وَكَذَا فِي السُّوقِ النَّائِي إذَا كَانَ مَنْ يَسْكُنُهَا فِي اللَّيَالِي، أَوْ كَانَ لِأَحَدٍ فِيهَا دَارٌ مَمْلُوكَةٌ تَكُونُ الْقَسَامَةُ وَالدِّيَةُ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ يَلْزَمُهُ صِيَانَةُ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ، فَيُوصَفُ بِالتَّقْصِيرِ، فَيَجِبُ عَلَيْهِ مُوجَبُ التَّقْصِيرِ كَمَا فِي الْعِنَايَةِ مَعْزِيًّا لِلنِّهَايَةِ.
قُلْت: وَبِهِ أَفْتَى الْمَرْحُومُ أَبُو السُّعُودِ أَفَنْدِي مُفْتِي الرُّومِ، وَاعْتَمَدَ الْمُصَنِّفُ وَإِنْ خَلَا عَنْهُ الْمُتُونُ، لِأَنَّهُ مُصَرَّحٌ بِهِ فِي غَالِبِ الْفَتَاوَى وَالشُّرُوحِ فَلْيُحْفَظْ
(وَيَهْدِرُ لَوْ) وُجِدَ (فِي بَرِيَّةٍ أَوْ وَسَطِ الْفُرَاتِ) إذَا كَانَ يَمُرُّ بِهِ الْمَاءُ لَا مُحْتَبِسًا كَمَا سَيَجِيءُ إذْ لَا يَدَ لِأَحَدٍ وَقِيلَ: إذْ مَوْضِعُ انْبِعَاثِ مَائِهِ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ تَجِبُ الدِّيَةُ فِي بَيْتِ الْمَالِ لِأَنَّهُ فِي أَيْدِي الْمُسْلِمِينَ ابْنُ كَمَالٍ (وَفِي نَهْرٍ صَغِيرٍ) هُوَ مَا يَسْتَحِقُّ بِهِ الشُّفْعَةَ (عَلَى أَهْلِهِ) لِاخْتِصَاصِهِمْ بِهِ (وَلَوْ كَانَتْ الْبَرِيَّةُ مَمْلُوكَةً) أَوْ وَقْفًا (لِأَحَدٍ) كَمَا مَرَّ وَسَيَجِيءُ (أَوْ كَانَتْ قَرِيبَةً مِنْ الْقَرْيَةِ) أَوْ الْأَخْبِيَةِ أَوْ الْفُسْطَاطِ بِحَيْثُ يُسْمَعُ مِنْهُ الصَّوْتُ (تَجِبُ عَلَى الْمَالِكِ) أَوْ ذِي الْيَدِ (أَوْ عَلَى أَهْلِ الْقَرْيَةِ) لَوْ أَقْرَبَ الْأَخْبِيَةِ زَيْلَعِيٌّ (وَلَوْ مُحْتَبِسًا بِالشَّطِّ) أَوْ بِالْجَزِيرَةِ أَوْ مَرْبُوطًا أَوْ مُلْقًى عَلَى الشَّطِّ (فَعَلَى أَقْرَبِ) الْمَوَاضِعِ إلَيْهِ مِنْ الْقُرَى وَالْأَمْصَارِ زَادَ فِي الْخَانِيَّةِ وَالْأَرَاضِي وَأَقَرَّهُ الْمُصَنِّفُ (إذَا كَانَ يَصِلُ صَوْتُ أَهْلِ الْأَرْضِ وَالْقُرَى إلَيْهِ وَإِلَّا لَا) كَمَا مَرَّ
ــ
[رد المحتار]
قَوْلُهُ وَكَذَا فِي السُّوقِ النَّائِي إلَخْ) اسْتِثْنَاءٌ فِي الْمَعْنَى مِنْ قَوْلِهِ: إذَا كَانَ نَائِيًا أَيْ أَنَّ الدِّيَةَ عَلَى بَيْتِ الْمَالِ فِي السُّوقِ النَّائِي إلَّا إذَا كَانَ فِيهَا مَنْ يَسْكُنُهَا لَيْلًا إلَخْ، وَأَفَادَ أَنَّهُ لَا عِبْرَةَ بِسُكْنَى النَّهَارِ تَأَمَّلْ وَالسُّوقُ مُؤَنَّثَةٌ وَتُذَكَّرُ كَمَا فِي الْقَامُوسِ (قَوْلُهُ مُوجَبُ التَّقْصِيرِ) بِفَتْحِ الْجِيمِ هُوَ الْقَسَامَةُ وَالدِّيَةُ ط (قَوْلُهُ مَعْزِيًّا لِلنِّهَايَةِ) وَعَزَاهُ فِيهَا إلَى مَبْسُوطِ فَخْرِ الْإِسْلَامِ، وَمِثْلُهُ فِي الْكِفَايَةِ وَالْمِعْرَاجِ، وَعَزَاهُ الْأَتْقَانِيُّ إلَى شَرْحِ الْكَافِي (قَوْلُهُ قُلْت وَبِهِ) أَيْ بِمَا فِي الْمَتْنِ مِنْ الْوُجُوبِ عَلَى أَقْرَبِ الْمَحَلَّاتِ
أَقُولُ: وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِمَا تَقَدَّمَ تَقْرِيرُهُ مِنْ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ أَوَّلًا الْمِلْكُ وَالْيَدُ الْخَاصَّةُ ثُمَّ الْقُرْبُ ثُمَّ الْيَدُ الْعَامَّةُ
(قَوْلُهُ فِي بَرِيَّةٍ) أَيْ غَيْرِ مَمْلُوكَةٍ وَلَا قَرِيبَةٍ مِنْ قَرْيَةٍ أَوْ نَحْوِهَا كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا بَعْدَهُ وَغَيْرِ مُنْتَفَعٍ بِهَا لِعَامَّةِ الْمُسْلِمِينَ، وَإِلَّا فَعَلَى بَيْتِ الْمَالِ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ أَوْ وَسَطَ الْفُرَاتِ) لَيْسَ بِقَيْدٍ بَلْ الْمُرَادُ مُرُورُهُ فِي نَهْرٍ كَبِيرٍ احْتِرَازًا عَنْ الصَّغِيرِ، وَعَمَّا لَوْ كَانَ مُحْتَبَسًا فِي الشَّطِّ أَوْ مَرْبُوطًا أَوْ مُلْقًى عَلَى الشَّطِّ أَفَادَهُ ابْنُ كَمَالٍ وَغَيْرُهُ وَيُعْلَمُ مِمَّا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ ابْنُ كَمَالٍ) وَتَمَامُ عِبَارَتِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ مَوْضِعُ انْبِعَاثِهِ فِي دَارِ الْحَرْبِ، لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ قَتِيلَ أَهْلِ الْحَرْبِ اهـ وَعَزَاهُ إلَى الْكَرْخِيِّ جَازِمًا بِهِ، وَلَمْ يُعَبِّرْ عَنْهُ بِقِيلَ كَمَا فَعَلَ الشَّارِحُ، وَكَذَا جَزَمَ بِهِ الْقُهُسْتَانِيُّ، وَعَزَاهُ شُرَّاحُ الْهِدَايَةِ إلَى مَبْسُوطِ شَيْخِ الْإِسْلَامِ وَغَيْرِهِ، لَكِنْ قَالَ الْعَلَّامَةُ الْأَتْقَانِيُّ أَنَّهُ لَيْسَ بِشَيْءٍ لِأَنَّهُ خِلَافُ مَا نَصَّ عَلَيْهِ مُحَمَّدٌ فِي الْأَصْلِ وَالْجَامِعِ الصَّغِيرِ وَالطَّحَاوِيِّ وَغَيْرِهِ، حَيْثُ لَمْ يَعْتَبِرُوا ذَلِكَ، وَلِأَنَّ الْفُرَاتَ وَنَحْوَهُ لَيْسَ فِي وِلَايَةِ أَحَدٍ، فَلَمْ يَلْزَمْ حِفْظُهُ عَلَى أَحَدٍ، وَإِلَّا لَزِمَ اعْتِبَارُ ذَلِكَ فِي الْمَفَازَةِ الْبَعِيدَةِ أَيْضًا، لِأَنَّهُ قَتِيلُ الْمُسْلِمِينَ لَا مَحَالَةَ اهـ مُلَخَّصًا
قُلْت وَالْمُرَادُ بِمَوْضِعِ انْبِعَاثِهِ مَوْضِعُ انْفِجَارِهِ وَنَبْعِهِ (قَوْلُهُ عَلَى أَهْلِهِ) أَيْ تَجِبُ الْقَسَامَةُ وَالدِّيَةُ عَلَيْهِمْ هِدَايَةٌ أَيْ عَاقِلَتِهِمْ أَتْقَانِيٌّ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ أَوْ وَقْفًا لِأَحَدٍ) أَيْ لِأَرْبَابٍ مَعْلُومِينَ (قَوْلُهُ فَعَلَى أَقْرَبِ الْمَوَاضِعِ إلَخْ) عِبَارَةُ الْإِمَامِ مُحَمَّدٍ كَمَا نَقَلَهُ الْأَتْقَانِيُّ، فَعَلَى أَقْرَبِ الْقَبَائِلِ إلَى ذَلِكَ الْمَوْضِعِ مِنْ الْمِصْرِ الْقَسَامَةُ وَالدِّيَةُ اهـ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْقَرْيَةَ كَذَلِكَ لَوْ فِيهَا قَبَائِلُ، وَإِلَّا فَأَقْرَبِ الْبُيُوتِ
وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ: سُئِلَ مُحَمَّدٌ فِيمَا وُجِدَ بَيْنَ قَرْيَتَيْنِ هَلْ الْقُرْبُ مُعْتَبَرٌ بِالْحِيطَانِ أَوْ الْأَرَاضِي: قَالَ: الْأَرَاضِي لَيْسَتْ فِي مِلْكِهِمْ وَإِنَّمَا تُنْسَبُ إلَيْهِمْ كَمَا تُنْسَبُ الصَّحَارِي فَعَلَى أَقْرَبِهِمَا بُيُوتًا اهـ (قَوْلُهُ الْأَرَاضِي) أَيْ الْمَمْلُوكَةِ لِأَنَّ حُكْمَهَا حُكْمُ الْبُنْيَانِ يَجِبُ عَلَى أَهْلِهَا حِفْظُهَا وَحِفْظُ مَا قَرُبَ إلَيْهَا رَحْمَتِيٌّ (قَوْلُهُ وَإِلَّا لَا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَصِلْ الصَّوْتُ لَا يَجِبُ عَلَى أَهْلِ الْأَرْضِ وَالْقُرَى، بَلْ يُنْظَرُ إنْ وُجِدَ الْقَتِيلُ فِي مَوْضِعٍ يَنْتَفِعُ بِهِ الْعَامَّةُ فَفِي بَيْتِ الْمَالِ وَإِلَّا فَهَدَرٌ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute