(وَفِي مَسْجِدٍ مَحَلَّةٍ وَشَارِعِهَا) الْخَاصِّ بِأَهْلِهَا كَمَا أَفَادَهُ ابْنُ كَمَالٍ مُسْتَنِدًا لِلْبَدَائِعِ وَقَدْ حَقَّقَهُ مُنْلَا خُسْرو وَأَقَرَّهُ الْمُصَنِّفُ (عَلَى أَهْلِهَا وَسَوْقُ مَمْلُوكٍ عَلَى الْمُلَّاكِ) وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ عَلَى السُّكَّانِ مُلْتَقًى (وَفِي غَيْرِهِ) أَيْ غَيْرِ الْمَمْلُوكِ (وَالشَّارِعِ الْأَعْظَمِ) هُوَ النَّافِذُ (وَالسِّجْنِ وَالْجَامِعِ) وَكُلِّ مَكَان يَكُونُ التَّصَرُّفُ فِيهِ لِعَامَّةِ الْمُسْلِمِينَ لَا لِوَاحِدٍ مِنْهُمْ وَلَا لِجَمَاعَةٍ يُحْصَوْنَ (لَا قَسَامَةَ) وَلَا دِيَةَ عَلَى أَحَدٍ ابْنُ كَمَالٍ (وَ) إنَّمَا (الدِّيَةُ عَلَى بَيْتِ الْمَالِ) لِأَنَّ الْغُرْمَ بِالْغُنْمِ ثُمَّ إنَّمَا تَجِبُ الدِّيَةُ فِيمَا لَوْ ذُكِرَ عَلَى بَيْتِ الْمَالِ (إنْ كَانَ نَائِيًا) أَيْ بَعِيدًا (عَنْ الْمَحَلَّاتِ وَإِلَّا) يَكُنْ نَائِيًا بَلْ قَرِيبًا مِنْهَا (فَعَلَى أَقْرَبِ الْمَحَلَّاتِ إلَيْهِ) الدِّيَةُ وَالْقَسَامَةُ لِأَنَّهُ مَحْفُوظٌ بِحِفْظِ أَهْلِ الْمَحَلَّةِ، فَتَكُونُ الْقَسَامَةُ وَالدِّيَةُ عَلَى أَهْلِ الْمَحَلَّةِ،
ــ
[رد المحتار]
فَكَذَا هُنَا، وَأَمَّا عِنْدَهُمَا فَفِي الْمَحَلَّةِ السُّكَّانُ لَا يُشَارِكُونَ الْمُلَّاكَ، لِأَنَّ تَدْبِيرَ الْمَحَلَّةِ إلَى الْمُلَّاكِ دُونَ السُّكَّانِ، وَفِي السَّفِينَةِ هُمْ فِي تَدْبِيرِهَا سَوَاءٌ، لِأَنَّهَا تُنْقَلُ فَالْمُعْتَبَرُ فِيهَا الْيَدُ دُونَ الْمِلْكِ كَالدَّابَّةِ وَهُمْ فِي الْيَدِ عَلَيْهَا سَوَاءٌ، بِخِلَافِ الْمَحَلَّةِ وَالدَّارِ لِأَنَّهَا لَا تُنْقَلُ كِفَايَةٌ
(قَوْلُهُ وَفِي مَسْجِدِ مَحَلَّةٍ) مِثْلُهُ مَسْجِدُ الْقَبِيلَةِ قَالَ فِي التَّتَارْخَانِيَّة عَنْ الْمُنْتَقَى إنْ كَانَ فِي مَسْجِدٍ لِقَبِيلَةٍ، فَهُوَ عَلَى عَاقِلَةِ الْقَبِيلَةِ، وَإِنْ كَانَ لَا يُعْلَمُ لِمَنْ الْمَسْجِدُ وَإِنَّمَا يُصَلِّي فِيهِ غُرَبَاءُ، فَإِنْ كَانَ يُعْلَمُ الَّذِي اشْتَرَاهُ وَبَنَاهُ كَانَ عَلَى عَاقِلَتِهِ الْقَسَامَةُ وَالدِّيَةُ، وَإِنْ كَانَ لَا يُعْرَفُ الَّذِي بَنَاهُ كَانَ عَلَى أَقْرَبِ الدُّورِ مِنْهُ، وَإِنْ كَانَ فِي دَرْبٍ غَيْرِ نَافِذٍ وَمُصَلَّاهُ وَاحِدٌ كَانَ عَلَى عَاقِلَةِ أَصْحَابِ الدُّورِ الَّذِينَ فِي الدَّرْبِ، وَإِذَا وُجِدَ الْقَتِيلُ فِي قَبِيلَةٍ فِيهَا عِدَّةُ مَسَاجِدَ، فَهُوَ عَلَى الْقَبِيلَةِ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ قَبِيلَةٌ فَهُوَ عَلَى أَصْحَابِ الْمَحَلَّةِ وَأَهْلِ كُلِّ مَسْجِدِ مَحَلَّتِهِ اهـ (قَوْلُهُ الْخَاصِّ بِأَهْلِهَا) وَهُوَ غَيْرُ النَّافِذِ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ قَوْلِهِ فِي الشَّارِعِ الْأَعْظَمِ هُوَ النَّافِذُ (قَوْلُهُ وَقَدْ حَقَّقَهُ ابْنُ كَمَالٍ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ مُنْلَا خُسْرو - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - قَسَّمَ فِي الدُّورِ الطَّرِيقَ إلَى قِسْمَيْنِ: خَاصٍّ، وَهُوَ غَيْرُ النَّافِذِ، وَعَامٍّ: وَهُوَ النَّافِذُ وَهُوَ قِسْمَانِ أَيْضًا شَارِعُ الْمَحَلَّةِ، وَهُوَ مَا يَكُونُ الْمُرُورُ فِيهِ أَكْثَرِيًّا لِأَهْلِهَا وَقَدْ يَكُونُ لِغَيْرِهِمْ أَيْضًا: وَالشَّارِعُ الْأَعْظَمُ، وَهُوَ مَا يَكُونُ مُرُورُ جَمِيعِ الطَّوَائِفِ فِيهِ عَلَى السَّوِيَّةِ، وَأَقَرَّهُ الْمُصَنِّفُ فِي الْمِنَحِ وَنَازَعَهُ ابْنُ كَمَالٍ وَكَذَا الشُّرُنْبُلَالِيُّ بِأَنَّهُ غَيْرُ مُسَلَّمٍ بَلْ الْحَمْلُ الصَّحِيحُ أَنْ يُرَادَ بِشَارِعِ الْمَحَلَّةِ الْخَاصُّ بِأَهْلِهَا، وَهُوَ مَا لَيْسَ نَافِذٌ الْآنَ لُزُومُ الْقَسَامَةِ وَالدِّيَةِ بِاعْتِبَارِ تَرْكِ التَّدْبِيرِ وَالْحِفْظِ، وَلَا يَكُونُ إلَّا مَعَ الْخُصُوصِ بِالتَّصَرُّفِ فِي الْمَحَلِّ وَلِذَا فِي الْبَدَائِعِ: وَلَا قَسَامَةَ فِي قَتِيلٍ يُوجَدُ فِي مَسْجِدِ الْجَامِعِ، وَلَا فِي شَوَارِعِ الْعَامَّةِ وَجُسُورِهَا لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ الْمِلْكُ وَلَا يَدُ الْخُصُوصِ اهـ وَبِهِ تَعْلَمُ مَا فِي قَوْلِ الشَّارِحِ وَقَدْ حَقَّقَهُ مُنْلَا خُسْرو (قَوْلُهُ وَالْجَامِعِ) هَذَا إذَا لَمْ يُعْرَفْ بَانِيهِ وَإِلَّا فَالْقَسَامَةُ عَلَيْهِ، وَالدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَتِهِ قُهُسْتَانِيٌ
وَفِي التَّتَارْخَانِيَّة عَنْ الْمُنْتَقَى: وُجِدَ فِي الْجَامِعِ وَلَا يُدْرَى قَاتِلُهُ أَوْ زَحَمَهُ النَّاسُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ قَتَلُوهُ، وَلَا يُدْرَى مَنْ هُوَ فَعَلَى بَيْتِ الْمَالِ كَمَا يَكُونُ عَلَى أَهْلِ الْمَحَلَّةِ لَوْ وُجِدَ فِيهَا، كَذَلِكَ لَوْ قَتَلَهُ رَجُلٌ بِالسَّيْفِ وَلَا يُدْرَى مَنْ هُوَ فَعَلَى بَيْتِ الْمَالِ (قَوْلُهُ لَا قَسَامَةَ) لِأَنَّ هَذَا أَمْرٌ يَقَعُ فِي اللَّيْلِ عَادَةً وَلَا يَكُونُ هُنَاكَ أَحَدٌ يَحْفَظُهُ وَالْقَسَامَةُ تَجْرِي فِي مَوْضِعٍ يَتَوَهَّمُ وُجُودَ مَنْ يَعْرِفُ قَاتِلَهُ أَفَادَهُ الْأَتْقَانِيُّ (قَوْلُهُ وَإِنَّمَا الدِّيَةُ عَلَى بَيْتِ الْمَالِ) وَتُؤْخَذُ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ، لِأَنَّ حُكْمَ الدِّيَةِ التَّأْجِيلُ كَمَا فِي الْعَاقِلَةِ، فَكَذَلِكَ غَيْرُهُمْ أَلَا تَرَى أَنَّهَا تُؤْخَذُ مِنْ مَالِ الْمُقِرِّ بِقَتْلِ الْخَطَأِ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ اهـ اخْتِيَارٌ (قَوْلُهُ لِأَنَّ الْغُرْمَ بِالْغُنْمِ) أَيْ لَمَّا كَانَ عَامَّةُ الْمُسْلِمِينَ هُمْ الْمُنْتَفِعُونَ بِالْمَسْجِدِ الْجَامِعِ وَالسِّجْنِ، وَالشَّارِعِ الْأَعْظَمِ كَانَ الْغُرْمُ عَلَيْهِمْ، فَيُدْفَعُ مِنْ مَالِهِمْ الْمَوْضُوعِ لَهُمْ فِي بَيْتِهِ ط (قَوْلُهُ فِيمَا ذُكِرَ) يَشْمَلُ الشَّارِعَ الْأَعْظَمَ وَالسِّجْنَ وَالْجَامِعَ، وَاَلَّذِي رَأَيْته فِي شُرُوحِ الْهِدَايَةِ ذِكْرَ هَذَا الْقَيْدِ أَعْنِي قَوْلَهُ: إذَا كَانَ نَائِيًا فِي السُّوقِ الْغَيْرِ الْمَمْلُوكِ، وَالظَّاهِرُ الْإِطْلَاقُ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّهُ لَوْ وُجِدَ فِي فَلَاةٍ غَيْرِ مَمْلُوكَةٍ فَالْمُعْتَبَرُ الْقُرْبُ، لَكِنْ فِي الطُّورِيِّ عَنْ الْمُلْتَقَى، وَلَوْ وُجِدَ الْقَتِيلُ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ مِنْ غَيْرِ زِحَامِ النَّاسِ، فَالدِّيَةُ فِي بَيْتِ الْمَالِ مِنْ غَيْرِ قَسَامَةٍ اهـ فَإِنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ غَيْرُ نَاءٍ عَنْ الْمَحَلَّاتِ وَكَذَا السِّجْنُ عَادَةً فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ بَلْ قَرِيبًا مِنْهَا) الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي سَمَاعِ الصَّوْتِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute