للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

غِنَى وَرَثَتِهِ أَوْ اسْتِغْنَائِهِمْ بِحِصَّتِهِمْ كَتَرْكِهَا) أَيْ كَمَا نُدِبَ تَرْكُهَا (بِلَا أَحَدِهِمَا) أَيْ غِنًى وَاسْتِغْنَاءٍ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ صِلَةٌ وَصَدَقَةٌ

(وَتُؤَخَّرُ عَنْ الدَّيْنِ) لِتَقَدُّمِ حَقِّ الْعَبْدِ

(وَصَحَّتْ بِالْكُلِّ عِنْدَ عَدَمِ وَرَثَتِهِ) وَلَوْ حُكْمًا كَمُسْتَأْمَنٍ لِعَدَمِ الْمُزَاحِمِ

(وَلِمَمْلُوكِهِ بِثُلُثِ مَالِهِ) اتِّفَاقًا وَتَكُونُ وَصِيَّةً بِالْعِتْقِ فَإِنْ خَرَجَ مِنْ الثُّلُثِ فِيهَا وَإِلَّا سَعَى بَقِيَّةَ قِيمَتِهِ وَإِنْ فَضَلَ مِنْ الثُّلُثِ شَيْءٌ فَهُوَ لَهُ

(وَبِدَرَاهِمَ أَوْ بِدَنَانِيرَ مُرْسَلَةٍ لَا) تَصِحُّ فِي الْأَصَحِّ كَمَا لَا تَصِحُّ بِعَيْنٍ مِنْ أَعْيَانِ مَالِهِ لَهُ

ــ

[رد المحتار]

الصَّدَقَةِ عَلَى ذِي الرَّحِمِ الْكَاشِحِ» ؛ وَلِأَنَّ فِيهِ رِعَايَةَ حَقِّ الْفَقْرِ وَالْقَرَابَةِ جَمِيعًا، وَإِنْ كَانُوا أَغْنِيَاءَ أَوْ يَسْتَغْنُونَ بِنَصِيبِهِمْ فَالْوَصِيَّةُ أَوْلَى، لِأَنَّهُ يَكُونُ صَدَقَةً عَلَى الْأَجْنَبِيِّ وَالتَّرْكُ هِبَةٌ مِنْ الْقَرِيبِ، وَالْأَوَّلُ أَوْلَى لِأَنَّهُ يَبْتَغِي بِهَا وَجْهَ اللَّهِ تَعَالَى وَقَدْ قِيلَ فِي هَذَا الْوَجْهِ يُخَيَّرُ لِاشْتِمَالِ كُلٍّ عَلَى فَضِيلَةٍ وَهُوَ الصَّدَقَةُ أَوْ الصِّلَةُ اهـ كَلَامُ الْهِدَايَةِ. وَحَاصِلُهُ: أَنَّهُ لَا تَنْبَغِي الْوَصِيَّةُ بِتَمَامِ الثُّلُثِ بَلْ الْمُسْتَحَبُّ التَّنْقِيصُ عَنْهُ مُطْلَقًا لِأَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - قَدْ اسْتَكْثَرَ الثُّلُثَ بِقَوْلِهِ «وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ» لَكِنَّ التَّنْقِيصَ عِنْدَ فَقْرِ الْوَرَثَةِ وَإِنْ كَانَ مُسْتَحَبًّا إلَّا أَنَّ ثَمَّةَ مَا هُوَ أَوْلَى مِنْهُ، وَهُوَ التَّرْكُ أَصْلًا فَإِنَّ الْمُسْتَحَبَّ تَتَفَاوَتُ دَرَجَاتُهُ، وَكَذَا الْمَسْنُونُ وَالْمَكْرُوهُ وَغَيْرُهُمَا، وَبِهَذَا ظَهَرَ لَك أَنَّ إتْيَانَ الشَّارِحِ الْمُحَقِّقِ بِلَوْ الْوَصْلِيَّةِ مُوَافِقٌ لِلْهِدَايَةِ فَافْهَمْ هَذَا وَفِي الْقُهُسْتَانِيِّ: إذَا كَانَ الْمَالُ قَلِيلًا لَا يَنْبَغِي أَنْ يُوصَى عَلَى مَا قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: وَهَذَا إذَا كَانَ الْأَوْلَادُ كِبَارًا فَلَوْ صِغَارًا فَالتَّرْكُ أَفْضَلُ مُطْلَقُهَا عَلَى مَا رُوِيَ عَنْ الشَّيْخَيْنِ كَمَا فِي قَاضِي خَانَ اهـ. فَالتَّفْصِيلُ إنَّمَا هُوَ فِي الْكِبَارِ أَمَّا الصِّغَارُ فَتَرْكُ الْمَالِ لَهُمْ أَفْضَلُ وَلَوْ كَانُوا أَغْنِيَاءَ.

[تَنْبِيهٌ] قَالَ فِي الْحَاوِي الْقُدْسِيِّ مَنْ لَا وَارِثَ لَهُ وَلَا دَيْنَ عَلَيْهِ فَالْأَوْلَى أَنْ يُوصِيَ بِجَمِيعِ مَالِهِ بَعْدَ التَّصَدُّقِ بِيَدِهِ (قَوْلُهُ أَوْ اسْتِغْنَائِهِمْ بِحِصَّتِهِمْ) أَيْ صَيْرُورَتِهِمْ أَغْنِيَاءَ بِأَنْ يَرِثَ كُلٌّ مِنْهُمْ أَرْبَعَةَ آلَافِ دِرْهَمٍ عَلَى مَا رُوِيَ عَنْ الْإِمَامِ أَوْ يَرِثُ عَشَرَةَ آلَافِ دِرْهَمٍ عَلَى مَا رُوِيَ عَنْ الْفَضْلِيِّ قُهُسْتَانِيٌ عَنْ الظَّهِيرِيَّةِ، وَاقْتَصَرَ الْأَتْقَانِيُّ عَلَى الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ أَيْ غِنًى وَالِاسْتِغْنَاءُ) عَبَّرَ بِالْوَاوِ إشَارَةً إلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ بِلَا إحْدَاهُمَا عَدَمُهُمَا مَعًا إذْ لَوْ وُجِدَ أَحَدُهُمَا دُونَ الْآخِرِ كَانَ الْمَنْدُوبُ الْفِعْلَ لَا التَّرْكَ فَيُنَاقِضُ مَا قَبْلَهُ فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ) أَيْ تَرْكُ الْوَصِيَّةِ

(قَوْلُهُ كَمُسْتَأْمَنٍ) فَإِنَّهُ إذَا أَوْصَى بِكُلِّ مَالِهِ لِمُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ جَازَ لِأَنَّ الْمَنْعَ عَنْ الْوَصِيَّةِ بِالْكُلِّ لِحَقِّ الْوَرَثَةِ، وَلَا حَقَّ لِلْوَرَثَةِ فِي دَارِ الْحَرْبِ وَلْوَالِجِيَّةٌ، وَسَيَأْتِي تَمَامُهُ فِي بَابِ وَصَايَا الذِّمِّيِّ (قَوْلُهُ لِعَدَمِ الْمُزَاحِمِ) عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ وَصَحَّتْ وَمَا بَعْدَهُ

(قَوْلُهُ وَتَكُونُ وَصِيَّةً بِالْعِتْقِ) أَيْ تَكُونُ هَذِهِ الْوَصِيَّةُ وَصِيَّةً لِلْعَبْدِ بِنَفْسِهِ تَصْحِيحًا لَهَا وَبِمَا زَادَ عَلَى قِيمَتِهِ إلَى تَمَامِ الثُّلُثِ (قَوْلُهُ فَإِنْ خَرَجَ مِنْ الثُّلُثِ إلَخْ) فِيهِ إجْمَالٌ وَبَيَانُهُ مَا نَقَلَهُ ط عَنْ الْهِنْدِيَّةِ عَنْ الْبَدَائِعِ إنْ كَانَ الْمَالُ دَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ وَقِيمَةُ ثُلُثَيْ الْعَبْدِ مِثْلُ مَا وَجَبَ لَهُ صَارَ قِصَاصًا، وَلَوْ فِي الْمَالِ زِيَادَةٌ دُفِعَتْ إلَيْهِ أَوْ فِي ثُلُثَيْ الْعَبْدِ زِيَادَةٌ دُفِعَتْ إلَى الْوَرَثَةِ، وَإِنْ كَانَ عُرُوضًا لَا يَصِيرُ قِصَاصًا إلَّا بِالتَّرَاضِي، لِاخْتِلَافِ الْجِنْسِ، وَيَسْعَى فِي ثُلُثَيْ قِيمَتِهِ وَلَهُ ثُلُثُ سَائِرِ أَمْوَالِهِ وَهَذَا عِنْدَهُ، وَأَمَّا عِنْدَهُمَا فَكُلُّهُ مُدَبَّرٌ، فَيَعْتِقُ كُلُّهُ مُقَدَّمًا عَلَى سَائِرِ الْوَصَايَا فَإِنْ زَادَ الثُّلُثُ عَلَى قِيمَتِهِ دَفَعَ الْوَرَثَةُ إلَيْهِ وَإِنْ قِيمَتُهُ أَكْثَرَ سَعَى فِي الْفَضْلِ اهـ مُلَخَّصًا. قُلْت: وَالْخِلَافُ مَبْنِيٌّ عَلَى تَجْزِيءِ الْإِعْتَاقِ وَعَدَمِهِ كَمَا فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ، وَأَشَارَ بِتَقَدُّمِ الْعِتْقِ عَلَى سَائِرِ الْوَصَايَا إلَى ثَمَرَةِ الْخِلَافِ، وَأَوْضَحَهَا فِي الْعَزِيمَةِ بِمَا إذَا أَوْصَى بِثُلُثِ مَالِهِ لِقِنِّهِ الَّذِي قِيمَتُهُ أَلْفُ دِرْهَمٍ، وَأَوْصَى بِثُلُثَيْ أَلْفِ دِرْهَمٍ لِلْفُقَرَاءِ وَمَاتَ وَتَرَكَ الْعَبْدَ وَأَلْفَيْ دِرْهَمٍ عَتَقَ عِنْدَهُ ثُلُثُ الْعَبْدِ مَجَّانًا وَالثُّلُثَانِ مِنْ قِيمَتِهِ بَيْنَ الْعَبْدِ وَالْفُقَرَاءِ سَوِيَّةً، وَيَدْفَعُ الْعَبْدُ لِلْفُقَرَاءِ ثُلُثَ قِيمَتِهِ وَعِنْدَهُمَا يَعْتِقُ أَوَّلًا كُلُّ الْعَبْدِ مَجَّانًا وَلَا شَيْءَ لِلْفُقَرَاءِ اهـ فَتَأَمَّلْ. ثُمَّ إنَّ ظَاهِرَهُ أَنَّ كَوْنَ هَذِهِ وَصِيَّةَ الْعِتْقِ مَبْنِيٌّ عَلَى قَوْلِهِمَا تَأَمَّلْ

(قَوْلُهُ أَوْ بِدَنَانِيرَ إلَخْ) لَوْ صَدَرَ بِلَا فَقَالَ لَا بِدَنَانِيرَ لَكَانَ أَوْضَحَ وَالْمُرَادُ بِالْمُرْسَلَةِ كَمَا سَيَذْكُرُهُ الشَّارِحُ فِي الْبَابِ الْآتِي الْمُطْلَقَةُ غَيْرُ الْمُقَيَّدَةِ بِثُلُثٍ أَوْ نِصْفٍ أَوْ نَحْوِهِمَا اهـ: أَيْ كَمَا إذَا

<<  <  ج: ص:  >  >>