فِي مَالِهِ فَيُؤَدِّي فِي كُلِّ سَنَةٍ ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ أَوْ أَرْبَعَةً كَمَا نَقَلَهُ فِي الْمُجْتَبَى عَنْ النَّاطِفِيِّ قَالَ هَذَا حَسَنٌ لَا بُدَّ مِنْ حِفْظِهِ وَأَقَرَّهُ الْمُصَنِّفُ فَلْيُحْفَظْ فَقَدْ وَقَعَ فِي كَثِيرٍ مِنْ الْمَوَاضِعِ أَنَّهَا فِي ثَلَاثِ سِنِينَ فَافْهَمْ وَهَذَا (إذَا كَانَ) الْقَاتِلُ (مُسْلِمًا) فَلَوْ ذِمِّيًّا فَفِي مَالِهِ إجْمَاعًا بَزَّازِيَّةٌ
(وَمَنْ لَهُ وَارِثٌ مَعْرُوفٌ مُطْلَقًا) وَلَوْ بَعِيدًا أَوْ مَحْرُومًا بِرِقٍّ أَوْ كُفْرٍ (لَا يَعْقِلُهُ بَيْتُ الْمَالِ) وَهُوَ الصَّحِيحُ كَمَا بَسَطَهُ فِي الْخَانِيَّةِ
(وَلَا عَاقِلَةَ لِلْعَجَمِ) وَبِهِ جَزَمَ فِي الدُّرَرِ قَالَهُ الْمُصَنِّفُ لِعَدَمِ تَنَاصُرِهِمْ وَقِيلَ لَهُمْ عَوَاقِلُ لِأَنَّهُمْ يَتَنَاصَرُونَ كَالْأَسَاكِفَةِ وَالصَّيَّادِينَ وَالصَّرَّافِينَ وَالسَّرَّاجِينَ فَأَهْلُ مَحَلَّةِ الْقَاتِلِ وَصَنْعَتِهِ عَاقِلَتُهُ وَكَذَلِكَ طَلَبَةُ الْعِلْمِ.
قُلْت: وَبِهِ أَفْتَى الْحَلْوَانِيُّ وَغَيْرُهُ خَانِيَّةٌ زَادَ فِي الْمُجْتَبَى: وَالْحَاصِلُ أَنَّ التَّنَاصُرَ أَصْلٌ فِي هَذَا الْبَابِ وَمَعْنَى التَّنَاصُرِ أَنَّهُ إذَا حَزَبَهُ أَمْرٌ قَامُوا مَعَهُ فِي كِفَايَتِهِ. وَتَمَامُهُ فِيهِ.
وَفِي تَنْوِيرِ الْبَصَائِرِ مَعْزِيًّا لِلْحَافِظِيَّةِ وَالْحَقُّ أَنَّ التَّنَاصُرَ فِيهِمْ بِالْحَرْفِ فَهُمْ عَاقِلَتُهُ إلَى آخِرِهِ فَلْيُحْفَظْ وَأَقَرَّهُ
ــ
[رد المحتار]
أَوْ مَضْبُوطًا وَإِلَّا أَيْ وَإِلَّا يَكُنْ كَذَلِكَ فَعَلَى الْجَانِي (قَوْلُهُ فَيُؤَدِّي فِي كُلِّ سَنَةٍ إلَخْ) فَظَاهِرُهُ عَدَمُ التَّقَيُّدِ بِثَلَاثِ سِنِينَ وَإِلَّا فَعَلَى مَنْ يَكُونُ الْبَاقِي عَلَى أَنَّهُ مَعَ هَذَا هُوَ مُشْكِلٌ أَيْضًا، لِأَنَّهُ إذَا أَدَّى فِي كُلِّ سَنَةٍ مِنْ عُمْرِهِ ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ أَوْ أَرْبَعَةً فَمَتَى تَنْقَضِي الدِّيَةُ، وَإِذَا مَاتَ فَهَلْ يَسْقُطُ الْبَاقِي أَوْ يُؤْخَذُ مِنْ تَرِكَتِهِ أَوْ غَيْرِهَا: لَمْ نَرَ مَنْ أَوْضَحَ هَذَا الْمَقَامَ (قَوْلُهُ قَالَ) أَيْ صَاحِبُ الْمُجْتَبَى وَنَصُّهُ. قُلْت: وَهَذَا حَسَنٌ لَا بُدَّ مِنْ حِفْظِهِ فَقَدْ رَأَيْت فِي كَثِيرٍ مِنْ الْمَوَاضِعِ أَنَّهُ يَجِبُ الدِّيَةُ فِي مَالِهِ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ اهـ.
أَقُولُ: وُجُوبُهَا فِي مَالِهِ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ هُوَ الْمُوَافِقُ لِمَا ذَكَرُوهُ فِي الذِّمِّيِّ، وَلَا إشْكَالَ فِيهِ فَلْيُتَأَمَّلْ فَمَا ذَكَرَهُ فِي كَثِيرٍ مِنْ الْمَوَاضِعِ هُوَ الْأَعْدَلُ فَعَنْهُ لَا يُعْدَلُ (قَوْلُهُ وَهَذَا) أَيْ وُجُوبُهَا فِي بَيْتِ الْمَالِ أَوْ الْخِلَافُ فِي وُجُوبِهَا فِي بَيْتِ الْمَالِ أَوْ فِي مَالِهِ (قَوْلُهُ فَلَوْ ذِمِّيًّا) أَيْ لَا عَاقِلَةَ لَهُ
(قَوْلُهُ وَمَنْ لَهُ وَارِثٌ مَعْرُوفٌ) هَذَا قَيْدٌ آخَرُ لِقَوْلِهِ: وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْقَاتِلِ عَاقِلَةٌ فَالدِّيَةُ فِي بَيْتِ الْمَالِ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ قَاضِي خَانَ، حَيْثُ ذَكَرَ أَنَّ مَا سَبَقَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَكُنْ لِلْقَاتِلِ وَارِثٌ مَعْرُوفٌ بِأَنْ كَانَ لَقِيطًا أَوْ مَنْ يُشْبِهُهُ اهـ.
وَقَدَّمْنَا أَنَّهُ مُفَادُ كَلَامِ الزَّيْلَعِيِّ وَالْهِدَايَةِ وَبَحْثِ الرَّمْلِيِّ بِأَنَّهُ مُخَالِفٌ لِإِطْلَاقِ عَامَّةِ الْكُتُبِ، وَأَطَالَ فِي ذَلِكَ وَلَكِنَّ قَاضِي خَانَ مِنْ أَجَلِّ مَنْ يُعْتَمَدُ عَلَى تَصْحِيحِهِ لِأَنَّهُ فَقِيهُ النَّفْسِ كَمَا قَالَ الْعَلَّامَةُ قَاسِمٌ (قَوْلُهُ أَوْ مَحْرُومًا بِرِقٍّ أَوْ كُفْرٍ) كَمُسْتَأْمَنٍ اشْتَرَى عَبْدًا مُسْلِمًا فَأَعْتَقَهُ ثُمَّ رَجَعَ الْمُسْتَأْمَنُ إلَى دَارِهِ فَاسْتُرِقَّ ثُمَّ جَنَى الْعَتِيقُ فَهُوَ فِي مَالِهِ لِأَنَّ لَهُ وَارِثًا مَعْرُوفًا، وَهُوَ الْمُعْتَقُ مَعَ أَنَّ مِيرَاثَهُ لَوْ مَاتَ لِبَيْتِ الْمَالِ، لِأَنَّ مُعْتَقَهُ رَقِيقٌ فِي الْحَالِ أَفَادَهُ فِي الْخَانِيَّةِ عَنْ الْأَصْلِ، وَكَذَا لَوْ كَانَ الْمُعْتَقُ ذِمِّيًّا يَكُونُ الْعَقْلُ فِي مَالِ الْجَانِي أَيْضًا لِمَا مَرَّ أَنَّ الْكَافِرَ لَا يَعْقِلُ الْمُسْلِمَ، فَلَا يَرِدُ مَا مَرَّ مِنْ أَنَّ عَاقِلَةَ الْعَتِيقِ قَبِيلَةُ سَيِّدِهِ كَذَا ظَهَرَ لِي (قَوْلُهُ لَا يَعْقِلُهُ بَيْتُ الْمَالِ) بَلْ يَكُونُ فِي مَالِهِ وَإِنْ كَانَ لَهُ وَارِثٌ مُسْتَحِقٌّ كَمَا يُسْتَفَادُ مِمَّا قَرَّرْنَاهُ فَإِنَّهُ إذَا وَرِثَهُ بَيْتُ الْمَالِ وَلَمْ يَعْقِلْهُ، فَإِذَا لَمْ يَرِثْهُ فَعَقْلُهُ فِي مَالِهِ بِالْأَوْلَى، وَلَا شَيْءَ عَلَى الْوَارِثِ لِأَنَّ فَرْضَ الْمَسْأَلَةِ فِيمَنْ لَا عَاقِلَةَ لَهُ
(قَوْلُهُ وَلَا عَاقِلَةَ لِلْعَجَمِ) جَمْعُ عَجَمِيٍّ وَهُوَ خِلَافُ الْعَرَبِيِّ وَإِنْ كَانَ فَصِيحًا مُغْرِبٌ (قَوْلُهُ وَبِهِ جَزَمَ فِي الدُّرَرِ) وَهُوَ قَوْلُ أَبِي بَكْرٍ الْبَلْخِيّ وَأَبِي جَعْفَرٍ الْهِنْدُوَانِيُّ، لِأَنَّ الْعَجَمَ لَمْ يَحْفَظُوا أَنْسَابَهُمْ، وَلَا يَتَنَاصَرُونَ فِيمَا بَيْنَهُمْ، وَلَيْسَ لَهُمْ دِيوَانٌ وَتَحَمُّلُ الْجِنَايَةِ عَلَى الْغَيْرِ عُرْفٌ، بِخِلَافِ الْقِيَاسِ فِي حَقِّ الْعَرَبِ، وَبِهِ أَخَذَ الْأُسْتَاذُ ظَهِيرُ الدِّينِ خَانِيَّةٌ (قَوْلُهُ عَاقِلَتُهُ) أَيْ إذَا كَانُوا يَتَنَاصَرُونَ فِيمَا بَيْنَهُمْ ط، وَلَا تَنْسَ مَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ لَا يُؤْخَذُ فِي كُلِّ سَنَةٍ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْعَاقِلَةِ أَكْثَرُ مِنْ دِرْهَمٍ أَوْ دِرْهَمٍ وَثُلُثٍ (قَوْلُهُ إذَا حَزَبَهُ أَمْرٌ) فِي الْمُغْرِبِ حَزَبَهُمْ أَمْرٌ أَصَابَهُمْ مِنْ بَابِ طَلَبَ (قَوْلُهُ وَتَمَامُهُ فِيهِ) حَيْثُ قَالَ: وَإِنْ كَانَ لَهُ مُتَنَاصَرُونَ مِنْ أَهْلِ الدِّيوَانِ وَالْعَشِيرَةِ وَالْمَحَلَّةِ وَالسُّوقِ، فَالْعَاقِلَةُ أَهْلُ الدِّيوَانِ ثُمَّ الْعَشِيرَةُ ثُمَّ أَهْلُ الْمَحَلَّةِ وَبِهِ قَالَ النَّاطِفِيُّ ط (قَوْلُهُ وَالْحَقُّ إلَخْ)