يُقْضَى عَلَيْهِمْ بِالدِّيَةِ أَمْ لَا فَإِنْ قُلْنَا: نَعَمْ يَنْبَغِي أَنْ يَجْرِي الْحَلِفُ فِي حَقِّهِمْ لِظُهُورِ فَائِدَتِهِ قَالَهُ الْمُصَنِّفُ بَحْثًا فَلْيُحَرَّرْ
(وَإِنْ جَنَى حُرٌّ عَلَى نَفْسِ عَبْدٍ خَطَأً فَهِيَ عَلَى عَاقِلَتِهِ) يَعْنِي إذَا قَتَلَهُ لِأَنَّ الْعَاقِلَةَ لَا تَتَحَمَّلُ أَطْرَافَ الْعَبْدِ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: لَا تَتَحَمَّلُ النَّفْسَ أَيْضًا
(وَلَا يَدْخُلُ صَبِيٌّ وَامْرَأَةٌ وَمَجْنُونٌ فِي الْعَاقِلَةِ إذَا لَمْ يَتَنَاصَرُوا) يَعْنِي لَوْ الْقَاتِلُ غَيْرَهُمْ وَإِلَّا فَيَدْخُلُونَ عَلَى الصَّحِيحِ كَمَا مَرَّ
(وَلَا يَعْقِلُ كَافِرٌ عَنْ مُسْلِمٍ وَلَا بِعَكْسِهِ) لِعَدَمِ التَّنَاصُرِ (وَالْكُفَّارُ يَتَعَاقَلُونَ فِيمَا بَيْنَهُمْ وَإِنْ اخْتَلَفَتْ مِلَلُهُمْ) لِأَنَّ الْكُفْرَ كُلَّهُ مِلَّةٌ وَاحِدَةٌ يَعْنِي إنْ تَنَاصَرُوا وَإِلَّا فَفِي مَالِهِ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ كَالْمُسْلِمِ كَمَا بَسَطَهُ فِي الْمُجْتَبَى
وَإِذَا لَمْ يَكُنْ لِلْقَاتِلِ عَاقِلَةٌ كَاللَّقِيطِ وَحَرْبِيٍّ أَسْلَمَ (فَالدِّيَةُ فِي بَيْتِ الْمَالِ) فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى دُرَرٌ وَبَزَّازِيَّةٌ وَجَعَلَ الزَّيْلَعِيُّ رِوَايَةً وَجَوَابَهَا فِي مَالِهِ رِوَايَةً شَاذَّةً.
قُلْت: وَظَاهِرُ مَا فِي الْمُجْتَبَى عَنْ خَوَارِزْمَ مِنْ أَنَّ تَنَاصُرَهُمْ قَدْ انْعَدَمَتْ وَبَيْتُ الْمَالِ قَدْ انْهَدَمَ يُرَجَّحُ وُجُوبُهَا
ــ
[رد المحتار]
ظَفِرْت بِالنَّقْلِ فَفِي الثَّالِثِ مِنْ جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ: دَعْوَى الْقَتْلِ الْخَطَأِ عَلَى الْقَاتِلِ تُسْمَعُ وَالْبَيِّنَةُ عَلَيْهِ تُقْبَلُ بِغَيْبَةِ الْعَاقِلَةِ وَدَعْوَى الدِّيَةِ عَلَى الْعَاقِلَةِ بِغَيْبَةِ الْقَاتِلِ، هَلْ يَصِحُّ فَعَلَى قِيَاسِ مَا كَتَبْنَاهُ عَنْ بغ فِي آخِرِ الْفَصْلِ السَّادِسِ يَنْبَغِي أَنْ لَا تَصِحَّ دَعْوَاهُ كُلُّ الدِّيَةِ عَلَيْهِمْ اهـ مُلَخَّصًا أَيْ فَإِنَّ مَفْهُومَهُ أَنْ تَصِحَّ بِقَدْرِ مَا يَخُصُّهُمْ مِنْ الدِّيَةِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ قَالَهُ الْمُصَنِّفُ) أَيْ قَالَ قُلْت يُؤْخَذُ إلَى هُنَا
(قَوْلُهُ يَعْنِي إذَا قَتَلَهُ إلَخْ) لَا حَاجَةَ إلَيْهِ مَعَ قَوْلِ الْمَتْنِ: نَفْسِ عَبْدٍ اهـ ح، نَعَمْ ذَكَرَ الزَّيْلَعِيُّ ذَلِكَ عَلَى عِبَارَةِ الْكَنْزِ، لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهَا ذِكْرُ النَّفْسِ، فَكَانَ الْمُنَاسِبُ لِلشَّارِحِ أَنْ يَقُولَ: قَيَّدَ بِالنَّفْسِ، لِأَنَّ الْعَاقِلَةَ إلَخْ (قَوْلُهُ لَا تَتَحَمَّلُ أَطْرَافَ الْعَبْدِ) لِأَنَّهُ يَسْلُكُ بِهَا مَسْلَكَ الْأَمْوَالِ، وَلِذَا لَا يَجْرِي فِيهَا الْقِصَاصُ بَيْنَ الْحُرِّ وَالْعَبْدِ أَتْقَانِيٌّ
(قَوْلُهُ إذَا لَمْ يَتَنَاصَرُوا) كَذَا فِيمَا رَأَيْت مِنْ النُّسَخِ، وَصَوَابُهُ إذَا لَمْ يُبَاشِرُوا، لِأَنَّهُمْ عَلَّلُوا عَدَمَ دُخُولِهِمْ فِي الْعَاقِلَةِ بِأَنَّهُمْ لَيْسُوا مِنْ أَهْلِ النُّصْرَةِ، وَلِهَذَا كَانَ أَصْلُ الرِّوَايَةِ عَدَمَ دُخُولِهِمْ وَإِنْ بَاشَرُوا كَمَا قَدَّمْنَا تَقْرِيرَهُ
(قَوْلُهُ وَإِنْ اخْتَلَفَتْ مِلَلُهُمْ) قَيَّدَهُ فِي الْمُلْتَقَى بِقَوْلِهِ إنْ لَمْ تَكُنْ الْعَدَاوَةُ بَيْنَ الْمِلَّتَيْنِ ظَاهِرَةً كَالْيَهُودِ مَعَ النَّصَارَى اهـ وَهُوَ مُسْتَفَادُ قَوْلِ الشَّارِحِ يَعْنِي إنْ تَنَاصَرُوا (قَوْلُهُ كَالْمُسْلِمِ) عِبَارَةُ الْأَتْقَانِيِّ وَغَيْرِهِ، وَإِلَّا فَفِي مَالِهِ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ مِنْ يَوْمِ يُقْضَى بِهِ كَمَا فِي الْمُسْلِمِ، وَهَذَا فِي الذِّمِّيِّ أَمَّا الْمُسْلِمُ فَفِي بَيْتِ الْمَالِ (قَوْلُهُ كَمَا بَسَطَهُ فِي الْمُجْتَبَى) حَيْثُ قَالَ لِأَنَّ الْوُجُوبَ فِي الْأَصْلِ عَلَى الْقَاتِلِ، وَإِنَّمَا يَتَحَوَّلُ عَلَى الْعَاقِلَةِ بِالْقَضَاءِ، فَإِذَا لَمْ يُوجَدْ لَهُ عَاقِلَةٌ بَقِيَتْ الدِّيَةُ عَلَيْهِ كَتَاجِرَيْنِ مُسْلِمَيْنِ فِي دَارِ الْحَرْبِ قَتَلَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ فَعَقْلُهُ فِي مَالِهِ اهـ
(قَوْلُهُ وَحَرْبِيٍّ أَسْلَمَ) أَيْ وَلَمْ يُوَالِ أَحَدًا (قَوْلُهُ فَالدِّيَةُ فِي بَيْتِ الْمَالِ) لِأَنَّ جَمَاعَةَ الْمُسْلِمِينَ؛ هُمْ أَهْلُ نُصْرَتِهِ وَلِهَذَا إذَا مَاتَ كَانَ مِيرَاثُهُ لِبَيْتِ الْمَالِ، فَكَذَا مَا يَلْزَمُهُ مِنْ الْغَرَامَةِ يَلْزَمُ بَيْتَ الْمَالِ زَيْلَعِيٌّ وَهِدَايَةٌ وَمُفَادُهُ أَنَّهُ لَوْ لَهُ وَارِثٌ مَعْرُوفٌ لَا يَلْزَمُ بَيْتَ الْمَالِ وَيَأْتِي التَّصْرِيحُ بِهِ (قَوْلُهُ وَجَعَلَ الزَّيْلَعِيُّ) وَكَذَا صَاحِبُ الْهِدَايَةِ وَغَيْرُهُ (قَوْلُهُ عَنْ خَوَارِزْمَ) أَيْ حَاكِيًا عَنْ حَالِ أَهْلِ خَوَارِزْمَ اهـ ح وَعِبَارَةُ الْمُجْتَبَى.
قُلْت: وَفِي زَمَانِنَا بِخَوَارِزْمَ لَا يَكُونُ إلَّا فِي مَالِ الْجَانِي إلَّا إذَا كَانَ مِنْ أَهْلِ قَرْيَةٍ أَوْ مَحَلَّةٍ يَتَنَاصَرُونَ لِأَنَّ الْعَشَائِرَ فِيهَا قَدْ وَهَتْ وَرَحْمَةُ التَّنَاصُرِ مِنْ بَيْنِهِمْ قَدْ رُفِعَتْ وَبَيْتُ الْمَالِ قَدْ انْهَدَمَ، نَعَمْ أَسَامِي أَهْلِهَا مَكْتُوبَةٌ فِي الدِّيوَانِ أُلُوفًا وَمِئَاتٍ لَكِنْ لَا يَتَنَاصَرُونَ بِهِ فَتَعَيَّنَ أَنْ يَجِبَ فِي مَالِهِ اهـ (قَوْلُهُ يُرَجَّحُ وُجُوبُهَا فِي مَالِهِ) خَبَرُ قَوْلِهِ وَظَاهِرٌ، قُلْت وَلَا حَاجَةَ إلَى جَعْلِهِ تَرْجِيحًا لِلرِّوَايَةِ الشَّاذَّةِ، بَلْ يُمْكِنُ تَرْجِيحُ مَا ذَكَرَ عَلَى ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ فَإِنَّ أَصْلَ الْوُجُوبِ عَلَى الْقَاتِلِ، وَحَيْثُ لَا عَاقِلَةَ تَتَحَمَّلُ عَنْهُ، وَلَا بَيْتَ مَالٍ يَدْفَعُ مِنْهُ يُؤْخَذُ ذَلِكَ مِنْ مَالِهِ كَمَا مَرَّ فِي الذِّمِّيِّ فَظَاهِرُ الرِّوَايَةِ مَبْنِيٌّ عَلَى انْتِظَامِ بَيْتِ الْمَالِ، وَإِلَّا لَزِمَ إهْدَارُ دِمَاءِ الْمُسْلِمِينَ فَتَدَبَّرْ، ثُمَّ رَأَيْته كَذَلِكَ فِي مُخْتَصَرِ النُّقَايَةِ وَشُرُوحِهَا لِلْقُهُسْتَانِيِّ حَيْثُ قَالَ: وَمَنْ لَا عَاقِلَةَ لَهُ أَيْ عَلَى الْعَرَبِ وَالْعَجَمِ يُعْطِي الدِّيَةَ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ إنْ كَانَ مَوْجُودًا