَنَّ الْقُرْبَ إنَّمَا يُعْتَبَرُ إذَا وُجِدَ فِي أَرْضٍ مُبَاحَةٍ لَا مَمْلُوكَةٍ وَلَا مَوْقُوفَةٍ لِأَنَّ تَدْبِيرَهُ لِأَرْبَابِهِ وَسَيَجِيءُ مَتْنًا فَتَنَبَّهْ

(وَإِنْ وُجِدَ فِي دَارِ إنْسَانٍ فَعَلَيْهِ الْقَسَامَةُ) وَلَوْ عَاقِلَتُهُ حُضُورًا دَخَلُوا فِي الْقَسَامَةِ أَيْضًا خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ مُلْتَقًى (وَالدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَتِهِ) إنْ ثَبَتَ أَنَّهَا لَهُ بِالْحُجَّةِ كَمَا سَيَجِيءُ وَكَانَ لَهُ عَاقِلَةٌ وَإِلَّا فَعَلَيْهِ (وَهِيَ) أَيْ الدِّيَةُ وَالْقَسَامَةُ (عَلَى أَهْلِ الْخِطَّةِ) الَّذِينَ خَطَّ لَهُمْ الْإِمَامُ أَوَّلَ الْفَتْحِ وَلَوْ بَقِيَ مِنْهُمْ وَاحِدٌ (دُونَ السُّكَّانِ وَالْمُشْتَرِينَ) وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: كُلُّهُمْ مُشْتَرِكُونَ (فَإِنْ بَاعَ كُلُّهُمْ عَلَى الْمُشْتَرِينَ) بِالْإِجْمَاعِ

(وَإِنْ وُجِدَ فِي دَارٍ بَيْنَ قَوْمٍ لِبَعْضٍ

ــ

[رد المحتار]

يَجِبُ عَلَى مَنْ كَانَ قَادِرًا عَلَى الْحِفْظِ، وَهُوَ مَنْ لَهُ يَدُ أَصَالَةٍ لَا يَدُ نِيَابَةٍ وَيَدُ الْمُودَعِ يَدُ نِيَابَةٍ، وَكَذَا الْمُسْتَعِيرُ وَالْمُرْتَهِنُ وَكَذَا الْغَاصِبُ؛ لِأَنَّ يَدَهُ يَدُ أَمَانَةٍ لِأَنَّ الْعَقَارَ لَا يُضْمَنُ بِالْغَصْبِ عِنْدَنَا ذَكَرَهُ فِي النِّهَايَةِ. وَذَكَرَ فِي الْهِدَايَةِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الضَّمَانَ عَلَى الْغَاصِبِ اهـ: أَيْ بِنَاءً عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الْغَصْبَ يَتَحَقَّقُ فِي الْعَقَارِ وَرَجَّحَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ أَئِمَّتِنَا مِنَحٌ (قَوْلُهُ وَإِنْ مُبَاحًا إلَخْ) أَيْ وَلَا يُسْمَعُ مِنْهُ الصَّوْتُ كَمَا قَدَّمْنَاهُ (قَوْلُهُ لِمَا ذَكَرْنَا إلَخْ) هَذَا ذَكَرَهُ الْوَلْوَالِجيَّةِ تَعْلِيلًا لِقَوْلِهِ قَبْلَهُ، وَإِنَّمَا تَجِبُ الدِّيَةُ وَالْقَسَامَةُ عَلَى أَقْرَبِ الْقَرْيَتَيْنِ إذَا كَانَ بِحَالٍ يُسْمَعُ مِنْهُ الصَّوْتُ، لَكِنَّهُ فَصَلَ بَيْنَ التَّعْلِيلِ وَالْمُعَلَّلِ بِمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مَتْنًا مِنْ قَوْلِهِ: وَيُرَاعَى حَالُ الْمَكَانِ إلَخْ فَظَنَّ الشَّارِحُ أَنَّهُ تَعْلِيلٌ لِذَلِكَ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ لِمَا عَلِمْت مِنْ أَنَّ مَحَلَّ الْوُجُوبِ هُنَا عَلَى بَيْتِ الْمَالِ إذَا كَانَ بَعِيدًا عَنْ الْعُمْرَانِ لَا يُسْمَعُ مِنْهُ الصَّوْتُ

(قَوْلُهُ لَيْسَ صَاحِبُ الْأَرْضِ مِنْهَا) مَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ مِنْهَا دُخُولًا مَعَهُ إذَا كَانُوا عَاقِلَتَهُ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ فَهَذَا صَرِيحٌ إلَخْ) لَا حَاجَةَ إلَيْهِ مَعَ مَا قَدَّمَهُ مِنْ قَوْلِهِ وَحِينَئِذٍ فَلَا عِبْرَةَ لِلْقُرْبِ ط (قَوْلُهُ لِأَنَّ تَدْبِيرَهُ إلَخْ) عِلَّةٌ لِمَحْذُوفٍ تَقْدِيرُهُ، وَإِلَّا فَعَلَى الْمَالِكِ وَذِي الْوِلَايَةِ لِأَنَّ إلَخْ ط

(قَوْلُهُ فَعَلَيْهِ الْقَسَامَةُ) فَتُكَرَّرُ عَلَيْهِ الْأَيْمَانُ وَلْوَالِجِيَّةٌ، وَلَوْ الدَّارُ مُغْلَقَةً لَا أَحَدَ فِيهَا طُورِيٌّ، وَهَذَا إذَا ادَّعَى وَلِيُّ الْقَتِيلِ عَلَى صَاحِبِ الدَّارِ، فَلَوْ ادَّعَى عَلَى آخَرَ فَلَا قَسَامَةَ وَلَا دِيَةَ عَلَى رَبِّ الدَّارِ تَتَارْخَانِيَّةٌ (قَوْلُهُ وَلَوْ عَاقِلَتُهُ حُضُورًا) أَيْ فِي بَلَدِهِ كَمَا فِي الشُّرُنْبُلَالِيُّ قَوْلُهُ عَنْ الْبُرْهَانِ (قَوْلُهُ خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ) حَيْثُ قَالَ: لَا يَدْخُلُونَ مَعَهُ لِأَنَّهُ لَا وِلَايَةَ لِغَيْرِهِ عَلَى دَارِهِ، وَلَهُمَا أَنَّهُ لَمَّا اجْتَمَعُوا لِلْحِفْظِ وَالتَّنَاصُرِ ثَبَتَ لَهُمْ وِلَايَةُ حِفْظِ الدَّارِ يَحْفَظُ صَاحِبُهُ، بِخِلَافِ مَا إذَا كَانُوا غُيَّبًا وَلْوَالِجِيَّةٌ (قَوْلُهُ أَيْ الدِّيَةُ وَالْقَسَامَةُ) الْأَوْلَى الِاقْتِصَارُ عَلَى الْقَسَامَةِ مُرَاعَاةً لِإِفْرَادِ الضَّمِيرِ، لِأَنَّ الدِّيَةَ عَلَى عَاقِلَةِ أَهْلِ الْخِطَّةِ كَمَا فِي الْعِنَايَةِ وَغَيْرِهَا.

وَفِي الشُّرُنْبُلَالِيُّ يَنْبَغِي التَّفْصِيلُ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْمَحَلَّةِ فَتَجِبُ الدِّيَةُ فِي دَعْوَى الْعَمْدِ عَلَيْهِمْ وَفِي الْخَطَأِ عَلَى عَاقِلَتِهِمْ اهـ وَاعْتَرَضَهُ أَبُو السُّعُودِ بِأَنَّ التَّفْصِيلَ خِلَافُ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ عَلَى أَهْلِ الْخِطَّةِ) بِالْكَسْرِ هِيَ مَا أَخَطَّهُ الْإِمَامُ أَيْ أَفْرَزَهُ وَمَيَّزَهُ عَلَى أَرَاضٍ، وَأَعْطَاهُ لِأَحَدِكُمَا فِي الطُّلْبَةِ قُهُسْتَانِيٌ (قَوْلُهُ دُونَ السُّكَّانِ) كَالْمُسْتَأْجَرِينَ وَالْمُسْتَعْمَرِينَ فَالْقَسَامَةُ عَلَى أَرْبَابِهَا، وَإِنْ كَانُوا غُيَّبًا تَتَارْخَانِيَّةٌ، وَكَالْمُشْتَرِينَ الَّذِينَ يَمْلِكُونَ بِالْهِبَةِ أَوْ الْمَهْرِ أَوْ الْوَصِيَّةِ، أَوْ غَيْرِهِ مِنْ أَسْبَابِ الْمِلْكِ وَإِنْ كَانُوا يَقْبِضُونَهَا قُهُسْتَانِيٌ (قَوْلُهُ فَإِنْ بَاعَ كُلُّهُمْ فَعَلَى الْمُشْتَرِينَ) أَيْ دُونَ السُّكَّانِ.

وَالْحَاصِلُ: أَنَّهُ إذَا كَانَ فِي مَحَلَّةٍ أَمْلَاكٌ قَدِيمَةٌ وَحَدِيثَةٌ وَسُكَّانٌ فَالْقَسَامَةُ عَلَى الْقَدِيمَةِ دُونَ أَخَوَيْهَا، لِأَنَّهُ إنَّمَا يَكُونُ وِلَايَةُ تَدْبِيرِ الْمَحَلَّةِ إلَيْهِمْ، وَإِذَا كَانَ فِيهَا أَمْلَاكٌ حَدِيثَةٌ وَسُكَّانٌ فَعَلَى الْحَدِيثَةِ، وَإِذَا كَانَ سُكَّانٌ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِمْ، وَهَذَا كُلُّهُ عِنْدَهُمَا، وَأَمَّا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ فَالثَّلَاثَةُ سَوَاءٌ فِي وُجُوبِ الْقَسَامَةِ، وَتَمَامُهُ فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ، قِيلَ: هَذَا فِي عُرْفِهِمْ وَأَمَّا فِي عُرْفِنَا فَعَلَى الْمُشْتَرِينَ لِأَنَّ التَّدْبِيرَ إلَيْهِمْ كَمَا أُشِيرَ إلَيْهِ فِي الْكَرْمَانِيِّ قُهُسْتَانِيٌ، وَقَيَّدَ بِالْمَحَلَّةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>